أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض السندي - الدولة العميقة في العراق















المزيد.....



الدولة العميقة في العراق


رياض السندي
دكتوراه في القانون الدولي، محام، أستاذ جامعي، دبلوماسي سابق، كاتب

(Riadh Alsindy)


الحوار المتمدن-العدد: 5134 - 2016 / 4 / 16 - 04:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الدولة العميقة في العراق
د. رياض السندي
دكتوراه في القانون الدولي

بعد غزو العراق واحتلاله امريكيا في 9 نيسان 2003 ، تعرضت الدولة ومؤسساتها واجهزتها الرسمية والبنية التحتية فيها الى صدمة قوية زعزعت اركانها التي قامت قبل مايقارب من قرن كامل عام 1921، وظهر الارهاب بابشع صورة وانتشر الفساد بشكل مخيف وانتهكت حقوق الانسان اكثر وأسوأ من ذي قبل ، واصبحت الديمقراطية لعنة العراقيين ، فما هو تفسير ذلك؟
في هذا الدراسة نحاول تقديم تفسير للدمار الذي عمّ العراق ويهدد بزواله ويستعصي اصلاحه. وبالتاكيد فانه لن يكون التفسير الوحيد لكل ما حصل، فمن الصعب اختصار 13 عاما من الدمار في بضع صفحات، ومن الصعب ايضا اختصار ملايين الوثائق التي اعدتها الدوائر الاستخبارية ومراكز البحث وحاويات الفكر في العديد من دول العالم في عدة صفحات تجهد اي عراقي متعب فيصعب عليه اكمال قراءتها ، ولكنها تبقى جهد فكري خاضع للتقييم والتحليل.
وتوصف الحالة التي تسود العراق حاليا والناجمة عن الاحتلال الامريكي عام 2003 وحتى يومنا هذا، بانه ظهور لمفهوم الدولة العميقة وبنسخة حديثة ومختلفة ومتطورة.

- تعريف الدولة العميقة
ويقصد بتعبير الدولة العميقة، مجموعة من التحالفات النافذة المناهضة للديمقراطية داخل النظام السياسي، وتتكون من عناصر رفيعة المستوى داخل اجهزة المخابرات (المحلية والاجنبية) والقوات المسلحة والامن والقضاء والمافيا. ففكرة الدولة العميقة مشابهة لفكرة (دولة داخل دولة).
ويرى اخرون ان الدولة العميقة ليست تحالفا بل انها مجموع عدة مجموعات تعمل ضد بعضها البعض خلف الكواليس، كل منها يسعى لتنفيذ الاجندة الخاصة بها. وهي بذلك تناقض مفهوم (الدولة المنسجمة).
وفي تعريف اخر فهي شبكة مصالح متشابكة ومترابطة لايعرف افرادها بعضهم بعضا لكنهم يعملون لهدف مشترك وهو الدفاع عن مصالحهم وامتيازاتهم خارج القانون والمجتمع والدولة، بمعنى اخر دولة داخل دولة أو دولة فوق الدولة. وهي في تعريف اخر: مؤسسات غير مرئية، تدير الدولةمن اسفل بعيدا عن سلطات الرئيس أوالحكومة أو البرلمان.
الا ان اوسع تعريف لها هو بانها: يعبر مصطلح "الدولة العميقة" عن ذلك التحالف العميق الذي يجمع من بين ظهرانيه بنيات الدولة المختلفة، من مركب إداري وسياسي وإعلامي ومؤسسة عسكرية واستخبارات وقضاء ومثقفين ورجال دين.. يجمعهم جميعا حول "رابطة" واحدة منطلقها ومؤداها: الإبقاء على مصالحهم وامتيازاتهم الخاصة، واستثناؤهم من أية محاسبة أو مساءلة، ثم عدم تعرضهم لأية متابعة قضائية إن اهتز النظام القائم، أو استجدت أحداث من شأنها زعزعة المنظومة.
ويعبر المصطلح أيضا عن الطبيعة الشبكية لهذه الدولة، إذ تبدو هذه الأخيرة على شاكلة بناء شبكي متراص، يتكون من العناصر الرفيعة في النظام، تجمعها مصالح اقتصادية ومشاريع تجارية ومالية، وعلاقات اجتماعية وعائلية، وطقوس احتفالية، وانتماءات طائفية وما سواها.
إنها ليست دولة داخل الدولة. إنها الدولة ذاتها، بتراتبيتها المؤسساتية، وبتنظيمها العمودي والأفقي، وبأجهزتها في القمع والإكراه، وبأدواتها في التجسس والتضليل، وبأطرها الإعلامية والثقافية والدينية، التي تبني لها الشرعية وتزين لها السلوك.
هي تركيبة معقدة ومتداخلة أشد ما يكون التداخل، لا تترك مجالا أو فضاء (سياسيا أو اقتصاديا أو ثقافيا أو فنيا أو رياضيا) إلا غزته واكتسحته، لا يفلت من عقالها إلا زاهد في الدنيا، أو شارد غير مبال، أو محاصر لا قدرة لديه على القول فما بالك بالفعل.
وكما قال الرئيس التركي الاسبق بولند أجويد، فإن تنوع الآراء يعكس عدم وجود اتفاق على ماهية الدولة العميقة.
وقد استخدمت عدة تعابير للدلالة عنها مثل: الدولة العميقة، الدولة الموازية، الدولة الخفية، الدولة غير المرئية، الدولة غير المنسجمة، دولة في دولة، دولة داخل دولة، دولة فوق دولة.

- نشأة الدولة العميقة
يرتبط مصطلح الدولة العميقة بتركيا لأن مصدر الكلمة derin devlet وهو مصطلح تركي شائع ويرمز لها في السياسة التركية بالذئب الأغبر المعبر عن القومية التركية كما تقول الأساطير التركية. يرجع بعض المؤرخين السياسيين الأتراك الدولة العميقة إلى اللجنة السرية التي أنشأها السلطان سليم الثالث 1761-1808 لحمايته بعد محاولت إغتياله وهو عائد من حربه مع روسيا والنمسا الجدير بالذكر هنا ان الصدر الأعظم لم يكن يعلم بوجود هذه الجمعية.
بعض المؤرخين كذلك يرجع وجودها إلى تاريخ اقرب من هذا ويدعون ان بداية تكون الدولة العميقة كان مع جمعية الاتحاد والترقي التي كانت تعمل على إلغاء السلطنة وإنشاء الجمهورية.
وتشكل الدولة العميقة أحد مخرجات الدولة القومية، أو هي الوليد الشرعي للدولة القومية الحديثة. لذا فليس من الغرابة ان نجدها في الدول العربية. وقد اشارت الدراسات الى وجود الدولة العميقة في مصر وليبيا والمغرب. وفي المغرب سميت بالدولة الموازية، ويرى عبد الصادق بومدين : المصطلح الرائج في المغرب اليوم هو الدولة العميقة، وهو متداول أيضا في مصر رغم اختلاف السياقات، والتي تعني قوى ومصالح وشبكات خارج المؤسسات المعلنة والمعروفة...شخصيا لا اعتقد أن وجود الدولة العميقة أمر سلبي دائما، فقد يكون من الايجابي في ظرف ما تدخل هذه الدولة العميقة لاستمرار الدولة واستعمال آلياتها للهيمنة المؤقتة، انظروا إلى ما يحدث في ليبيا مثلا لتدركوا أهمية وجود دولة عميقة ودورها الايجابي، لكن للدولة العميقة لها أيضا جانب سلبي أكيد، وربما اكبر من الايجابي، عندما تسعى إلى الهيمنة على المجتمع السياسي والمدني والاقتصاد والإعلام وكل شيء، تصبح آنذاك عامل تمرد بل حتى ثورة وليس عامل استقرار واستمرارية، النقطة الفاصلة هنا بين السلب والإيجاب في دور الدولة العميقة هو المصالح، والسياسة هي في نهاية المطاف صراع مصالح، مصالح طبقية في العمق، وعندما تصطدم المصالح الكبرى مع مسار الدولة التاريخي الذي يفرضه منطق التاريخ ومنطق التطور ومنطق التوازنات الذي يفرضه ميزان القوى السياسي فقد تتحول الدولة العميقة إلى الدولة الموازية...
الدولة العميقة شبكة من العلاقات الممتدة داخل الدولة، وتتغلغل في كل مفاصلها السياسية والاقتصادية والإعلامية والفنية والاجتماعية والعسكرية، دون شكل أو تنظيم محدد أوملموس، وتربط هذه الشبكة مصالح وفوائد خاصة على حساب المصلحة العامة، ويحصل القائمون عليها على امتيازات خارج إطار القانون المعمول به داخل الدولة.
هذه العلاقات والمصالح المشتركة تصب جميعها في مصلحة الدولة العميقة؛ ففي كل دولة هناك نظام سياسي يحكم تلك الدولة في الظاهر، وهناك أنظمة داخلية تسير حركتها، ومع الزمن تزداد القواعد والقوانين رسوخاً، مما يصعب تبديلها وتغيرها.
وللدولة العميقة جوانب إيجابية وجوانب سلبية، فالجوانب الإيجابية تكمن في الكفاية الاقتصادية والمعرفية والقانونية والقدرة على الإنجاز العلمي، وهناك جوانب سلبية للدولة العميقة تكمن فيما تراه الدولة العميقة يصب في مصلحتها، وتستخدم في سبيل ذلك وسائل العنف والضغط الأخرى بطريقة سرية في الأغلب للتأثير على النخب السياسية والاقتصادية لضمان انتهاج سياسات تحقق مصالح معينة ضمن الإطار الديمقراطي ظاهريًا لخريطة القوى السياسية، وهو يتحكم بكل شيء بدعوى الأمن القومي للأمة وضرورات الاقتصاد.
وقد انتشر مصطلح الدولة العميقة في دول الانتقال الديمقراطي في أوربا الشرقية، ودول الربيع العربي وأصبح متداولاً في وسائل الإعلام عند الحديث عن الثورات المضادة لحركات التحرر الديمقراطية في كل مكان، بدعوى الحفاظ على الاستقرار والاقتصاد والحفاظ على مؤسسات الدولة، وعدم انهيار المنظومة الأمنية للدول. كما يقول وائل حلاق في كتابه الدولة المستحيلة: الإسلام والسياسة ومأزق الحداثة الأخلاقي فان "الدولة فاعل له مصالح خاصة به لا تعكس بالضرورة مصالح المجتمع".

