أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مازن كم الماز - ماذا تعني كلمة -حكم سني- ؟















المزيد.....

ماذا تعني كلمة -حكم سني- ؟


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 5133 - 2016 / 4 / 15 - 03:59
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


عندما تحدث لافروف عن "حكم سني مرفوض" في سوريا لم يكلف الرجل نفسه عناء أن يشرح لنا ما الذي كان يقصده بقوله , و مثله فعل منتقديه الكثر .. كلام لافروف و ردود منتقديه لا تحل المشكلة , و لا يحلها أيضا وصف نظام الأسد بالعلوي أو الأقلوي كما يسميه معارضوه "العلمانيون" أو النصيري كما يسميه معارضوه الإسلاميون مضافا إليها أوصاف أخرى كالرافضي , الكافر الخ .. الواقع أن تسمية نظام الأسد بالنصيري أو العلوي يدفع للقلق و التشوش أكثر من أي شيء آخر .. إذا كان نظام الأسد نظاما علويا فكيف سيكون إذن النظام السني العتيد المنتظر .. إضافة وصف علوي , أقلوي , نصيري , رافضي , الخ , إلى نظام الأسد يفترض أنها شتيمة , هذا مفهوم عندما يفعله الإسلاميون , أما بالنسبة للعلمانيين فالموضوع يتعلق على ما يبدو بفكرة الأقلية و الأكثرية , أي بالديمقراطية التي يؤمن بها هؤلاء المعارضون العلمانيون , المنطق الديمقراطي لهؤلاء بسيط جدا : السنة هم الأكثرية , الحكم الديمقراطي يجب أن يكون أكثريا , أي سنيا .. قد يبدو الموضوع بسيطا , لكنه ليس كذلك في الواقع , لأن أية محاولة لتعريف "السنة" كطائفة , ناهيك عن النظام السني العتيد , تبدو مستحيلة إلا وفق التعريف اللاهوتي , التأريخي , من دون ذلك التعريف اللاهوتي لن يمكن أبدا فهم "السنة" كطائفة , كشيء قابل للفهم و التحديد , سيكون من المستحيل تخيل أو فهم المصالح المشتركة بين كل أفراد طائفة أهل السنة و الجماعة , بين أغنياؤهم وفقراؤهم , بين سادتهم و عامتهم ؟ ماذا يعني أن تكون سنيا ؟ .. مرة أخرى الإسلاميون وحدهم من يمكنه تقديم جواب على هذا السؤال .. لا يمكن عمليا فهم ما يسمى بأهل السنة و الجماعة من دون عائشة و الصحابة و أبي بكر و عمر , تماما كما لا يمكن فهم أو تحديد ما يسمى بالشيعة من دون أهل البيت و زينب و الحسين الخ ... الحقيقة أن التعريف الوحيد الممكن للطائفة يرتبط تحديدا بتلك الأسماء التي عاشت قبلنا بأكثر من ألف عام , بموالاة بعضها و كراهية بعضها الآخر .. من دون تلك الأسماء لا وجود للطوائف أصلا ... و هذا مأزق حقيقي أكثر منه مخرج أو مدخل لفهم الطائفة و الطائفية .. كيف يمكن لمحبة أو كراهية أشخاص عاشوا قبل ألف عام أو تزيد أن تكون أساسا لتعريف مجموعة من البشر , و أساسا للحياة السياسية و الفكرية و حتى الأمنية و العسكرية لمجتمعات بأكملها , أن تكون أساسا أو تعريفا لسلطة قائمة أو مستقبلية , و مبررا لارتكاب مجازر بحق آلاف مؤلفة من البشر كل ذنبهم هو أنهم يحبون الأشخاص الذين نكرههم أو يكرهون الأشخاص الذين نحبهم , لأنهم ولدوا كذلك , كلمة أشخاص هنا مجرد اصطلاح مجازي لأسماء مجهولة تماما بالنسبة لنا يفترض أنها عاشت في وقت ما , لكنها أسماء أو شخصيات معاصرة جدا أكثر منا نحن الذين نعيش فعلا في الحاضر , لأننا نعيش الحاضر فقط من خلال أولئك الموتى , لأن كل شيء في وعينا و حياتنا و حياة جيراننا , المختلفين , يحدده موقفنا من أولئك الموتى , بما في ذلك بل ربما أولا و قبل أي شيء : حقنا و حق جيراننا في الحياة .. قد يبدو هذا الكلام هراءا أو هذيانا , لكنه هذيان حقيقي جدا .. هراء حقيقي جدا ... يردده الجميع دون استنثاء ... حتى يبدو و كأنه أكثر الأشياء واقعية اليوم ... لا بد هنا من استطراد تاريخي لمحاولة تفكيك المسألة العويصة و المصيرية التي نحن بصددها .. فالطائفة منتج متأخر على حياة من تنسب إليهم , على العصر الذي عاش فيه الصحابة و أئمة آل البيت و أمهات المؤمنين .. صحيح أن هؤلاء اختلفوا فيم بينهم , أنهم حاربوا بعضهم البعض و قتلوا بعضهم البعض في سبيل السلطة , لكن الطوائف لم تظهر في ذلك الوقت الذي فعلوا فيه ذلك كله .. كانت التشكيلات الأولى داخل الإسلام سياسة بامتياز , سميت يومها بالفرق , و كانت كل الفرق الأولى معارضة للسلطة الحاكمة في الدولة العربية الإسلامية الأولى : من الخوارج إلى الشيعة خاصة الزيدية , و معهم فرق الغلاة و القدريين الأوائل .. كانت بنية الفرقة فضفاضة جدا , متحركة , كان بإمكان أي فرد أن ينتمي لأي فرقة حسب قناعته و لم يكن الانتماء للفرقة ينتقل بالوراثة من الآلاء إلى الأبناء , كان ذلك قرارا فرديا حرا يعبر عن قناعة شخصية .. في ذلك الوقت بقيت المؤسسة الدينية الناشئة أيضا مصدر إزعاج مستمر للسلطة الحاكمة .. كانت