أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد احمد النابلسي - الحرب النفسية الأميركية في لبنان















المزيد.....

الحرب النفسية الأميركية في لبنان


محمد احمد النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1389 - 2005 / 12 / 4 - 13:55
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لقد تحولت الحرب النفسية الأميركية في لبنان الى صناعة للجنون. فقد نقل الأميركيون ميدان الصراع من الصعيد العسكري الى الإعلامي وذلك بعد فشلهم العسكري في العراق. وصناعة الجنون هذه تهدف الى إلغاء أهلية المواطنين وتحويلهم الى رعايا لا يملكون من أمور حياتهم شيئاً. وتتركز هذه الصناعة حول إقناع الجمهور بأن العزوف عن إتخاذ القرار وملكية إمكانية إتخاذه هي قيم إيجابية تتحكم تلقائياً بسلوك هذا الجمهور. وعندها يصبح مجرد التساؤل عن أسباب ما يجري وخلفيته تهماً ينبغي نفيها والإعتذار عنها وطلب الغفران عنها. وبذلك يتحول القرار الى أولي الأمر ( الأوصياء) فيقررون مهمات المعاش وسبل الحماية وتحديد الأعداء والأصدقاء وفق ما يتماشى مع مصالحهم.

بالإنتقال الى نتاج صناعة الجنون في لبنان نجد أنها إختارت حزب الله عدواً يوم 14 آذار وقبل الجمهور المتعرض لغسيل المخ هذا العدو. ثم رأى أولو الأمر ضرورة التحالف الإنتخابي مع حزب الله وتحويله الى حليف فرضخ الجمهور للأمر دون تساؤل أو مجرد إستفهام عن هذا التحول. وها هي ملامح العدو تعود للإرتسام على هيئة حزب الله والجمهور يقبل أيضاً دون سؤال. وهذا مجرد مثال عن صناعة الجنون التي تتخطى لبنان الى دول المنطقة. وهو أمر يستدعي حملات طبية – نفسية وقائية لعلاج هذا الجنون والوقاية منه.

في هذا المجال يلعب تقرير ميليس ولجنته عموماً دور المحرك الناظم لعشوائية صناعة الجنون. فهو يعطيها خاتم الأمم المتحدة المتحولة الى مؤسسة أميركية التبعية.

بعد كل ذلك نتلمس نجاح صناعة الجنون في تحديد المواقف من ميليس. حيث تنعدم الأسئلة والتساؤلات. والجمهور بات يعلم أنها ممنوعة وتستوجب العقاب والإعتذار والوقوف في طابور الخاسرين حتى ةلة كانت إنتقادات ميليس مدعومة بأفلام وثائقية عرضت نيو تي في واحداً منها. من هنا قبول الجمهور اللبناني للفرضيات الوهمية التي أطلقها ميليس ومطبليه. ومنها أقوالهم التالية:

1. أن التقرير غير مسيس: وهو ينصر التيار السعدي ضد كل خصومه المحتملين وبخاصة السنة منهم. فتهم ميليس تستبعد كل مؤيدي التيار وتتهم كل معارضيه. فتكرس بذلك الزعامة السعدية وتسيس التقرير لمصلحتهم. والأمر ذاته ينطبق على سوريا التي إنتخبها الأميركيون عدوة لهم ولأتباعهم الواقعين تحت وصايتهم. ومن هنا إتجاه التقرير نحو معاداة سوريا. وهو يكمل إتجاه هذا العداء منذ جنازة الحريري ولغاية اليوم. وها هو القرار 1636 يستغل ويوظف سياسية ميليس ولجنته وتقريره.

2. حيادية ميليس: وهي مجرد شائعة يدحضها تعاون ميليس الدائم مع المخابرات الأميركية في مثل هذه الملفات.

3. موضوعية التقرير: ويدحضها طول قائمة المشتبه فيهم. حيث يستحيل أن يشارك مثل هذا العدد الغفير من الأشخاص في عملية بمثل هذه الدقة. إضافة الى إستبعاد التحقيق لمشتبهين إفتراضيين يناء على معلومات إستخبارية أميركية (معظمها محجوب عن ميليس). مع إعتراف ميليس بعدم تقديم هذه الإستخبارات للمعلومات المتوافرة لديها.