- محاور الدولة العميقة
وتحدد محاور الدولة العميقة باختصار في ستة اذرع اساسية مختلفة، وهي:
1. الذراع السياسي.
2. الذراع العسكري.
3. الذراع التشريعي القضائي.
4. الذراع المالي.
5. الذراع الاعلامي والالكتروني.
6. الذراع التنفيذي والامني.
وكل ذراع يتحرك في اتجاه معين ولكنه في النهاية يصب في مصلحة الدولة العميقة بشكل أو بأخر، والملاحظ ان جميع هذه الاذرع تتحرك بتناغم شديد يدل على وجود رأس أو تنظيم يحكمها جميعا حتى لاتتضارب المصالح. ونظرا لحالة التنظيم الذي تعكسه هذه الاذرع فهي أسرع من الشعب الذي يفتقد الى التنظيم والتناغم والانسجام، فيظهر مشتتا ضعيفا ، كما ان اذرع الدولة العمية وبحكم سيطرتها على مرافق الدولة الرئيسية في الامن والتشريع والقضاء وغيره، وقد نشبت اظافرها وانيابها في جسد الدولة، فأن امكانياتها وقدراتها تفوق قدرة الدولة ذاتها، فضلا عما تمتاز به من سرعة في اتخاذ القرار والتنفيذ تحت ضغط تهديد وجودها، وهي بذلك تتفوق على مؤسسات الدولة المترهلة والبطيئة والتي يقتلها الروتين، وبذلك فهي تنتصر على الشعب في جميع قراراته، باستثناء قرار واحد، وهو قرار الثورة.
ساعد هذا النموذج على نشأة شبكات معقدة من العلاقات والمصالح التي على مر الزمان تتجذر في مفاصل وأجهزة الدولة المختلفة والتي -وفي لحظة تاريخية معينة- لا يمكن أن يحدث تغيير دون اقتلاع هذه الدولة من جذورها، فهي تدافع عن مصالحها بشراسة من خلال العديد من الوسائل والأدوات التي تمتلكها بفعل مفهوم السيادة الذي من خلاله تقوم بتبرير وشرعنة أفعالها.
فالدولة القومية الحديثة هي التي تضع مفهومها حول الإله والميتافيزيقا " الدين" في إطار ما يخدم مصالحها المتعددة، كما هي المتحكمة في الطبيعة وبما في ذلك الإنسان، فهي تقوم بالسيطرة عليه من المهد " شهادة الميلاد" إلى اللحد " شهادة الوفاة"، فهذا النموذج جعل من الدولة كيانا غير قابل للتغيير أو التعديل، فهي جعلت من نفسها إلها !
و يتم استغلال المؤسسات الدينية التي تسيطر عليها الدولة لتبرير تلك الاجراءات من الناحية الدينية حتى يتم إضاء طابع "شرعي - ديني" على ممارسات الدولة الأمر الذي يدفع المواطنين بالتزام الصمت، من خلال استخدام بعض المصطلحات مثل "الخوارج" و "أعداء الدين" و "طاعة ولي الأمر" وغيرها من المصطلحات الشرعية التي يتم استخدامها لتبرير الكثبر من أعمال العنف والقهر. فالدولة هنا هي "الإله" الذي يطلق قوة روحانية وخفية من خلالها يحدد العدو ويشكل حالة التأهب للدفاع والذود عن "الأمة" و "الفرد" و"الدولة" تلك المعاني التي تصوغها وتحددها ايضا الدولة ذاتها.
وعادة لايعلم الناس عن وجودها شيئا حتى قيام الثورة التي تكشف اسرارها بالتفصيل. وقد تظهر بعض تحالفاتها للعلن مما يولد شعورا لدى كثير من الناس بأن هناك ايادي خفية تعبث في المجتمع والدولة، والشعب لايدري عنها شيئا. ويمكن تسميتهم بالطرف الثالث او اللهو الخفي حسب التعبير الدارج أو الدولة الامنية أو النظام الفاسد. ويمكن تحديد مواصفات الدولة العميقة بمايلي:-
1. تعتمد الدولة العميقة على قوى خارجية وهذا مرتبط بمصالح النظام العالمي، وهو في حقيقة الأمر هو الذي هندس الدولة العميقة في زمن الاستعمار، لتبقى حامية لمصالحه، وقد لمسنا ما وجدته الدولة العميقة في مصر من سند مادي ومعنوي، وقد يتدخل بأساليب أخرى أكثر شراسة، اغتيالات تفجيرات إرهابية، كما يحدث في العراق وتونس ومصر وأفغانستان.
2. ضعف فاعلية الحكومة وتأثيرها في القرار السياسي، حيث ان الحكومة ليست الا مجموعة من الدمى (Puppets)، ونطاق صلاحياتها محدد بحدود ضيقة لا تتجاوز احيانا مصالحها الشخصية الضيقة. وهم مثل لعبة الماريونيت التي تحركها خلف الستار، لذا نراهم يدعون دائما ب-ان هناك من يعرقل مشاريعهم في الاصلاح والتطور والتغيير.
3. إن أجهزة الرقابة فيها تمثل عين السلطة على المجتمع فى حين أنها فى الدول الديمقراطية تحمى الدولة والمجتمع.
4. ان اجهزة الدول الرسمية تجهل مايجري على أرض الواقع، وهي غير قادرة لاعطاء اي تفسير مقنع في ابسط المسائل التي تهم الشعب، حتى لو تعلق الامر باختفاء أو اغتيال شخص ما في بعض الحالات.
5. عدم ثبات القانون في تطبيقاته على الحالات المختلفة، وهكذا تجد حالتين متشابهتين الى ان الحكم فيهم يختلف تماما وعلى طرفي نقيض. ويتضح ذلك جليا عند محاسبة الكبار والمتنفذين.
6. عدم مراعاة القواعد الاخلاقية والدينية بشكل سليم وضعف الاهتمام بها واحلال مفاهيم جديدة محلها. وقد يجري استخدام هذه المفاهيم الدينية والتربوية التي لها أصل في المجتمع بعد ان يتم تحريفها لترسيخ الاستبداد، أو تكون مفاهيم وقيم اجتماعية مخترعة ليس لها أصل، لكنها نشأت وترعرعت وترسخت كثقافة مقبولة في المجتمع في ظل الاستبداد. في واقعٍ يخلق جوا مثاليا لمنظومة أخلاقية كاملة، قائمة على النفاق والكذب وتقمص شخصيات غير حقيقية. وهذا ما يولد بنية من السقوط الاخلاقي، من نماذجها مفاهيم “من البديل؟” و “الأمن أولا” و “محاربة الإرهاب”.
7. غياب مبدأ سلطة الشعب، لانه لم يعد القوة المهيمنة في الدولة، من خلال اعتماد الفرقة والتناحر بين ابناء الشعب الواحد، وتقسيمه الى طوائف ومكونات، اعمالا للمبدا الاستعماري القديم (فرّق تسد). وتبعا لذلك، فان الانتخابات في هذه الحالة تصبح غير مجدية تماما ونتائجها مقررة سلفا.
8. انتشار الفساد بشكليه الخفي والمعلن، فالدولة العميقة تتحالف مع كل ما يمكنها من حماية مصالحها، لذلك تتوسع نطاق منظومة الامتيازات كرجال الأعمال الذين يستغلون الفساد الاداري لتتوسع مشروعاتهم، ومن ناحية أخرى يكون هؤلاء أداة تمويل لمنظومة الدولة بالسيولة المالية، وحتى التحقيق في فضائح الفساد يكون موجها. إن اشكالية الخراب هذه قدمت طبقة سياسية تقود وتمثل الدولة العميقة تجد في الخراب والانحطاط الاوكسجين الذي تتنفسه. وغالبا مايكون العذر في عدم القدرة على اكمال اي مشروع هو ان هناك جهات تقف ضده أو تسعى لإفشاله أو تعرقل سيره، بل ان الحقيقة هي أن هناك قوى اخرى هي تقرر ماتريد.
9. استمراريتها لمديات طويلة وصعوبة تغيير الاوضاع، والانتقال من واقع سياسي الى أخر. ويتخذ تغيير الاوضاع فيها طابع العنف والتحطيم ، وتشهد المرحلة اللاحقة محاكمات علنية في الغالب، يظهر فيها رجال الخفاء الى العلن.

