أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - رواء الجصاني - بمناسبة الذكرى الرابعة لرحيله/ محمود صبري ... بعيدا عن الفن والسياسة /- رواء الجصاني















المزيد.....

بمناسبة الذكرى الرابعة لرحيله/ محمود صبري ... بعيدا عن الفن والسياسة /- رواء الجصاني


رواء الجصاني

الحوار المتمدن-العدد: 5131 - 2016 / 4 / 12 - 12:20
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


بمناسبــة الذكــرى الرابعة لرحيله
محمـود صبــري ... بعيدا عن الفن والسياسة
- رواء الجصاني
-------------------------------------------------------------
نشر، وكتبَ، اهلٌ واصحاب ومثقفون ومتابعون - وما برحوا- الكثير الكثير، عن محطات تاريخية في حياة محمود صبري، ومواهبه وفكره ومنجزه، الفني والثقافي والسياسي، الثري... ولكن دعوني - في ذكرى رحيله الرابعة التي تصادف الثالث عشر من نيسان الحالي- احدثكم عن لمحات من نهار وليل تقليديين في حياة ذلك العبقري، وبما قد يسهم في ان تكتمل الصورة النيّرة عنه كما أزعم، لما فيها من اشارات ومؤشرات تتشابك لتضئ انسانية رجل متفرد، وقد "قــلّ الرجالُ فقيـــلَ: ذا رجلُ" ..
** ليالٍ ونهارات
يبدأ نهار محمود صبري، التقليدي متأخرا بعض الوقت، إذ يسهر غالباً ما بين قلمه وفرشاته وأفكاره وعوالمه المتألقة، وعادة ما يكون إفطاره بسيطاَ، يحضره بنفسه عجولاَ، ثم يستمر بمتابعة الاخبار، وجلها من اذاعات تبث بالانجليزية، مبتعداَ عن الضجيج الاعلامي العربي ... دعوا عنكم مجافاته للتلفزيون الذي لم يكن ذا صحبة معه، بل ولم يضمه اثاث شقته ذات الغرفتين، المتواضعة والانيقة في آن، والتي عاش فيها- المفكر والفنان العراقي الوطني، الكبير، صاحب نظرية "واقعية الكم"- طوال عقود، في الدائرة العاشرة من العاصمة التشيكية – براغ..
ولأن الرجل يتابع شؤونه لوحده، ويجهد ألاّ يكلفُ احد بها- الا في ضروريات لا حول له بها، خاصة وان لغته التشيكية ليست بالكافية - لذلك كان في "الظهريات" يراجع البريد، ويتسوق لمتطلبات البيت التقليدية، ويعود لمواصلة البحث والقراءة والترجمة، والغوص في الكتب والمصادر الفكرية – الفلسفية في الغالب الاعم .
ولأنه نباتي، فلم يغرق في "هموم" الغداء والعشاء وما بينهما، مكتفياً بالفاكهة والخضار ومشتقات الالبان، وبعض الحلوى. ولكن دون الاستغناء عن الشاي المرادف، وعلى طريقته الخاصة .. وهكذا كان يستغل اقصى ما استطاع من وقت للبحث والعطاء.
والرجل قليل الزيارات، وخاصة في الاعوام العشرين الاخيرة من حياته الزاخرة، ولا ابالغ فأقول بأنها بقيّت اكثر من محدودة. وكذلك كانت الحال بشأن استقباله للزائرين والضيوف، مع الاستثناءات طبعاً للقريبين والمقربين، ومن المختارين الذين يظنهم بعيدين عن الضجة والضجيج، وعن الكلام والاحاديث المكرورة المملة، ثقافية كانت أو سياسية، وعداهما.... ولكنه وفي نفس الوقت، ما اجلّه في تعقب واحترام المناسبات الخاصة والشخصية للاصدقاء والمعارف، وحتى غيرهم، المفرحة منها والمحزنة .
ولاغراض التريض، وتغيير الاجواء، كان محمود صبري يحب التمشي طويلاً، وفي المساحات الخضراء عادة ، وحتى لساعتين متواصلتين احياناً. وقد "تورطت" معه اكثر من مرة، حين كان ذلكم الثمانيني مسترسلاً في متعته، وانا ذو الخمسين الى جانبه، الهث للحاق به!!! .. حتى بدأت اهـــرب من ذلك التقليد، لنستعيض عنه بجلسة مقهى هنا، أو رحلات قصيرة بالسيارة، هناك.
** شخصيات وخصوصيات
وأذ تستدرجني الكتابة، وتتشابك اليوميات والذكريات، بشؤون اخرى، فلأحدثكم عن بعض السمات الشخصية للراحل الجليل، المرادفة للممتلئين وحسب. ومن ذلك تواضعه الجم مع الكبير والصغير، النابه والبسيط، القريب والبعيد. وكم من المرات أخجلَ الاخرين بتلكم الصفة الاستثناء، النابعة باقتناع دون تصنع أو ادعاء....
