أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صباح ابراهيم - العراق دولة يقودها اللصوص















المزيد.....

العراق دولة يقودها اللصوص


صباح ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 5136 - 2016 / 4 / 18 - 19:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يمر العراق اليوم بمخاض عصيب وكأنه فريسة تنهش جسده الذئاب و الضباع و الكلاب .
حيوانات متوحشة جائعة نهمة مشكلة بكتل و احزاب سياسية اسلامية ، لا تعرف الرحمة الا مع اطفالها واتباعها ، تتصارع مع بعضها البعض كل كتلة تحاول ان تنهش بسرعة اكبر لحمة من تلك الفريسة المسكينة التي وقعت بين انيابهم تاركين العظام اليابسة و التي لا يمكن قضمها و بلعها لتقوم البيئة بتفتيتها تدريجيا حتى تحولها الى تراب ، ولا يبقى من الوطن الفريسة الا الذكرى ، وشعبه ينحدر نحو الهاوية والفناء ينهشه التشرد والحروب و التهجير والتفجيرات .
عراق الحضارات التليدة ، وطن سومر و بابل وآشور ، وطن القادة العظام حمورابي وسنحاريب وسمير آميس و أسرحدون ، الذي مازالت شواهدهم شامخة الى اليوم عدا التي دمرها مغول القرن الواحد والعشرين مجرمي داعش و القاعدة .
عراق الفن و الموسيقى والادب والقوانين ، بلد العلوم التي حيرت الدنيا ، علمت العالم اجمع علوم الفلك و الرياضيات والطب و الهندسة ، بلد الرموز الشامخة في بابل و نينوى و اور و عكركوف، ذات التاريخ المشرف الذي تجاوز الستة الاف عام . بلد القيثارة ونصب الثيران المجنحة و شارع الموكب البابلي والزقورات الشامخة نحو السماء .
مثل هذا البلد الذي تُدرّس حضاراته و تاريخه في ارقى جامعات العالم ، حضارات ميتسوبوتيميا او بلاد الرافدين الخالد ، اصبح اليوم جثة فريسة تمزقها انياب اللصوص و محترفي الجريمة وعملاء الاجنبي . انهم مجموعة حثالات يطلقون على انفسهم رجال السياسة وهم لا يفقهوا شيئا من سياسة الاخلاص و الوفاء للشعب والوطن . انهم اشباه الرجال من الذين احترفوا فن العمالة و التجسس والولاء للاجنبي ، واتقنوا السرقات واللصوصية و غسيل الاموال و تحويلها الى بنوك العالم ، اصبحوا سياسيين بالصدفة . يمتازون بالطائفية و الحقد لبعضهم البعض . لا يجمعهم سوى الطائفية والسرقات و العمالة لا يهمهم خدمة الشعب بل الاستيلاء على السلطة والنفوذ و تقاسم المغانم وسرقة اكبر قدر من ثروات البلاد والعباد .
ابتلى العراق وشعبه الطيب بمجموعة من العملاء الاسلاميين الذين باعوا ضمائرهم و شرفهم للاجنبي وتم زرعهم و تربيتهم في مستنقع النتانة والخسة على مر الزمان للاستفادة منهم في يوم ما لسلب ثروات البلاد و اذلال شعبه وكسر شوكته ، و وعدهم بالحصول على حصتهم من الغنائم و المناصب والنفوذ ، مكافاءة لعمالتهم و خيانتهم للوطن و الشعب. اما الاجنبي و الذي بيده عصا القيادة فله حصة الاسد في الغنائم من الثروات ، وللضباع والكلاب الجائعة التي تربت بقرب عرين الوحش ما تبقى من فضلات لحم ملتصق بالعظم وهو وفير . لأن الوحش هو من قام باسقاط الفريسة و خنقها وقتلها بأنيابه و مخالبه الحادة و الضباع اكملت النهش .
تربّت مجموعة الاحزاب الشيعية للدعوة و المجلس الاعلى والفضيلة في احضان اكثر الدول كرها للعراق و حضارته وشعبه ، وعاشوا كعملاء خانعين للفرس في طهران وقم تحت رعاية و تدريب دوائر الاستخبارات الايرانية حيث كانوا يشبعون بطونهم الجائعة من فتات موائده . وعادوا للوطن على ظهر دبابة الامريكان مستغلين الاتفاق الامريكي الايراني على تقاسم النفوذ ومغانم العراق . صعدوا على اكتاف شيعة العراق وهم الغالبية من سكان الوطن الفقراء والبسطاء ، وفازوا بالتزوير وبأصوات الناس السذج وهم كثر ، وبحجة مظلومية الشيعة اعتلوا سدة الحكم و جلسوا على قمة هرم السلطة التنفيذية برعاية بوش و بريمر سيئي السمعة .
اما المجموعة الاخرى من العملاء الذين جاؤا مع جيش الغزاة الى العراق عام 2003 و استغلوا ضروف التغيير ، فقد كان لهم تاريخا مخزيا في العمالة و التجسس لصالح المخابرات المركزية الامريكية و صداقة عميقة مع رامسفيلد وزير دفاع امريكا وعملائه.
فالعميل المخضرم صاحب تاريخ سرقات البنوك، اوصله الامريكان الى العراق على ظهر طائرة هيليكوبتر في الناصرية مع عصابته المدربة تدريبا جيدا ، قام بالاستيلاء على وثائق دوائر المخابرات العراقية والامن العام وباعها بثمن الخيانة ، كما ساهم بسرقة المتحف العراقي للاثار و نقلها الى خرج العراق لبيعها تحت حراسة الدبابات الامريكية ، وقد انكشف مؤخرا سر بيعه لمخطوطة التوراة القديمة التي عثر عليها في سرداب بناية المخابرات العراقية و نقلها مع ابنته الى اسرائيل وقبض الثمن .
