أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سحر حويجة - إعلان دمشق تناقض ومسار غير واضح















المزيد.....

إعلان دمشق تناقض ومسار غير واضح


سحر حويجة

الحوار المتمدن-العدد: 1389 - 2005 / 12 / 4 - 13:59
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


مر أكثر من شهر على، اتفاق إعلان دمشق، حيث شكّل ظهور هذا الإعلان، بالنسبة للكثيرين، ميلاد جديد للمعارضة في سوريا ، لأنها استفاقت، من خدرها حول إمكانية التوصل إلى إقناع السلطة، بالتحويل الديمقراطي، من خلال الحوار المزعوم مع النظام ، كانت لغة النظام في هذا الحوار، القمع، وحصار المعارضة، بهدف إضعاف المعارضة الضعيفة أصلاً، وترك المعارضة على قارعة الطرق، بين التعجب والانتظار، وكانت النتيجة تضييع الوقت بالنسبة للمعارضة، وكسب الوقت بالنسبة للسلطة، عامل الزمن هذا كان له نتائج متعاكسة ففي الوقت الذي شكل قوة للنظام، عبر إعادة ترتيب بيته الداخلي بعد وصول الرئيس بشار الأسد إلى السلطة، كان سبباً لضعف المعارضة ، حيث تأكدت من فشل سياستها اتجاه النظام، ساهم ذلك في إحداث أزمة أخذت تتفاقم في العلاقات الناظمة بين أطراف المعارضة ، خاصة على مستوى تنسيق الفعل النضالي، حيث ظهر ميوعة وضعف التنسيق، ناهيك عن الأزمة العميقة التي تعيشها هذه القوى متفرقة على مستوى علاقتها بقواعدها، فعلى المستوى التنظيمي لم تعقد مؤتمرات لإعادة تجديد بنية هذه الأحزاب، وبالأخص برامجها ورؤاها الجديدة، وحافظت على سياسة محافظة تنظيماً ، "استثناء حزب الشعب"، وحتى القوى الجديدة التي برزت على الساحة السورية، سيطرت عليها نزعة الزعامة الفردية، ولم نخطئ إذا قلنا إن السنوات الخمس الماضية بذلت المعارضة السورية جهداً في تكوين زعامات وتثبيت أخرى، بأساليب غير ديمقراطية، أضف لذلك الشرخ بين المعارضة في الداخل والخارج، بسبب التباين في شروط وظروف العمل السياسي بين كل منهما. لكن العامل الخارجي، سيشكل عنصراً جديداً في وضع النظام، من حيث استقراره وقوة بيته الداخلي، المرشح لاحتمالات أحسنها إضعاف النظام لدرجة كبيرة، وأسوأها كسر العظم، وفي كل الحالات فهو تحت المجهر الدولي، حركاته وتحركاته تحت المراقبة ، ليس من مصلحة النظام التصعيد، مع المعارضة في هذه الفترة، وإذا انقلبت الأمور أكثر فأكثر ضد النظام، قد لا يتسع له الوقت للقمع، على الرغم من استعداده الدائم للدفاع بكل الوسائل عن سلطته، وحتى لو اضطر لمواجهة كل الدول مجتمعة، كل هذا ساهم في التحول الملموس لموقف المعارضة السورية، حيث تم إلغاء التباينات الموجودة بين قوى التجمع المعارض، واستطاع كسب قوى لها وزنها على الساحة السورية ، ولابد أن ذلك لم يتم، دون التواصل مع المعارضة في الخارج.
إذن انتقلت المعارضة من السلبية ، إلى اتخاذ موقف إيجابي، حول آلية التحويل الديمقراطي، على الأقل على المستوى النظري، ربما يمكن القول وضعت المعارضة نفسها على الطريق الصحيح، في تصويرها لعمق للأزمة والحل الديمقراطي ، واللغة الوحيدة، اللازمة هي الاستقطاب و الضغط، لكن ذهب الإعلان بعيداً، كأن المعارضة تبادلت الدور مع النظام، فكما إن النظام لم يعر للمعارضة أي اهتمام ، ولم يقم لها وزن، وكأنها طرف غير موجود، ترى المعارضة إن التغيير سيتم ، عبر عملية استقطاب داخلية واسعة، بمعزل عن وجود السلطة، أو تدخلها، لدرجة تحسبنا قادمون، على مشهد دولتين في دولة واحدة، لذلك معالم الطريق المتجه إلى الديمقراطية كما رسمه الإعلان مشوشاً ، ومتناقضاً، بين الانتقال السلمي والتدريجي، هذا يفترض، ويقضي أن هناك قوة مسيطرة، يجب أن يفرض عليها تنازلات ، وهناك أولويات، أي إلغاء كل ما هو استثنائي ، وتعديل قوانين وغيرها، بعد كل مكسب ، تكسبه المعارضة، بالاتجاه