كما اشهد هنا بأني لم اسمع من الرجل، ولأزيد من ربع قرن من الرفقة والمرافقة شبه الاسبوعية، ولا كلمة سوء عن احد، ولا انتقادا او نقدا شخصيا. سوى حوارات وجدل دقيق حريص، عميق متأصل. ولقد حاولت، فعجزت، وأنا في خضم هذه التأرخة العجلى، أن استذكر ولو مشاركة كتابية واحدة لمحمود صبري، تُشمُّ منها قسوة او مغالاة أو يُلاحظ فيها تشددٌ شخصي....
غير ان ذلكم الثبات اعلاه، غير مشمول، طبعاً، في ما يتعلق بالجوانب الفلسفية والفكرية، والوطنية، التي لا مساومة او تردد لديه بشأنها. ومن يريد دليلاً، واحدا على الاقل، فليعد لدراسةٍ لم تتكرر كما أدعي، حول المقارنة بين "العفلقية والفاشية" نشرها الفقيد الرائد، سنتي 1963و1964 على صفحات ثلاثة اعداد من مجلة "الغد" التي اصدرتها في براغ، اللجنة العليا للدفاع عن الشعب العراقي، برئاسة الجواهري الكبير، والتي تشكلت بعيّد الانقلاب البعثي الدموي الاول في شباط 1963. وقد كان الرجل- محمود صبري- يشغل المسؤولية الفعلية عن تحريرها، بصفته عضوا في تلكم اللجنة العليا .
... ولأن الالتزام بالمواعيد، وبالوعود، ظاهرة حضارية، فمن الطبيعي تماماً ان تكون تلك من سمات محمود صبري. وهنا دعوني اتباهى مجدداً فأتحدث عن ايفاء الرجل بقراره في تبني مشروع "بابيلون" للثقافة والاعلام، الذي اطلقنــــاه، أنا وعبد الاله النعيمي، أواخر العام 1990 ... فقد بقي الرجل راعياً معنوياً للمشروع، بل ومصمماً لابرز اصداراته الصحفية، وموجهاً له، وحتى الايام الاخيرة من رحيله الى عالم الخلود. وهكذا ما زال غلاف المجلة اليومية، ثم الاسبوعية، التي ما برحت تصدرها مؤسسة "بابيلون" منذ ازيد من ربع قرن، بأسم " انباء براغ"، يحمل ذات الغلاف الذي صدر به العدد الاول، بتصميم: محمود صبري .
والرجل أنيق ليس في كتاباته وأفكاره وفنه وقيمه، وحسب، بل اقترن كل ذلك بأناقته في الملبس والترتيب، وكيف لا وهو الفنان – الانسان. ولا تتخيلوا ان تلكم الاناقة، والمظهر، نتيجة ثياب ممهورة بغالٍ أونفيس، كما يفعل الاخرون! .. فبكل بساطة كان يلبس محمود صبري، ولكن بذوق وتناسق. وقبل ان انسى لا بد ان اضيف الى كل ذلك: أن الطبيعة قد حبته شكلاً وقواماً ممشوقاً، فارعاً، مما اضاف اليه وسامة متميزة، كما هو تميزه في عوالمه ومنجزه الثري.
أما عن أعتداد محمود صبري بعطائه، وشخصيته، فلا اظن أن أثنين من عارفيه يختلفان بأنموذجته في ذلكم الشأن، وليس من منطلق الغرور، أبداً، ولكن من فيض ثقته العميقة بالنفس، وقناعاته المستندة الى ما آمن به من مبادئ وأفكار وقيم. وكل ذلك بعيداً عن الاضواء، والبهرجة والافتعال. وهكذا بقي الفقيد مَحج الرواد، وكل ذوي الفهم والمعرفة، والعاملين في مجالات الفكر والثقافة والسياسة والفن... وميادين الوطنية الحقة، وليست المدعاة!.
... ثم دعوني أتوقف أيضاً عند واحدة أخرى من مآثر محمود صبري، وتلكم هي عزوفه الراسخ عن شؤون ذاتية كم سعى ويسعى اليها آخرون... واعني هنا ابتعاده وحتى ايامه ألاخيرة عن الطلب أو المطالبة بحقوق وطنية وسياسية ووظيفية، إذ لم تَدر في خلده هموم الراتب التقاعدي، أو احتساب الفصل السياسي- دعوا عنكم الجهادي!!- بعد سقوط النظام الدكتاتوري في العراق عام 2003 . وقد بقي الرجل خارج اللعبة، بعيداً عن لاعبيها، ومحترفيها، الذين نسوا أو تناسوا - مع أستثناء هنا وآخر هناك- احد ابرز رجالات العراق في القرن العشرين، فكراً وقيماً ومبادئ، ومواقف .
أخيرا، وكما هي عادتي في الاحتراز من مقصودين، أقول ان كل ما سبق من وقفات جاء عن معايشة مباشرة، على مدى ربع قرن، وكم يعجبني ان أتباهى بها، فكم مثل محمود صبري، كان، وكم بقي مثله، أو سيأتي؟... وأما قِيل:
يموتُ الخالدونَ بكل فجٍ، ويستعصي على الموتِ، الخلودُ؟!
------------------------------------------------------------



