أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - انور سلطان - نقد الشافعي, الحلقة (11 / 29): دعوى الاجتهاد الجزء 2















المزيد.....

نقد الشافعي, الحلقة (11 / 29): دعوى الاجتهاد الجزء 2


انور سلطان

الحوار المتمدن-العدد: 5126 - 2016 / 4 / 7 - 10:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نقد الشافعي, الحلقة (11 / 29): دعوى الاجتهاد الجزء 2

الاجتهاد في معرفة القبلة

قال تعالى: (فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره). (البقرة: 144). وقال: (ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحراك وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) (البقرة: 150).

قال الشافعي معلقا: (فدلهم جل ثناؤه إذا غابوا عن عين المسجد الحرام على صواب الاجتهاد مما فرض عليهم منه، بالعقول التي ركب فيهم، المميزة بين الأشياء وأضدادها، والعلامات التي نصب لهم دون عين المسجد الحرام الذي أمرهم بالتوجه شطره). (الرسالة: 24).

وقال في موضع آخر: (ففرض عليهم حيث ما كانوا أن يولوا وجوههم شطره، وشطره جهته في كلام العرب). (الرسالة: 34).

وقال: (إن شطر الشئ قصد عين الشئ، إذا كان معاينا فالبصواب، وإذا كان مغيبا فالاجتهاد بالتوجه إليه، وذلك أكثر ما يمكن فيه). (الرسالة: 38).

وذكر آيات النجوم والعلامات: (وهو الذي جعل لكم النجوم لتهدوا بها في ظلمات البر والبحر) (الأنعام: 97). وقوله: (وعلامات وبالنجم هم يهتدون) (النحل: 16).

وقال معلقا: (فكانت العلامات جبالا وليلا ونهارا، فيها أرواح [رياح] معلومة الأسماء، وإن كانت مختلفة المهاب. وشمس وقمر ونجوم، معروفة المطالع والمغارب من الفلك. ففرض عليهم الاجتهاد بالتوجه إلى شطر المسجد الحرام، بما دلهم عليه مما وصفت (أي من العلامات) فكانوا ما كانوا مجتهدين غير مزايلين أمره جل ثناؤه، ولم يجعل لهم إذا غاب عنهم عين المسجد الحرام أن يصلوا حيث شاؤا). (الرسالة: 24).

وقال في موضع آخر: (فخلق لهم العلامات ونصب لهم المسجد الحرام وأمرهم بالتوجه إليه. وإنما توجههم إليه بالعلامات التي خلق لهم، والعقول التي ركبها فيهم، التي استدلوا بها على معرفة العلامات. وكل هذا بيان ونعمة منه جل ثناؤه). (الرسالة: 38).




نقاش الاستدلال على القبلة

لقد كان النبي والمسلمون يصلون إلى بيت المقدس قبل أن ينزل نص يقول لهم توجهوا إلى بيت المقدس مستخدمين علامات معينة لتحديده, وقبل أن تنزل الآيات السابقة التي تتحدث عن العلامات. فهل اجتهدوا بالعلامات بدون وجود نص يأمرهم بالإجتهاد باستخدام العلامات لمعرفة اتجاه بيت المقدس؟

ثم نزلت الآيات والنبي يصلي جماعة وتحول مباشرة إلى مكة ولم يقطع الصلاة لينظر للعلامات ويستدل بها على مكة. ولم يفعل غيره ذلك. فقد يعرفون اتجاه القدس ومكة قبل أن يظهر الإسلام.

حديث الشافعي عن القبلة والاستدلال عليها مغالطة متهافتة. ذلك أن العلامات إما أن تكون دالة بذاتها على الكعبة، وهي في هذه الحالة ستكون فعلا دلائل أقامها الله على اتجاه بيته الذي نصبه لهم, وستكون دعوى الشافعي صحيحة. أو تكون مجرد علامات وافق بعضها الاتجاه الذي عُلم من قبل بدونها، وفي هذه الحالة لن تكون دلائل، والدليل أمر آخر. لقد خلط الشافعي بين اتخاذ علامة جغرافية أو فلكية على اتجاه مكان بعينه، عُرف بدونها، بالنسبة لمكان آخر، وهي في هذه الحالة مثل علامة وضعها الإنسان بيده لتشير إلى الاتجاه المعلوم، وبين كونها دالة بذاتها بشكل مطلق على اتجاه مكان بعينه من أي مكان آخر. واتخاذ علامات فلكية وجغرافية على الاتجاهات يقوم به كل البشر وليس خاص بالمسلمين وحدهم, وبالتالي لا دليل فيه على أن الله وضع علامات لأحكامة. لا توجد أي علاقة إطلاقا بين هذه العلامات المادية وبين زعم الشافعي أن الله وضع علامات لأحكامه الغائبة.

