أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - حدث في قطار آخن -49-















المزيد.....

حدث في قطار آخن -49-


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 5137 - 2016 / 4 / 19 - 02:31
المحور: الادب والفن
    


- ما الذي تعرفه يا أحمد عن إسرائيل؟ عن شعبها؟ هل زرت بلدهم سابقاً؟ هل لك أصدقاء إسرائيليين؟ هل تتكلم لغتهم؟ هل قرأت أدبهم؟ هل تعرف كلمات نشيدهم الوطني؟

كيف تتكلم عن بلد لم تزره سابقاً!؟ كيف تتكلم عن بلد لم تَشُمّ رائحته!؟ كيف تتكلم عن بلد لا تتقن لغته!؟ كيف تتكلم عن بلد لم تقرأ تاريخه!؟ كيف تتكلم عن بلد لا تشعر بموسيقاه، لا تعرف شعراءه وفلاسفته!؟ كيف تتكلم عن بلد لم تعشق فيه، لم تقدم له ولم تعمل فيه؟ كيف تتكلم عن بلد لا أصدقاء لك فيه، لم تشارك أهله ساعات فرحهم وحزنهم؟ كيف تتكلم عن بلد وأنت لا تعرف قيمة بلدك، وأنت لاتشعر بقيمتك الحقيقية في بلدك؟ كيف تتكلم عن سلبيات الأعداء ولا ترى إنجازاتهم في العلم والتكنولوجيا والديموقراطية؟ كيف تتكلم عن الإنسان في داخلك وتعتبر أنّ الآخرين ذوو إنسانية أقل وأقرب إلى البَهيميّة ؟

هل ترغب بالإضافة كي يكتمل النص يا صديقي؟

كيف تتكلم عن السجن وأنت لم تزرهُ، كيف تتكلم عن الحرمان، عن الغربة في داخلك، عن الألم المعجون بالدهشةِ من نكران الآخرين لأخلاقك أو عطائك؟ كيف تتكلم عن الأسى الذي تُوقعه في نفس من رأى بكَ مثالاً ورمزاً وخلاصاً وآخذاً بيده إلى سكّةِ الخلاص؟ كيف تتكلم وأنتَ نفسك لم تحاول تنظيف الوسخ الذي بداخلك؟ كيف تتكلم ولم تبدأ الخطوة الأولى: الإعتراف بأنك أخطأتَ؟ كيف تتكلم وأنت تُحابي أصحاب السَطْوة والسلطة وتربِّت على أكتافهم؟ كيف تتكلم وأنت تنسى أو تترفع عن البسطاء الطيبين الصادقين العاملين بإخلاص وصمت؟ كيف تتكلم ولا ترى الجمال الكامن في نفوس المحتاجين، الذين أُجبروا على العيش في الظل بعيداً عن الأضواء؟ كيف تتكلم وأنت تنظر للآخر المختلف أنّه مُخطىء ومتخلف ومرتد قذر؟ كيف تتكلم وأنت تتكلم عن الصراعات الطبقية والدينية والقومية والأثنية والمناطقية والعشائرية، ولا تبدّل الصراع والقتل بالتعاون والتضايف بدلا من التضارب؟ كيف تتكلم عن الكبار دولاً وأفراداً وأفكاراً، بأنهم أنذال وهم كبارٌ بالعلم والبحث والاختراعات وأنت لن تكبر إِلَّا بما أنجزوه وأنتَ تعيش على إبداعهم؟ كيف تتكلم عن الإمبريالية الغربية وتنسى إمبريالية الشرق وإمبريالية الدين والليبرالية والنظريات الشمولية التي تعمم نظرة سياسية واحدة للعالم المتنوع؟ كيف تتكلم عن الحرية للشعوب والأفراد ولا تنتقد من يُحاصر الشعوب والأفراد ويخنقون اقتصادهم إنتقاماً من حكوماتهم؟ كيف تتكلم عن التعاون مع العالم ولا تنفتح على تجارب الشعوب المبدعة التي انتقلت من الحضيض الى العلوّ؟ كيف تتكلم وأنت لا ترى عُنْجُهِيَّة حكامك وطريقة حياتهم ولا ترى كيف يعيش رئيس الإكوادور الرائع مثلاً وكيف يسير رؤساء وزراء ونواب ورؤساء جامعات على دراجاتٍ عاديه أو في القطارات مثل أي راكب عادي إلى عملهم في كل الدول الإسكندنافية؟ كيف تتكلم ولا تعترف ولا تعتز بجذورك وترى الظلام حتى في موروثة الشعر والأدب والثقافة؟ كيف تتكلم عن سمو الروح والقيم الحرة وترفض في الوقت نفسه وجود الروح والقيم الحرة إِلَّا وفق نظرتك المحدّدة والمنغلقة على الفلسفات الأخرى لأنّها دينية أو وجودية أو...؟ كيف تتكلم عن الإنسان الواحد كإنسان، ثمّ تقسمه أو تختزل حاجاته في حقوقه بالعيش والحريّة والكرامة، مثله مثل غيره؟ كيف تتكلم وكأنك خالدٌ أبد الدهر وليس ثَمّة دُود سيأكل جسدك كما أكل أجساد أجدادك؟