اما الطائفة الاخرى من العملاء المحليين ، المعروف عنهم انهم يبيعون الوطن بما فيه لكل من يدفع لهم و يمدهم بالمال و السلاح . ويرقصون على كل الحبال ، فمنذ سنوات بعيدة كانوا يتعاملون مع المخابرات الاسرائيلية ، ثم انتقلوا الى احضان الفرس و الامريكان و اخيرا الاتراك، ليقدموا خدمات العمالة و الخيانة لكل من يوفر لهم الحماية و الرعاية و يمدهم بالمال و السلاح . ولازالوا يقتطعون نسبة كبيرة من ميزانية العراق يسرقون معظمها ، ولا يقدموا للوطن شيئا من وارداتهم التي يستحصلوها من الكمارك و المطارات و بيع النفط ، يأخذون كل شئ و لايعطون اي شئ ، يتحكمون في العراق ابتداء من رئاسة الجمهورية الى مجلس الوزراء و الوزارت و البرلمان ، ويهددون يوميا بلا حياء بالانفصال . يثرون بمليارات الدولارات من ثروة العراق ويتقاسمون السلطة عائليا ، ويتباكون على استقطاع رواتب موظفيهم وهم يبلعون عوائد النفط الذي يصدروه من ارض العراق ويتخمون جيوبهم و يكدسون المليارات في البنوك حتى اصبحوا من اكبر اثرياء العالم . هذه الفئة الباغية و المتسلطة عشائريا على رقاب الشعب يحاربون منافسيهم بلا رحمة ، يستمرون بقضم اراضي العراق شيئا فشيئا لأن اسيادهم يوفرون لهم الحماية والغطاء ، ويساندوهم عسكريا مستغلين ضعف حكومة المركز . اصبحت مدنهم مأوى للمجرمين الفارين من قبضة العدالة ، يوفرون لهم الحماية لهم و لكل متمرد على سلطة المركز ضد الاخوة الاعداء بلا خجل ولا حياء . فنادقهم تعج بثوار الخيانة و اعوان داعش.
يقال ان اللصوص دائما يخططون وهم متفقين قبل السرقة وكانهم عائلة واحدة ، لكن بعد السرقة يختلفون و يختصمون فيما بينهم ويتقاتلون على حصص التوزيع وتقاسم الغنيمة .
شواهد كثيرة في العراق على ذلك الانقسام والاختلاف وآخرها الانقسام في البرلمان العراقي بين الاخوة الاعداء الجالسين تحت قبة واحدة منذ عشر سنوات . كل منهم ينتهز الفرصة للتشهير بكتلة منافسة له . وكل منهم يدعي الوطنية و يتظاهر بمحاربة الفساد والمحاصصة الحزبية و الطائفية ، وهم كلهم شركاء في ذبح الفريسة و نهش لحمها وهي حية وهم يعتلون السلطة بقانون المحاصصحة الامريكي .
كل الكتل السياسية التي تتحكم في العراق تتصارع من اجل اقتسام النفوذ و المغانم سُنة وشيعة وكرد . وكل كتلة تريد اختيار الوزارات التي تدر ارباحا و مليارت الدولارات الى كتلتها و احزابها عبر وزيرها اللص المحترف الذي ترشحه ليتشارك في اقتسام نسبة مئوية من اموال العقود و الاستيرادات ومصاريف الوزارة المختلفة ويقدم جزء منها الى حزبه و كتلته ايفاء بشرط تعيينه، بتوجيهات اللجنة الاقتصادية للحزب والكتلة ، و جزء يدخل في حسابه الخاص في بنوك خارج العراق . وبهذه السرقات الضخمة افلسوا خزينة العراق حتى وصلت الحكومة الى صعوبة تسديد رواتب الموظفين والمتقاعدين اضافة الى ايقاف تنفيذ الاف المشاريع الصناعية والخدمية لعدم وجود سيولة مالية لتغطيتها بعد انخفاض اسعار النفط الخام العالمية .
بعد انتفاضة الشعب واعتصامه والتخوف من اجتياح المنطقة الخضراء، اضطر رئيس الوزراء حيدر العبادي الى طلب تغيير الكابينة الوزارية الحالية بوزراء تكنوقراط من خارج الكتل الحزبية لأمتصاص نقمة و غضب الشعب وكي تتوقف اعمال سرقات اموال الدولة في الوزارات ، هنا اقتربت النار من مصالح اللصوص المتنفذين في الكتل السياسية واحزاب السلطة ، لأنهم سيفقدون عملائهم ولصوصهم . فاختلفوا في وسيلة الدفاع عن مصالحهم. و انقسم البرلمان تحت ضغوط الكتل كل منهم يريد تحويل المسار لصالحه . ودارت بوصلة التغييرات باتجاهات متنافرة ، وتخبط الاخوة الاعداء فمنهم من يريد ازاحة رئيس البرلمان ومنهم يريد ازاحة الرئاسات الثلاث و منهم يريد الابقاء على قادة اللصوص و المتنفذين من غير تغيير و يهدد بعدم المساس بوزراءه والا ينسحب من العملية اللصوصية . العبادي محتار و متخبط بين ترشيح وزراء مستقلين بقائمته الاولى ، ثم يعود ويرضي الاقوياء بقائمته الثانية بالابقاء على بعض وزرائهم القدماء ، ويوافق على ترشيح وزراء من كتل حزبية وليست مستقلة ، فهو كسفينة فقدت بوصلتها وهي في مهب الريح ، ولا يقوى على التوجيه الصحيح .
ولازالت التناحرات والصراعات مستمرة لحد الان بين الكتل السياسية و البرلمان والشعب. و العبادي تتقاذفه امواج الضغوط الداخلية و الايرانية والامريكية و الشعب ينتظر نهاية المخاض ، فهل سيأتي المولود الجديد مشوها او معافى ؟
لننتظر و نرى .



