أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد كاظم غلوم - من أجل حلٍّ يعتمد الهويّة العراقية حصراً















المزيد.....

من أجل حلٍّ يعتمد الهويّة العراقية حصراً


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 5133 - 2016 / 4 / 14 - 01:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حين يطغى رجال المنافع والأطماع ومقايضو الدين بالمال والسلاح وأذيالهم من رجال السياسة الخانعين والمنتفعين المستحوذين على كل شيء في مرافق الدولة وتستولي الأذرع الناشبة أظفارها التي تحركها الانتلجنسيا الاثنية السليطة اللسان على الجهلة والمغفّـلين ، وتزرع في اذهان الواهمين وردا في الخيال دون ان يبذروا شيئا في ارض الواقع وينسحب المشروع الديني والقانون القبلي والعشائري الى مفاصل المجتمع كله ويرتجف القانون المدني هلعا خائفا وترتعش يده جبنا من مجرم رعديد ومليشيوي مستهتر وبرضخ الاقتصاد والمال للصوص نهمة وحرامية من الدرجة السافلة التي لاتمتلك حتى قطرة حياء عندما ترى فقيرا جائعا فتنهب منه كسرة خبزه عنوةً دون اي استحياء من النفس ومن الاخرين وبلا ايّ خوف من العقاب ، ويهيمن السماسرة والمزيّفون وأرباب السوابق والظلاميون على التجارة والزراعة والصناعة والتعليم لتخريب تلك الانشطة بشكل متعمد وبصلافة لامثيل لها ؛ ويستحوذ على السلطات الثلاث جهّال ومتهورون ورجال جوف لايمتلكون علما ولا ادبا ولا دراية ولا أخلاقاً رفيعةً ويفتقدون الى المران والدربة ويسيّر الثقافة والاعلام شخوص لايجيدون حتى كتابة مقال صغير او هامش سليم القراءة ويسيّره على هواه ووفق قناعاته واجنداته وتختفي الخطط التنموية ويتعطل النشاط التنويري ويتشتت الشعب هجرةً ونزوحا وتتهدم مدنه ومعالمه الحيوية بفعل القذائف والصواريخ وتكون بقاعه كلها او معظمها ساحات قتال وبرك دماء ويتوغل برابرة أنذال ووحوش بشرية ويحتلون مدنا بأكملها ويفسدون في الارض ويدمرون إرثها ومتاحفها العتيدة العريقة وينتهكون أعراض نسوتها سبْـيَـا ورقّا ونخاسةً فما علينا الاّ تحضير جنازة وطن ، فها هو ينازع الموت محتضرا وفي احسن الاحوال ميّت سريريا
ومن اين لي ان آتي بأولاده وذريته الذين تشتتوا في مشارق الارض ومغاربها بالسرعة القصوى لاستعادة أنفاسه ويقظته وهم كثرة كاثرة مطبّبون ونطاسيون بارعون وبنّاؤون ماهرون مخلصون ومعماريون من الطراز الأرفع ومفكرون وأدباء ومصلحون وقادة عسكريون وساسة مخططون بكياسة ومرانٍ طويل وخبراء من كل صنف يبنون اوطان الغير وينسون بلادهم ويغفلون عن رؤية منبتهم ومهوى صباهم ومسقط رؤوسهم تتناهبه الاسافل والاراذل وتلعب بمقدراته اصناف اقرب منها للوحوش منها الى صنف البشر في مسالكها الكريهة ؟؟
وهل يأتي اكثر من سبعة آلاف طبيب – مثالاً لاحصراً-- يعيشون في بريطانيا وحدها يمارسون مهنتهم على أتمّ وجه منهم اكثر من ستمئة اخصائي متمرس حاذق له بصمات واضحة وابتكارات علاجية تثير الإعجاب حقا ومن هؤلاء من كان يعدّ العدة للعودة الى بلاده فور سقوط الدكتاتورية الصدامية وقد اخبرني احدهم وهو صديق وقريب لي من ذوي الكفاءات وقتذاك انه عازم على تصفية أعماله وبيع ممتلكاته ويباشر بحزم حقائبه مقررا المجيء مع بعض زملائه للاستقرار في بلاده التي تركها مرغما لكن الرياح السياسية الاسوأ والاكثر عصفا من الدكتاتورية قد غيّرت مسار هذا التوجّه وكأن صروح آمالنا قد هوت وتهدمت امام انظارنا فزعا مهولا
فما أذكره مثالا بسيطا من الخبرة العراقية في مجال الطب وعلومه المرتبطة به هو غيض من فيض الخبرات والعقول العراقية الوثّابة التي لاترضى الاّ الابتكار والاكتشاف الجديد في مجالات عملها
هذا العدد من الاطباء في انجلترا وحدها ربما يكون قليلا امام الالاف المؤلفة من الاختصاصيين في مجالات العلوم البحتة في الفيزياء والكيمياء والهندسة وعلوم الفلك والصناعات النفطية والبتروكيمياوية وحتى التسليحية الذي كان يزخر العراق بهم وهي كفيلة بان يشيّد بناءً تحتيا رصينا تحت إشراف تكنوقراط المعماريين وخبراء النفط والصناعيين وعلماء حقول الذرة سلميا وبناء مفاعلات لتجهيز الطاقة والكهرباء ( التي نستجديهما الان من دول الجوار ) باعتبارهما عصب التطور والانماء والارتقاء وفرش البلاد بسجادة خضراء وتنمية زراعية ومشاريع ريّ ضخمة وإصلاح السدود التي ترعبنا باحتمال انهيارها وتأهيل البحيرات الصناعية واغداقها بالماء من الفراتين والاستفادة منها عند انحسار دجلة والفرات من اجل اقامة بناء تحتي رصين يعزز الصناعة والزراعة ويعيد البيت العراقي ليؤثث من ثراء منتوجاته ويعرف العالم كلّه تماما ان العقل العراقي يعتبر من العقول الاكثر تأثيرا وابداعا وانتاجا ونبوغا متميزا في هذه المعمورة لكنه غائب الان عنّا فما أطول غيبته وما أمرّ انتظاره منقذاً مخلِّصا !!
