أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - البعث العراقي الى اين؟















المزيد.....

البعث العراقي الى اين؟


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 5127 - 2016 / 4 / 8 - 15:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خطاب متـلفز على غير العادة "لعزت إبراهيم الدوري" نائب "صدام حسين" و قائد ما تمت تسميته بالخطة "ب" في التصدي للاحتلال الأمريكي. فهو يتميز عن باقي أعضاء القيادة العراقية السابقة من قبل الاحتلال الأمريكي بكـونه المشرف المباشر على مختـلف القوات العسكرية و خاصة منها الحرس الجمهوري الذي ينحدر عديد من ضباطه من قـبـيلة الدوري، و بالتالي فمن الطبيعي ان يكـون مكلفا منذ البداية بالإشراف العام على هذه القوات التي تحولت وفق الخطة المذكورة إلى أهم فصائل المقاومة العراقية التي تصدت للاحتلال الأمريكي منذ سنة 2003.
سبق الخطاب إذاعة النشيد العراقي لنظام البعث. ثم تـقديم بصوت مذيع يتـذكره العراقيون جيدا و هو من التلفزة الوطنية العراقية السابقة. السيد الدوري باللباس العسكري الزيتوني اللون المعروف بكونه رمز البعثيين عند العراقيين، و إلى جانبه ملثمين بنـفس اللباس و هما من افسدا صورة الرئيس لان الرئيس لا يلقي خطابا و بجانبه ملثمون. ربما أراد المخرج الإيحاء بفكرة الالتـقاء بين مظهر النظام السابق و بين الوضع الحالي الملثم أي المختـفي لهذا النظام.
هذا من حيث الشكل الذي تمت صياغته و الذي يعـطي فكرة عـودة النظام القـديم. ذاك ان العملية السياسية في العراق اليوم أثبتت فشلها الذريع على كل المستويات سواء بالأحزاب الحاكمة أو المعارضة في ضلها. فالسيد "مقـتدى الصدر" خرج مستأسدا مجيشا الشارع و كان بإمكانه احتلال المنطقة الخضراء بالجماهير، و لكنه فجأة و بكل تـناقض ظاهري يوقف ذاك الهدير الجماهيري لشعب طفح به الكيل بعدما مرغ انـفه في البؤس المادي و المعنوي، بعد العزة الذل و المهانة. أي بكل بساطة انه أثار بركانا لأجل أهداف سياسية ضيقة جدا تهم رفع حصته في النظام القائم الذي ادعى رفضه. أي انه احرق نفسه كورقة سياسية جماهيرية. و رفعت صور "صدام حسين" في عدة مناسبات من تلك التظاهرات الشعبية العارمة، و جميع الشعارات أعربت عن رفض مجمل العملية السياسية ما بعد 2003. لذلك كان منطقيا ان يظهر الخطاب في شكل شبه رسمي يقـول ان النظام السابق لازال موجودا و لكنه ملثم و هو يعمل على العودة إلى المسك بـزمام البلد.
يعني نظام مقابل نظام. من المفترض ان نـقـف هنا مطولا أي بالنسبة للخطاب. الخطاب الذي هو من حيث هو يؤشر بوضوح إلى هذه النقطة الهامة. كنا نـنـتظر حديثا عن مشاكل العراقيـين و تحليل يأخذ صبغة الموضوعية للعوامل و المعطيات التي تصف الفساد الحاصل، و استعراضا لنضالات العراقيـين في كل العراق على مختلف الأوجه، لكن الخطاب اكتـفى بذكر تضحيات البعثيين (نفس المنهج الذي يختـزل العراقيين في البعثيين) و الذي قدر عدد شهداء هذا الحزب ب160 ألفا. أي ان من تبقى من هذا الحزب لا يزيد عن أربعين ألفا باعتبار الرقم الذي قدمه صدام حسين في 2003 هو 200 ألف. إذا كان الأمر كذلك فهذا يناقض المشهد الذي يعطي صورة إمكانية عـودة النظام القديم.
الخطاب و برغم كونه من الناحية الشكلية قد كان بمناسبة عيد ميلاد حزب البعث في سوريا لمؤسسيه و أبرزهم الأستاذ "ميشيل عفلق"، إلا انه يعتبر استـثـناءا بالنسبة لذكر المؤسس لان الحديث سابقا كان لا يتطرق إلا عن "صدام حسين". المهم ان التحـوير العراقي للبعث قد طال حتى اسم المؤسس فهو عراقيا قد أضيف له اسم "احمد" بعد موته إضافة إلى أسلمته بناء على رواية تستـنطق نوايا الرجل بينما هو لم يعلن بالمرة انه قد تحول من المسيحية إلى الإسلام. هذا التحوير يصل في مداه إلى اعتباره تـزويرا و تـزيـيفا للرجل. فهو القائل أن العروبة جسد روحها الإسلام و لكن مفهومه للمسالة لا يعني تخليه عن ديانته المسيحية. ذاك ان الروح روح و الجسد جسد.
ثم ان مضمون الخطاب بجملته قـد اتجه في منطق الصراع ضد إيران، و معلوم أن "ميشيل عفلق" لم يبارك الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات و رفض ان يدلي بأي تصريح أو مقال باعتباره كان كاتبا بالأساس و يعرب عن مواقـفه بالقلم. فمن السهل البحث عن جل كتابات الأستاذ "ميشيل" لتـقـف عن وجود موقف من عـدمه. و بالتالي فان الربط بين الأستاذ ميشيل و البعث العراقي في حربه ضد إيران و الاكتـفاء بإحالة القضية الفلسطينية إلى الرئيس الفلسطيني"عباس أبو مازن" الذي وصفه الخطاب بالمناضل الكبير و حثه على توحيد الصف الفلسطيني أي المصالحة مع حركة حماس، له تعبير واضح عن ترك القضية الفلسطينية التي اعتبرها "ميشيل عفلق" قضية العرب المركزية و التي بدأت تغـدو قضية الغرب المركزية كذلك و ان كان الأمر بشكل متـقابل بين الحكومات و القوى الشعبية في الغرب.
