أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سعد الشديدي - ألمرجعية ولعبة السياسة















المزيد.....

ألمرجعية ولعبة السياسة


سعد الشديدي

الحوار المتمدن-العدد: 1389 - 2005 / 12 / 4 - 13:32
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ما عاد العراقيون ليصدقوا ما يشاع عن مواقف المرجع الشيعي الأعلى السيد على السيستاني المعلنة في وسائل الأعلام. فقد صدر ألف تصريح عن المرجعية التي يقودها سماحته تلاه ألف تكذيب او نفي من قبل ممثلي تلك المرجعية ذاتها. فماعدنا نعرف حين قرائتنا أو سماعنا أخبار المرجعية الشيعية في مدينة النجف الأشرف ان كانت تلك الأخبار صادقةً أم كاذبة وما حجم الصدق أو التلفيق فيها. ويشعر العراقيون، الشيعة منهم على وجه الخصوص، يخيبة أملٍ كبيرة جرّاء ما يحدث. فقد كان شيعة العراق، واقصد هنا من يسميهم رجال الدين بالعامة وهم الأغلبية الساحقة المكوّنة للجسد الشيعي، يعتقدون - او يتخيلون - ان المرجعية هيكليةً ضخمة لها من الأمكانيات المادية والمعنوية ما يجعلها تستطيع العيش في أكثر الظروف قسوةً والخروج منها قويةً معافاة. والسيطرة على اكثر الظروف تعقيداُ. لمَ لا وقد فعلت ذلك حقاً عبر مئات السنين ناجحةً في الحفاظ على وجودها ومكانتها. فقد تعرضت لأختبارات عديدة على مدى التاريخ كانت تخرجُ منها بنجاح. وكتبت لنفسها مكاناً مرموقاً بصفتها واحدةً من أقدم المؤسسات الدينية وأعرقها في بلادنا.
لكنّ ما تعّرض له العراقيون اثناء حكم البعث الدموي من هجمةٍ شرسة طالتهم جميعاً وفي مقدمتهم الشيعة جعلهم يعيدون النظر بحساباتهم خصوصاً تلك التي تتعلق بقوةِ ومكانةِ ومنعةِ مؤسساتهم ورموزهم السياسية والدينية والقومية والطائفية والعشائرية...الخ. أذ حاول النظام البائد خنق كل القيادات التي كان بأمكانها أن تشكل ولو تهديدا بسيطاً له. فبدأ العراقيون في البحث بين أنقاض ولائاتهم التاريخية عن بدائل ممكنة ليتمكنوا عن طريقها تجنب السقوط في محرقة الأرهاب التي هندسها رأس النظام السابق مستعيناً بأجهزة أمن ومخابراتٍ على مستوى عالٍ من الكفاءة والفاعلية.
ولم تنج المرجعية الشيعية من ادخالها، ولو قسراً، في تلك المعادلة الصعبة التي أجبر المواطن العراقي على اجرائها ليستطيع، على الأقل، ايجاد القوى والمؤسسات التي يمكنه الاحتماء بها ليستطيع البقاء على قيد الحياة.
حوصرت المرجعية الشيعية مثل غيرها من القيادات التي كان النظام الدموي الساقط ينظر اليها بعين الشك والريبة. وأصبح المواطن الشيعي يسمع بأسماء المراجع ولا يراهم. فقد حددت أجهزة أمن نظام البكر – صدام تحركاتهم ووضعت اتصالاتهم تحت المراقبة الصارمة. الأمر الذي ابعد المرجعية عن مقلديها وعزلها في محيط لا تكاد تُرى فيه.
وهكذا كانت القيادة الروحية لشيعة العراق هي الغائب الحاضر في حياتهم. فالأكثرية منهم ارتبطت بها من الناحية المعنوية على الأقل وظلّت مخلصةً في الولاء لها حتى سقوط النظام. ورغم جبروت الديكتاتور صدام حسين في التعامل مع من يُشّكّ في ولائهم، فأنه ما استطاع إلا محاصرة القيادة الروحية لشيعة العراق طالما كانت هي تنأى بنفسها عن الخوض في ساحة السياسة مستعينة بتقاليد تاريخية ورثها السادة المراجع كابراً عن كابر في اللجوء الى التقية السياسية والعقيدية عند الحاجة.