- ظهور الدولة العميقة في العراق
يعود ظهور مفهوم الدولة العميقة في العراق الى الفترة التي اعقب وقف العمليات العسكرية في حرب الخليج الثانية في شباط 1991 والتي انهت بتحرير الكويت واستسلام العراق أستنادا لقرارات مجلس الامن الدولي.
ففي الخامس من ابريل/نيسان 1991 اصدر مجلس الامن الدولي قراره المرقم 688 غير الملزم، والذي بموجبه اقامت الولايات المتحدة منطقة حظر جوي(No Fly zone) لحماية الاكراد في الشمال والشيعة في الجنوب، الا انا اقتصرت على المنطقة الكردية، وقد تطورت هذه المنطقة لتصبح "الملاذ الامن"(Safe heaven) شمال العراق، التي دخلتها مجموعة من الاحزاب السياسية التي انشأها عراقيون في الخارج والذين تجنسوا بجنسيات اجنبية مختلفة. وكان للعديد منها تنظيمات مسلحة ابرزها قوات البيشمركة الكردية ، وفيلق بدر الشيعي. وقد ترسخت في الفترة من 1991-2003 عناصر الدولة العميقة وانتشرت اذرعه وصولا الى يوم سقوط بغداد في 9 نيسان 2003. ولعل نقطة الاختلاف الأولى التي يجب التذكير بها، إذا ما حدث وتعامى عنها البعض انتقاء، هي الاحتلال. الاحتلال، وليس «التغيير»، هو جوهر التمييز بين ما جرى في العراق وما حدث في مصر وتونس وغيرها من البلدان العربية. فبينما تم اسقاط النظام العراقي، مهما كانت درجة خلافنا معه، بأيدي الغزاة، تم تغيير النظام، في تونس ومصر، بأيدي أبناء الشعب، بشكل عضوي من داخل المجتمع نفسه، مع إبقاء الجيش وأجهزة الأمن والقضاء القديمة على حالها، وهي المؤسسات التي تنشأ حولها شبكة الفئات الأجتماعية والأقتصادية التي يمكن إعتبارها الدولة العميقة، وغالبا ما تكون مرتبطة بمثيلاتها الخارجية.
ان واحدة من ابرز سمات الدولة العميقة في العراق هي ان روح الدولة العميقة تكمن في الخارج وتمتد اذرعها للداخل. ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح عند نشوب اي ازمة جديدة فتأتي الحلول من الخارج عن طريق زيارة شخصيات اجنبية تتقاطر على العراق وتلتقي بقادة الكتل السياسية المختلفة وتفرض الحل الذي تراه ملائما لمصالحها. وهذا ما يفسر زيارة وزير الخارجية الاميركي جون كيرين وكذلك زيارة المسوول الايراني المكلف بملف العراق قاسم سليماني.
وهذا مايقتضي تناوله بشيء من التفصيل من خلال دراسة اذرع الدولة العميقة في العراق.

أولا. الذراع السياسي
الذراع السياسي للدولة العميقة هو احد اخطر اسلحتها في معركة البقاء المستمرة، السياسة كما الحياة في البرية البقاء فيها للأقوى والأصلح والأكثر تكيفا مع تغيرات البيئة المحيطة به. أن نظرة فاحصة على تاريخ الاحزاب السياسية في العراق تشير الى أن نشأة الاحزاب لم تكن بمعزل عن ارادة أو ارادات دولية اجنبية، لذا فقد امتازت تلك الاحزاب بالتبعية لتلك الدول. وهذا ماجعلها غير مقبولة على مستوى الشارع العراقي، مما جعل شعبيتها ضعيفة، لاسيما وانها اعتمدت اساليب وطرق ملتوية وغير قانونية في ادامتها تمثلت في السرقة وخطف الاشخاص والتعذيب والقتل في احيان كثيرة. وقد شكّل عامل العنف واقصاء الاخر والمصلحة الخاصة مثلث ايدولوجية تلك الاحزاب، لذا فلم تكلف نفسها بانتهاج ايدلوجية معينة، او حتى اعداد برنامج سياسي خاص بها.
ان نظرة سريعة على تلك الاحزاب العراقية الرئيسية اليوم يمكن ان تؤكد ذلك:-
1. حزب الدعوة الاسلامية، انشأ عام 1957، وانتقل الى ايران منذ عام 1980مع مجىء الخميني للسلطة في ايران.
2. المجلس الاعلى للثورة الاسلامية، انشأ في ايران عام 1982 لتخفيف الضغط على ايران اثناء الحرب العراقية-الايرانية عام 1980-1988.
3. الحزب الاسلامي العراقي، انشأ عام 1960، واعيد تأسيسه في لندن عام 1991.
4. الحزب الديمقراطي الكردستاني، انشأ في مهاباد – ايران عام 1946، ثم انتقل الى الاتحاد السوفييتي حتى عام 1958، ثم الى الولايات المتحدة منذ عام 1975وحتى الان.
5. الاتحاد الوطني الكردستاني، انشأ عام 1966 بدعم من حكومة بغداد لشق الحزب الديمقراطي الكردستاني، الا ان ايران احتوته منذ عام 1975.
6. الحركة الديمقراطية الاشورية، انشئت عام 1979 في كركوك- العراق، وتلقت دعما من بريطانيا وأمريكا منذ عام 1980.
وهذه التبعية الدولية جعل تلك الاحزاب تفقد ولائها الوطني شيئا فشيئا، كما ظلت طموحاتها رهينة تلك الارادات. فالحلم الكردي في تأسيس دولته المستقلة ظّل رهين الارادة الامريكية. وعلى نحو مماثل اقليم سهل نينوى الاشوري.
ومع الاقرار بان التعامل الحكومي الرسمي مع تلك التنظيمات كان قاصرا واتسم بالعنف الا ان ذلك لايبرر الاستنجاد بدول اخرى وخاصة المعادية منها للعراق، حيث دخلت تلك الاحزاب الى الملاذ الامن في شمال العراق منذ عام 1992، وتلقت تدريباتها ودعمها داخل دولة جنينية في رحم الدولة الام، ليظهر المولود بعد 11عاما، وهذا ماظهر واضحا عام 2003 بدخولها مع الاحتلال الامريكي للعراق ، إثر اتفاق امريكي-ايراني على اسقاط النظام والدولة في العراق معا. فشكلت مجلس الحكم واستغلت موارد الدولة العامة والخاصة بما جعلها تتضخم وتتحول الى حيتان كبيرة التهمت كل مؤسسات الدولة.
وبعد 13 سنة من الفشل في ادارة الدولة وتبديد ثرواتها وبفعل تأثيرات اقتصادية وامنية، تصاعدت حدة الانتقادات ضد هذه الاحزاب التي تمثل الذراع السياسي للدولة العميقة، وطالته اتهامات عديدة بالفساد والجريمة وغيرها، مما ولّد احتقانا لدى الشارع العراقي بدا واضحا في تظاهرات سلمية شعبية انطلقت في مارس 2011، جرى قمعها باسلوب مخابراتي لتعود ثانية في آب 2015 وبشكل اقوى بعد الاتفاق النووي الايراني في تموز 2015، وزادها تاجيجا أنظمام احد اقطاب التيارات الاسلامية الشيعية (التيار الصدري) الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في مارس 2016، مما دفع رئيس الوزراء حيدر العبادي مرغما ان يقدم تشكيلة حكومية جديدة تتمتع بقدر من الاستقلال والنزاهة في العمل، وبعيدة عن هذا الذراع السياسي، في 31 مارس 2016، بعد محاصرة المقر الحكومي في المنطقة الخضراء، الا ان هذا الذراع انطلق بسرعة لاجهاض هذه التشكيلة المقترحة فانسحب البعض منها اثر التهديد بالقتل.