ولست في حاجة الى العودة الى زمنٍ غير بعيد عنا ولنتذكر باننا كنّا نبني جدران بيوتنا من معامل الطابوق الواسعة عندنا ونسقّف غرفنا وسطوحنا من شيش التسليح المصنوع من شركة الحديد والصلب في البصرة ونستلم السمنت العراقي في معامله المنتشرة في معظم محافظاته ونرصف بلاط أرضنا من قطع الكاشي والموزائيك العراقي الصنع ثم نفرشه بالسجاد العراقي الفاخر المتميز ونخيط ملابسنا من غزل ونسيج مصانعنا الكثيرة ونأكل زرعنا من أرضنا طعاما سائغا وما يتبقى منه فاكهة وخضارا فائضا يعاد تصنيعه كمربّيات ومعلّبات في معامل تعليب كربلاء وديالى ولا اغالي لو قلت اننا كنا نفتح البّراد العراقي الصنع نوع " عشتار " ونرى ما لذّ وطاب في أحشائه من منتوجات عراقيّة صرفة حتى كنا نعرف نوع الطبخة من عتبة باب البيت عندما ندخل حين تعبق رائحة الرز العنبر ونحن على بعد عدة امتار من مطابخنا
اما عن أدبائنا وكتّابنا وفنانينا فان التميّز والابداع والتجديد صفة دائمة فيهم وهاهو العراق اليوم شبه فارغ من مبدعيه وأهجس كم ستكون بلادي تمتلك بناءً فوقيا زاخرا بالفكر السليم النيّر والابداع المشع والثقافة البارزة لو اقبل ذوو الفكر المجدد المبتكر لاعادة الالق الثقافي العراقي كسابق عهده
ان التحام وعناق البناء التحتي مع البناء الفوقي الراسخ الاتي من العقل العراقي المنتج في الشتات والذي يفتقر اليه اهلهم في الداخل كفيلان لاعادة عجلة التقدم والنماء ووضعها في مكانها الصحيح والطريق المرسوم لها وهذا هو الامل الذي نعوّل عليه من اجل خلق نمط عراقيّ متميز دون ان نتكئ على اعمدة واهية ونتوسل الجوار وغير الجوار لمدّ يد العون الينا ؛ فما حكّ جلدك غير ظفرك وما يُعلي همّتك ومقامك غير جناحك وما يرفع ثقالك غير ظهرك
لابد من ارساء دعائم مشروع عراقي تنتجه ايادٍ عراقية تتناسى يوما انها امتدت لتضرب اخاها العراقيّ في حالة لم يكن العراقيّ بكامل عقله بسبب انجراره وراء أهوائه ورعونته العنصرية او الطائفية مخدوعا من زمرة غير سليمة الطويّة تعتاش على الإثرة والاستحواذ بدلا من الايثار والتضحيات وتستغل الجهلاء والموتورين وطالبي الثأر وكابتي الضغائن وحائكي المكائد لاجل تمزيق ثوب العراق الزاهي وتعتيم ألوانه وأطيافه
هذا هو الحلّ الاوحد للخروج من المأزق وهو ارساء مشروع عراقي محض يتوزع في نشاطاته ليشمل اعادة انماء وتطوير الاقتصاد بكل فروعه الصناعية والزراعية والتجارية ومن ثمّ خلق قاعدة امنية واسعة لبناء الجيش والشرطة على ركائز عراقية فقط من خلال الخبراء العسكريين المشتتين الان في الخارج والمهمشين في الداخل فهم يمتلكون مرانا ودربة سابقة وتفتيت قوى الدمج التي اضعفت الامن الداخلي وارخت زمامه والقضاء كليا على اية نشاطات مليشياوية تقفز على القانون وتتسلط وتعلو على قوى الامن الداخلي وتزيح الجيش النظامي عن اداء مهامه فالتطور والاعمار والنهوض لايتم في ظروف امنية مربكة وقوى خارج اطار الدولة ومنفلتة من القانون وتتمادى في اختراق مهام القطعات العسكرية للدولة وتقليص سطوتها من قبل الأحزاب الاثنية وميليشياته ولابأس من الاستعانة بالدول الصديقة تسليحا وتقنية عسكرية فقط دون ان نزجّها لتندسّ بين صفوفنا وتعيد لخبطة اوراقنا ، فنحن فقط من نريد ترتيب اوراقنا وحدنا
مثل هذه القاعدة الامنية العراقية المحضة قادرة على تقوية الامن الداخلي ومسكه بصلابة لتقضي على كل المظاهر الشاذة بدءا من التدخلات الخارجية وتطهير المدن من غزاة الدواعش وغزاة دول الجوار وغير الجوار وبنفس الوقت تتحرك عجلات المشاريع العراقية الاخرى لتأخذ دورها وتبدأ شوطها من اول انطلاقتها
لسنا عاجزين لكننا لم نرَ الايدي والعقول النزيهة والنظيفة هنا ، فمتى تجيئون الينا ايها البعيدون ؟؟
لدينا القاعدة الصلبة والإرث الحضاري والمال والعقل الناجز فماذا ننتظر لنكمل مشروعنا العراقيّ ؟؟
اما من مبادر لننطلق شوطا متسارعا للوصول الى هدف سامٍ ونبدأ مشروعنا العراقي بصرحهِ الجديد ونضع اللبنة الاولى له بسواعد وعقول ورأسمال من ثروة العراق الكنز عقلاً ومالاً وسواعد صلبة ومبدعة معاً ؟؟
اسئلة سيجيب عليها حتما العقلاء النابهون من ابناء بلدي بصورة صحيحة ليتحصلوا على درجة النجاح الفائقة وهذا يقيني بابناء بلدي البُناة الحاذقين فلا تخيّبوا آمالنا أكثر من الخيبات التي مررنا بها
[email protected]



