أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - هيثم هيثم - أمل الفلاحين بأعماق الأرض السوداء















المزيد.....

أمل الفلاحين بأعماق الأرض السوداء


هيثم هيثم

الحوار المتمدن-العدد: 5130 - 2016 / 4 / 11 - 07:53
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


في الجنوب الشرقي للبلاد، في أعماق الأرض السوداء، توجد أكبر قلاع ومعاقل الفلاحين المعدمين والفقراء، حيث تتفجر الاضطرابات الأكثر قوة وأهمية وتندلع الحركات والمعارك الاحتجاجية، متقطعة، تطل بين الفينة والاخرى باستمرار، تعبيرا عن مدى تطور التناقضات ورفضا لواقع البؤس المعاش، نحن معشر الفلاحين والمزارعين بالجنوب الشرقي خاصة وبكافة ربوع البلاد عامة عشنا لقرون طويلة من الزمان محرومين من امتلاك أراضينا و مياهنا، ومن جني ثمار كدنا وعرقنا، ولكننا سنبقى مخلصين لأرض هذا الوطن، متذكرين دوما التضحيات الجسام لأجدادنا وآبائنا الذين وهبونا حياتهم قربانا لتحررنا وأعطوا من الجهد والعمل الكثير في سبيل تحررنا ولم ينالوا شيئا غير الشهادة، وخاضوا كما نخوض اليوم ، ببساطة شرسة قصة كفاح طويلة، كُتبت آياتها بسيول من الدماء الزكية، ولا زالت المعركة مستمرة الى اليوم بين سندان الإقطاع و مطرقة سيطرة رأس المال.
اليوم، غدا، وبعد غد... سوف تشرق شمسنا شمس الفلاح والمزارع والمعدم وكافة المقهورين، شمس جديدة من اجل المستقبل، فقوانين المجتمع الموضوعية وفكرنا وذاكرتنا الجمعية الفاعلة بوعي في مجريات الصراع، ستجبر بزوغ الفجر وتفرض ولادة الجديد من رحم القديم، ولو كره الكارهون، حياتنا البدوية بجماهيرها المقاوِمة لمحاولات المصادرة والقفز على واقعنا العضوي، تلك الحياة البسيطة والعميقة في آن، هي جميلة ومبدعة إنْ سلطنا عليها ضوء من امل ثقافتنا الجديدة، وقلوبنا لا تحتاج سوى ان تروى بماء الضمير الملتزم بقضايا أجدادنا و آبائنا وحتما ستشرق شمس الانسانية بداخل ارض خصبة الا وهي ارضنا، أرض المقاومين البواسل، بين ثنايا جبالها تاريخ وعلى ثخومها امل ياتي ويذهب، ويأبى الوداع، فاشهد لنا يا عالم، أننا سنقاوم بعناد وسنقاتل بثبات وسنمشي بخطى واعدة إلى صنع المجد ايا كان الثمن، لن نرحل كما لن ننسى، ونحن باقون ما بقي الله، وبذور الأمل التي تنبع من معاناتنا وتنتهي بجشع التجار الذين يتفننون في إذلالنا نحن شعب الجبل، نحن الذين نخرج من الصباح الباكر مشمرين عن سواعدنا، ولا نعود لبيوتنا إلا مع الغروب، وفي النهاية لا نجد ما يكفينا لتحقيق أبسط شروط عيش كريم، ان شعبنا الذي يتصبب عرقا شريفا يخلق الحياة من عمق محاولات تعميم الموت، فبرغم معاناتنا كفلاحين ومزارعين طوال العام في الحرث والزرع والغرس والري ورش الأدوية ومتابعة المحصول، إلا أن الفرحة والبسمة لا ولن تفارق وجهنا ومحيانا بالبادية، وعيا بقتالنا اليومي الملتزم بمصالح الطبقات المظلومة والمهمشة من أبناء الوطن، ورغم أطوار هذه المأساة التي تشتد وتزدوج مع نسائنا، اللاتي يتوجهن صوب الحقل والوادي و الجبل... تاركين فلذات أكبداهن والرضع منهم، محاولة في تخفيف وطأة الفقر والعوز وتوفير حفنة من الغلال أو القمح والشعير أو بعض الأموال التي لا تفي باحتياجات المنزل، فزوجاتنا تشاركننا في العمل تحت شدة أشعة الشمس وارتفاع درجات الحرارة صيفا، وفي أدنى درجاتها في فصل الصقيع القاسي، لتحملن الأثقال لتوفير لقمة