هذه المؤسسة الدينية إما معارضة أو متفرجة على الصراعات الدامية على السلطة , و قلما وقف رجال الدين الأوائل إلى جانب السلطة , كانت تلك أياما عصيبة على أوائل السلاطين أو الملوك , ما سمي في تاريخنا بالملك العضوض .. ما عدا بعض رجال الدين الذين رفضوا إدانة السلطة و برروا لها أحيانا أفعالها , كان رجال الدين الأوائل يرفضون تسلط بني أمية و استبدادهم و قمعهم , بمن في ذلك أبرز الشخصيات التي ستحسب فيما بعد على طائفة أهل السنة و الجماعة كأنس بن مالك و أبي حنيفة النعمان .. كان وصول العباسيين إلى السلطة ذا نتائج عميقة في بنية الدولة و فلسفتها و علاقتها بمن تحكمهم .. بعد فترة مؤقتة من الحرية الدينية أنتجت مدارس الفكر المعتزلي و الفلسفي , الفرق الوحيدة التي يمكنها أن تزدهر في جو الدعاية و التفكير و الحوار الحر و المنفتح , الفرق الوحيدة التي كان بإمكانها مجادلة "خصوم" الإسلام و منتقديه و غير المؤمنين به باستخدام "العقل" و الجدل العقلي , بدأت السلطة العباسية بعملية معقدة ل"تأميم" الدين لصالحها .. بدأها المأمون بفرضه العقيدة المعتزلية كمذهب رسمي للدولة .. صحيح أن خليفته المتوكل سينقلب على المعتزلة , لكنه بذلك سيستكمل عمليا ما بدأه المأمون , و سينجزه أخيرا الخليفة القادر بإصداره بيانه الشهير الذي "سيحدد" تفاصيل "الإيمان الصحيح" , "السني" .. بعد أن كان على "خلفاء" بني أمية أن يقمعوا و يشتروا رجال الدين فردا فردا و أن يحاولوا احتواء المؤسسة الدينية التي بقيت محايدة أو معارضة طوال فترة حكمهم , أصبح الخليفة هو من يحدد "الإيمان الصحيح" الذي سيلتزم به كل رجال الدين "السنة" عمليا , لقد جرى أخيرا تأميم الدين لصالح السلطة .. و بدلا من العصبية العربية التي استخدمها الأمويون لحشد جيوشهم لفتوحاتهم في الخارج و قمع معارضيهم في الداخل ستحل العصبية المذهبية عنوانا للدولة العباسية و دول المماليك المتعاقبة التي ورثتها منذ انقلاب العسكر الأتراك على المتوكل .. ستسمي كل سلطة "مذهبها الرسمي" و ستقوم بملاحقة الفرق المعارضة و تدريجيا سيتحول الناس إلى اعتناق المذهب الرسمي للسلطة و ستختفي الفرق المعارضة إلا من بعض الجزر المعزولة المحاصرة وسط بحر من أتباع مذهب السلطة حسب تعبير هادي العلوي , و تدريجيا ستتشكل الخارطة الطائفية الحالية للشرق : ما عدا العراق و إيران التي تبنى حكامها المتأخرين المذهب الاثني عشري و نشروه بقوة القمع ذاتها , سيصبح أهل السنة و الجماعة , المذهب الرسمي للامبراطورية العثمانية , مذهب "أكثرية" مسلمي الشرق , و بدلا من الفرق الإسلامية الأولى المتحركة و المتغيرة التي كان الانتساب إليها قرارا فرديا و طوعيا سيصبح الانتماء إلى "الطائفة" أمرا "إلزاميا" , يكتسب بالولادة , بالوراثة .. إذا كانت الطوائف قد تشكلت بفعل قرارات سلطوية لسلطات ماضية و لأغراض سلطوية تحديدا , فإنها قد عملت على إعادة إنتاج نفسها من خلال عملية تلقين تعريفها لنفسها لأفرادها و لأبنائهم , تلقينهم سرديتها الخاصة عن ماضيها البعيد , مع طقوسها الخاصة .. لكن بجانب دورها السلطوي , و منشئها السلطوي , كان للطائفة بشكلها المغلق الوراثي الماضوي دورا آخر يتعلق بالناس أنفسهم : فبحسب عبد الله العروي قدمت الطائفة , إلى جانب "مؤسسات" أخرى أهمها العشيرة , "الحماية" لأفرادها أمام تغول السلطة التي امتلكت سلطات مطلقة غير محدودة على الأفراد .. و في هذا لا تختلف الدولة العربية أو المشرقية الحديثة عن سلفها القروسطي , سواء في اعتمادها على "العصبية" حسب تشخيص ابن خلدون , أو في سلطتها المطلقة على كل شيء ... و هكذا فإن الحجاج , رغم ارتباطه بالسردية السنية عن تاريخ الإسلام , لكنه شيعي بقدر ما هو سني , بل و علماني أيضا , إنه الرمز الفعلي للدولة العربية القروسطية و الحديثة في نفس الوقت , إنه حقيقتها و تجسيدها الأكمل .. لا تعني هيمنة الطائفية اليوم فقط أننا ما نزال نعيش فكريا , عقليا , عقائديا , في الماضي , أننا نعيش الماضي في الحاضر , بل أننا ما نزال في العصور الوسطى سياسيا و اجتماعيا أيضا , أن نفس الدولة ما تزال هي التي تحكمنا اليوم أيضا ... الحكم السني هنا ليس استثناءا , تماما كما هو الحكم "الشيعي" ... ليس فقط تحليل النخب و مقاربتها "لواقعنا" أو "بدائلها" عن هذا الواقع , بل الوعي الشعبي أيضا , لا يمكنه تصور إلا "دولة" واحدة , شكل واحد "للدولة" , على شكل هرم يوجد على رأسها الأسد أو صدام أو معارضيهم , دول لا تختلف إلا في من يحتل رأس ذلك الهرم ... هكذا يتشابه عراق صدام مع عراق ما بعد صدام , النظام الإيراني مع النظام السعودي , الحكم السني مع الحكم الشيعي ...