لا يمكن أن تكون النجوم وغيرها من الظواهر الكونية، ولا علامات الطريق، علامات على الكعبة أو حتى مكة كلها. ولا علاقة للآيات التي ذكرت فيها النجوم والعلامات، ولا للنجوم والعلامات، بمعرفة اتجاه ومكان الكعبة إلا كعلاقتها بمعرفة اتجاه عاصمة جزر القمر.

لقد كان أهل كل بلد قديما يعرفون اتجاه أي بلد آخر بالنسبة إليهم عبر السفر الذي يستطيعون عن طريقه تقدير المحصلة النهائية لاتجاه خط السير من بلدهم إلى البلد الآخر. وكانت معرفة تقريبية. وفي سفرهم يحددون معالم واضحة ثابتة يرونها من بعيد تدلهم على الطريق فيجعلونها عن يمينهم أو يسارهم أو ينعطفون عندها، كما يحددون أماكن التوقف والاستراحة. ومعالم الطريق هذه لا تـُرى من بلدهم، وليست على خط مستقيم. أما في الصحراء الجرداء والبحر فيستدلون بالنجوم على الاتجاهات الأربعة التي يعرفونها أساسا، وعندما يقصدون بلدا معروف الاتجاه بالسير إليه في خط مستقيم أو شبه مستقيم ، فإن النجوم تعينهم على ضبط الوجهة وعدم الانحراف.

لقد تشبث الشافعي بكلمة "علامات" في الآية: (وعلامات وبالنجم هم يهتدون) (النحل: 16). وحملها على المعنى الذي يريده تحكما. واستدل بهذه الآيات على أن الله وضع علامات لأحكامه، هي أساس الاجتهاد، الذي من المفروض -حسب الشافعي نفسه- أن يكون في مسائل لا نص فيها.

إن النجوم وما يتخذه الناس من علامات للطرق هي عند الشافعي علامات دالة (دلائل) وضعها الله للاستدلال بها على اتجاه الكعبة. وهذه الآيات، إذن، هي دليل عند الشافعي أن الله وضع دلائل لأحكامه التي لم ينص عليها. كما هو الأمر عند التوجه للبيت الحرام. ولأن آية القبلة تتطلب استدلالا بالدلائل فهي دليل على القياس والاجتهاد. ومهمة العقل هي معرفة الدلائل التي وضعها الله للناس حتى يستدلوا بها لمعرفة أحكامه.
إن الآيات التي تأمر بالتوجه إلى القبلة خطاب للنبي ولمن أسلم من العرب وقتها الذين يعرفون اتجاه الكعبة أساسا، وكانوا يحجون إليها، قبل أن ينزل القران يدلهم على العلامات المزعومة التي تعرفهم باتجاه الكعبة. ولو نزل القران في جنوب إفريقيا، الذي لا يعرف أهله أين تقع مكة، لما أمرهم بالصلاة إلى الكعبة التي يجهلونها.

إن الأمر بالتوجه إلى الكعبة هو أمر بالتوجه إلى جهة معلومة. صحيح قد يجهل المسافر أثناء سفره، إذا لم ينزل بقوم، اتجاه الكعبة، وهذه حالة نادرة لا يقاس عليها. والنجوم لن تسعف المسافر في معرفة الاتجاه، وأي محاولة لمعرفة الاتجاه ستعتمد على تحديد مكانه الذي يقف فيه من أقرب مكان يعرف منه اتجاه الكعبة. ولو كان المسلمون في حالة جهل مطبق باتجاه الكعبة كالمسافر الغريب لكان تكليفهم بالتوجه إلى الكعبة تكليفا بما لا يستطاع، ولما أغنت النجوم والعلامات عنهم شيئا.

