أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - قفص العيب














المزيد.....

قفص العيب


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5135 - 2016 / 4 / 17 - 00:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل المجرمُ هو "صانعُ الجرم"، أم ذاك الذي يشير إلى المجرم أو إلى الجريمة بإصبع النقد؟
في أفلام عديدة، جسّد فنانون شخصيات تجّار دين مُراءين يخدعون الناسَ باسم الله. فمن يكون هنا المجرم؟ الفنان؟ أم المتاجر الأفّاق الذي يفضحه الممثلُ ليحذِّرَ الناسَ من خداعه، ويُبرّي الدينَ من المُرائين الكَذَبَة والشطّار العيّارين؟! تصوّروا أن في مجتمعاتنا يدينون الممثل الذي يشير إلى الجرم على الشاشة، ويبرءون المجرم الحقيقي الذي يخدع الناس في الواقع؟! يا لضيعة الحقّ في زمن العيب! ليس مجرمًا مُسيئًا للدين الذي جمِّل أنفه ثم كذب مُدعيًّا أنه هوجم وسُرق، صارخًا: "أنا الدينُ والدينُ أنا"، إنما مَن ينتقده هو عدوُ الله! يا لضيعة العقل في زمن الغباء والعيب! المتاجرون بالدين خادِعو البشر أنقياءُ أبرياءُ، ونحن، كاشفوهم، أعداءُ الدين المدانون بتهمة ازدراء الأديان! يا للكسوف والعيب في زمن العيب!!

الفن السينمائي، والمسرح والشعر، والآداب، تتعمد تجسيد شخصية المجرم، لكي تنبّه الناسَ منه، وتُببرئ الدينَ من مُشوهيه؟ فهل الجريمةُ هي "صنعُ" الخطأ، أم "الإشارة" إليه؟ إما قولاً أو رسمًا أو غناءً أو شخصنةً في رواية أو فيلم؟ أسئلةٌ بلهاء، من العيب طرحُها لأن إجاباتها بديهيةٌ يعرفها طفلٌ صغير على مشارف مراحل الوعي الأولى. لكنْ، في زمن "العيب"، يسقط "العيب" عن أسئلة من "العيب" طرحها لفرط بداهتها!

في فيلم "الزوجة الثانية"، شاهدنا كيف أجبر عمدةُ القرية فلاحًا فقيرًا على تطليق زوجته، ليتزوجها بعدما "حِلْيت في عينيه". طرق كل السُّبل. الرشوة تارةً، والتهديد والوعيد أخرى؛ والزوجُ رافضٌ ترك حبيبته أمّ طفليه، الرافضة بدورها ترك زوجها، رغم بريق الثراء الذي يلوحُ أمام عينيها حين تغدو زوجة العمدة. ولما أعيته الحِيَلُ، لجأ العمدةُ إلى "شيخ" القرية لكي يُقنعَ الزوجَ، مُعتمرًا وشاحَ الدين، والدينُ براءٌ، بأن طاعةَ الحاكم من طاعة الله! في مشهد كهذا، برأيكم، مَن أساء للإسلام؟ سعد الدين وهبة، كاتب السيناريو؟ صلاح أبو سيف، المخرج؟ هو هو العمدةُ عتمان، أم مؤدي دورَه: صلاح منصور؟ هل المجرم هو الشيخُ، أم مؤدي دورَه: حسن البارودي؟ هل المظلوم المغبون هو الزوج أبو العلا، أم مؤدّي دورَه: شكري سرحان؟ ذاك الذي صرخ في وجه الشيخ الدجّال: "يا راجل يا كافر، يا عديم الدين!" حينما قال له: "امضِ يا أبو العلا يا بني على ورقة الطلاق، "أطيعوا اللهَ وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم".
مَن الذي أساء للإسلام، في ذاك المشهد التاريخيّ الذي يُجسّد حالنا الآن؟ صنّاع الفيلم الفنانون الأبرياء؟ أم أن المجرم الحقيقيّ هو شخصيةٌ اعتبارية لرجل جاهل يتاجر بالدين لمصلحته الشخصية، ومصلحة وليّ نعمته الشهوانيّ المزواج؟
نعم، نحن في زمن "العيب"! ألم نشهد أعضاء برلمان سابق ناقشوا شرعية مضاجعة رجل زوجتَه بعد موتها؟! أليس جاء رجلٌ لا يعرفُ عن الفنّ والأدب إلا بقدر معرفتي اليابانية، ليقيّمَ أدبَ نجيب محفوظ، فينعته "بأدب الفِسق والرذيلة"؛ لأن بين شخصيات رواياته امرأةً فاسقة؟! بينما لم يقل مثلا: "إنه أدب "السرقة"، مع أن من بين أبطاله لصوص! لماذا؟ لأن صاحبنا يختصر "الرذيلة" في: "امرأة وفِراش"! بينما لا يضمُّ في قائمة "الرذيلة": السرقة، والرشوة، والخيانة، والكذب، والطمع، والحقد، والبخل، والدناءة! مثل ذلك الرجل "مشغولٌ جدًّا" بالمرأة، فلا يبرحُ بصرُه ثوبَها! هو ذات الرجل الذي يريد أن يُغطي أجساد "التماثيل" بالشمع، لأنها عورةٌ وأوثان! تماثيل أرقى حضارات الأرض، أجدادنا الفراعين الذين دوّخوا البشريةَ بعلمهم وفنّهم وحضارتهم الفائقة! يا لضَيعة الجمال والحضارة في زمان القبح والانحطاط! زمان العيب.
بربكم، لا تنسوا أن تحاكموا البارودي، بتهمة ازدراء الأديان، وتُدخلوا جثمانَه “قفص العيب"!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مَن هُم خصومُنا؟
- اسمُها زَها حديد
- ثغرة في قانون ازدراء الأديان
- كنتي سيبيه يمسكها يا فوزية!
- توب الفرح يا توب
- لماذا اسمها -آنجيل-؟
- لماذا هرب الجمل؟
- دولة الأوبرا تزدري الطبيعة!
- لابد من الموسيقى
- أمهاتُ الشهداء وأمهات الدواعش
- عبقريةُ البسيط وعبطُ الفيلسوف
- سوطٌ لكل امرأة
- كُن مرآةً ولا تكن عكازًا
- البيض الأرجنتيني
- الست فضة والست ماري
- لقاء الرئيس الذي لم أحضره
- هل نلغي الدستور؟
- الكود الإنساني للأطفال
- تيمور السبكي... ونحن والدستور
- اسجنوا بورخيس مع أطفال المنيا


المزيد.....




- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - قفص العيب