أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الله عنتار - هل حاولنا أن نولد مرة واحدة وانتهت؟















المزيد.....

هل حاولنا أن نولد مرة واحدة وانتهت؟


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 5126 - 2016 / 4 / 7 - 22:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



ولدت في 04 مارس عام 1991، هل يعني هذا أن ولادتي كانت مرة واحدة وانتهت ؟ في كتاب مشترك بين المحلل النفسي إريك فروم والحكيم الصيني سوزوكي نجد أن نقطة ضعف المركزية في الفكر الغربي وخاصة التحليل النفسي أنه يحلل الشخصية وتطورها كمراحل متعاقبة لا تفصل بعضها البعض، هنا تجزيء للشخص في أبعاده المتعددة، فالشخص هو وحدة حية ومتحركة ومترابطة الأبعاد لا يمكن فصل إحداها عن الأخرى، لئن أخذنا الولادة نموذجاً، فهي ليست بيولوجية تحدث مرة واحدة في مسار الكائن وحسب، بل إن هذا الشخص ما فتىء يولد طيلة مساره، إن الولادة إيذان بالصيرورة والتحول الملازم للإنسان، وإذا كانت الولادة علامة من علامات الحياة، فالموت حتى بعد ولادة الشخص تلازمه، فحينما لا يتحول ولا يتغير، فإنه يموت والموت ليس بيولوجيا وحسب، فالشخص عندما لا يبدع ويصير نكوصيا ومنطويا على ذاته، فإنه يصبح عدما، إن الشخص في الوقت الذي لا يدرك فيه أنه مشروع، وأنه واع بمشروعه، أي مدركاً لمشروعه بمقاصده وغاياته في الحياة، فلا محالة هو عدم لا يختلف عن الدواب والأشياء، إنه مرادف من مرادفات الموت، أو لنقل إنه مشروع موت وليس مشروع حياة، حتى لو كان الكثير ممن هم مشاريع موت لا يكونون واعين بموتهم. إن الموت كما الحياة تكون نفسية واجتماعية واقتصادية أو سياسية ...كما قد تحصل في الزمان والمكان، فعندما فشلت خلال السنة الماضية في دفع ساكنة قريتي من أجل تغيير ممثلهم الذي فشل في الوفاء بوعوده وتدبير شؤون القرية أكون قد مت سياسيا، فالشخص الحي الواعي والمتقد فكرياً لا يمكن أن يصلح قرية بوارا، خاوية على عروشها، وإذا رجعنا إلى كتاب "أنساب الآلهة" لهزيود نجد أن الأرض (غايا ) ما كانت لتعطي الحياة لولا الأمطار التي أرسلها إله السماء (أورانوس)، هكذا الأرض تكون بوارا دون السماء كما المجتمع يكون بوارا دون مثقفين طلائعيين يعملون على تثويره والدفع به نحو التقدم، إن المثقفين ثائرون كالآلهة حينما أبدعوا الكون، هم من يتركون المجتمع باقيا على قيد الحياة بأسئلتهم المتقدة وشكهم المتواصل، ونقدهم المشتعل الملازم للصيرورة والتحول. من هذا المنطلق حينما أكتب قصيدة، فهذا العمل إيذان بولادة جديدة، وفي الوقت الذي تنتشر فيه سوف تبث الحياة في عقول القراء، نفس الأمر لما ينجح شخص في المدرسة، أو يبتكر شيئا ما، أو يتبادل تلاميذ تلاميذ روايات أو كتب فيما بينهم، أو يتناظرون أو يناقشون أو عندما تبث قناة تلفزية مناظرة فكرية، أو تشيد مكتبة، أو تشجع تلميذ على القراءة ....
لا أذكر كم المرات التي ولدت فيها، لكن أذكر بعض المرات التي شعرت فيها بأنني أتجدد وأولد، ثاني مرة ولدت فيها بعد ولادتي البيولوجية حصلت عام 1994 ذلك حينما رجعت من الرباط بعد نجاحي عملية جراحية قمت بها واستقبلتني أسرتي بحفاوة. ولدت مرة أخرى لما كنت أحتل الصفوف الأولى خلال مسيرتي الدراسية توجتها باحتلالي الصف الأول في البكالوريا، وفوزي بترسانة من الكتب من إدارة ثانوية الشريف الإدريسي عام 2009.
غادرت الثانوية منتشيا صوب الجامعة، كان أملي أن أرى جامعة مفعمة بالحياة الثقافية، لم تكن كلية الآداب بالمحمدية كلية تعرف نشاطا طلابيا كبيرا، اللهم حضورا باهتا لقوى الظلام والموت، لكن نشاطنا لم يفتر، كانت نقاشاتنا صاخبة إبان الربيع العربي وخرجنا للشوارع نصرة للتغيير، وانتشينا بسقوط أنظمة ديكتاتورية، إلا أن تصويت الجماهير (التي اعتقدنا أنها واعية) لقوى الظلام في تونس ومصر والمغرب هو استسلام شاة لجزار، إن الثورات العربية ليست فعلاً وإنما رد فعل، ثورة خبز وجوع وليست ثورة كرامة وتسامح وعدالة وحرية، لذا فهذه الثورات ليست ولادة بل هي موت، هذه الموت سوف تستمر عقودا طويلة، لقد هزمت الجماهير المغربية التي خرجت في 20 فبراير لما تدخلت وزارة الداخلية عن طريق المقدمين وفرضت دستورا ممنوحا على الشعب