أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عباس علي العلي - وأد النساء في عالم لا يعرف التمييز















المزيد.....

وأد النساء في عالم لا يعرف التمييز


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5131 - 2016 / 4 / 12 - 12:21
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


وأد النساء في عالم لا يعرف التمييز

من ملامح تأريخنا الجاهلي وأقصد بالجاهلية ليست الفترة التي سبقت ظهور الدين لإسلامي ولكن بمعناها الأوسع حين تكون المقاييس والمعايير الأجتماعية والدينية والأخلاقية تسير عكس منطق الطبيعة وضد قانون العقل السوي وجود ظاهرة الوأد، الوأد مفهوم يعني به أهل اللغة والمعرفة والتأريخ ممارسة يتم فيها التخلص من الأنثى أو التبرؤ منها أما خوفا مما هو متوقع من همجية المجتمع وإنحراف أخلاقه وإنعدام فرصة العيش الطبيعي، وأحيانا يكون الوأد مجرد عادة أجتماعية مقيته، الطب السبب الأول وبرغم بشاعة القضية قد يجد له مبرر وقد يعقل ويقبل أما الحالة الثانية وهي الشنيعة والمشعشعة إلى يومنا هذا في عقول ووعي الرجل الشرقي عامة والعرباني خاصة بما فيهم من يمتلك وعيا ما بإنسانية الكائن الإنساني.
كلما أستقرت المجتمعات الإنسانية وخضعت للقانون والنظام وتجذرت فيها قواعد العيش الضرورية والتي أهمها وجود سلطة تدافع عن حياة الناس قلت حالات اللجوء إلى الوأد في مبرره وصورته الأولى وهذه من التجربة وليست تنظيرا خياليا، المشكلة المستورثة والأزمة الإنسانية الكبرى هي حينما يسود المنطق الأخر منطق الإقصاء والتهميش والإبعاد العرفي والخاضع لمزاجية مختلة ترى في الأنثى جزء ناقص جزء غير قابل للتقويم جزء مخلوق ومجعول ليكون سلعة أو مجرد حاجة للذكورة دون مراعاة لحقيقة أنها أكبر من أن تكون قضية بمفردها، هنا لا أدعو لتحرير المرأة ولا أرفع شعار المساواة ولكن جوهر الإشكالية التي نطرحها اليوم هي هذا الشعور بالدونية.
في بعض المجتمعات الغارقة في التخلف نجد المرأة هي سيدة المجتمع والحاكمة والمتصرفة ليست لأنها نالت حقوقها بالنضال ولكن لأن قواعد الفهم بنيت على ركيزة مختلفة أنشأت مجموعة قواعد تتيح للمرأة هذا المجال الحيوي، في مجتمعات دينية ومفترض بها أنها تؤمن بالإنسانية والمساواة البشرية وتؤمن بأهمية دور الإنسان بغض النظر عن جنسه ولونه وعرقه، تمارس أقصى درجات العزل والوأد الوجودي في موقف متناقض مع العقيدة ومع المنطق الديني ومع حقيقية كون الإنسان أسم الجنس بلا تفريق هو مكرم ومقدس {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا}.
نحن المسلمون مثلا نقدس حد التأليه المطلق للسيدات مثل فاطمة بنت رسول الله ومريم القديسة أم عيسى وأم موسى النبي وامرأة فرعون وغيرهن من النساء لأنهن يمثلن وعينا الديني وننتمي لهن ونسمي بناتنا بأسمائهن ونصفهن بالمقدسات، ولكن حين نتكلم عن الأنثى نتكلم بالدونية إلى أقصى حد وإلى أدنى مستوى وعندما نتصرف فإننا نتصرف كما نقول بوأد فكري، المرأة لا تصلح أن تكون أكثر من متعة وأكثر من كيان جميل شبيه بالحيوانات الأليفة التي يتم تربيتها بالبيوت، هذا الانفصام في تمثيل الصورة لا يسئ للمرأة وحدها، إنه أمتهان للعقل الذكوري العقل الذي ما زال يؤمن بالوأد ويتبناه ويعمل على نشره لأنه ما زال ينتمي لعصر الجاهلية الأولى.
قد يرى البعض أن طرح هذا الموضوع فيه مبالغة وإثارة فكرية فقط خلاف الواقع الذي نعيشه حيث أن المرأة اليوم هي نصف المجتمع وتلعب أدوارا مهمة في حياتنا منهن الطبيبة والمهندسة والأستاذة الجامعية والمبدعة في شتى المجالات، وفي الحقيقة أن كل ما ذكر صحيح وهو ليس نتاج تبدل في المزاجية الفكرية ولا إنقلاب على الفكر الأجتماعي لدينا ولكنه أيضا إشارة لعار وشنار يمزق مصداقية ما نؤمن به وتعرية للذات الذكورية التي تسكن حقيقية في بعض عقول ووعي نسائنا، المرأة مثلا في المجتمع العراقي تمثل نسبة 55% من تركيبة المجتمع وتمثل العنصر الأكثر إنتاجية فيه قياسا لما تشغله في وسائل الأنتاج المادية ومنها الطبيعية أيضا ولكنها بالمقابل ما زالت تعد كقوة فعلية في حدود ضيقة حدود لا تتناسب حتى مع قاعدة النسبة والتناسب التي يؤمن بها الحداثيون والعلمانيون والمدنيون.