ولو وضع الله فعلا النجوم علامات دالة على الكعبة، ليس في هذا دليل على أن الله وضع علامات على أحكامه التي لا نص فيها، إذا سلمنا أن هناك أحكام لله لم ينص عليها. وإذا وجدت أحكام لله لا نص فيها، وأن الله أمر بالاجتهاد لمعرفتها، لن يكون هناك طريق لمعرفتها سوى العقل نفسه بما يعرفه من عدل ومصلحة لا تنفصل عن الظروف القائمة، وليس علامات مزعومة مجردة لا علاقة لها بالواقع وظروف الإنسان.

والخلاصة: كان كل أهل بلد قديما يستدلون على اتجاه بلد آخر، بالنسبة لبلدهم، عبر تقدير محصلة اتجاه السير من بلدهم إلى ذلك البلد. ومعرفة اتجاهات البلدان من المعرفة الدنيوية البحتة، والمعرفة الدنيوية ليست معرفة بحكم الله. وقد يبنى بعض الأحكام الدينية على معرفتنا الدنيوية كمعرفتنا بالوقت والتاريخ والاتجاهات.

وأمر القران بالتوجه إلى شطر المسجد الحرام هو أمر بالتوجه إلى جهة المنطقة عموما التي تقع مكة فيها بالنسبة إلى كل قوم، وهي جهة معروفة لكل قوم من قبل أن ينزل القران. وليس المقصد إصابة عين الكعبة، بل اتخاذ اتجاه الكعبة قبلة، وهو اتجاه نعرفه من اتجاه المنطقة التي تقع فيها مكة. فلسنا مطالبين بإصابة عين الكعبة الغائب عنا، بل بالتوجه للجهة التي نعرف أن الكعبة فيها وهي جهة البلد عموما الذي تقع فيه الكعبة. واتخاذ هذه الجهة قبلة. وإذا كان هذا كذلك فليست هناك عين غائبة تطلب كما زعم الشافعي، ليقول أن حكم الله عين غائبة تُطلب بالاجتهاد، ويجوز الخطأ فيه، لأن المجتهد ليس مكلف بإصابة عين الحق (علم الظاهر والباطن) كما يجوز الخطأ في عدم إصابة عين الكعبة. وهو مأجور على كل حال، فإن أصاب عين الحق له أجران، وإلا فأجر واحد. وسبق تفنيد مقولة علم الظاهر والباطن السفسطائية التي قال بها الشافعي لتبرير إختلاف المجتهدين.



#انور_سلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد الشافعي, الحلقة (10 / 29): دعوى الاجتهاد الجزء 1
- نقد الشافعي, الحلقة (9 / 29): دعوى شمول الشريعة الجزء 7
- نقد الشافعي, الحلقة (8 / 29): دعوى شمول الشريعة الجزء 6
- نقد الشافعي, الحلقة: (7 / 29): دعوى شمول الشريعة الجزء 5
- نقد الشافعي (6 / 29): دعوى شمول الشريعة الجزء 4
- نقد الشافعي, الحلقة (4 / 29): دعوى شمول الشريعة الجزء 2
- نقد الشافعي, الحلقة (5 / 29): دعوى شمول الشريعة الجزء 3
- نقد الشافعي, الحلقة (3 / 29): دعوى شمول الشريعة الجزء 1
- نقد الشافعي, الحلقة (2 / 29): تمهيد لا بد منه
- نقد الشافعي، الحلقة (1 / 29): المقدمة
- نظرية الكهنوت الإسلامي
- الداعشي الذي اعدم امه
- النبي محمد والحرب الدفاعية والهجومية
- نقد الحوار المتمدن
- مؤسسات المجتمع المدني في العالم الثالث كلام فارغ من المعنى
- العرب والاستعمار والكيل لغيرهم بكيل الاستعمار
- قصة ادم وحواء في التوراة والقران
- خلق الكون في التوراة والقران
- قصص القران تذكير بما في العهدين لا تعريف بقصص مجهولة
- التوراة والانجيل كتابان صحيحان حسب القران


المزيد.....




- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - انور سلطان - نقد الشافعي, الحلقة (11 / 29): دعوى الاجتهاد الجزء 2