المغربي، لم تكن أية شفافية في الاستفتاء، لأن المغاربة لم يخيروا في "نعم" أو "لا"، ناهيك عن الجهل والأمية والخوف، لهذا تم التصويت على دستور فاقد للمأسسة، ويعطي صلاحيات واسعة للملك ولا يتضمن فصلا للدين عن الدولة، والإقرار بحرية الضمير والمعتقد، لذا فمن المنطقي أن يكون تراجع ونكوص وموت حينما سلمت السلطة للإسلاميين، فبعد فشل الربيع العربي، شن أعداء الإنسانية وبأمر من المخزن الحرب على أهم مؤسسة ثقافية وتنويرية ألا وهي المدرسة العمومية بتقزيم هيبة الأستاذ بالمذكرات التافهة وتجويعه بالاقتطاع من أجره البائس، إضافة إلى قمع الأساتذة المتدربين وفصل التكوين عن التوظيف وتقليص المنحة وتشجيع الخوصصة ونهب جيوب الآباء، وتقليص ميزانية التعليم، إضافة إلى غلاء الأسعار وضرب القدرة الشرائية والرفع من سن التقاعد إلى 65، وعدم محاسبة ناهبي صندوق المقاصة والتقاعد وناهبي الفوسفاط والرمال والصيد البحري، زيادة على عدم حكامة الميزانية السنوية، ولا أنسى غياب العدالة الجبائية والضريبية، فالفقراء والموظفون هم وحدهم من يدفعون الضرائب .
لم يحصل أي تغيير في العالم العربي كما المغرب، فإذا كان هذا الأخير سلم لقوى ظلامية، فالعالم العربي سلم لسفاحين وقتلة وإرهابيين خرجوا من قمقم التاريخ الإسلامي بدعم من قوى الإمبريالية العالمية وعلى رأسها أمريكا، لقد شن نابليون حملة على مصر عام 1898 أدرك العرب أنهم متخلفون، حاول محمد علي بناء دولة صناعية بإرسال طلبة إلى الخارج والاستفادة من التقدم التكنولوجي والعلمي، سرعان ما تحالفت ابريطانيا مع بدو الجزيرة العربية الذين كانوا متسلحين بأيديولوجيا حنبلية تعطل الفعل الإنساني وتنبذ التقنية وتعتبرها بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، بالرغم من ذلك محمد علي كان كغيره من الحكام المستبدين الشرقيين لم يراهن على الفكر والثقافة لأنه كان يخاف على منصبه، لأن الثقافة خطيرة تعلم الديمقراطية والعلمانية والتسامح وثقافة الاختلاف، فلم يمأسس المجتمع ولم يعمل على تحديث الأزهر كمؤسسة تكفيرية ورجعية، هذا الجامع الذي كفر المفكر السوداني محمد محمود طه ظل عائقا في وجه التغيير، إضافة إلى أن الطلبة الذين رجعوا من أوروبا كعبد الرحمان الكواكبي لم تعطى لهم امكانية للتحديث، لهذا فبمجرد ما توفي محمد علي حتى تصارع أبناؤه على السلطة وتدخلت القوى المعادية وتم احتلال البلاد سنة 1882 .
بعد موت طويل منذ اعتلاء الخليفة الحنبلي القادر على السلطة في ق 13، رجعت الظلامية من جديد، فإذا استثنينا ومضة الإنسانية الآفلة والعابرة مع المأمون، ف 14 قرنا من التاريخ الإسلامي كان متبلا بالدم وإلى الآن ظل التاريخ متوقفا يعيد نفس الأحداث التي ملؤها الموت بالرغم من المحاولات النادرة مع إنشاء مطبعة البولاق خلال ق 19م، كما ظهرت دعوات إصلاحية من قوى ليبرالية وإسلامية وماركسية مع الكواكبي ومحمد عبدو وشبلي شميل وفرح أنطون ...لكن منذ اكتشاف البترول، صار هذا الأمر خطيرا على تحرر الشعوب العربية وولادة الإنسان، لقد تحالفت أمريكا والسعودية، و أنشأت هذه الأخيرة قنوات دينية تخريبية ووزعت كتبا صفراء في المحطات، وجندت الشباب العربي للمشاركة في حروب قذرة كحرب أفغانستان واليمن وسوريا، وحاربت الفكر اليساري للحيلولة دون إحداث الثورة الثقافية التي تقطع كليا مع الوصاية الدينية والسياسية والاقتصادية وتجعل من الإنسان يولد وينتج أفكاره بنفسه دون توجيه أو تحكم، غير أن الجماهير العربية لم تستفد من ماضيها، فبعد ثورة عرابي وثورة 1919 وثورة يوليو 1952 وثورات التحرير رجع العالم العربي إلى الصفر خلال 2011، كانت ثوراته خبزية من أجل العيش، وليست ثورة قائمة على القيم المدنية للقطيعة مع الماضي، فتحولت اليمن وليبيا وسوريا إلى دمار، فما حدث في الساقفة والفتنة وحرب الجمل وصفين يعاد الآن، كأن الزمن متوقف يأبى الحركة، ثورات العرب هي ثورات رعاع لا أفراد ومواطنين يطالبون بدولة تقطع مع الاستبداد السياسي والديني. عاد الشيوخ ورجال الدين يفتون ويقررون مصير العرب، من الصعب جدا أن تحدث الولادة إلا في إطار ثورة فكرية وثقافية تمجد الإنسان وملكاته وقدراته بالقطيعة مع الفكر الديني .
ع ع / 03 أبريل 2016 .



