أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - أيها الشعراء غنّوا وأُسجنوا!1














المزيد.....

أيها الشعراء غنّوا وأُسجنوا!1


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5135 - 2016 / 4 / 17 - 01:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"إذا أردتَ ألا ينتقدكَ أحدٌ: لا تعملْ، لا تتكلمْ، وكنْ لا شيء.” لا شك أن برنارد شو كان يسخر كعادته حين قال العبارة السابقة. لكنّ ما قاله عينُ الجِّد، وقلبُ الصواب. دعنا نسميه: "مانيفستو الغياب". من يرِد "ألا" يكون موجودًا، فليصمتْ للأبد. فلا نراه، ولا نؤاخذه، ولا نسجنه. تذكرون قصة سقراط مع تلامذته؟ بعد الدرس، عاتب تلميذٌ أستاذَه: “لماذا لم توجّه لي كلمة واحدة اليوم أيها المعلّم؟!” فقال له الفيلسوف: “لكنني لم أرك. في المرة القادمة تكلمْ حتى أراك.” هذا" “مانيفستو الحضور".
وإذن، أيها الشعراء أمامكم نجدان: الحضور أو الغياب. الكلام أو الصمت. اختاروا ما تشاءون من كلا الدربين، واعلموا أن لكل درب فاتورة. فتشوا في جيوبكم النفسية لتتأكدوا أنكم تمتلكون ثمن اختياركم.
فاتورة الغياب يسيرة. فأنتم في مأمن من الخطر. سوف تعيشون في أمان تأكلون وتشربون وتتناسلون وتنامون ملء جفونكم عن شواردها. لكنكم غير موجودين. لو طرأت في بالكم فكرة، إياكم أن تتجاوز رؤوسكم. فإن وقفت على ألسنكم ابتعلوها فورًا وأطبقوا شفاهكم ولا تنطقوا. ولا تنسوا أنكم غائبون، والغائب لا يتكلم. ثمن بخس؛ لأنكم ستنعمون بحريتكم فلن تُسجنوا ولن تُكفّروا ولن تطاردكم اللعناتُ من حناجر الأشاوس الذين يزعمون أنهم ظلالُ الله على الأرض، ومستحيل أن تصيبكم رصاصة أو طعنة خنجر أو نفي إلى بلد غريب.
أما لو اخترتم الطريق الوعرة: “طريق الحضور"، فلا أضمن لكم شيئًا مما سبق من رغداء العيش و"البُلَهْنِيَة" وهي منتهى الرخاء، حسب معجم لسان العرب.
بعد الحكم بسجني ثلاث سنوات بسبب تغريدة أشفقتُ فيها على تعذيب الحيوان أثناء ذبحة على غير منهج الذبح الإسلامي الرحيم، قال "مفيد فوزي": “لو فاطمة ناعوت اتسجنت هاخاف، وأنا مش عاوز أخاف.” كان يقصد أنه سيخاف أن يفكر بحرية ويتكلم بحرية. فكم واحدًا من الكتاب والشعراء سيخافُ أيضًا؟
خذ عندك مثلا حيًّا. بالأمس قرأتُ في إحدى الصحف الخبر التالي: (مجلس الفكر الإسلامي في باكستان يرفض قانونًا جديدًا يُجرّم العنف ضد المرأة، واعتبروه خروجًا عن الإسلام. وقال محمد خان شيراني رئيس المجلس في مؤتمر صحفي: "إن هذا القانون يتعارض مع الدستور الباكستاني ويجعل الرجل يشعر بعدم الأمان."
قبل أن تتهوّر أيها القارئ الكريم وتغضب لأمك وأختك وزوجتك وزميلة عملك من هذا الرأي الغريب، تحسس جيبك وتأكد أولا أنك تمتلك ثمن اعتراضك، وإلا حجزنا لك الزنزانة المجاورة لزنزانتي. أنا شخصيًّا سأعترضُ مطمئنةً. ليس فقط لأن الشاة لن يضيرها سلخُها بعد ذبحها، باعتبار أن حكم سجني من المحتمل أن يتأكد في جلسة الاستئناف نهاية هذا الشهر، ولكن لأنني اخترتُ طريق "الحضور" رغم فاتورته الضخمة. أنا مؤمنة بالله وأحبّه، ولهذا أعتزُّ بهداياه لي. ومن ضمن تلك الهدايا عقلٌ يفكر. يصيبُ ويخطئ. ولسانٌ لا يهاب قول الحق مهما كان ثمن ذلك.
سألتني صحفية في معرض الكتاب: “بماذا تنصحين الشعراء بعد الحكم بسجنك؟" فقلتُ: “اكتبوا ما تشاءون وادخلوا السجن مطمئنين. تجبنوا أمورًا ثلاثة جرّمها دستورُ بلادكم الجديد: “التحريض على العنف، إشاعة العنصرية، الخوض في الأعراض"، ودون ذلك اكتبوا ما تشاءون لأن الدستور يحميكم. أما قانون ازدراء الأديان المضحك، فمآله إلى زوال لأنه مخالف للدستور وللمنطق وللثورة، ومخالف أيضًا لمشيئة الله الذي منحنا الحرية والإرادة. ومع هذا، لا أضمن لكم ألا تُسجنوا، إن طرحتم أفكاركم. أيها الشعراء: غنّوا، لأنني سأغني. سأُغني رغمَ النِّصالِ تتحلّقُ حولَ جسدِي من كلِّ صوب، مثل ذِبحٍ لا يقدرُ أن يقولَ: أحسِنوا الذَّبحَ يا جماعةَ الخير. فأنتم تجعلونَ السماءَ تبكي!




#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قفص العيب
- مَن هُم خصومُنا؟
- اسمُها زَها حديد
- ثغرة في قانون ازدراء الأديان
- كنتي سيبيه يمسكها يا فوزية!
- توب الفرح يا توب
- لماذا اسمها -آنجيل-؟
- لماذا هرب الجمل؟
- دولة الأوبرا تزدري الطبيعة!
- لابد من الموسيقى
- أمهاتُ الشهداء وأمهات الدواعش
- عبقريةُ البسيط وعبطُ الفيلسوف
- سوطٌ لكل امرأة
- كُن مرآةً ولا تكن عكازًا
- البيض الأرجنتيني
- الست فضة والست ماري
- لقاء الرئيس الذي لم أحضره
- هل نلغي الدستور؟
- الكود الإنساني للأطفال
- تيمور السبكي... ونحن والدستور


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - أيها الشعراء غنّوا وأُسجنوا!1