أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - يامنة كريمي - الغائب أو المُغيَّب في (وليس الذكر كالأنثى)















المزيد.....

الغائب أو المُغيَّب في (وليس الذكر كالأنثى)


يامنة كريمي
كاتبة وباحثة

(Yamna Karimi)


الحوار المتمدن-العدد: 5125 - 2016 / 4 / 6 - 15:14
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



يامنة كريمي.
يطرح الفكر الفقهي المعادي للمساواة بين الجنسين إشكالا كبيرا جدا على المجتمعات الإسلامية من حيث إنه يلجأ لآيات قرآنية منتقاة على أساس ظاهر النص ومنزوعة من سياقها من أجل تبرير التمييز الحاط من كرامة الأنثى اعتقادا منه أن ذلك يرفع من قيمة الذكر ويوحد كل السلط في يده مما يثبت "الرجولة = الديكتاتوريته". الأمر الذي كان سببا في انتشار معظم أنواع المفاسد بالمجتمعات الإسلامية، كالعنف والفساد الخلقي والمالي والعقلي الذي تعاني منه المجتمعات الإسلامية بمختلف فرقها ومذاهبها ومنها المغرب ممثلا في المؤسسات الدينية الرسمية. وللتوضيح ورفع اللبس نعالج معا نموذجا معبرا وبسيطا وهي عبارة، (وليس الذكر كالأنثى).
(وليس الذكر كالأنثى)، هي ما ورد في الآية 36 من سورة آل عمران: (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ). وهو من ضمن ما يستشهد به الرافضون للمساواة بين الجنسين في الحقوق لتكريس النمطية في الحياة بين الذكر والانثى بدعوى أنها ظاهرة فطرية وسندهم اليتيم في ذلك هو اختلاف بعض أعضاء الإنسان الظاهرية. وهذه الآية جاءت في آخر ما صدر يوم الخميس 24 مارس 2016 في موقع يعبر عن فكر فئة معظم أعضائها موظفو دولة (في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أو التعليم...)
وسندرس هذه الآية تبعا للمنهج السياقي. لكن سنقفز على مرحلة تحديد المفاهيم لأنها واضحة إلى المرحلة الموالية ونبدأها بطرح السؤال التالي: - من أي نوع من الآيات القرآنية، هي الآية 36 من سورة آل عمران والتي وردت فيها عبارة، (وليس الذكر كالأنثى)؟
إن هذه الآية، هي من نوع قصص الأنبياء وتاريخهم وموضوعها هي السيدة مريم بنت عمران التي خص الله سبحانه وتعالى قصتها بمجال رحب في كتابه العزيز في كل من سورة آل عمران حيث حكى الله عن ظروف وسياق ولادتها. أما سورة مريم فالخبر فيها كان موضوعه هو تنسكها وإنجابها السيد المسيح وما أحاط بذلك من أحداث. والآية موضوع المقال تدخل في سياق قصة الولادة وهي كما وردت في مجموعة من كتب التفسير والتاريخ انطلاقا من القرآن:
ذلك أنّ حنة زوجة عمران نذرت وعهدت ربها إنّ ولدت ولدا ذكرا أن تعفيه من كل مسؤولية اتجاهها وتجعله في خدمة بيت المقدس كنوع من العبادة والامتنان والشكر للرب، ( إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (سورة آل عمران، الآية 35. لكن عندما ولدت بنتا أصيبت بنوع من الخيبة والإحساس بالعجز عن الوفاء بالنذر لأن عادات وثقافة المجتمع أنداك لم تكن تسمح للأنثى بخدمة المعبد. فلم تجد أمام خيبة أملها –حسب إدراكها- سوى أن تتأسف بين يدي الرب وتطلب التعويذة لابنتها مريم كما جاء في الآية 36 من سورة آل عمران: (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ).
لتبسيط قراءة هذه الآية وفهمها واستخراج الفكرة والخطاب اللذين تحملهما، قسمناها إلى مجموعة من الجمل تبعا لدلالة والآية من كل جملة فحصلنا على ما يلي:
1) (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى)، فالمتكلم في هذه الجملة هي السيدة مريم وهي تعني أنها ولدت بنتا وأنها تخبر ربها بذلك.
2) (وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ)، هذه الجملة جملة اعتراضية، والمتكلم هنا هو الله عز وجل والفكرة هي أنه كان يعلم بما ستلد السيدة حنة وإن كانت هي تجهل بذلك.
3) (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى)، هذه الجملة هي تمييز بين الذكر والأنثى. والمتكلم هنا هو الله سبحانه وتعالى حكاية عن حنة زوج عمران والذي كان كلامها تعبير عن فكر مجتمعها أنداك اتجاه النوع أو الجنس الأمر الذي يؤكد صحته قوله تعالى في سورة النحل الآيتين 58/ 59: (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالأُنثى ظَلَّ وَجهُهُ مُسوَدًّا وَهُوَ كَظيمٌ / يَتَوارى مِنَ القَومِ مِن سوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمسِكُهُ عَلى هونٍ أَم يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحكُمونَ). وهذه العادات السيئة هي من ضمن مظاهر الظلم والجور التي جاء النص القرآني لإصلاحها وأنسنتها كما تدل على دلك مجموعة من الآيات القرآنية التي تنص على المساواة (بالتماثل وبالتكافئ) بين الجنسين -باستثناء التفضيل على أساس التقوى والجد والعمل الصالح- وإلا فلن تتحقق أهم مقاصد الديانات السماوية وهي العدل. وإن كان ذلك قد تم التفصيل فيه في أبحاث سابقة فلن نستغني عن الاستشهاد بثلاث آيات لها أهمية كبيرة في هذا السياق وهي قوله عز وجل: (لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ-;- يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ-;- يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ/ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (سورة الشورى الآيتين 49 /50. أما الآية الثالثة فهي التي تأتي مباشرة بعد الآية 36 من سورة آل عمران (...وليس الذكر كالأنثى...) وهي الآية 37: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ).
وبعد هذا التوضيح الموجز والبسيط لدلالة عبارة (وليس الذكر كالأنثى) اعتمادا على المنهج السياقي وعلى تفسير وتبيان القرآن بالقرآن، فلا بد من الإشارة ولو بعجالة إلى طبيعة وخطورة معظم الاجتهادات "الفقه" في مجال الشريعة الإسلامية السائدة حاليا وخاصة في المغرب.
إن المغرب يعرف حركة اجتهاد ديني نشيطة، فإلى جانب الاجتهاد الديني الفردي والمحدود أو المحاصر هناك مؤسسات دينية لا تحصى ولا تعد. لكن رغم تنوع العنصر المتدخل في مجال الاجتهاد، فما تم التأكد منه، خاصة بالنسبة لمعظم المؤسسات الدينية الرسمية، هو سيادة الحفظ والاعتماد على ظاهر النص والتقليد الأعمى على حساب الفقه والتعقل. وكذلك سيادة الجانب النظري على حساب الجانب التطبيقي، مما فتح ويفتح باب كثرة الأخطاء أو المغالطات، الأمر الذي انعكس سلبا على الفكر الاجتماعي الشعبي الذي اختلطت عليه المفاهيم فسقط من جديد في أنظمة وعلاقات بشرية جائرة (الجهل والخرافة، العنف والكراهية وعدم قبول الاختلاف أو الآخر،...)، لا تختلف عن تلك التي جاء الدين الإسلامي السماوي بشرائعه الثلاث لإصلاحها بالتدرج سواء على مستوى الشرائع فيما بينها أو على مستوى الأحكام في القضايا والأمور داخل الشريعة الواحدة حسب الظروف والسياق. إضافة إلى هدر أموال الشعب حيث تشرف وتتصرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في ثروة وطنية لو وجهت للتنمية والتشغيل...لكان الحال غير الحال. ناهيك عن عدم انسجام آراء هذه الفئة من "الفقهاء" مع اتجاه السلطة الرسمية في موضوع الاجتهاد في الدين وكذلك الدستور المغربي لسنة 2011 وكل ما يرافقه من مؤسسات وطنية حقوقية ومن أوراش ديمقراطية. دون أن ننسى ما تتسبب به طبيعة المجتهدين هذه من توتر بين السلطة المغربية والرأي العام الدولي والمؤسسات الأممية فيما له صلة بقيم التمدن والإنسانية وأمور أخرى...