4. مجاهل التقرير: يدخل تقرير ميليس في متاهات الوضع اللبناني الشديد التعقيد دون معرفة بدهاليزه. حسب ميليس أنه يعتمد ( مراجع ثقة! ) توجهه في هذه الدهاليز. وهذه القواعد – المراجع هي التالية:

- الإبتعاد عن أية إشارة أو تلميح تخرج الإتهام من دائرة المارقين. فمن المفضل إتهام سوريا والأمن اللبناني وأي صديق أو جماعة صديقة لسوريا. ولا بأس من التلميح الى أدوار فلسطينية وإيرانية ومذهبية إسلامية. أما الممنوعات فهي مجرد التفكير بطرح أي إيحاء لدور إسرائيلي أو أميركي أو أوسترالي أو غير مارق. لا يهم في ذلك تدخل إسرائيل بتقديم معلومات إنتقائية لتوريط جهات معادية لها. ولا يهم أيضاً حجب المخابرات الأميركية للمعلومات والصور التي تملكها حول الحادث.

- توظيف التقرير للإقتصاص من كل معارضي التحقيق الدولي ومعه الوصاية الأجنبية المتحكمة بالتحقيق. وذلك وصولاً للإغتيال السياسي لهذه الشخصيات وعمل التقرير على إثارة الشبهات الكثيفة من حولها. سواء بالتلميح أو بالإيحاء أو بالشائعات. وذلك بقصد تخلية المسرح السياسي اللبناني وتسهيل إحتكاره لأصدقاء السفارة الأميركية وزوارها.

- إستبعاد الإمكانية المنطقية للإختراق الحريري: حيث تمثل هذه الإمكانية إنطلاقة تقليدية للتحقيق. فماذا عن حقائب الحريري المفقودة لدى عودته من رومانيا. وهي تشير الى سرقة – خيانة من دائرة المقربين من الحريري. وماذا عن بقية السرقات بما فيها سرقات مصاريف الجنازة نفسها. خاصة وأن الحريري لم يكن صاحب تيار عقائدي بل كان تياره مصيدة لصائدي الفرص. وهؤلاء لا يعتد بأمانتهم وبعدم غدرهم.

- إستبعاد الإمكانية المنطقية لإختراق الأجهزة اللبنانية والسورية: وهي إختراقات مؤكدة وعلى مستويات عالية. بدليل التطورات الحاصلة عقب العملية وظهور تعاون قادة أمنيين وسياسيين كبار مع السفارة الأميركية.

- إستبعاد موضوع المسافرين الأوستراليين وتقرير الانتربول الأولي عن حيازتهم لمادة تي أن تي.

- البحث عن تفسير منطقي لمشهدية الإغتيال. حيث كان بالإمكان تحقيق الإغتيال برصاصة واحدة على طريقة كينيدي مثلاً. خاصة وأن تعقيد العملية يفضحها.

- هل يجهل منفذو مثل هذه العملية خطر إستعمال شبكة الخليوي المراقبة؟. وما المانع من إستعمالهم وسيلة إتصال بدائية بدل الخليوي؟. وكيف نستبعد توظيف مسألة الخليوي للتضليل في هذه الحالة؟.

- إهمال مبدأ التورية حيث الأدلة الظاهرة تبرز عمداً لتغطية الأدلة الحقيقية. حيث يمكن تكليف فريق بمهمة مراقبة عادية وتوريطه في حين ينفذ فريق آخر الإغتيال.

- الإختصارات المدخلة الى التقرير بسبب دهاليز الوضع اللبناني الداخلي المأزمي. فهل انتظر ميليس نصائح كوفي عنان وتدخلات أخرى كي يدرك تعقيدات الساحة التي يحقق فيها؟.