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدينة تارتروس *
- رثاء أيقونة
- التنوع السوسيومجالي : ظاهرة الأفارقة جنوب الصحراء (تأطير الب ...
- التنشئة الهدرية : مدخل نظري لتفكيك الأصنام الكبرى (الله، الن ...
- مريم الشيخ (1) : النساء المكتريات : جرأة في الطرح وتواضع في ...
- أيام عصيبة بالقسم الداخلي (2)
- من هم الأشخاص دون سكن قار (SDF) ؟
- أيام عصيبة بالقسم الداخلي (1)
- منزلنا الريفي (98)
- منزلنا الريفي (99)
- منزلنا الريفي (100)
- شبح الجفاف
- منزلنا الريفي (96)
- منزلنا الريفي (95)
- منزلنا الريفي (94)
- منزلنا الريفي (93)
- منزلنا الريفي (91)
- منزلنا الريفي (92)
- منزلنا الريفي (89)
- منزلنا الريفي (90)


المزيد.....




- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها
- يهود أفريقيا وإعادة تشكيل المواقف نحو إسرائيل
- إيهود باراك يعلق على الهجوم الإيراني على إسرائيل وتوقيت الرد ...
- الراهب المسيحي كعدي يكشف عن سر محبة المسيحيين لآل البيت(ع) ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الله عنتار - هل حاولنا أن نولد مرة واحدة وانتهت؟