أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - طارق المهدوي - جوليو ريجيني...شيوعي آخر يدشن نضاله بمصرعه















المزيد.....

جوليو ريجيني...شيوعي آخر يدشن نضاله بمصرعه


طارق المهدوي

الحوار المتمدن-العدد: 5132 - 2016 / 4 / 13 - 17:24
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


جوليو ريجيني...شيوعي آخر يدشن نضاله بمصرعه
طارق المهدوي
(1)
كان عام 1967 فارقاً بالنسبة لحكم تنظيم "الضباط الأحرار" الذي هو الامتداد المعدل لجمعية "الحرس الحديدي" النازية المصرية عقب تعرضه إلى هزيمة مهينة أسفرت عن احتلال قوات العدو الصهيوني لثلث مساحة الأرض المصرية في ستة أيام، ولما كان الشيوعيون المصريون قد حلوا حزبهم قبل ذلك التاريخ بعامين اثنين تحت خليط من الانحرافات والضغوط معاً، حيث تمثلت أبرز الانحرافات في وجود أقليتين حزبيتين نافذتين ومؤثرتين داخل صفوف المكتب السياسي واللجنة المركزية إحداهما انتهازية تابعة إلى الأجهزة الأمنية والأخرى انهزامية تابعة للحركة الصهيونية، بينما تمثلت أبرز الضغوط في اضطرار أغلب قيادات وكوادر وأعضاء الحزب المستقلين عن الأجهزة الأمنية والحركة الصهيونية إلى القبول على مضض بالضغط المعنوي لتمرير خديعة توحيد الصف الوطني، التي كان مفادها هو ضرورة تنحية الخلافات السياسية بين كافة القوى الوطنية والقومية حتى تتكاتف خلف الجيش المصري فتمنحه الأجواء المعنوية اللازمة كي ينتصر على العدو الصهيوني مرة واحدة وإلى الأبد، لذلك فإن هزيمة الجيش المهينة في عام 1967 بما واكبها ونتج عنها من استياء وطني وقومي عام على الساحة المصرية أصابت هؤلاء الشيوعيين المستقلين المخدوعين بصدمة قوية أفاقتهم من غيبوبتهم، ليعاودوا ترتيب صفوفهم مجدداً فيما أصبح معروفاً لدى المؤرخين باسم الحركة الشيوعية المصرية الثالثة التي بدأت عام 1967 في عدة خلايا وحلقات سرعان ما التقت مع بعضها والتفت حول تنظيمين رئيسيين هما 8 يناير والعمال، اللذين نجحا مجتمعين ومنفصلين في تحقيق بعض الانجازات الهامة على مختلف الأصعدة الوطنية والقومية والديمقراطية والاجتماعية إلى درجة أزعجت كثيراً كل من الطرفين المعاديين المتمثلين بالأجهزة الأمنية والحركة الصهيونية، لياتي ردهما عبر تكليف توابعهما داخل أوساط الشيوعيين المصريين وحولها لإنشاء تنظيم "الانتصار" عام 1975 يليه حزب "التجمع" عام 1976، مع منح أولئك التوابع كل الامكانات والامتيازات والإغراءات المالية والأدبية والمهنية والخدمية والترفيهية التي يمكنهم استخدامها وصولاً إلى سحب البساط الجماهيري من تحت أقدام الشيوعيين المستقلين، الأمر الذي تحقق نسبياً مع بداية تسعينيات القرن العشرين لاسيما في ظل مواصلة الأجهزة الأمنية والحركة الصهيونية لملاحقة هؤلاء الشيوعيين المستقلين عبر شرور السيطرة الرامية إلى تصفيتهم وتقييدهم وإنهاكهم وتطويقهم، إلا أنه لم يستمر سوى عقد زمني واحد حيث كان نظام الحكم المصري قد أوغل بحلول القرن الواحد والعشرين في ممارساته الاستفزازية المكشوفة، وعلى رأسها فساده وتواطؤه مع المخططات الاستعمارية (الأمريكية والأطلسية والصهيونية) ومع المخططات الوهابية (السلفية والإخوانية والجهادية) ضد الحقوق والمصالح المصرية والعربية، إلى درجة شكلت صدمة قوية جديدة أصابت الشيوعيين