بعد كل هذا يحق لنا التساؤل عن النتائج العملية لتحقيق ميليس لنجد أن النتيجة الوحيدة الملموسة لعمل ميليس هي طرحه لفرضيات كافية لإستصدار أميركا لقرار يهدد سوريا بالعقوبات ويفسح الطريق أمام الساسة اللبنانيين المتأمركين لإحتلال مواقع السلطة عبر إنقلابات أميركية مخملية. حيث التهديد بالتدويل هو الجواب الأميركي على أية محاولة إعتراضية على هزلية ووقاحة المشهد السياسي اللبناني الأميركي التصنيع. بشخصياته الهشة وهزلية زعاماته الإفتراضية وكاريكاتورية الحلول التي يطرحها للأزمات اللبنانية القاتلة. ولعل أخطرها على مستقبل البلد سذاجة المتحولين الجدد الى منظرين سياسيين وقاعدتهم الفكرية بضعة دورات أميركية مختصرة لتعليم كراهية الذات وخيانة المجتمع والعرق والدين.

نهاية فإن إغتيال الحريري لم يكن الحدث نفسه بل كان المدخل الى الحدث. والحدث هو نقلة نوعية جديدة للسياسة الأميركية في المنطقة. إذ أعاقت المقاومة العراقية تطبيق نظرية الدومينو الأميركية. وذلك على غرار تساقط الدول الشيوعية بعد سقوط الإتحاد السوفياتي. من هنا كانت ضرورة تقويم مجرى الأحداث لدفعها بإتجاه تساقط الدول العربية في الأحضان الأميركية. وكانت تجارب المخابرات الأميركية في الدول الشيوعية تقود السلوك الأميركي في المنطقة. فإعتمدت الإنتخابات العربية مدخلاً لتغييرات إنقلابية عربية. فتم انتخاب محمود عباس بعد إغتيال عرفات وهدد حسني مبارك وبقية المشاركين في كوكتيل الإنتخابات المتأمركة. وكان المرحوم الحريري يعد لفصل نموذجي في هذا الكوكتيل. عبر جمعه للمعارضات المتأمركة ودفعها لتقديم كشوفات الحساب مع سوريا والإعداد لثورة برتقالية لبنانية مع تمويل خرافي للإنتخابات التي كانت مرتقبة.

من هنا توجيه الأصابع الى سوريا فور إعلان نبأ الإغتيال. إذ كانت المخابرات السورية تملك المعلومات التالية ( بمعرفة أميركية عن هذه الملكية):

- تقديم الحريري الدعم المالي والسياسي للمعارضات المتأمركة والمعادية لسوريا وتحالفه معها. وربما كان ذلك في إطار ضغوط للعودة الى رئاسة الوزارة رغم فيتو لحود على العودة.

- رفض التمديد والإنقلاب الحريري على سوريا في موضوع رئيس جمهورية متأمرك بديل للحود. حيث عاد الحريري وقبل التمديد مدفوعاً بحسه الوطني والقومي لعدم تأزيم الأوضاع والعلاقات البينية.

- وثيقة تثبت مشاركة الحريري في الإعداد للقرار 1559 مع غسان سلامة ومروان حمادة. ويمكن إدراجها ضمن الضغوط المشار لها أعلاه.

- المشاركة في الإعداد الجدي والدائب لثورة برتقالية لبنانية تجبر السوريين على الخروج من لبنان تحت ضغط مطالبة شعبية مبرمجة مخابراتياً على طريقة صناعة الجنون المشار اليها اعلاه. وتدخل في إطار التعاون المتحفظ مع المعارضة.

هكذا وصلت الأمور الى حافة الهاوية أو كادت لولا وساطة حزب الله. وهكذا بدا الوضع قبل الإغتيال فكان من المتوقع حدوث عملية كبرى ما تقلب الوضع لصالح أحد الأطراف. وكان الحريري يدرك أن إغتياله أحد تلك العمليات لكنه إستبعده بالقول: إنهم لا يجرأون على ذلك!.

هنا يلوح طرف ثالث يهمه تصعيد الأمور ودفعها نحو الهاوية ليحصد مكاسبه منها وهو بعيد عنها. هذا الطرف الثالث الذي تجاهله ميليس تماماً. آخذين بالعلم أن المرشحين للعب دور الطرف الثالث كثيرون وجادون ( نعفي نفسنا من تعدادهم) فلماذا إستبعادهم؟. لكننا نتساءل هل هو إستبعاد مؤقت ريثما تتم تصفية الوضع السوري وفق الأهواء الأميركية؟.




#محمد_احمد_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنتخابات وبرمجة العقول


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد احمد النابلسي - الحرب النفسية الأميركية في لبنان