ثانيا. الذراع العسكري
لم تصنف الكثير من الدراسات عن الدولة العميقة الى هذا الذراع، على الرغم من ان اساس بناء الدولة العميقة قد استند الى هذا الذراع.
ومن الناحية التاريخية العربية يمكن تذّكر التغلغل الفارسي لآل برمك في عهد الدولة العباسية زمن او جعفر المنصور، ثم زمن هرون الرشيد سنة 187ه = 803 م، وكذلك قد قامت الدولة العميقة في مصر على يد المماليك عام 12 كان هؤلاء المماليك عبيدا استقدمهم الأيوبيون، زاد نفوذهم حتى تمكنوا من الاستيلاء على السلطة سنة 1250 م. وسنتطرق اليهم باختصار.
المماليك: كان هؤلاء المماليك عبيدا استقدمهم الأيوبيون، زاد نفوذهم حتى تمكنوا من الاستيلاء على السلطة سنة 1250 م. كان خطة هؤلاء القادة تقوم استقدام المماليك من بلدان غير إسلامية، وكانوا في الأغلب أطفالاً يتم تربيتهم وفق قواعد صارمة في ثكنات عسكرية معزولة عن العالم الخارجي، حتى يتم ضمان ولائهم التام للحاكم. بفضل هذا النظام تمتعت دولة المماليك بنوع من الاستقرار كان نادرا آنذاك50 وسحقوا عام 1517 ، وعلى غرارها قامت الانكشارية في تركيا.
منذ العام 1450 م بدأت دولة المماليك تفقد سيطرتها على النشاطات التجارية. أخذت الحالة الاقتصادية للدولة تتدهور. ثم زاد الأمر سوءا التقدم الذي أحرزته الدول الأخرى على حسابهم في مجال تصنيع الآلات الحربية.
سنة 1517 م يتمكن السلطان العثماني سليم الأول من القضاء على دولتهم. ضمت مصر، الشام والحجاز إلى أراض الدولة العثمانية.
الانكشارية: (من التركية العثمانية: يڭ-;-يچرى، تعني: "الجنود الجدد" أو "الجيش الجديد") طائفة عسكرية من المشاة العثمانيين شكلوا تنظيماً خاصاً لهم ثكناتهم العسكرية وشاراتهم ورتبهم وامتيازاتهم، وكانوا أقوى فرق الجيش العثماني وأكثرها نفوذاً.
لا يعرف على وجه الدقة وقت ظهور هذه الفرقة، فقد أرجعها مؤرخون إلى عهد "أورخان الأول" سنة 1324 حين عرض عليه شقيقه الأكبر -وهو وزيره الأول أيضاً- علاء الدين فكرة مستشاره قره خليل ببرمجة أسرى الحروب من الغلمان والشباب وإحداث قطيعة بينهم وبين أصولهم، وتربيتهم تربية إسلامية، على أن يكون السلطان والدهم الروحي، وأن تكون الحرب صنعتهم الوحيدة.
وتطور أسلوب جمع أفراد الانكشارية لدى سلاطين بني عثمان لاحقاً، إذ باتوا يؤخذون من الأسر المسيحية وفق مبدأ التجنيد الذي سمي بـ"الدوشرمه" (أو الدويشرمه) في عملية جمع دورية تجري كل سنة أو ثلاث أو أربع أو خمس، وتجلب عناصر انكشارية جديدة يقارب عددهم 8000 إلى 12000 فرد.
ورغم ما عرف عن تسامح الدولة العثمانية مع رعاياها المسيحيين بمعايير ذلك الوقت، من حيث عدم إجبارهم على تغيير ديانتهم أو حرمانهم من ممارسة طقوسهم، طالما التزموا بدفع الجزية، غير أن نظام الدوشرمه ترك جرحاً غائراً في المجتمع المسيحي تحت مظلة السلطنة العثمانية، خاصة أن النظام يتضمن أخذ واحد من كل خمسة أبناء لكل أسرة مسيحية لتعزيز الانكشارية.
ويقول عن هؤلاء الذين يربون تربيه خاصة :(( لم يكونوا نصارى وإنما كانوا أبناء آباء مسلمين انخلعوا عن النصرانية، واهتدوا إلى الإسلام، وشرعوا من أنفسهم وعن طواعية لا عن إكراه، يقدمون أبناءهم للسلطان ليستكمل تربيتهم تربية إسلامية، أما باقي الأطفال فقد كانوا من الأيتام والمشردين الذين أفرزتهم الحروب فاحتضنتهم الدولة العثمانية.)) . واكتسبت الانكشارية صفة الدوام في عهد السلطان مراد الأول سنة 1360، وكانت قبل ذلك تسرّح بمجرد الانتهاء من عملها. جرى حلّ هذه الفرقة بشكل نهائي بعد "الواقعة الخيرية" على يد السلطان محمود الثاني عام 1826 بعد ثورتهم على السلطان وانتهوا بحادثة مذبحة الانكشارية.
اما في العراق، فقد سبق الذكر ان ايران كانت قد جندت عدد من الشيعة العراقيين الذين لجأوا اليها والذين هربوا من الخدمة العسكرية زمن الحرب، وكذلك بعض الاسرى العراقيين الذين انشأت منهم فيلق بدر برئاسة هادي العامري الذي ارتبط بالمجلس الاعلى لينشق عنه ويرتبط بحزب الدعوة عام 2010.
الا ان الذرراع العسكري لم يكن قد استكمل بناءه بعد، فلجأت دولة الاحتلال الى التعويض عن ذك باستخدام مايعرف في القانون الدولي ب (المرتزقة) المأجورين، والي اطلقت عليه اسما مخففا الا وهو (الشركات الامنية الخاصة)، وهذا مايقتضي القاء نظرة سريعة عليها.

- الشركات الامنية والعسرية الخاصة:
على امتداد العشرين سنة الماضية، اخذت بعض الحكومات تتعاقد على نحو متزايد مع ركات عسكرية أو امنية خاصة للقيام بمهام، كان من المألوف أن تؤديها الاجهزة الامنية أو العسكرية للدول. وعلى الرغم من ان هذه الشركات تستهدف الربح في المقام الاول لكونها شركات تجارية، الا انها انخرطت في اداء مهام عسكرية في العديد من حالات النزاع المسلح.
أما تاريخهم الحقيقي فيمتد إلى الأيام (التي سبقت الثورة الفرنسية 1789م ، إذ كانت المطاعم والفنادق عادة ما تعلق عليها لوحات تحمل كتابات مثل يمنع دخول الساقطات والجنود والكلاب ، ذلك أن سلوك الجنود المرتزقة وممارساتهم غير مقبولة وغير مسؤولة ، جعلت منهم عنصرا مرفوضا من المجتمعات الأوربية بصورة عامة )، بل أن البعض قد أرخ لظهورهم إلى ( إمبراطور اليونان كوزينوفون الذي جند عشرة ألاف يوناني للمحاربة في بلاد فارس مقابل مال ).
يعرف ألن بيليه أستاذ القانون الدولي في جامعة نانتير قرب باريس عنصر المرتزقة بأنه (ذلك الذي يدخل طرفا في النزاع بدافع الربح ، وهو عمل يمنعه القانون الدولي ).
وقد كان الوجود البالغ الوضوح للشركات العسكرية / الامنية الخاصة في العراق منذ عام 2003 هو الذي استرعى انتباه الرأي العام اليها.
وقد قدّر تقرير مكتب المساءلة الحكومية الامريكي لعام 2006 عدد الشركات الامنية الخاصة في العراق بنو 181 شركة تستخدم 48 الف موظف. وفي تقرير لاحق لها في نفس العام، أشار الى ان العدد اكبر بكثير وهو 100 الف متعاقد. وجميعها منظمة في اتحاد واحد تحت اسم "اتحاد الشركات الأمنية في العراق (PSCAI). حتى قيل - بحق- ان المرتزقة ذراع الجيش الامريكي الايمن.
ولا تتمتع هذه الشركات بالصفة الوطنية ، فمقارها في الخارج وافرادها من الاجانب الذين يمارسو اعمالا عسكرية وامنية لقاء اجر مالي كبير يفوق احيانا راتب رئيس الولايات المتحدة الامريكية. ويتمتع العنصر المرتزق بمغريات قد تدفع أشخاصاً إلى مغادرة مهنتهم الاعتيادية في بلدانهم الأصلية ، كسائقي الشاحنات وحراس السجون وعناصر الوحدات الأمنية الخاصة المتقاعدين وغيرهم ، والتحول للعمل كمرتزق في أماكن الصراعات الدولية ، من أهم المغريات ، الأجور العالية المعروضة عليهم والتي تتراوح مابين (500 إلى 1500 دولار أمريكي يومياً)، فيما لا يتعدى معدل راتب الجندي النظامي 3000 دولار شهرياً ، وهو ما شجع الكثير من الجنود على الالتحاق بشركات الحماية الأمنية الخاصة ، ومقارنة بظروف العمل المتشابهة مع المرتزقة ، يتقاضى الشرطي العراقي أقل من 400 دولار شهرياً ، وهو ما يلقى المزيد من الضوء على تعدد أساليب نهب ثروات العراق ، حيث تحقق الشركات الأمنية الخاصة (عوائد سنوية تصل الى100 مليار دولار في العراق و أفغانستان.
ويثير النشاط العسكري لهذه الشركات جملة من المسائل القانونية حول مدى شرعيتها وخضوعها للقانون ونوع الحماية التي يوفرها القانون لافرادها في ظل غياب إطار قانوني يحكم نشاط هذه الشركات، وكان (بول بريمر)الحاكم المدني السابق في العراق قد أصدر القرار(17) في 27/6/2003 الذي منح الشركات العسكرية والأمنية الخاصة حصانة ضد أية إجراءات قضائية، خاصة وان هذه الشركات قد شهدت حالات عنف وعنف مضاد ادت الى حوادث مفجعة، منها حادثة الفلوجة التي برز فيها اسم بلاك ووتر في وسائل الإعلام العالمية بشكل ملفت في 31 مارس (آذار) 2004، بعد أن قتل في مدينة الفلوجة أربعة أمريكيين يعملون لدى الشركة، وقام المواطنين بحرق جثثهم وتعليقها على الجسر كرد فعل على الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال في المدينة. وقد ادعت إدارة الشركة حينذاك بأن الأشخاص الأربعة كانوا في مهمة توفير الحماية لقافلة شاحنات محملة بالمواد الغذائية! اما الحادثة الثانية والمعروفة بحادثة ساحة النسور ببغداد. ففى يوم 17 أيلول/سبتمبر 2007، إرتكبت هذه الشركة أفظع جرائمها على الاطلاق فى حق المدنيين العراقيين، حيث قام مرتزقة من الشركة بإطلاق النار عشوائياً فى "ساحة النسور" ببغداد مما أدى الى مقتل 17 عراقيا وجرح أخرين، وتقول الشركة أن هذا الحادث كان ردا على هجوم تعرض له موكبها فى حين تنفى المصادر الاخرى هذا الإدعاء وتؤكد أن إطلاق النار كان عشوائيا و بدون سبب، على إثر هذا الحادث طالبت الحكومة العراقية الشركة بوقف جميع أعمالها ومغادرة العراق بإستثناء المتورطين فى الحادث ليتم محاسبتهم. وتم تغيير الطلب بعد ذلك إلى تعويض قيمته 8 ملايين دولارعن كل قتيل. الا انه وفقا لمعلوماتي الشخصية اثناء عملي مسؤولا لملف حقوق الانسان في العراق، ان محامي الشركة استطاع اقناع عوائل الضحايا بالتنازل عن الدعوى مقابل مبالغ تعويض مالية زهيدة.
وعلى اثر هذه المجرزة والخوف الذي اثارته الشركة الاميركية بين السكان، الغت بغداد بعد ذلك رخصة العمل الممنوحة لبلاكووتر التي غيرت اسمها ليصبح اكاديمي في 2011.
وعند وصوله الى السلطة في 2009، الغت ادارة الرئيس باراك اوباما العقد المبرم بين وزارة الخارجية والشركة.