بعد سقوط النظام الديكتاتوري الفاشيّ تقدمت المرجعية العليا للشيعة في النجف بصفتها القائد الروحي التاريخي لجماهير الشيعة التي تكوّن أكثرية النسيج السكّاني العراقي. وبدأت بلعبِ دور مميز في الحياة السياسية. متحملةً الوزر الأكبر في ظرفٍ سياسيّ يتميز بالفوضى واستخدام العنف ومحاولة جرّ شيعة العراق الى حربٍ طائفية من قبل أطرافٍ عديدة.
بالأضافة الى تحميلها مسؤولياتٍ لا تقع ضمن مجال اختصاصها، من قبل قيادات حزبية شيعية هشّة لم تستطع أن تمررّ برامجها السياسية حتى الى جماهير الشيعة انفسهم إلا ياستخدامها اسم المرجع الديني الأعلى، ووزراء يمتازون بالضعف الشديد وعدم القدرة على السيطرة على شؤون الحياة السياسية والأقتصادية والعسكرية في عراق ما بعد الديكتاتورية.
ويبدو ان المرجعية كانت لا تمانع في زج اسمها في أي ظرف ومكان طالما ان من يطرحه هو من ابناء المذهب. واعتبرت ذلك دليلاً على قوتها. ولكن، ومع ظهورعجز القيادات السياسية الشيعية في ادارة شؤون البلاد واخفاقها في توحيد صفوفها ومع اتساع حجم ورقعة الأخفاقات التي منيت بها تلك القيادات، بدأت المرجعية بإعادة حساب ما تستطيع أن تقدمه لتلك القيادات الحزبية التي ادخلتها في تفق مظلم قد لا تخرجُ منه أبداً. ولكنها وحتى هذه اللحظة لم تستطع أتخاذ خطوةٍ حاسمة لتحديد موقفٍ واضح من التدخل في الحياة السياسية أو عدمه.
ولذلك كانت التصريحات المتناقضة تصدر عن المقربين اليها دون أن نستطيع التأكد من صحة تلك التصريحات. وظلت القيادات الحزبية الشيعية تستثمر اسم المرجعية حتى في اصغر الأمور وبقيت تلك المرجعية صامتة لا يستطيع المواطن العراقي، سواءاً كان شيعياً أو لا، ان يوقن ما إذا كانت تلك التصريحات والمواقف صادرة عنها حقاً إم ان هناك من يريد جعلها جسراً للوصول الى أغراض خاصة.
هناك من يقول بأن المرجعية مازالت محاصرة مثلما كانت تحت نظام الديكتاتور صدام حسين، ولكن من يحاصرها الآن هم من أبناء المذهب الشيعي نفسه. لأن هناك من يريد عزلها عن اتباعها ومقلديها وينفرد بأتخاذ القرارات والمواقف بإسمها. وهناك من يؤكد أن المرجعية لا تعرف بما يجري على أرض الواقع ولو كانت تعرف لأتخذت مواقف اشد حزماً!!!. في الجانب الآخر تؤكد قيادات الأحزاب السياسية الشيعية بأن المرجعية قد وُضعت في الصورة بشكل صحيح ولديها كافة المعطيات التي تجعلها قادرة على اتخاذ قراراتها في الشأن السياسي العراقي لتزكية من تراه ملائماً لقيادة البلاد ممثلاً لها ولشيعة العراق.
ولا يستطيع احدٌ، كائناً من كان، أن يؤكد أو ينفي ذلك. وتلك هي المشكلة التي قد تؤدي تباعاً الى تقويض الثقة بهذه المؤسسة التي كانت القائد والموّجه الروحي لشيعة العراق والعالم عبر القرون.