المصريين المستقلين فأفاقتهم مرة أخرى من غيبوبتهم ليعاودوا ترتيب صفوفهم مجدداً فيما أصبح معروفاً الآن باسم الحركة الشيوعية المصرية الرابعة، ذات الحظ الأسوأ من سابقاتها سواء بسبب صعوبة ظروفها الذاتية أو بسبب الطبيعة غير المواتية للظروف الموضوعية المحيطة بها، من عربدة أمريكية وأطلسية وصهيونية وسلفية وإخوانية وجهادية وأمنية على مختلف الساحات العالمية والإقليمية والمحلية بما فيها ساحة اليسار المصري التي لم تزل تئن أيضاً تحت وطأة عربدة تنظيم "الانتصار" وحزب "التجمع"، لاسيما في ظل اتفاق أولئك المعربدين جميعاً رغم خلافاتهم البينية العديدة على التربص بالشيوعيين المصريين المستقلين وحصارهم بهدف السيطرة إن لم يكن القضاء عليهم كلياً، حيث استخدم المعربدون في تربصهم وحصارهم كافة الأسلحة والأدوات والألاعيب القذرة الشريرة التي كانت إحدى تجلياتها هي واقعة الشيوعي الإيطالي الشاب "جوليو ريجيني"، بما ظل مخبوءاً داخل طياتها من أسرار خطيرة سنحاول في السطور التالية كشف المتيسر منها حسب القواسم المشتركة بين مختلف التسريبات المعلوماتية ذات المصداقية!!.
(2)
في شهر يوليو 2015 تعرض مبنى تابع للقنصلية الإيطالية بالقاهرة إلى حادث تفجير مريب عبر استخدام سيارة مفخخة، مما أسفر عن مصرع شخص واحد وإصابة العشرات وانهيار كامل لأحد جوانب المبنى رغم وقوعه داخل منطقة وسط العاصمة الخاضعة للحراسة العسكرية والشرطية المشددة، واضطر الجانب الإيطالي إلى القبول على مضض بأكاذيب الأجهزة الأمنية المصرية حول مسئولية الجهاديين عن حادث التفجير رغم وضوح ارتباطه بخلافات الحكومتين المصرية والإيطالية في الشأن الليبي، وقبل مرور شهرين على حادث تفجير القنصلية بما تركه لدى الجانب الإيطالي من علامات استفهام واستنكار حائرة مازالت تلاحق الأجهزة الأمنية المصرية، استقبلت القاهرة وافداً شيوعياً إيطالياً جديداً اسمه "جوليو ريجيني" يبلغ الثامنة والعشرين من عمره ويتحدث اللغة العربية مع ثلاث لغات أخرى غير الإيطالية التي هي لغة بلده الأم، مكلفاً بإجراء الجزء التطبيقي من بحثه المسجل لنيل درجة الدكتوراه في كلية جيرتون التابعة لجامعة كامبريدج البريطانية حول تجربة الاتحادات والنقابات العمالية المصرية المستقلة، وسرعان ما التحق بالجامعة الأمريكية في القاهرة كباحث زائر مع إرساله لبعض المقالات إلى جريدة المانيفستو الإيطالية كأنشطة مهنية إضافية تزيد من دخله المالي بشكل مشروع، دون أن تؤثر على هدفه الأساسي المتمثل في متابعة الحركة العمالية المصرية المستقلة سواء عبر حضور كل الأنشطة ذات الصلة بها من مؤتمرات وندوات واجتماعات وورش بحثية وما شابه، أو عبر مقابلة كل الأشخاص ذوي الصلة بها من نقابيين وحقوقيين وأكاديميين وإعلاميين إلى جانب السياسيين الذين كان في مقدمتهم الشيوعيين المستقلين باعتبارهم يضعون الحركة العمالية على رأس اهتماماتهم، ولما كانت معلومات الأمن الخارجي المصري عن هوية ريجيني قد سبقت وصوله إلى القاهرة ثم أكدتها تحريات الأمن الداخلي عقب وصوله فقد تم وضعه قيد المراقبة اللصيقة على مدار الساعة، حيث استخدمت الأجهزة الأمنية أدواتها التجسسية المتعددة بما فيها أجهزة البث التكنولوجي الحي المزروعة حوله لمعرفة كافة تفاصيل أنشطته ومقابلاته في حينها، الأمر الذي يتناقض