- الميليشيات في العراق
وبعد الاحتلال الامريكي والسيطرة على موارد الدولة المالية، ازداد عدد هذه الميليشيات المسلحة وامتد الذراع العسكري للدولة العميقة الى كل مفاصل الدولة. حيث يعتبر ظهور شركات الحماية الدولية أو الشركات العسكرية خطوة في طريق هدم بناء الدولة الحديثة. وكشف فيلق القدس الايراني عن وجوده العسكري والسياسي بالعراق، ليطفو على السطح، مستغنيا بذلك عن التخطيط السري لبناء الدولة العميقة مستقبلا، مع الحشد الشعبي أو ضمنه لاتزال المليشيات الرئيسية تحتل شوارع المدن الرئيسية ويقود افرادها حملات الاعتقال والابتزاز والاغتيال والخطف، وابرزها فيلق بدر (تأسس بايران)، الذي يدير فرق الموت ومؤسس لواء الشهيد باقر الصدر. وسرايا عاشوراء التابعة للمجلس الاسلامي الاعلى، وسرايا السلام (جيش المهدي سابقا) التابعة لمقتدى الصدر، عصائب الحق بقيادة قيس الخزعلي، جيش المختار ويتزعمه واثق البطاط، لواء أبو الفضل العباس بقيادة الشيخ علاء الكعبي، لواء اليوم الموعود، كتائب التيار الرسالي بقيادة الشيخ الشحماني. وفرقة الإمام علي التي تضم سريتين قتاليتين من فوج الكرار. وكتائب حزب الله المتعددة التي يستفسر عنها الكاتب يونس حنون، قائلا: « لست افهم لماذا يوجد ستة احزاب على الاقل اسمها حزب الله في العراق هي على التوالي (حزب الله /الجند المكين) و(كتائب حزب الله / المختار) و(كتائب حزب الله/النبأ العظيم) وكتائب (حزب الله/الفتح المبين) و(كتائب حزب الله / الغالبون) و(كتائب حزب الله / الثائرون)».
وقد ساعد غياب مؤسسات الدولة الوطنية وعلى راسها المؤسسة العسكرية الى انتشار ظهور الميليشيات المسلحة في العراق وازديادها بفعل التشجيع والدعم الرسمي لها، وعدم قدرة الدولة على حماية مواطنيها وضمان امنهم، وللاستفادة منهم في الصراعات الدولية الاقليمية المجاورة، وتحديدا الصراع في سوريا. وانشأت كل طائفة في العراق ميليشيا خاصة بها، فالشيعة لها ميليشياتها الخاصة مثل قوات بدر وجيش المهدي ولواء ابي الفضل العباس وغيرها. وللاكراد قوات البيشمركة، ولليزيديين قوات سنجار، وانشأ المسيحيون كتائب بابليون.
وكأن الطائفية التي نثر بذورها الاحتلال غير كاف، تم في الأشهر الأخيرة، تأسيس مليشيا ايزيدية بحجة حماية الايزيدين من مقاتلي داعش، كما يتم، حاليا، تدريب مئات المسيحيين في قاعدة سابقة للجيش الأمريكي خارج مدينة كركوك، شمال غرب بغداد، لتشكيل ميليشيا تُحارب «الدولة الإسلامية». وقد صادق الكونغرس الامريكي على تقديم 1.6 مليار دولار لتدريب وإعداد المقاتلين لمحاربة تنظيم «الدولة الاسلامية»، ونص قرار المساعدة على أنه يمكن استخدامها لتدريب الأقليات في سهول نينوى، كي تتمكن من الدفاع عن نفسها، حسب تقرير لصحيفة « وول ستريت جورنال». واذا ما أخذنا بنظر الاعتبار ان قوات البيشمركة تتبع اوامر قيادة اقليم كردستان حتى وهي تقاتل في بقية ارجاء العراق، وان وزير الداخلية، أي المسؤول الاول عن حفظ الأمن في البلد، هو القيادي الثاني في فرقة الموت/ فيلق بدر، لأدركنا حجم التحديات التي يواجهها كل من يؤمن بعراق حر موحد وحجم التضحيات التي يدفعها من يوم لآخر.
لذا فليس من المستغرب ان تتعاون جميع عناصر الدولة العميقة للحيلولة دون انشاء جيش عراقي نظامي رصين اسوة بجميع دول العالم بعد ان الغى الاحتلال الامريكي كافة تشكيلات الجيش العراقي بموجب قرار أصدره الحاكم المدني الامريكي في العراق بول بريمر في 23 مايو/آيار 2003 ، للحفاظ على مصالحهم الضيقة حتى لو اقتضى الامر تدمير بلد باكمله. وبعد 13 عاما من الفوضى عاد العراق واصدر قانون الخدمة الالزامية في 14/3/2016 واحيل للتصديق والنشر نهائيا، الا ان اذرع الدولة العميق ماتزال تعرقل اقراره النهائي وتنفيذه بحجج واهية لانها تعلم علم اليين ان تنفيذه يعني بداية النهاية لميليشياتها المسلحة في العراق .