لا المؤسسة الدينية تؤمن بالمساواة وحتى الأكثر تحررا منها ما زالت ترى فيها ناقصة عقل ودين فهي لا تصلح للإمامة ولا تصلح للقضاء ولا تصلح للولاية ولا تصلح لأن تكون في نطاق عمل مختلط لأن العقلية الذكورية أستبدلت الأنتساب للوعي الذكوري بدل الأمر الديني {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ-;- وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} هذا النص الديني في حين أن الفهم الذكوري الأعتباطي يقول أن المرأة مجرد وعاء وليس من التي تعني الشراكة المتساوية وخاصة بدون تحديد المفضل، ما زالت أيضا المؤسسة الأجتماعية تنظر للمرأة على أنها عيب وأنها يجب أن تكون خلف الجدران إلا إذا قامت لسيدها الرجل فعند ذاك لا يهم أن تكون على أي حال حتى كانت مهانة لأنها تؤدي واجب العبودية.
المجتمع ككل اليوم لا يرضى أن ينحاز للمرأة وأنا المجتمع بجناحيه المرأة والرجل لأن المرأة والمتحررة منها ما زالت تخشى سطوة الوعي اللا مباشر الذي يتملكها، ما زالت تؤمن بأنها أضعف من الرجل وتطالبه بأن يمنحها حقها دون أن تمنح نفسها هي في أن تكون حرة، ما زالت المرأة تعاني من وعيها المتردد بين إيمان داخلي من أنها ظل رجل ومن حقيقتها أنها كائن أخر غير الرجل، تعاني من عقدة الحاجة إلى سماء تظلها وأستحباب لضعفها ورقتها على أنه طريقها الطبيعي لأن تنال حصتها الطبيعية من بيولوجية وفيسيولوجية طبعها التكويني.
كل ما ذكرناه يمثل حقيقة وجود الجاهلية في مجتمعنا في عقله ووعيه وسلوكه، في مفردات نظامه السياسي والأجتماعي والفكري وفي كل تفاصيل حياتنا تحضر فكرة الوأد، في أسواقنا في ثقافتنا حين نفرد للمرأة مصطلح الأدب النسوي ونطلق لها حدود دنيا للإبداع لأننا نؤمن أن المرأة ناقصة إبداع وناقصة أبتكار وناقصة في تحديد سقوف عليا لوجودها الأجتماعي، ما زلنا نأد في كل يوم طموح المجتمع أن يتخلص من عقلية القبيلة وعقلية رجل الكهنوت الذي حول الدين إلى مرموزات جنسية المرأة فيه العنصر المستخدم والخادم دون أن نسألها هل تقبل بأن تكون مجرد جائزة لرجل أحتقر الوجود وأحتقر كيانها وحقها وإنسانيتها ليدخل الجنة ويفوز بها كتعويض عن ذلك الأحتقار والوأد.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياديني وظاهرة توظيف المقدس
- هل يمكننا إعادة تدوير الدين في ظل عالم فكري خاضع لفلسفة ما ب ...
- هل يمكننا إعادة تدوير الدين في ظل عالم فكري خاضع لفلسفة ما ب ...
- هل يمكننا إعادة تدوير الدين في ظل عالم فكري خاضع لفلسفة ما ب ...
- ثقافة التسليع
- شك الإيمان وظاهرة التكفير
- حق الإنسان في أختيار العقيدة منطق ديني أصلي
- تطورات الموقف العراقي في اسبوع
- بين أخلاقيات الفعل الإنساني وإنسانية الفعل
- العراق ومرحلة التغيير والإصلاح
- طريقة الدائرة الجزئية في أحتساب أصوات الفائزين في الانتخابات ...
- رسالة براءة وتنبيه
- رسائل إلى مسافر
- أيام الفردوس _ مقطع من روايتي الأخيرة
- العراق ومنعطف التغيير أو نقطة التفجير
- الواقعية وما بعد الواقعية في الخطاب السياسي العراقي
- خيارات العالم مع أنتشار وباء داعش
- الروح الدينية مفهومها ودورها عند غوستاف لوبن
- تخاريف العقل
- أنا وفنجان قهوتي وأنتظار الحلم


المزيد.....




- انضموا لمريم في رحلتها لاكتشاف المتعة، شوفوا الفيديو كامل عل ...
- حوار مع الرفيق أنور ياسين مسؤول ملف الأسرى باللجنة المركزية ...
- ملكة جمال الذكاء الاصطناعي…أول مسابقة للجمال من صنع الكمبيوت ...
- شرطة الأخلاق الإيرانية تشن حملة على انتهاكات الحجاب عبر البل ...
- رحلة مريم مع المتعة
- تسع عشرة امرأة.. مراجعة لرواية سمر يزبك
- قتل امرأة عتيبية دهسا بسيارة.. السعودية تنفذ الإعدام -قصاصا- ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عباس علي العلي - وأد النساء في عالم لا يعرف التمييز