الديمقراطي، أما أن تعلن برنامجاً للعمل وكأن السلطة النظام، ستقف تتفرج بل ستتنازل طوع الخاطر ، أو أننا أمام مشهد فراغ سياسي، يفرض على سوريا، لا إرادة لأحد فيه، أي التصعيد العسكري مع النظام من الخارج ، وهنا المعارضة تكون قد هيأت كل العدة اللازمة، لتكون بديلاً ديمقراطياً، وهنا لا داعي للتدرج، ولكن الإعلان ذهب بعيداً جداً، حين قرر عقد جمعية تأسيسية، لوضع دستور للبلاد، إن أمر الدستور لا يتم إلا بعد قيام انتخابات ديمقراطية، قبل ذلك يمكن أن يتم تشكيل حكومة انتقالية مؤقتة ،لتعديل الدستور بهدف إجراء انتخابات حرة ، وبعد الانتخابات ليكن الدستور، ما ظهر في البيان، كأنكم تقولون أننا نحن السلطة القادمة شاء من شاء، وقطع الطريق على حركة الواقع وما تفرزه من تناقضات، تتبعها اصطفافات و تحالفات قوى، لا يستطيع أي تحالف أن يدعي أنه يمثل سوريا، ظهر في الإعلان، تكرار غير مبرر لكثير من القضايا، لدرجة أنني حسبت وأنا أقرأ الإعلان لأكثر من مرة، أن كل حزب أو تيار كتب مقطعاً، وتم صفها تحت بعضها. كان من الأفضل وضع عناوين كبيرة ثم تفصيل توضيح ما يشتمل عليه كل عنوان أو قضية أساسية.
اجتمعت على إعلان دمشق مجموعة القوى التي تم تسميتها قوى علمانية، من أجل التغيير الديمقراطي، رؤية سميت توافقية من قبل واضعيها. وأنا أسميها توافق على التوافق:
حيث أن مفهوم الديمقراطية الحديثة، تعني فيما تعنيه بحد ذاتها ، وبالأسس التي تقوم عليها، إن الديمقراطية: توافق وتسوية، لأن المجتمع هو مجموع قوى، ومصالح مختلفة، ومتعارضة ومتباينة، لذلك لا بد من تسوية بين قوى المجتمع ، تسوية تقوم عل اعتراف كل واحد منهم بالآخر ، على حقه بالوجود وتداول السلطة، هذا الحق ليس مناشدة أخلاقية، ولا رغبة ، ولا اتفاق، ولا إنجاز لأحد، هذا قانون للديمقراطية ، حيث أن وحدة المجتمع ، تبقى مهددة بسبب الاختلاف والنزاع ، والتعارض في المصالح، ويبقى حق الاختلاف مهدداً إذا لم يكرس بقانون، يضمن المساواة بين المواطنين، على الرغم من اختلافهم، قانون يعبر عن توافق الأفراد، واعتراف كل واحد منهم بحق الآخر، وهنا لا يخضع إنسان لإنسان آخر، بل يخضع لسلطة القانون ، على اعتبار إن سمة القانون التجريد، و العقلانية، فالقانون غير شخصي، يعبر عن التماثل في الظواهر. ويشكل مبدأ توحيد المجتمع، وهو الذي ينظم الدولة. إذن الديمقراطية هي تسوية سياسية تضمن حقوق الجميع، ومن خلال القانون تكون الدولة دولة الكل وليس دولة فئة .
برز التناقض بشكل واضح بين حق المواطنة، وبين الدولة الحديثة المعاصرة، والديمقراطية المعاصرة، وبين ا لفقرة الثالثة من الإعلان وهي الفقرة المتعلقة بالإسلام، الإسلام دين الأكثرية وعقيدتها، بمقاصده السامية وشريعته السمحاء…..الخ
على الرغم من أغلب المعترضين على الإعلان كان اعتراضهم، بشكل صريح وواضح على هذه الفقرة، وكثيرون رفضوا الإعلان، بسبب وجود هذه الفقرة، وآخرون وقعوا على الإعلان، و تحفظوا أو رفضوا هذه الفقرة، و اعتبروها نقطة ضعف الإعلان، ولكن اللافت أن المعلنيين المطلوب منه توضيحاً كافياً لهذه الفقرة ، لم يصدروا تحليلاً موفقاً أو رداً مباشراً ، بل أعطوا للآخرين حق المناقشة. الفقرة إضافة لتناقضها مع باقي فقرات البيان، وبالأخص منها بناء الدولة الحديثة، وحق المواطنة. لها مخاطرها على أي مشروع ديمقراطي :
أولاً: خطأ تعميم مفهوم الثقافة في المجتمع بثقافة دينية : إن الثقافة في مجتمع ما، تتكون من القيم، والمعتقدات، والأيديولوجيات، والقوانين الخ.. وهناك آخرون يربطون الثقافة بنمط الحياة لكل فئة . هذا يعني أن الدين جزء من الثقافة. إضافة إلى إن المجتمع ينقسم إلى شرائح اجتماعية متعددة، تتميز برؤية متميزة ومختلفة قليلا أو كثيراً عن العالم . هذا يعني إن الرؤية الدينية وشكل الوعي الديني ، يختلف بين الطائفة الواحدة، حسب وضعها الاقتصادي والاجتماعي.