و ركز الخطاب بشكل واضح على الوضع العراقي من حيث انه صراع ضد إيران. من جانب البعثيين العراقيين تحالف مع القوى الوطنية و الإسلامية. لم يورد و لو كلمة عن "داعش" و ربما انه ادخل المسالة ضمنيا فيما اعتبره حملة تضليلية كبرى تعرضت لها مسيرة الحزب في العراق منذ توليه السلطة. الحديث عن التحرير واضح انه في اتجاه التحرر من النفوذ الإيراني الذي أعرب في جل خطابه أنهم سيسقطون مشروع الاحتلال "الفارسي الصفوي". لكن برغم هذه الوثوقية نجده يستصرخ قائلا "ان إيران تعمل على ابتلاع العراق" و انه مندهش من الصمت العربي تجاه هذا الأمر و ان إيران لو نجحت فإنها ستـقضي على عروبة العراق نهائيا و إلى الأبد.
على كل نحن لسنا بمورد مناقـشة هذه المسائل. لكن المعلوم ان "داعش" مرفوضة من قبل الشعوب العربية و الخطاب لم يذكرها أصلا و لم يفند وجودها في العراق بالقدر الذي يصفه الإعلام. الإقرار بان إيران قد نجحت في تأجيج الصراع الطائـفي هل من شانه القبول بـ"داعش" عراقيا و عربيا؟ ثم أليس العراقيون شيعة و سنة قد خرجوا في مظاهرات مناهضة للحكم الطائـفي الفاسد في العراق. لماذا لم يذكر ذلك حتى من باب الاشارة؟
مع الإقرار بمشروعية مقاومة الاحتلال الإيراني فانه لا مشروعية لتوصيف الوضع العربي على هذا الأساس. الغريب ان يعلن موقـفه المناهض للنظام السوري على أساس كونه دكتاتوريا، و لكنه وصفه كذلك بالطائفي أي المرتبط بإيران و هذا ما يجعله مرفوضا. كلام مختـزل جدا و يورط الصراع العراقي في أمور لا تعـنيه. إذا كان يتكلم بمنطق الدولة و النظام السابق فمن المفترض ان لا يعلن تدخله في الشأن السوري. إذا كان يتحدث انطلاقا من موقع المقاومة فهذا الأمر لا يخدمه كذلك باعتبار أن الملف السوري قد أصبح ملفا دوليا أو بالأحرى ملفا روسيا. بخلاف ذلك فالمسالة السورية تحولت إلى صراع ضد الداعشية الدموية المتخلفة و التي لم يذكرها الخطاب بأي كلمة برغم كونه قد ورط نفسه في الحديث عن سوريا.
مسالة اليمن كذلك. الحوثيون مرتبطون بإيران و لكن ماذا عن الرئيس السابق الذي كان حليفا لنظام "صدام حسين". ثم ان الحوثيون أنفسهم بدأو في مفاوضات مع السعودية. ثم أليست الدعوة إلى الاحتكام إلى قرارات مجلس الأمن ما هي إلا تماهي مع الموقف السعودي؟ مجلس الأمن الذي حارب العراق و فرض عليه الحصار الذي جوع شعبه. أليس من المفترض عدم التورط في ذكر هذه النقطة لسبب بسيط و هي أنها تضفي إقرارا ضمنيا بقرارات مجلس الأمن السابقة ضد العراق و التي من ضمنها الدعوة إلى كشف النظام السابق عن علمائه و إخضاعهم للمسائلة من طرف الهيئات الدولية فيما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل.
من جهة أخرى كيف يتم إلحاق جميع مصائب العراق بإيران فقط. بالنسبة للعلماء ذكر ان إيران هي التي قـتلـتهم و لكن لماذا لم يذكر المخابرات الإسرائيلية التي حدثونا ساعتها عن تورطها في قتل عدد هام من العلماء العراقيين؟
ثم تحدث عن مصر واصفا الثورتين بالثورتين و عن دور الجيش في مصر، و ان مصر الآن في مرحلة صراع ضد القوى الامبريالية التي تريد إجهاض تحررها، و لكن دون ذكر الإخوان المسلمين و دورهم الذي كان في تـقسيم مصر و القضاء عليها نهائيا من الناحية الحضارية.
و دعا الخطاب إلى التحالف مع السعودية في الحرب ضد إيران.
و كتوصيف عام فان الخطاب يعبر عن صراع عراقي داخلي بالدرجة الأولى و إرادة في توريط بقية الملفات في إطار هذا الصراع. و قد يكون التحرر من النفوذ الإيراني هو الأولى، و لكن أليس يكون من الأجدر البحث عن إجابة عـلمية تراجع الكيف؟ ألم يعد من الواضح ان الشعب في ذاته أصبح بإمكانه ان يكون قوة فاعلة من خلال التـظاهرات التي كان من الممكن لو اكتسحت المنطقة الخضراء ان تـتمكن من إسقاط النظام الحالي؟ أليس العمل السياسي الميداني السلمي أكثر نجاعة و اقـل كلفة في الدماء؟ و لكن نعلم ان الشارع ليس متحزبا و انه بالأحرى ضد كل الأحزاب، و لذلك فان فعله بالضرورة سيؤسس لنظام ديمقراطي تعـددي. أليس من الأفضل التحرر من الأجندة السعودية و العناوين الإسلامية المرفوضة عربيا و عراقيا و الاتجاه نحو الجماهير العريضة و التكيف معها و مع طموحاتها التحررية من إيران و السعودية و أمريكا و الدكتاتورية؟ ألا يمكن الإقرار بان الجماهير العراقية في حالة ثورة بالقوة هي بصدد ان تكون بالفعل تحت نفس عناوين الثورة العربية؟
و بالتالي فان النظر إلى الأمور من هذه الزاوية يتـناقض كليا مع مشهدية الخطاب الذي جاء ليبعث برسالة ان النظام القديم بإمكانه العودة مع ما يصفه بالقوى الوطنية و الإسلامية. أي التعـددية المحاصرة في هذا الإطار. بينما جل الشعارات التي رأيناها في تظاهرات العراق مضادة للإسلام السياسي الذي حكم منذ 2003. انه نفس الإسلام السياسي سواء كان شيعيا أو سنيا. ان الحركات السياسية المرتبطة بالمال الأجنبي و بالتالي بالأجنـدات الأجنبية. إيران في الاتجاه الشيعي و السعودية في الاتجاه السني. لذلك فان العرب صامتون عن الوضع العراقي. هناك بصيص أمل وحيد هو امتلاك الشوارع من طرف الشعب لتحـقيق أهدافه في الحرية من جميع الاسلامات السياسية و ارتباطاتها الأجنبية، و التحرر الفردي و الوطني من الدكتاتورية و النظام الشمولي.