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شرُّ خلَفٍ لأشرّ سلَف
- رفقتي مع شاعرٍ معمّم
- أنا - متعوّذا بالحروف - ضمير غير منفصل عن الشعر
- مُدوّنو التأريخ بين مطامع السلطة والخوف منها
- منازعات ستيف جوبز قبيل الرمق الاخير
- قصيدة بعنوان - أملٌ كذوب -
- حروفي الولهى إليهن / بمناسبة عيد المرأة
- عربة الترويكا والحصان العراقيّ
- مجرمو وخوَنة الشعر
- جهشةُ بكاءٍ قبيل النزَع الأخير
- هكذا تعتاش الصديقة الحميمة تركيا على مصائبنا
- هل أصبح الفيسبوك والمواقع الاجتماعية مواخير لمرتاديها ؟؟
- قصيدةٌ بعنوان - نسيجٌ ناصع -
- وإذا العشيقةُ وهبتْ
- أنا وصديقي الحميم أخصائيّ أمراض القلب
- هل من مؤشرات لتشديد قوانين الهجرة والإقامة في اوروبا ؟؟
- فياغرا شعرية لشيخ عاشق
- انتظارٌ وصداعٌ أمام بوابة التفتيش
- أيها الآباء والأمهات كفّوا عن إغراق أطفالكم
- هل سترقص الديمقراطية فرحا في العراق ؟؟


المزيد.....




- كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما ...
- على الخريطة.. حجم قواعد أمريكا بالمنطقة وقربها من الميليشيات ...
- بيسكوف: السلطات الفرنسية تقوض أسس نظامها القانوني
- وزير الداخلية اللبناني يكشف عن تفصيل تشير إلى -بصمات- الموسا ...
- مطرب مصري يرد على منتقدي استعراضه سيارته الفارهة
- خصائص الصاروخ -إر – 500 – إسكندر- الروسي الذي دمّر مركز القي ...
- قادة الاتحاد الأوروبي يتفقون على عقوبات جديدة ضد إيران
- سلطنة عمان.. ارتفاع عدد وفيات المنخفض الجوي إلى 21 بينهم 12 ...
- جنرال أوكراني متقاعد يكشف سبب عجز قوات كييف بمنطقة تشاسوف يا ...
- انطلاق المنتدى العالمي لمدرسي الروسية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد كاظم غلوم - من أجل حلٍّ يعتمد الهويّة العراقية حصراً