كيف تتكلم والسَّماء أغاثها السَّحابُ؟
كيف تتكلم وأَوَّلُ الْغَيْثِ قَطْرٌ؟
كيف تتكلم وأَوَّلُ الطريق خطوةٌ؟
كيف تتكلم وأَخرُ الطريق حنظلة؟

كيف تتكلم وأول الطريق خطوة نخطوها صوب العقل الذي كرَّمه الله والإنسان، كلما اتجه العقل الى محاولات الرقي اِقتَرَبَ من الله، كلما اتجه العقل الى الرقي اِقتَرَبَ من الإنسان، ولا فرق بين الاتجاهين، الصراع فكري علمي إنساني، لكنّهُ صراعٌ تنافُسيٌ وليس صراعاً تناحرياً، الصراع التناحري هو إشكالية التاريخ، الصراع التنافسي، الفكري الإنساني العلمي الثقافي، هو الطريق للتطور واِرتقاء الإنسان...
يتابع الصديق: رأيي ليس رداً على كلامك، إِنَّهُ إضافة، موضوعك شيّقٌ جداً يُكتبُ عنه الكثير الكثير، لك الشكر موصولاً لحضرتك الكريمة.

***** ***** *****

- لم أكن هناك يا هنيلوري، لم أكن في إسرائيل ولا في فلسطين، لا أصدقاء لي من هناك، لا أعرف لغتهم، لكنني قرأت عنهم ورأيت أفلاماً عنهم وعن بعض قاماتهم، وأعرف أيضاً كلمات نشيدهم...

"هاتيكفا/الأمل، هو عنوان النشيد الوطني لدولة إسرائيل، يعود النص إلى الشاعر اليَهوديّ نفتالي هرتس إيمبر 1856–1909، الذي كتب في عام 1878 قصيدة أملنا، بعد إجراء تحديث عليه:
طالما ما دامت الروح اليَهوديّة داخل القلب تعيش،
إلى التقدم نحو الشرق تتوق، والعين نحو صهيون تتطلع!
طالما أنّ أملنا ما ضاع، الأمل، بعمر ألفي سنة، لنكون شعباً حراً في أرضنا، أرض صهيون وفي القدس."

- هل قرأتما أو رأيتما أفلاماً قامات شرقيّة؟
- مجرد محاولة الحديث عن وجود قامات سياسيّة وفكريّة ومعرفيّة في الشرق هو أمر مَغلوط وخيالي، هو موضوع غالباً ما يكتنفه التضليل غير المقصود والغموض. قالت سابينه.
- لم أعتقد بوجود القامات إلّا في زمن المراهقة السياسية التي غالباً ما تستمر حتى الرابعة والعشرين من العمر. عندما كبرتُ قليلاً، عرفت أنّنا جميعنا في الشرق متوسطي الطول/القوام... وتعلمت أيضاً أنّ القَامَة هي وحدةُ قياس طولُها سِتُّ أحذية أو أقدام تُستخدَمُ عادةً في قياس أَعماق البحر... تعلمت أنّ الحذاء أو ما يُعرف بالقدم كوحدة قياس له من الطول ما بين 28 حتى 32 سنتيمتر، بشكل أدق 30,48 cm. ومهما علت القامة في الشرق لن يتجاوز قدها ست أحذية. قال أحمد.
- كما يقول الألمان: لا داعي للقلق، جميعنا يطبخ بالماء. قالت هنيلوري.

- أنت شخص طيب وذكي يا أحمد، مستقبلك عظيم. قالت سابينه.

