أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة أُخرى 26














المزيد.....

سيرَة أُخرى 26


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5136 - 2016 / 4 / 18 - 01:43
المحور: الادب والفن
    


1
عدّتُ لأشغال البيت، والمطبخ بشكل خاص، على أثر انتهاء العطلة الطويلة. ثلاثة أشهر تقريباً، كنتُ قد قضيتها في المغرب. وإذاً، أمضيتُ شتاءً دافئاً وسطَ طبيعة رائعة. من نافذة الطائرة، أثناء الهبوط بمطار ستوكهولم، ظهر المشهدُ تحتنا بلونٍ أخضر غامق. سائق التكسي، الذي جاء بي إلى المنزل من أمام محطة القطار، قال لي آنذاك: " من حظك أنّ درجات الحرارة ستبدأ بالإرتفاع اعتباراً من اليوم ".
عصراً، كانت فرصة خروجي إلى الهواء الطلق؛ وهيَ الأولى منذ عودتي من السفر. أحضرتُ أبني من الحضانة، بما أنّ أمه تعمل مساءً في المشفى. السماء مشمسة، ولم يعُد ثمّة أثر للثلج. الأشجار، بدأت تكتسي حلّة الربيع رويداً. مساكب من الخضرة الزاهية، النضرة، تتوالى على طول الطريق. أتبضّع من السوبر ماركة، المجاور للمنزل. أبني يبدأ بملء السلّة بما طابَ له، فيما أنا أعمد إلى إفراغها دونما أن أشعره بالأمر. خارجاً، وحينما حاذينا ملاعبَ الأطفال، طلبَ مني أن أدعه يلهو مع أقرانه. ما أن هممتُ في فرم البصل والفليفلة، لإعداد السباغيتي، حتى عاد أبني: " لا داعي للعب اليوم "، قالها بالسويدية وهوَ يركض نحو جهاز البلاي ستيشن.

2
ظاهرة، لا بدّ أن تلفتَ كلّ من حظيَ بزيارة المغرب. إنها الأزياء التقليدية، التي يتمسّك بها الكثير من المواطنين نساء ورجالاً. إلا أنّ الإعتزاز باللباس الوطني لا يُبالغ فيه هناك، كما هوَ الحال في الهند مثلاً. فالمرأة المغربية، حينما تريد التسوّق أو التسكّع مع أقاربها في المدينة، تكتسي عادةً بالقفطان أو الجلاّبة. ولكن عندما يتعلق الأمر بالذهاب إلى سهرة أو مناسبة، سترى المرأة على الموضة الحديثة؛ وطبعاً بحَسَب وضعها الإجتماعي. الرجال، يُفضلون غالباً الظهورَ بالبرنس المحليّ ( السلهام ) فيما لو كانوا تجاراً أو باعة. من ناحيتهم، فالشباب يُظهرون ميلاً واضحاً للملابس السبور. أما علامة الموظف المغربيّ، الفارقة، فإنه طقمٌ إفرنجيّ مع حقيبة جلدية.
شخصياً، أفضّل ارتداء الجلابة المغربية طالما أنني بالمنزل. هنا في السويد، أخرجُ بها أحياناً إلى صالة الغسالات العامة، الكائنة ببناء مجاور. قبلاً، كنتُ معتاداً على الكَلابية، والتي كانت والدتي تجلبها لي أثناء زياراتها للشام. وقد تركتُ زوجاً منها في المغرب، ألبسهما في الأيام الحارّة. مرة وحيدة، حَسْب، خرجتُ فيها بالجلابة المغربية إلى المدينة القديمة. كان ذلك في صباح عيد الأضحى، حيث يكون فيه أغلب مواطني مراكش باللباس التقليديّ. الجلابة، كانت من القماش السميك وبلونٍ أصفر زاهٍ. وبنفس اللون كان خفّا قدَمَيّ، الشبيهان بالشاروخ المشرقيّ. في ذلك اليوم، كنتُ هارباً من منزل العائلة لكي لا أشهد ذبح الخروفين التعسين. في المقابل، كان طريقي إلى مركز المدينة القديمة ( ساحة جامع الفنا ) مَصحوباً بمناظر دامية لأضاحي العيد المبارك.

3
الصبّار، هوَ أحد الأشياء المتواشجة مع ذكريات الصّغر. الكرم الكبير، " رزّي آني "، القائم بأسفل الزقاق والمستلقي على ضفّة نهر يزيد، كان أكثر مرابع طفولتنا ايثاراً وارتياداً. كان كرم الصبار يشغل ثلثَ مساحة المكان، تحوطه أشجارُ التين والتوت والرمان والجوز والميس. فيما أشجار الصفصاف والسرو والحور، علاوة على أشتال الزعتر والسماق، تهمي بأغصانها وظلالها على مياه النهر. ثمّة، كنا نقضي الوقتَ بالسباحة والتهام الثمار الطيّبة والعراك أحياناً.
المكان الآخر، المرتبط بذكريات الطفولة، كان بيت بديع ديركي، قريب الوالد وصديق عمره. هناك أيضاً، كان يوجد كرمٌ كبير للصبار يحتلّ الجانب الغربيّ للحديقة. نهاراً، كنتُ أستمتعُ بمنظر الصبار. أما عندما كنتُ أقضي الليل بالبيت مع الوالد، فإنّ جدعات الصبار كان تبدو لي على شكل الأشباح الشريرة. حديقة دارنا، في المقابل، كانت أصغر من أن تتسع للصبار. على ذلك، عوّضه الأب باستنبات الشوكيات من كلّ نوع ولون. في إحدى المرات، وكان الوقتُ شتاءً، أحضرَ عدداً من الشوكيات إلى حجرتي: " هنا المكان دافئ. ولكن دع أمر سقايتها لي ". غير أنني نسيتُ توصيته، ورحتُ أقوم بسقي الشتلات يوماً بيوم. بعد أسبوعين أو ثلاثة، جاء والدي كي يسقي شوكياته، وإذا به يجدها قد انتفخت جميعاً وأشرفت على الهلاك.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نافخ البوق
- أجنحة
- أقوال غير مأثورة 4
- سيرَة أُخرى 25
- سيرَة أُخرى 24
- سيرَة أُخرى 23
- سيرَة أُخرى 22
- القيدُ الحديديّ
- خنجرٌ نحاسيّ
- طبيب
- حافظةُ الحظ
- معلّم
- أعمى
- فنانة
- قصة صداقة
- في المتحف
- سيرَة أُخرى 21
- أمثولة وحكاية
- أقوال غير مأثورة 3
- سيرَة أُخرى 20


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة أُخرى 26