العيش وبعض الكلأ للماشية وفي أحايين كثيرة لجلب شربة ماء فقط، تقول إحدى المقاتلات القرويات بكل ما تحمل الكلمات من عمق أطلسي : (دَانْتْك تَاسْكا إِ يْرِيزْنْنْغْ كْ الهْم ن الدُّونيت، تِيوْتْمِين دادْغْ وَالْفْنْتْ الهم نْ كُ يَاس، دَادْنْتفغ تِيخَامِينْنْغ زِ تِيفَاوْت غُورْ أُونقْرْ أَرْ أَغْلاي، دَانْزْرِّي تِيسْلْمْيِوْنْغ، رْبِّي أَيْدِيحْطُّون) نخرج للعمل مساعدة لأزواجنا في المعيشة، كل النسوة هنا تعودن على العمل يوميًّا، فنخرج من شروق الشمس حتى غروبها ، ونترك أطفالنا، فالحافظ هو الله.
ففي أعالي قمم جبال الأطلس، حيث الابتسامة البادية على محيا صغارنا افراز لمعاناة معاشة، وتجسيد لألم حلم يتعرض للوأد والاجهاض، حلم بحياة طبيعية كبقية أطفال العالم بدون ملامح الخوف والاضطراب التي تتشكل لتطفو غطاء يحجب البراءة، حجاب مُحاك من تفاصيل مؤلمة، ففي الشتاء تصتك الأسنان الصغيرة وترتعش الأيادي الهزيلة وتهتز الأقدام الحافية، تماما مثل أولئك الأطفال اليمنيين النائمين على أصوات القصف، والمستيقظين على مشاهد الدماء، أما نحن، وبالمقابل لا نملك الا التسلح بإرادة رجالاتنا وكفاح نسائنا من الريفيين والريفيات التي تكسرت عليها رهانات الاستعمار (بنسختيه)، بكل حزم ومبدأ لا يقل شئنا عن عزم أسرى الشعوب التواقة الى الانعتاق، إرادتنا و عزمنا أقوى من غطرسة الإحتلال وجبروته، وشعبنا سيبقى متمسكا بأمله برغم الألم المتراكم من الإحتلال وممارساته القمعية و سجانيه، نعبر عن فخرنا واعتزازنا بشعبنا الذي يخلق من تحت ركام الموت تحديا وعنفوانا وحياة، وفخورون بدورنا و بوعينا الضروري في رسم الإبتسامة وزرع الأمل في نفوس أبنائنا وبناتنا الفلاحين والمزارعين الفقراء والأسرى، المجاهدين الأشاوس لهم من كافة أبناء شعبنا جزيل الإحترام، صوتهم يكسر الصمت المريب داخل "دكاكين العهر السياسي"، سنبقى أوفياء وسنعض بالنواجد على امل بناء الغد الجديد، متجاوزين كل ضروب القيود الملفوفة حول سواعدنا وأعناقنا وعزمنا، شعب هو مفخرة لكل حر، نحن شعب المشاتل البسيطة وغارسي بذور الأمل، عِزّ يخطه الشعب المغربي بكل فئاته المسحوقة رغم الإحتلال.
الأمل موجود ولن يندثر طالما أن هناك أم صبورة تلد وتحرث الارض، وابن مناضل يقاتل في الحاضر ولا ينسى التاريخ، فالصمود ورفض الإذعان والخضوع هو إثبات على إرادتنا التي لا تُقهر والتي تأبى إلا أن تسير إلى الأمام صوب المجد وصناعةً للتّاريخِ، أيامنا ستظل كما كانت ريفية عاشقة للحرية والبندقية ومتمردة على تاريخ السلطان وسلطته، رافضة لخطابات ساسة اليوم وممتنعة عن التنازل وصادة للاحتواء رغم التكالب والواقع المزري، تاريخنا كتب صموده بالدم، قصة نضال وصمود أسطوري لشعب اكتوى بنار الاضطهاد وجبروت السجان وبطشه في حرب لا تستثني رحاه منا اليوم أحدا، سنكتب عملا بتوصيات شهداء الجبال والنجود والبوادي والقرى، الخالدين وشما في الذاكرة بقتاليتهم وتضحياتهم وبِحَثّهم لنا على حمل القلم محاولة منا لجزائهم على حملهم السلاح، سنعمل ضد سياسات النهب والتفقير التي لا تعرف بيننا لا كهلا يبكي و لا طفلا يردد: " ولايْنّي مَاسْرَادْ تُّرُوغْ؟"، أي "ولكن كيف سأكتب؟". كما قالها ابننا الذي بُترت يده في حادث سير.



#هيثم_هيثم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - هيثم هيثم - أمل الفلاحين بأعماق الأرض السوداء