أما الثقافة السياسية، التي هي نمط تسير عليها المجتمعات في تنظيم حياتها السياسية، فهي شكل متميز من الثقافة. فلا يمكن القياس على ثقافة القرون الوسطى حيث اندمجت الأيديولوجيا الدينية بالدولة.. ولا تستطيع طائفة إسلامية ما بأنها بنت الحضارة الإسلامية ، والمنهج العقلي في الإسلام الذي مثله المفكرين والعلماء ابن رشد وغيره، كانوا أبعد ما يكون عن أي مذهبية دينية، فالإسلام كأيديولوجية لها منطقها في التطور ، ولكن في مرحلة التدهور والانحطاط في مجتمعاتنا ، فإن الثقافة الإسلامية السائدة في العالم العربي، هي جزء من الثقافة الإسلامية القائمة على التكفير والإلغاء ، ذات بعد طائفي تقسيمي، الثقافة السائدة ذات مضمون قدري، نتيجة سياسة أنظمة الاستبداد والتحكم. حيث تنمو القدرية، التي تعزز النظم السياسية السلطوية، بسبب عزوف الشعب عن السياسة، وبسبب الفقر والبطالة . يترافق ذلك مع انهيار الثقافة السياسة، التي تحل محلها التوازنات ا لطائفية، والعشائرية ويصبح الولاء الطائفي، على حساب الولاء للمؤسسات المدنية. هذه الثقافة بالضد من الثقافة السياسية الديمقراطية.
ثانياً: مخاطر التركيز على الملة الدينية: الديمقراطية هي الانتقال من مفهوم الجماعة ، ومفهوم الملة الديني، إلى مفهوم المجتمع المدني". إن الفكر العربي مازال يتخبط بما يخص الدولة ،لم يتغير عن مفهوم الدولة عند ابن خلدون، حيث الدولة هو حكم عصبية من العصبيات. نتائج ذلك توالد مراتبية في المواطنة. وتهديد التماسك الوطني، لأن مفهوم الوطن مفهوم تاريخي ، كان بديلاً لنظام القرابة، والقبائل، والعشائر ، والطوائف، بهدف تجاوز التكسير الاجتماعي.
ثالثاً معارضة العلمانية: كان المشروع الغربي مشروع ثقافي تنويري ، ميز بين العقلانية والغيب، هكذا ولدت الدولة الحديثة ضمن هذا الصراع بين العقل الغيبي، والعقل العلمي، صراع انتهى بإحداث القطيعة، مع الفكر الغيبي باعتباره يعيق الحداثة ، وكان أبطال هذه الحركة التنويرية هم العلمانيون، وتحت ضغط الحركة العلمانية، تأثرت الأديان التي أثبتت قدرتها على التكيف والتطور، ولو نظرنا إلى الأخوان المسلمين، من أكثر من زاوية فهم ليسوا حركة دينية ، بل حركة سياسية اجتماعية، تعتمد على الأيديولوجية الدينية، وبدون تحديث هذه الأيديولوجية ومواكبتها لقيم العصر ، والخروج من الثوب الطائفي فسيكون دورهم معرقلاً للديمقراطية وللحداثة.
إن وحدة المعارضة الديمقراطية بمختلف تلاوينها ضرورة في مواجهة النظام الشمولي، وإن الاختلاف مع تناقضات الإعلان، ونقاط ضعفه، لا يعني رفضه، بل تشكيل تكتلات ضمن صف المعارضة، واستخدام كل الوسائل في توضيح، وشرح وجهات نظرها المتعارضة، مع الإعلان، وإذا لم يتم تسوية هذه القضايا، يمكن إعلان الانسحاب، وتشكيل تكتل منافس، لأن أطراف الإعلان، في أفضل الأحوال لن يكونوا سوى تحالف انتخابي.
سحر حويجة



#سحر_حويجة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطاب الرئيس الأسد، غياب الرؤية الديمقراطية
- ما بعد تقرير ميليس النظام السوري في عنق الزجاجة
- شروط نجاح الديمقراطية
- قضية المرأة قضية عامة، لا تنفصل عن قضية الديمقراطية والمواطن ...
- التحقيق في قضية اغتيال الحريري وخطة دفاع النظام السوري
- منتدى الأتاسي -مرآة المعارضة السورية-
- انحسار النفوذ الإقليمي وأزمة النظام السوري
- العراق والاستحقاق الدستوري
- أضواء على بعض جوانب أزمة الماركسية
- الحركة العمالية من الماضي إلى الحاضر
- الديمقراطية ألد أعداء الأنظمة العربية
- السلطة الأمنية من سوريا إلى لبنان


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سحر حويجة - إعلان دمشق تناقض ومسار غير واضح