مع ادعاءات الأجهزة أمام بعض حلفاءها وأنصارها بوجود نقص معلوماتي لديها عن ريجيني مما دفعها إلى محاولة استجوابه المباشر سعياً منها لسد النقص المزعوم، وفي حقيقة الأمر فإن أحد تلك الأجهزة كان قد قرر مبكراً اعتباره شخص غير مرغوب في وجوده بمصر إزاء تكرار الفشل الذريع في تجنيده أو اختراقه، ولكن الأذهان المريضة لجهاز آخر وسوست له بشكل نفعي شرير أن يسيء استغلال وجود ريجيني فوق الأراضي المصرية لضرب مجموعة عصافير في آن واحد، عبر فبركة قضية تجسس وهمية كبرى منسوبة إلى حلف الأطلسي تأسيساً على كونه يتحدث عدة لغات أطلسية ويتعامل مهنياً مع عدة جهات هي أيضاً أطلسية، ورغم نية الجهاز الأمني المصري المبيتة لتسليمه إلى إيطاليا عقب صدور الحكم بإعدامه أو سجنه مقابل الحصول من الجانب الإيطالي على بعض التنازلات في الشأن الليبي، إلا أن المصريين الأبرياء المستهدفين معه كانوا سينفذون العقوبات القاسية الصادرة بحقهم في قضية التجسس الوهمية وصولاً إلى التخلص من مشاغباتهم مرة واحدة وللأبد، لاسيما وقد ضمت قائمة أسماء هؤلاء الأبرياء التي كانت معدة سلفاً بعض الشيوعيين المستقلين الذين يتصدون إلى توابع الأجهزة الأمنية والحركة الصهيونية، مع أحد المسيحيين الكاثوليك الذين يعارضون المؤسسة الكنسية القبطية الرسمية وأحد كبار موظفي الدولة الذين يقاومون الفساد والاستبداد والتبعية داخل مؤسساتهم، وقام ذلك الجهاز الأمني بوضع خريطة طريق شريرة تحوي خططاً تفصيليةً متعددة البدائل الرامية جميعها إلى دفع أو استدراج كل واحد من المصريين المستهدفين الأبرياء نحو تقاطعات تكرارية مفتعلة مع المتهم الافتراضي الأول ريجيني، بحيث يمكن الاستناد عليها لاحقاً في انتزاع الاعترافات الكاذبة حول شبكة التجسس الوهمية التي من المفترض أنه يقودها والمنسوبة لحلف الأطلسي، وكادت تلك الخريطة الشريرة أن تمر لولا الصمود الأسطوري للشاب جوليو ريجيني أمام جلاديه من زبانية جهنم الأرضية بآلاتهم وأفعالهم العدوانية الوحشية حتى صعدت روحه إلى بارئها يوم 1/2/2016، ليختتم نضاله الشيوعي القصير زمنياً باستشهاده البطولي وهو يردد بين أيدي قاتليه عبارة "أنتم بلاطجة مجرمين أوغاد لا مبادئ لكم أما أنا كإيطالي وشيوعي فإنني لا أخون إيطاليا ولا أخون الشيوعيين"!!.
طارق المهدوي



#طارق_المهدوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عواد باع أرضه
- حكايات الجوارح والمجاريح
- رفعت السعيد...جه يكحلها عماها
- أوراق من دفتر الأوجاع
- المدينة بين زلزالين
- عشرات السنتيمترات
- دعاء جدتي ضد الظالمين
- معلهش إحنا بنتبهدل
- عالجوهم أو اعزلوهم
- أشعار نازفة وشعارات ناسفة
- فوبيا العداء للجنس في الأذهان الفاشية
- صديقي المحارب الأممي كارلوس
- أخلاقنا وأخلاقهم
- استدراج الملحدين في أكمنة الدولة المصرية
- الغياب المتبادل بين الفن والجماهير (4) التذوق
- الغياب المتبادل بين الفن والجماهير (3) الوعي
- الغياب المتبادل بين الفن والجماهير (2) التطبيق
- الغياب المتبادل بين الفن والجماهير (1) الإبداع
- من سجلات الفاشية العسكرية في زمن العولمة
- من سجلات الفاشية العسكرية في زمن المكارثية


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - طارق المهدوي - جوليو ريجيني...شيوعي آخر يدشن نضاله بمصرعه