أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - سوطٌ لكل امرأة














المزيد.....

سوطٌ لكل امرأة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5123 - 2016 / 4 / 4 - 08:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وخزة شوكة

سألني الشاعرُ الإنجليزيّ: هل تعاني المرأةُ العربية المبدعة؟ قلتُ: نعم. قال: من تحرّشات الرجال بها؟ قلتُ: تعاني أولا بوصفها إنسانًا في عالم يفقدُ فيه الإنسانُ كلَّ يوم درجةً من آدميته، ثم هي تعاني شأنَ كلِّ كاتبٍ لاصطياد الكلمة والفكرة والصورة، ثم هي تعاني كامرأة في مجتمعات بطريركية شأنها شأنَ كلِّ النساء العربيات، ثم هي تعاني كونها امرأةً تفكر، إذ المرأةُ كائنٌ ناقصُ الأهلية، ومن ثم يتحسّس الرجلُ مسدسَه كلما أمسكتِ المرأةُ قلما لتكتب.
الرجلُ "المأزوم" وحده هو الذي يُقزّم المرأةَ في مجرد فستان وجديلة شعر ووجه جميل؟! ثم يتساءلُ النقّادُ: لماذا لا توجد لدينا كاتبات في حجم كاتبات الغرب؟ هل ترون السؤال ذكيًّا وعادلا أم عبثيا وينمُّ عن عماءِ؟ أعطونا مجتمعاتٍ صحيةً، ونظرةً راقيةً للمرأة، وحريةً فكرية وإنسانية، للرجل وللمرأة معًا، أعطِكم كاتبات عربيات توازي قامةَ من فرجينيا وولف وآليس ووكر وإيميلي ديكنسون.
الكاتبةُ العربية تحارب في جبهات عدة، بينما الكاتب لا يحارب إلا في ساحة الكتابة. على المرأة أولا أن تقنع أباها وأخاها وأمها ثم زوجها وابنها أن لديها ما تقول، فإن سمحوا لها فعليها أن تقنع المجتمع أن عقلها غيرُ ناقص وأن بوسعها أن تبدع. ثم بعدئذ، وهو الأهم، عليها أن تبدع بحق (وهو العراك الوحيد المتشابهة فيه مع الرجل، والأهم أنه العراك الوحيد الشريف من بين معارك لا حصر لها خارج القضية الخاوية المعنى، تُزجُّ إليها المرأةُ زجًّا). ثم تأتي المعركة "غير النبيلة"، تلك التي بوسع المجتمع، لو كان راقيا، أن يوفر على المرأة خوضها. هي معركة المبدعة اليومية لتقنع القراء والأدباء أن كتابتها هي محض عمل فنيّ وليس سيرتها الذاتية. فكثيرةٌ هي العيون التي تفتش بين السطور عن أسرار الكاتبة! كأنما يعوزها الخيال لتبدع! هل نظر الكتّابُ الرجال لكل تلك الحروب التي تخوضها المرأة المبدعة قبلما يحاسبونها على الضوء الذي يُسلط على تجربتها حال قدمت شيئا مائزا؟
الرياضيات علمتنا أن المقارنة لا تجوز إلا إذا ثبتنا كل العوامل ووجوه المقارنة إلا وجها واحدا هو محل المقارنة. فهل المتاحُ للرجل الشرقي الكاتب متاحٌ للمرأة الكاتبة حتى نقارن النتائج بالنتائج؟
حدّثَنا التاريخُ أن جوديث شقيقة شكسبير كانت تمتلك موهبةً أكبر من أخيها، لكنها لم تنل ما نال من تعليم وترحيب بالوجود ثم ترحيب بالكتابة مثلما نال هو، فغدا هو مَن هو، وظلت هي خلف جُدُر الظلام لا أحد ثمة يعرف عنها شيئا. وفرجينيا وولف الفاتنة خاضتِ المرَّ ولم يُسمح لها بالذهاب إلى المدرسة مثل أشقائها البنين فعلّمتْ نفسَها بنفسها وغدت ما غدت. وهذه سيمون دو بوفوار تقول: المرأةُ لا تولد امرأةً، بل يجعلها المجتمعُ كذلك.
ثم سألني: بوصفك كاتبةً في مجتمع بطريركيّ كيف حللتِ المعادلة؟ قلت: تعلّمتُ أن أترك (نوعي) في بيتي وأخرج للمجتمع "إنسانًا" وحسب. عقلٌ يتحاور مع عقول. عقلي هو الذي يُنصتُ إلى الوجود، هو الذي يكتب وهو الذي يتلقى النقدَ الحقيقيّ فيتحاور معه، وهو الذي يتلقى كلام المجاملة الأجوف فيضرب عنه صفحًا، وهو الذي يواجه ما تسمونه تحرشًا فيُخرج سوطًا ويبطش.
ليس نيتشه وحده الذي يمتلك سوطا لامرأته، أنا- وكل امرأة- لها سوطها الخاص الذي تؤدّبُ به من يعوزه الأدب.
كل عام وكل نساء العالم بخير. كل عام والمرأة حرّة الروح والعقل. كل عام والمرأة مثقفة مدركة أن الله كلفها وحملها الأمانة مثلها مثل الرجل لأنها تماما مثل الرجل في الوعي والإدراك وتحمل المسؤلية. الله عظيم عدل لم يخلق كائنات ناقصة العقل ليكلفها بكامل التبعة. أيها النساء، أنتن جميلات هذا الدنيا.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كُن مرآةً ولا تكن عكازًا
- البيض الأرجنتيني
- الست فضة والست ماري
- لقاء الرئيس الذي لم أحضره
- هل نلغي الدستور؟
- الكود الإنساني للأطفال
- تيمور السبكي... ونحن والدستور
- اسجنوا بورخيس مع أطفال المنيا
- أيها الشعراء غنّوا وأُسجنوا!
- الحريةُ مناطُ التكليف | أخرسونا لتدخلوا الجنة!
- لماذا لم يعصفِ اللهُ بالملائكة؟
- ازدراءُ الأديان ازدراءٌ للأديان!!
- سياطٌ على ظهر الحكيم
- قصيدة للشاعرة فاطمة ناعوت (سجن)
- سأهربُ إلى قبر جدتي
- قانون -نيوتن- الرابع
- ماذا قال لي برنارد شو
- رسالة إلى الله
- اسجنوا أولئك الثلاثة
- أم الشهيدة والأرنب المغدور | سامحيني يا سمراء!


المزيد.....




- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - سوطٌ لكل امرأة