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يسارية الاحرف الاربع
- رد على مقال يتهافت على الرسول محمد
- هل مازالت فلسطين القضية المركزية؟
- للأرض أنثى الأنوار
- النفاق الاوربي في التعاطي مع الارهاب
- الشعور الديني بين الإغتراب و الإنسجام
- عبثية إرادة قتل الله
- سقوط البعث
- سوريا الى اين ؟
- المرأة التونسية تقدم الجديد لليوم العالمي للمرأة
- قتل -الاسلام او القتل- في تونس
- بين الإهانة للمقاومة و مقاومة الإهانة
- -ميشيل عفلق- و الثورة العربية
- الله و الإيروس
- فقدان المناعة السياسية في تونس
- أي نار لأدخنة تونس
- مجتمع الاصنام
- بين أبي و إبني
- بين -غاندي- و -شكري بالعيد-
- المحبة من مهب الثورة


المزيد.....




- تحقيق لـCNN.. قوات الدعم السريع تطلق العنان لحملة إرهاب وترو ...
- ستتم إعادتهم لغزة.. مراسل CNN ينقل معاناة أمهات وأطفالهن الر ...
- أردوغان يريد أن يكمل -ما تبقى من أعمال في سوريا-
- استسلام مجموعة جديدة من جنود كييف للجيش الروسي (فيديو)
- عودوا إلى الواقع! لن نستطيع التخلص من النفط والغاز
- اللقاء بين ترامب وماسك - مجرد وجبة إفطار!
- -غباء مستفحل أو صفاقة-.. مدفيديف يفسر دوافع تصريحات باريس وب ...
- باشينيان ينضم إلى مهنئي بوتين
- صحة غزة: ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 31819 قتيلا ...
- هل مات الملك تشارلز الثالث؟ إشاعة كاذبة مصدرها وسائل إعلام ر ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - البعث العراقي الى اين؟