#يامنة_كريمي (هاشتاغ)       Yamna_Karimi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المساواة المطلوبة بين الجنسين بالمغرب
- هذا جوابنا والله شاهد على صدقه
- إخفاء الحقيقة التاريخية للمرأة الأمازيغية شكل من أشكال طمس ا ...
- إخفاء الحقيقة التاريخية للمرأة الأمازيغية شكل من أشكال طمس ا ...
- إخفاء الحقيقة التاريخية للمرأة الأمازيغية شكل من أشكال طمس ا ...
- أي سياق لتعيين وزيرات بالإمارات؟
- مقررات التربية الإسلامية بالمغرب، واقع وآفاق
- يامنة كريمي - باحثة في قضايا المرأة والديانات من المغرب - في ...
- لنكرم الراحلة زليخة نصري بصفة رَجُلَةَ الدولة
- مسار التمييز الجندري وموقف الأنثى، المغرب نموذجا.
- تأصيل المساواة بين الجنسين في القرآن: التمييز بين الجنسين لي ...
- صورة المرأة في الخطاب الديني
- امرأة الشعوب الأصلية بين نزيف الإقصاء، وانتظارات النضال. الم ...
- هل التنكر والإساءة لهيئة التدريس هو الحل لأزمة التعليم بالمغ ...
- الإسلام السياسي يترأس الحكومة المغربية، المنطلقات والتوقعات
- ليست ثورات عربية، إنها ثورات الديمقراطية والمساواة
- هل الدستور الجديد سيقطع مع التمييز الجندري بالمغرب؟
- الوسائط المعلوماتية بين الرفض والتأييد
- سماء السلفية تمطر وعيدا
- قداسة الفقهاء بين الحرمان والقهر وتضخم الآمال البعدية


المزيد.....




- برلماني بريطاني.. الاحتلال يعتدي حتى على النساء الفلسطينيات ...
- السعودية ترأس لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة بدورتها الجدي ...
- تطورات في قضية داني ألفيش -المتهم بالاغتصاب-
- رومي القحطاني.. أول سعودية تشارك بمسابقة ملكة جمال الكون 202 ...
- شون كومز.. مغني الراب الأمريكي الشهير واتهامات -الاغتصاب وال ...
- بصورة مع علم السعودية.. رومي القحطاني تعلن تمثيل المملكة بأو ...
- الشهادة السابعة من حملة #مش_طبيعة_المهنة
- لأول مرة.. سعودية تشارك بمسابقة ملكة جمال الكون
- العنف الرقمي يهدد اللبنانيات.. ابتزاز واحتيال وانتهاك خصوصية ...
- نازحو/ات اليمن.. معاناة متفاقمة باستمرار الحرب


المزيد.....

- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع
- النسوية.المفاهيم، التحديات، الحلول.. / طلال الحريري
- واقع عمل اللمراة الحالي في سوق العمل الفلسطيني الرسمي وغير ا ... / سلامه ابو زعيتر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - يامنة كريمي - الغائب أو المُغيَّب في (وليس الذكر كالأنثى)