ثالثا. الذراع المالي
يشكل المال سلطة في عالم اليوم، كما يمثل الاقتصاد قوة لا يستهان بها بين الدول. وقد عانت الاحزاب العراقية في نشأتها من صعوبة التمويل المالي فلجأت الى اسليب كثيرة دفعتها اليها الحاجة لها، فسلكوا طرقا ملتوية وابتكروا اساليب غريبة لم يعهدها العراقييون من قبل لغرض الحصول على التمويل اللازم. ومن خلال بحثي عن نشأة هذه الاحزاب، توصلت الى ان احد الاحزاب الكردية كان يسعى لان يضم في صفوفه اللصوص والسراق بعد ان يقدوا له الاموال المسرقة مقابل ان يتعهد بحمايتهم وضمان عدم تقديمهم للعدالة. وكان الزعيم التاريخي لهذا الحزب يطرح مسألة جمع الاموال قبل الحديث عن الحرية والديمقراطية ، في بداية كل اجتماع حزبي. ومن بين الاساليب التي اتبعوها هي السرقة والخطف وارتهان الاشخاص طلبا لفدية مالية كبيرة والاتصال بالدول الاجنبية لتمويلهم.
ومن الطبيعي ان تستغل الدول الاجنبية حاجتهم للمال لتطويعهم بعد اذلالهم لضمان ولائهم والعمل بأمرتهم. وقيل ان وفد الطالباني الى اسرائيل عام 1963 قال بالحرف الواحد "اننا جائعون" فهل يتذكرها اليوم بعد ان بدد ملايين الدولارات من ثروات العراق. وقد سعت الدول التي استغلتهم لقطع الطريق عليهم من العودة الى حضن العراق كعودة الابن الضال لبيت ابيه، وهكذا رفضت الولايات المتحدة الامريكية التقارب الكردي مع الحكومة العراقية اواسط عام 1991. اما الاحزاب الشيعية فقد تعذر عليهم التقارب مع حكومة العراق تماما، وعاشوا في ايران في ذل وفاقة عبّر عنه الكثيرون منهم، وحتى الذين عاشوا في المملكة المتحدة كانوا يتذكرون تلك الايام بانزعاج شديد ويلعنون حكومات تلك الدول سرا وعلنا.
ومن البديهي ان يسعى امثال هولاء الى الاستحواذ على المال بشكل بشع فاق كل التصورات، شجعتهم في ذلك الولايات المتحدة وحليفاتها عند اسقاط النظام، وشاهد العالم -وبضمنهم العراقيون- كيف اقتحموا المصارف ونهبوها منذ اليوم الاول بما بشّر ببداية عهد طويل وقاسي من السرقات واللصوصية وتبديد الثروات. وبعد ان نهبت دول التحالف ومن جلبتهم معها لحكم العراق تلك المصارف ومراكز المال كانوا يدعون العراقيين الجوعى والرعاع لنهب فتات سرقاتهم لتسجيلها باسم العراقيين، حيث كان الجنود الامريكان ينادون على العراقيين ويشجعونهم على السرقة بعبارةCome in Ali baba” ".
والبداية عادة ماتحدد المسار وتنبىء بالنهاية. وقد قامت مؤسسات امريكية بسرقة 17 مليار دولار من العراق بحسب تصريح نائب رئيس الوزراء روز نوري شاويس في 6 تشرين الاول/اكتوبر 2011 .وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" في تموز 2009 ان الرئيس الامريكي جرج بوش يحتفظ بمسدس صدام حسين. اما الفساد المالي فقد كتبت عنه عشرات الاطنان من الوثائق. واحتل العراق درجات متقدمة في تقارير منظمة الشفافية الدولية، وجاء تسلسله (175) من مجموع (179) دولة في عام 2011. اما عقود الشركات الامريكية فأكثر من ان تعد وتحصى، وفي مقدمتها شركة (هاليبرتون) لديك تشيني.
وفي ظل تغييب القانون، لجأ هولاء السياسيون الى بيع كل ماله قيمة وقابل للبيع، فبيعت اثار حضارة العراق في مختلف دول العالم، ونقلت التوراة البابلية الى اسرائيل عام 2015 مقابل مبلغ مالي كبير. وبيعت آبار النفط العراقية وسجلت باسماء اشخاص عاديين. وانشأت الاحزاب السياسية الرئيسية دوائر خاصة للسرقة سميت بالدوائر الاقتصادية. واعتبرت اجور هذه الطبقة السياسية الاعلى في العالم، واعتبر البرلمان العراقي افسد مؤسسة في التاريخ، وقدّر يوم عمل البرلماني العراقي ب (10) الاف دولار. ووصل الفساد اعلى مراحله في عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، حيث لم تقدم حكومته حتى الان الموازنة العامة للدولة لعام 2014، في سابقة خطيرة لم تحدث على مستوى العالم. وقدّر عدد الثروات العراقية المبددة والمنهوبة اكثر من 312 مليار دولار في حين ارتفع هذا الرقم في بعض المصادر الى ترليون دولار.
واورد تقرير محاسبي للامم المتحدة، ان العراق هو البلد الوحيد الذي المنتج للنفط في العالم الذي لم تستخدم سلطات الاحتلال عدادات لقياس كمية النفط المستخرجة والمصدرة وتسجيلها. ولفت التحقيق الى ان غياب العدادات كان الطريقة التي اختفى بها الجزء الاكبر من الاموال العراقية. يضاف الى هذا ان عوائد النفط العراقي لاتوضع في صندوق تنمية العراق، مما يشكل خرقا لقرارات الامم المتحدة.
والى جانب هذا كله، فقد لعبت المصارف الاهلية التي انشأت بعد 2003 والتي كان العراق خلوا منها، الى عمليات تهريب للاموال الى الخارج وغسيل اموال كبيرة. وبلغ عدد تلك المصارف 50 مصرفا معتمدة لدى البنك المركزي العراقي، بعد ان كانت 3 مصارف حكومية فقط مطلع عام 2003. وقد انتهجت هذه المصارف طرقا غريبة وملتوية، وقد وضع على رأس الموسسة المالية في العراق شخص سويسري من اصل عراقي محافظا للبنك المركزي العراقي.
وقد خلقت هذه السرقات الضخمة حيتانا كبيرة شكلت ذراع الدولة العميقة المالي قادرة على توجيه الامور بشكل خفي وبما يحقق رغبات الدول التي دربتهم وارسلتهم للعراق. وهكذا اصبحت الانتخابات مجرد مسرحية مدفوعة الثمن. واضحت المناصب الوزارية والادارية والدبلوماسية عرضة للبيع في مزادات دول الجوار. وهكذا اصبح هذا الذراع قوة توجه السياسة العامة للدولة بحيث يصعب السيطرة عليه. ولايستطيع احد ان يوقفه اوحتى ان يكشف اسراره والا كان مصيرة الموت حتى لو كان عراب الاحتلال كاحمد الجلبي، الذي توفي عندما قرر كشف اسرار هذا الاخطبوط المالي بعد 12 عاما من الفساد المالي، ومازالت الشبهات تحوم حول آخر فنجان قهوه شربه قبل وفاته بساعتين يوم 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2015.

رابعا. الذراع التشريعي والقضائي
القانون هو تعبير عن ارادة السلطة الحاكمة في بلد معين وزمن معين. ويجري ذلك عن طريق ممثلي الشعب في السلطة التشريعية (البرلمان) الذي يصوغه على شكل مواد وفقرات قانونية يجمعها قانون محدد. وفي حالة الدولة العميقة فان الجهاز التشريعي المسيطر هو الذي يمرر مايريده من قوانين ويعرقل اخرى، دون الالتفات لاعتراض الجميع.
وقد سعت هذه الذراع الى تحطيم النظام القانوني وتدمير البناء التشريعي الرصين في العراق الذي استغرق بناءه قرابة مئة عام بجهود وخبرات قانونية متميزة واعتبر صرحا قانونيا متقدما على مستوى العالم، وذلك باستبدال القوانين المحكمة بقوانين تقود الى تخريب الدولة وتخلق صراعات ومنازعات لايمكن حلها.
واثناء عملي مديرا لقسم المعاهدات في وزارة الخارجية للاعوام 2006-2009 وعضوا في لجان اعداد القوانين في مجلس الوزراء، وبعد ذلك مستشارا ونائبا للممثل الدائم للعراق في مكتب الامم المتحدة في جنيف للاعوام 2009-2013 واجهت تلك المشكلة بصلابة كقانوني وكمحامي ومدرسا للقانون، الا ان هذه الذراع سعت لازاحتي لتحقيق غايتها، وقد كتبت في عام 2014 مقالا بعنوان (سفير ضد الدولة التي يمثلها) كشفت فيه خفايا انضمام العراق لمشروع امريكي في مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة يجيز منح الجنسية على اساس التوطن والاقامة لا على اساس رابطة الدم لغرض ادخال عناصر غير عراقية للمجتمع العراقي رغم تعارض ذلك مع القوانين العراقية النافذة.
أما الذراع القضائي والمتمثل في قضاة المحكمة العليا والمحاكم الاخرى في العراق على مختلف تشكيلاتها والذين جرى اخضاعهم والسيطرة عليهم من خلال الامتيازات الكبيرة، او من خلال السيطرة الادارية عليهم عن طريق رئيس المحكمة العليا مدحت المحمود الذي اعتبر الغطاء القانوني للفساد في العراق. اما الحالات التي استعصت على التطويع فقد تم ازاحتها من مناصبها بالتهديد ومن امثلة ذلك القاضي رحيم العكيلي واخرون.
وقد قاد ذلك الى ظهور الجريمة المنظمة واهتز مفهوم العدالة في العراق، لذا ليس بمستغرب ان تجد بريئا وقد اصبح مذنبا بين ليلة وضحاها وعلى غرار ذلك يتحول المجرم الى بريء حتى لوكان في ارفع المناصب في الدولة، وهذا ماحصل لنائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي يوم 19/12/2011 وكذلك لوزير المالية السابق رافع العيساوي، ووزير التجارة عبد فلاح السوداني، وكذلك لعدد من اعضاء البرلمان مثل محمد الدايني واحمد العلواني. والاغرب من كل هذا ان يصدر القضاء احكاما قضائية بالاعدام بحقهم ثم يعودون بعد سنة او اكثر وقد حصلوا على صك البراءة دون اي قرار قضائي أخر. ناهيك عن تهريب عدد كبير من المساجين والارهابيين من السجون وفي اكثر من مرة وباعداد كبيرة بلغت في احداها هروب الف محكوم بالاعدام من سجن ابو غريب عام 2013، ورغم كل الفضائح الكبيرة الموثقة التي هزت العالم مثل فضائح ويكليكس وبنما وغيرها، الا ان القضاء العراقي لم يستطع ان يقدم متهما واحدا للعدالة بشكل سليم، مما يلقي بظلال كبيرة من الشك حول السلطة القضائية في العراق.