أن ترك المواطن العراقي في محيطٍ من الحيرة وعدم اليقين سيؤدي بلا ادنى شك الى زعزعة مكانة ودور المرجعية الدينية الشيعية ليس في الحياة السياسية فحسب بل قد يمتدّ ذلك لينال من مكانتها الدينية. ففقدان الثقة سينسحب على كامل دور المرجعية الدينية العليا وعلى شخص المرجع الأعلى نفسه ومن سيأتي بعده.
فهل هي مستعدةٌ لذلك؟ وهل المرجعيةُ مستعدة للتضحية برصيدٍ من الثقة جمعته عبر مئات السنين من خلال عملٍ دؤوبٍ استمر تحت كل الظروف والمناخات.
أن من يدخل ساحة السياسة، خصوصاً في بلد حديثُ عهد بالديمقراطية مثل العراق، عليه أن يتوقع اسوأ الأحتمالات. ابتداءاً من حملات النقد "الخفيف" وانتهاءاً بحملات التشهير والتسقيط. فهل استعدت المرجعية لذلك؟ فطالما رغبت هي في لعبِ دور سياسي مهما كان صغيراً فأن عليها أن لا تستبعد اصابتها ببعض الشظايا الحارقة المندلعة من براكين الحملات الأنتخابية والمقالب النظيفة والمؤامرات الخبيثة. ولن يكون بوسع المرجعية إذ ذاك أن تطالب العراقيين، من مختلف الديانات والطوائف والقوميات، بعدم ابداء النقد لمواقفها أو التعرض لها أو مهاجمتها. فمن يدخل ساحة اللعبة الديمقراطية لا يمكنه إلا أتباع قوانين اللعبة ولا يمكنه مطالبة اللاعبين ولا المتفرجين بأن تكون له مكانه خاصة لا تُمَسّ بأي حال من الأحوال. فليس في الديمقراطية عصمة لأحد ممن يدلون بدلوهم في الشأن السياسي. ومن يتخذ موقفاً ما عليه أن يعرف أن هناك من سيتضرر من موقفه هذا. الأمر الذي يؤدي حتماً الى ردود أفعال قد لا تكون المرجعية مستعدة لتقبلها.
ومن يمدّ يده الى وكر الدبابير فعليه ألاّ ينتظر سوى لسعاتها. فهل أخذت المرجعية الرشيدة لقاحاً ما ضد لسعات الزنابير التي لن تستطيع اتقاءها مهما فعلت اذا ما دخلت عالم السياسة؟؟



#سعد_الشديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مذكرات لقلق مصاب بأنفلونزا الطيور
- الصحافة الوطنية العراقية في خدمة الأرهاب؟!
- ريّا تعودُ اليومَ من موتِها
- الجامعة العربية تأتي متأخرة كالعادة
- رمضان العراقيين.. هلال بلون الدمّ
- شمس الدين: الحقيقة والأسطورة
- صورة دافئة من ألبوم عراقي
- كتيبة أمريكية تصممّ العلَم العراقي الجديد؟
- عثمان الأعظمي.. ألكاظمي.. العراقي
- تصبحون على أمان
- أغاني بابلية للموت العراقي
- دستور العراق.. أبو طبر جديد؟؟؟
- عراقنا المغدور ما بين الحجاب والسفور
- تصريحات الحكيم.. عشرة عصافير بحجر واحدة
- هل تدعم إيران الإرهاب السلفي في العراق؟
- السادة والعبيد في العراق الجديد
- من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه
- لمحمد الوردي..والنار التي في قلبه
- عاشِروا الأكراد بالمعروف.. أو.. طلّقوهم بالمعروف
- سجّل أنا شيعي...


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سعد الشديدي - ألمرجعية ولعبة السياسة