#رواء_الجصاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجواهري صحفياً ... موسوعة جديدة في تاريخ العراق الحديث/ قرا ...
- في الذكرى 82 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي / - سلاماً... الى ...
- بعض استذكار في اربعينية -نضال الليثي-/ رواء الجصاني
- بمناسبة ذكرى ميلاده السادسة والتسعين / عادل مصري(ابو سرود).. ...
- ثلاثة وخمسون عاماً على كارثة شباط االاسود في العراق (2/2) - ...
- ثلاثة وخمسون عاماً على كارثة شباط االاسود في العراق عام 1963 ...
- الجواهري، في استذكارغائب طعمة فرمان: طوت العصور ألف بساط وبس ...
- - بابيلون- للثقافة والاعلام في يوبيلها الفضي
- عن بعض -مثقفي- الارهاب في العراق
- سلاماً ايها الاحباب، من قطعوا ومن وصلوا
- بين الجواهري والامام الحسين.. مآثر وشعر
- تساؤلات حول بعض حال العراق اليوم (5)
- نهارنا وليلنا، وعيدنا.. دماء في دماء
- تساؤلات حول بعض حال العراق اليوم(4)
- اضواء حول بعض سبعينات الجواهري في براغ
- وتساؤلات حول- التساؤلات- بشأن التظاهرات العراقية الراهنة
- -حزمة ثالثة- من التساؤلات حول التظاهرات الراهنة في العراق
- عشرة تساؤلات اخرى حول التظاهرات الاحتجاجية في العراق
- تساؤولات حول التظاهرات الاحتجاجية في العراق
- ثمانية عشر عاما على غياب الجواهري الخالد/ سيبقى ويفنى نيزكٌ ...


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - رواء الجصاني - بمناسبة الذكرى الرابعة لرحيله/ محمود صبري ... بعيدا عن الفن والسياسة /- رواء الجصاني