خامسا.الذراع الاعلامي والالكتروني
يشكل الاعلام، على اختلاف وسائله، سلطة رابعة الى جانب سلطات الدولة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية. وتكمن اهمية الاعلام في التأثير على الرأي العام الوطني والعالمي وتوجيه قناعات الافراد نحو وجة نظر معينة.
ورأينا كيف يمكن لصورة مفبركة معين من ان تشكل رأيا محددا يقود الى ازمة داخلية او دولية، ورأينا كيف ان بكاء فتاة تمثل دور الضحية قد قاد الامم المتحدة الى استخدام القوة ضد العراق في عام 1991. ثم يتضح فيما بعد أن الامر كله قد يكون مجرد تضليل اعلامي قائم على الكذب. لذا فقد اصبح من المعروف ان تتولى الاحزاب السياسية والمؤسسات الاخرى من اصدار صحف ومجلات أو قنوات فضائية بعد ان خفت دور الاذاعات المحلية والتي كانت سمة الانقلابات والثورات من خلال اذاعة البيان رقم واحد. و
وفي الدولة العميقة تلعب الذراع الاعلامية دورا كبيرا في تلميع صورة حكومات او شخصيات عامة اذا ماتحالفت معها، او ان تسعى الى تسقيطها اذا ماتعارضت معها. وهناك اجهزة متخصصة تشكل هذا الذراع وتمارس عملها بحرفية وقدرة عالية بفضل الموارد المالية الكبيرة التي خصصت لها.
وقد ظهر مؤخرا بفعل التطور بعدا اخر للاعلام من خلال الاتصالات الالكترونية وشبكات الانترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي المعروفة التي يصعب الاستغناء عنها والتي اخذت تمارس دورا كبيرا في الثورات التي شهدتها منطقة الشرق الاوسط خلال السنوات الخمس الماضية.
وفي حالة العراق، فقد كانت هناك عدد من الصحف والقنوات التلفزيونية المملوكة للدولة والتي لايزيد عددها اصابع اليد الواحدة. وبعد سقوط بغداد زاد عدد الصحف والقنوات الفضائية بشكل مهول، حيث بلغ عدد الصحف والمجلات 44 صحيفة ومجلة، فيما بلغ عدد القنوات التلفزيونية 51 قناة، والكثير من هذه الصحف والقنوات تمولها وتديرها احزاب معينة مرتبطة بدول اجنبية، او شخصيات معروفة بولائها للخارج. والاكثر من هذا ان قد استخدمت اموال العراق وثرواته كبلد نفطي غني لتمويل وسائل الاعلام هذه. وبعد ظهور وسائل الاتصال الالكتروني ظهرت الحاجة الى استخدام هذه الوسيلة ايضا من جانب والسيطرة عليها من جانب اخر، لاسيما وانها اصبحت وسيلة الشعوب للتخلص من حكامها الفاسدين ومتنفس كبير لها يعطيها مجال من الحرية الافتراضي. وهذه مادفع السلطات الحاكمة الى السعي للسيطرة على تلك الوسائل من خلال تجنيد جيش الكتروني واجبه التشويش وارباك مواقع وصفحات المعارضة، وهذا ما خلق ذراع الكتروني مرعب ، حتى وصل الامر برئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي ان يجند 3000 شاب للرد وكيل التهم والشتائم والتشويش على مواقع المعارضة وصفحاتهم الشخصية. وتطور الامر الى اختراق الصفحات الالكترونية والقرصنة عليها وغلقها او تقليدها وممارسه كل مايعرف اليوم بجرائم الانترنيت، مقابل اجور رخيصة قد لا تتجاوز 20 دولارا في اليوم الواحد لكل فرد من هولاء.

سادسا. الذراع التنفيذي والامني
ان من يعرف سياسيي عراق اليوم أو يلتقيهم سيخرج بانطباع واحد هو ان هولاء ليسوا هم حكام العراق الفعليين، فضعف امكانياتهم القيادية وضحالة مستواهم الفكري وتدني مستواهم العقلي وحتى الثقافي لا تؤهلهم لقيادة بلد مثل العراق، وسيخرج باستنتاج واحد لاغير، وهو ان هولاء ليسوا سوى مجموعة من الدمى ارتضت العمل بتوجيهات خارجية لتدمير العراق ارضا وشعبا وثروات، لغايات وبواعث غير وطنية.
والحقيقة ان هناك ذراعا تنفيذية قادرة على تنفيذ اجندات اجنبية، والى جانبها ذراع امنية تحميهم كجزء من خطة عمل مقررة سلفا. وتبعا لذلك، فقد شهد العراق وعلى مدى ثلاثين عاما تفجيرات كثيرة جدا، وحالات قتل واغتيال باسلحة تقليدية وكاتمة، وانتشرت الجريمة المنظمة في العراق، واتشر الارهاب بشكل رهيب بعد ان اصبح العراق ساحة استقطاب للارهابين من مختلف دول العالم، واتشرت حالات اختطاف الاشخاص وقتلهم أو ارتهانهم لطلب الفدية. واصبح العراقيون جميعا هدفا لمنظمات الجريمة بضمنهم كاتب هذه الدراسة الذي تعرض لانفجار سيارة مفخخة في 9/2/2007 بالعاصمة بغداد. وساد زمن تصفية الحسابات القديمة، ولم تسلم من ذلك حتى السفارات الدبلوماسية الاجنبية في العراق. فجرى تفجير السفارة الاردنية في العراق اغسطس/آب 2003، واختطف وقال السفير المصري في بغادايهاب الشريف في تموز/يوليو 2005. ومن الحوادث العراقية المشهودة خطف رئيس واعضاء اللجنة الاولمبية في بغداد، وخطف كادر دائرة البعثات العراقية، وتفجير وزارتي المالية والخارجية عام 2009. والغريب ان الكثير من افراد الجماعات والميلشيات المسلحة تستخدم شارة اجهزة الامن وتحمل اسلحتها وتستخدم آلياتها. مما يعطي انطباعا بان اجهزة الدولة التنفيذية والامنية مخترقة، وان هناك ذراعا تنفيذيا وامنيا للدولة العميقة في العراق. اما الذراع الاداري فتظهر بوجود قيادات ضعيفة طاعنة في السن، وعدم تفاعل الشعب معها بعد ان تمت تجربتها لاكثر من عقد من الزمن.
وقد تخصص أحد المواقع الالكترونية البريطانية وهو (Iraq Body count) باحصاء حوادث وضحايا العراق منذ عام 2003 وحتى الان، وقد تجاوز عدد التفجيرات في العراق (14) الف تفجير، فيما تجاوز عدد الضحايا(000 242) شخصا.

وهكذا فان تظاهرات الشعب العراقي لاكثر من خمس سنوات ضد الاوضاع المزرية والفساد لم تحقق أي نتائج تذكر، لان الدولة العميقة في العراق هي التي تقود وتوجه معظم مؤسسات الدولة دون ان يكون للاشخاص الذين تم جلبهم لحكم العراق أي قدرة على الخروج عن الاجندات المرسومة لهم واتخاذ القرار المهم، ناهيك عن التغيير، وهم اشخاص منزوعي الارادة، وكما ذكرنا فهم ليسوا اكثر من مجموعة من الدمى البشعة تستخدم لاخافة الناس لا أكثر، وضعفها واضح من خلال تذمرها من الاوضاع ومماطلتها في تنفيذ الاصلاحات المطلوبة، وهي لا تعتقد بانها سبب في الازمة. وغالبا ماتستخدم نظرية المؤامرة لتبرير اخفاقاتها. ومثا اي دمية تكون مرعية محمية يصعب المساس بها، لذا يكون افراد هذه الطبقة محصنون ويصعب المساس بهم، الافي حالة القوة القاهرة.