#صباح_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة الدينية والدولة المدنية عند المفكّرفرج فودة
- اختلاف معنى الروح في القرآن
- رسالة الى الكاتبة فاطمة ناعوت
- المؤلفة قلوبهم
- الارهاب الوهابي يضرب اوربا مجددا
- الرد على تسائلات مسلم
- الاخوان المسلمين والفاشية
- العنف في المجتمع
- الجنة في الاسلام و المسيحية
- الانجيل او الخبر السار
- خديجة صانعة النبوة
- نساءٌ في حياة محمد
- المسلمون و الحروب الصليبة واوربا
- شذرات من وحي السيرة المحمدية
- اله الاسلام خير الماكرين
- اين قال المسيح انا الله فاعبدوني ؟
- هل كان محمد عقيما بلا ذرية ؟
- هل الهنا والهكم واحد ؟
- مقارنة بين المسيحية و الاسلام ؟
- امثال لقمان الحكيم في القران مقتبسة من الوثنية


المزيد.....




- من أجل صورة -سيلفي-.. فيديو يظهر تصرفا خطيرا لأشخاص قرب مجمو ...
- من بينها الإمارات ومصر والأردن.. بيانات من 4 دول عربية وتركي ...
- لافروف: روسيا والصين تعملان على إنشاء طائرات حديثة
- بيسكوف حول هجوم إسرائيل على إيران: ندعو الجميع إلى ضبط النفس ...
- بوتين يمنح يلينا غاغارينا وسام الاستحقاق من الدرجة الثالثة
- ماذا نعرف عن هجوم أصفهان المنسوب لإسرائيل؟
- إزالة الحواجز.. الاتحاد الأوروبي يقترح اتفاقية لتنقل الشباب ...
- الرد والرد المضاد ـ كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟
- -بيلد-: إسرائيل نسقت هجومها على إيران مع الولايات المتحدة
- لحظة تحطم طائرة -تو-22- الحربية في إقليم ستافروبول الروسي


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صباح ابراهيم - العراق دولة يقودها اللصوص