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة من سجن مازاس - كليمينت دوفال
- فوضويون خطرون
- النقد اليساري التحرري لليمين الليبرتاري : جورج أورويل ضد فري ...
- هاملت السوري - مشهد مسرحي يومي و تاريخي
- تشارلز بوكوفسكي عن الرقابة
- دول التشيكا : من إيفان الرهيب إلى بوتين , من الحجاج إلى .... ...
- أيها الإخوة المواطنون - خطاب بمناسبة الذكرى الخامسة للثورة
- الوصايا العشرة للبقاء على قيد الحياة
- الزعيم الخالد
- عن الكفر و الكفار , و العياذ بالله
- و مما قيل في الذباب
- نجيب سرور ينعي الفقيد الراحل
- عندما حاولت أن أكون -موضوعيا-
- الأسباب العديدة المحتملة للثورة السورية
- حفلة سمر من أجل مضايا
- عن إيلان الكردي أو المسلم أو السوري
- اعترافات غير ثورية
- رأس نمر النمر كما يراه المثقف السوري المعارض
- -هم- و -نحن- , -تاريخهم- و -تاريخنا-
- فلسطين , سجننا المزدوج


المزيد.....




- بلينكن يزور السعودية ومصر.. وهذه بعض تفاصيل الصفقة التي سينا ...
- في جولة جديدة إلى الشرق الأوسط.. بلينكن يزور السعودية ومصر ل ...
- رغد صدام حسين تستذكر بلسان والدها جريمة -بوش الصغير- (فيديو) ...
- فرنسا وسر الطلقة الأولى ضد القذافي!
- السعودية.. حافلة تقل طالبات من جامعة أم القرى تتعرض لحادث مر ...
- -البديل من أجل ألمانيا- يطالب برلين بالاعتراف بإعادة انتخاب ...
- دولة عربية تتربع على عرش قائمة -الدول ذات التاريخ الأغنى-
- احتجاج -التظاهر بالموت- في إسبانيا تنديداً بوحشية الحرب على ...
- إنقاذ سلحفاة مائية ابتعدت عن البحر في السعودية (فيديو)
- القيادة الأمريكية الوسطى تعلن تدمير 7 صواريخ و3 طائرات مسيرة ...


المزيد.....

- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد
- تشظي الهوية السورية بين ثالوث الاستبداد والفساد والعنف الهمج ... / محمد شيخ أحمد
- في المنفى، وفي الوطن والعالم، والكتابة / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مازن كم الماز - ماذا تعني كلمة -حكم سني- ؟