***** ***** *****
"لستُ رائد فضاء ولن أحصل على جائزة نوبل، رغم ذلك أعتقد بأنني أذكى من معظم الناس، ينبغي ألا يعرف أي شخص ميزتي هذه، يتوجب عليّ أنْ أُبقي ذكائي دائماً في طيّ الكتمان، ينبغي أن أتعلم كل يوم طرقاً أكثر نفعاً لإخفاء ذكائي، كي لا يخاف الآخرون من ذكائي، كي لا يقول أحدهم عني: أناني، فوقي، مغرور أو محتال...
عقلي يعمل كآلة ميكانيك، يخزّن التفاصيل كلها، رأسي كالإسفنج، يمتص المعارف بدل الماء... لعلّ هذا من حسن حظي، لكنه عبء عليّ في الوقت ذاته... كطفلٍ صغير أردت أن أعرف كل شيء من والدي: كم يبعد القمر عن الأرض؟ كم من الناس هناك؟ ما مقدار ارتفاع هذا أو ذاك الجبل؟ ما هو أسرع قطار في العالم؟...
بعد أن استنفد أبي كل ما لديه من طاقات في الإجابة على المئات من أسئلتي، راح يخترع أجوبة غير صحيحة، عندما أدركت غشه في الامْتِحَان، أُصبتُ بخيبةِ أملٍ كبيرة، لأنني أريد أن أعرف، أنا بحاجة إلى المعرفة، إذا كان لدي فجوة معرفة، لا بد لي من ملئها، وإلا لا أستطيع الخلود للراحة...
فقط حين أكون في قمة التركيز، تحت ضغط الوقت الشديد أو عند ممارسة الرياضة الخطيرة، حيث سيكون للإلْهَاء عن الأداء عواقب وخيمة، فقط في هذه الحالات يأخذ شلال الأفكار في رأسي استراحة قصيرة أو يصبح على الأقل أكثر هدوء...
على الرغم من موهبتي هذه، كثيراً ما أشعر بالغباء عندما أتحدث إلى شخص بليد أو أكتب عنه..."

***** ***** *****
- و أنت يا أحمد، ماذا ستفعل من دوننا أيها الفضولي؟ سألت هنيلوري.
- سأشتاقكما... أعتقد بأني ما زلت أحتاج لبعض الراحة، سأسافر إلى آخن، اشتقت لغرفتي، عضلاتي مُتيبِّسة، سأركض قليلاً في الغابة ثم أنام، سأبدأ حياتي الطبيعية في الغد، اشتقت للعمل! قال أحمد.

- أرجو أن تشتاق لنا وليس للعمل، قالت هينلوري ممازحة وأردفت: هل تكلمتما عن تفاصيل الرحلة إلى لندن؟
- كل شيء جاهز، وحده مكان الانطلاق قد تغير، سنسافر يوم السبت صباحاً من محطة القطار في مدينة فرايبورغ، سأنام هناك يوم الجمعة، لديّ موعد عمل مهم، ذَكِّرني يا أحمد أن أعطيك بطاقة السفر من آخن إلى فرايبورغ، لقد حجزت لك مسبقاً في القطار السريع، كذلك لك يا هينلوري، لا تنسى يا أحمد أن تقدم طلب إجازة لأسبوع كامل، ستكون الرحلة الأهم في حياتك. قالت سابينه.

- ما الذي تعنيه بالرحلة الأهم؟ سأل أحمد.
- لا شيء، إني أمزح فقط، ردّت سابينه.
- ألم تحكي له بعد؟ علّقت هنيلوري.
- في الحقيقة أرغب أن أُعرّفك ببعض الشخصيات المهمة، سنلتقي هناك مثلاً ماتياس، والد هينلوري وبعض أصدقائه. أكملت سابينه.
- من يلتقي السيد ماتياس يدخل التاريخ، تنفتح له طاقة القدر. قالت هينلوري ضاحكة.
- هذا ليس كل شيء، نحن هناك في المقام الأول كي نتمتع بالمدينة والحياة. تابعت سابينه.
- لا أعتقد أن لدي من النقود ما يكفي لأعيش المتعة في شوارع لندن، ولا حتى اللباس اللائق للقاء شخصيات مهمة. قال أحمد.
- لقد أخبرتك بأن كل شيء جاهز، لا نحتاج سوى لابتسامتك ومزاجك الرائق، ستجد ملابسك اللائقة بانتظارك في غرفتك بالفندق. قالت سابينه بصوت أمومي.
- يجب أن أحضّر نفسي، موعدنا يوم السبت القادم إذاً، في محطة قطار فرايبورغ، دعني أضمك يا أحمد، سأشتاقك... قالت هينلوري ونهضت.
- سلامنا الحار لوالدتك هينلوري. قالت سابينه.
- أتمنى لكم الكثير من المرح والمفاجآت الممتعة. قال أحمد وضمها إلى صدره...
- هل ترافقني يا أحمد لبضع ساعات في المدينة؟ سألت سابينه، وكأنّها لا تنتظر موافقته.
- ما الذي تنوين فعله هناك؟ سألها أحمد.



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدث في قطار آخن -48-
- حدث في قطار آخن -47-
- حدث في قطار آخن -46-
- حدث في قطار آخن -45-
- حدث في قطار آخن -44-
- حدث في قطار آخن -43-
- حدث في قطار آخن -42-
- حدث في قطار آخن -41-
- حدث في قطار آخن -40-
- حدث في قطار آخن -39-
- حدث في قطار آخن -38-
- حدث في قطار آخن -37-
- حدث في قطار آخن -36-
- حدث في قطار آخن -35-
- حدث في قطار آخن -34-
- حدث في قطار آخن -33-
- حدث في قطار آخن -32-
- حدث في قطار آخن -31-
- حدث في قطار آخن -30-
- حدث في قطار آخن -29-


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - حدث في قطار آخن -49-