تفكيك الدولة العميقة:
من حيث المبدأ، فان تفكيك الدولة العميقة لايتم الا بتفكيك السبب الذي أوجدها أومن خلاله. كما انه ليس من السهل تفكيك الدولة العميقة. فالكثير من اجهزتها وافرادها يعملون في الخفاء. وبما أن البيروقراطية (كتلة الموظفين والعاملين في الدولة) هي الجزء الطافي، من هذه المنظومة، على السّطح، فإنها تبدو أكثر بنى الدولة العميقة فعاليّة وتأثيراً. هذه البيروقراطية يعتقد أفرادها أنهم المستهدفون بالتغيّير، لأن الثّورة، في عمق تمرّدها، تنطوي على رفض أداء الدولة على مختلف الصعد. ومن جهة ثانية، يعتقدون أنه سيجري إزاحتهم لصالح نمط عمل جديد، ستأتي به الثّورة، لن يكون في وسعهم التكيّف معه، بعد أن صرفوا سنوات عمرهم، وطاقاتهم، لينخرطوا في النّمط القديم، وغالباً أفراد هذه الفئة أكثر تماهيّاً مع النّظم الاستبدادية، بعد أن استبطنوا أساليبها وقيمها ومثلها، وبما أن الفساد يمثّل أبرز صفات ذلك النوع من الأنظمة، فمن الطبيعي أن تكون هذه الفئة قد انخرطت، بطريقة أو أخرى، في هذا الفساد، لا يهم، هنا، نسبة ودرجة تورطهم، لكنهم يخافون أن تنبش الثّورات، الأنظمة الجديدة، ملفاتهم الأمنية. ليس هؤلاء مع الثورة، حتى لو لم يحملوا السلاح ضدها، وحتى لو لم يعارضوها علناً، وقد يتعاطفون مع ضحاياها، لكن ذلك شيء، وأداؤهم شيء آخر. ثم إن لهم امتيازات ومصالح معينة، حصّلوها بطريقةٍ أو أخرى، نحن نتكلم عن أنظمةٍ، استقرّت وحكمت عقوداً، ومنحها ذلك الوقت القدرة على التحكّم في اختيار كوادرها، وتشكيلهم بما يتناسب وطريقة عملها، والمشكلة أن هذا الكادر يمتلك القدرة على تسيير أمور الدّولة، وإدامة فعاليتها على كل الصعد، ويستطيع تأخير وعرقلة إحلال التغيير، بل وقد يجعله مستحيلاً. فإن تفكيكها وتأهيلها للقيام بدور إيجابى فى بناء النظام الجديد قد يستغرق عدة سنوات، وهو أمر ينبغى ألا يقلقنا لأن الأهم فيه هو وضوح الهدف المتمثل فى تطهير الأجهزة لتمكينها من الإسهام فى بناء النظام على أسس سليمة ونظيفة وليس الإسهام فى قمع المجتمع والتستر على فساد حكامه. تكون دولة الثّورة أمام خيارين، ينطويان على مخاطر جمّة: الأول تفكيك بنى الدولة العميقة وهياكلها دفعة واحدة، وإحلال دولة الثّورة مكانها، وبذلك تتخلص الثّورة من الابتزاز، ومن احتمالات الثّورة المضادة، غير أنّ خطورة هذا الإجراء تتأتى من حصول الفوضى، وتعطّل فعالية النظام الجديد. الثاني: عقد تسوية مع الدولة العميقة، أو صياغة عقد اجتماعي، يضمن لها بعض مصالحها صراحة، بعدم المساس بأوضاعها القانونية وامتيازاتها، غير أنّ من شأن ذلك أن يؤدي إلى ابتلاع الدولة العميقة للثّورة، وهضمها، ثم تهميشها وعزلها، بعد أن يتم تحويلها إلى مجرد تمرد من الماضي. ويمكن الاشارة الى بعض الخطوات في هذا المجال، وهي:-
1. تفعيل الأغلبية الصامتة التي تحب الخير وتبغض الشر لكنها سلبية تماما. إذا فُعّلت هذه الأغلبية أصبحت أداة للموازنة في مقابلة جيش المنتفعين، وهو جيش جبان ما أن يرى الخطر حتى يغير جلده وانتمائه.
2. تولي الشخصيات القيادية واصحاب الخبرة التنظيمية لزمام المبادرة في التغيير القادم. وغالبا يصعب ايجاد هذه الفئة لسبب بسيط هو،أن طول أمد المستبد، يعني القضاء تلقائيا على كل قدرة قيادية منافسة سواء كانت منافسة ظاهرة أو منافسة كامنة. ومع ذلك فان الشعوب الحية قادرة على انجاب مثل هذه القيادات.
3. البحث عن دعم اقليمي أو دولي بديل عن الدعم الخارجي الذي تحظى به السلطة القائمة. فلا يمكن أن يبقى المستبد الفرد الذي سخر الوطن وقدراته لمصلحته الشخصية في الدولة العميقة إلا بدعم إقليمي أو دولي. وذلك لأن المستبد مثلما سخّر مؤسساته العسكرية والأمنية والإعلامية والمالية لمصلحته داخل الوطن، فإنه يسخر سياسته الخارجية من أجل أن يحظى بمزيد من الدعم من القوى الخارجية.
4. تفكيك الذراع المالي للدولة العميقة ممكن لكنه شديد الصعوبة لوجود صلات قرابة بين المسئولين السياسيين ورجال مال يجعلهم دوما في حالة دفاع مشترك عن بعضهم البعض. خطوات التفكيك يجب ان تبدأ اولا بتحديد مدى العلاقة بين رجال السلطة ورجال المال، ثم بعد ذلك يبدأ قطع الدغل من الخارج للداخل. هذه الطريقة مضمونة لكنها تحتاج لوجود قيادة سياسية مستقلة للبلاد ووزارة واسعة الصلاحيات ونائب عام مستقل وقضاء تم تطهيره.
5. كسب تأييد القوات المسلحة من الجيش والشرطة وتحييدها في الصراع باعتبارها غير مستهدفة وتوجيهها للوقوف الى جانب التغيير.
6. تفكيك الذراع السياسي للدولة العميقة، ويشبهها البعض بما تقول الأسطورة ان هرقل عندما كان يحارب الهيدرا –افعى ذات سبعة رؤوس- كلما قطع رأس انبتت مكانه سبعة اخرى حتى اهتدى لطريقة مبتكرة وهي كي مكان الرأس المقطوع حتى لا ينبت من جديد. هكذا يجب التعامل مع الدولة العميقة يجب ان تكي مكان كل رأس مقطوع حتى لا يعاود الظهور من جديد.
7. الاعتماد على قاعدة اعلامية شعبية تفضح خفايا الفساد وانتهاكات حقوق الانسان في الدولة العميقة، بما يخلق وعيا شعبيا جديدا، ورأيا عاما يدعو للتغيير.












المراجع
1. الدولة العميقة، ويكبيديا.
2. تعرف على مفهوم الدولة العميقة، شبكة التلفزيون العربي.
3. كاثرين فلاح، الشركات الفاعلة: الوضع القانوني للمرتزقة في النزاعات المسلحة، المجلة الدولية للصليب الاحمر، المجلد 88، العدد893، يونيو/حزيران 2006.
4. إيما نويلا-كيارا جيلار، الشركات تدخل الحرب، الشركات العسكرية والامنية الخاصة والقانون الدولي الانساني، المجلة الدولية للصليب الاحمر، المجلد 88، العدد893، يونيو/حزيران 2006.
5. يحيى اليحياوي، منظومة الدولة العميقة في ظل الربيع العربي،الجزيرة نت في 22/4/2014.
6. وحيد عبد المجيد، ماذا تعني"الدولة العميقة" في مصر؟ موقع قناة العربية في 10 يناير 2014.
7. غازي دحمان، كيف تنتصر الثورة على الدولة العميقة؟ موقع العربي الجديد في 3 ديسمبر 2014.
8. هيفاء زنكنة، حول الدولة العميقة والدولة السطحية، موقع القدس العربي في 9 فبراير 2015.
9. عبد الجبار الجبوري، العراق بين الدولة العميقة والحرب الناعمة، موقع كتابات في 11 ديسمبر 2015.
10. طاهر علوان، الدولة العميقة تنازع من اجل البقاء، موقع ميدل ايست اونلاين في 10/10/2015.
11. تركي الجاسر، الدولة العميقة ... كم هي عميقة؟ موقع المختصر في 28/12/2014.
12. د. جابر سعد الصافي، الدولة العميقة ومستقبل العراق، موقع شبكة اخبار الناصرية في 26/10/2013.
13. داود الجنابي، تشكيل الدولة العميقة في العراق، شبكة ذي قار.
14. د. هشام حسين بكر، الدولة العميقة، موقع الراكوبة في 27/7/2014.
15. عبد الصادق بومدين، الدولة العميقة والدولة الموازية، موقع ناظور سيتي.
16. ابراهيم السيد، ماهي الدولة العميقة؟ موقع مصر العربية في 30 تموز 2015.
17. الدولة العميقة ... تعريفها ونشأتها، موقع EGYPTDEEPSTATE.
18. الذراع السياسي للدولة العميقة، موقع EGYPTDEEPSTATE.
19. الذراع المالي للدولة العميقة، موقع EGYPTDEEPSTATE.



#رياض_السندي (هاشتاغ)       Riadh_Alsindy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تهنئة للانتهازيين
- العبادي وحكومته المشلولة
- صمت الكبار المريب
- الاعتصام في العراق -وجهة نظر قانونية-
- على اعتاب الثورة في العراق - الطموحات والمعوقات والحلول
- دولة الكهولة في العراق
- سفير العراق في نيويورك وازمة التوغل التركي
- ثورة لا انقلاب في العراق
- الفضائيون في وزارة الخارجية
- فشل الدبلوماسية العراقية في مجلس حقوق الانسان
- هوشيار زيباري خارج وزارة الخارجية
- سماسرة السياسة في العراق او هوش من زمن بوش
- هل ينظف اوباما قذارة بوش في العراق
- اسباب الانهيار السريع للسلطة في العراق


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض السندي - الدولة العميقة في العراق