أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وليد يوسف عطو - يسوع من الناموس الى درب الصليب















المزيد.....

يسوع من الناموس الى درب الصليب


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 5121 - 2016 / 4 / 2 - 13:04
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



البحث عن الاصول

لقد اكد يسوع على اهمية النقاء الروحي الداخلي للانسان وليس على الطهارة الجسدية الخارجية .في انجيل مجهول عثر عليه في مصر في بردية يرجع تاريخها الى النصف الاول من القرن الثاني الميلادي نقرا النص التالي على لسان يسوع :
( انت اغتسلت بالماء الراكد الذي تستلقي الكلاب والخنازير فيه ليل نهار , اما انا وتلاميذي الذين قلت عنا اننا نجسون , فقد اغتسلنا بالماء الحي الذي يسكب من السماوات ).والماء الحي يقصد به المعمودية الروحية, اي الاستنارة والولادة الثانية الجديدة , انها مسحة وختم من الروح القدس .

تحدث المؤرخ يوسيفوس في كتابه (الحرب اليهودية)عن ضرورة التطهر قبيل دخول المعبد , لكنه لايحدد هذا الطقس .وفي انجيلي مرقس ومتى موقف فكري مواز لهذا الكلام , لكنه ليس واضحا . حيث لام الفريسيون تلاميذ يسوع لانهم لايغسلون اياديهم قبل تناولهم للطعام.

وقد وبخ يسوع الفريسيين على نفاقهم , اذ قال لهم لايدنس الانسان مايدخل جوفه بل مايخرج من فمه , في اشارته الى افكار الانسان ,وهذا القول يعكس روح وجوهر تعاليم يسوع .
تقول الباحثة :
ا .س . سفينسيسكايا في كتابها:
( المسيحيون الاوائل والامبراطوريةالرومانية ) ان يسوع في الموعظة على الجبل كما استعرضها الانجيلي ( البشير) متى في الاصحاحات (5 و 6 و 7 )تحدث عن الصوم لكنه لم يتحدث عن ضرورته ,بل عن الصوم في (السر)بحيث لايظهر الصائم صائما امام الناس , انما امام الاب السماوي .

كما لم يكن موقف يسوع وتلامذته متماثلا تجاه مسالة تحريم القيام باي عمل في يوم السبت . حيث يبدو ان يسوع يجيز عمل الخير والاعمال الضرورية والنبيلة يوم السبت حيث تحدث يسوع عن ضرورة اخراج الحيوان الذي يسقط في حفرة او بئر يوم السبت . ان انكار يوم السبت لم يكن موقفا حاسما عند يسوع .

في مقطع من انجيل لوقا القانوني ( الرسمي )لم يدخل الصيغة النهائية لهذا النص القانوني :
( في اليوم عينه راى انسانا يعمل في السبت , فقال له : ايها الانسان اذا كنت تعرف ما الذي تفعله , فانت مبارك . اما اذا كنت لاتعرف فانت ملعون لانك تخالف الناموس ).وهذا يعني اذا كان هذا الرجل ينتهك تحريم العمل يوم السبت عن وعي لتحقيق غايات نبيلة فرضتها الضرورة ,حيث يكون التواصل مع الفقراء , فانه رجل مبارك ,ولكنه اذا كان لايعرف الشريعة ,اوانه لايريد ان يعرفها , وينتهكها دون تفكير , فانه رجل ملعون , بمعنى آخر ان الالتزام بمتطلبات اليهودية ليس مهما بحد ذاته , انما المهم هو الاهداف التي من اجل بلوغها يجري الانتهاك .

وينتمي المقطع الذي سقناه هنا الى المخطوطات الاولى لانجيل لوقا ,لكنهم استثنوا هذا المقطع اثناء وضع قانونية الاناجيل , لان غالبية المسيحيين كانت قد كفت عن الالتزام بيوم السبت .ان العودة الى الشريعة اليهودية وليس الى شريعة المسيح والرسول بولس سنجدها لدى الطوائف الانجيلية حيث العودة الى تقديس يوم السبت .

ان النواة الاهم في المعايير الاخلاقية التي بشربها يسوع هي متطلبات الحد الاقصى التي اجتمعت في الموعظة على الجبل :
( لاتقاوموا الشر بالشر...احبوا اعداءكم , باركوا لاعنيكم , احسنوا الى مبغضيكم , وصلوا من اجل الذين يسيؤون اليكم ويضطهدونكم – متى - )

ان هذه المتطلبات التي لايجري التقيد بها من حيث الجوهر لدى اليهود وخاصة لدى الفريسيين , هي التي ميزت تلاميذ يسوع , اي الحواريون , عن باقي طوائف اليهود والطوائف المستقلة من ديانات الاسرار.

ثمة ابهام يحيط بموقف يسوع واتباعه تجاه التبشير في الاوساط اليهودية. وللوهلةالاولى يتكرس انطباع بان البشارة والدعوة كانت مكرسة لليهود فقط ( انما جئت فقط من اجل الخراف الضالة في بيت اسرائيل ) ( متى ) . ولكنه كان في اثناء ذلك يشفي ابناء الاثنيات الاخرى والاديان الاخرى . فقد شفى خادم المئة الروماني في كفرناحوم ( لوقا ) , وابنة امراة سورية – فينيقية دعاها انجيل مرقس (هللينية) وفي الترجمة القانونية( وثنية ) . وتكلم يسوع بحسب انجيل يوحنا مع المراة السامرية. وكان اليهود الاصوليون مثل يهود اورشليم يتجنبون الاختلاط بالسامريين او المرور بالسامرة .

ومن الواضح ان سلوك يسوع يعكس تراجعا عن الالتزام بالتقاليد اليهودية والتزمت بالشريعة الصارمة من اجل تحقيق اهداف نبيلة , والسعي الى الانفتاح على العالم .لقد كان يسوع يبشر في مناطق تضم خليطا من السكان , خاصة ضواحي المدن الفينيقية التي كانت تتمتع بالحقوق الاغريقية , لذلك يمكننا القول ان تلك المشاهد تنتمي فعلا الى احداث واقعية حافظت عليها ذاكرة الرسل .

تنقل الينا الاناجيل , خصوصا انجيل يوحنا , خبر مجيء يسوع الى المعبد اليهودي (الهيكل )وطرده لباعة الحمام والصيارفة :( متى , مرقس , لوقا , يوحنا ).يرى اكثر الباحثين ان هذا الحدث كان مشهدا واقعيا , بل ثمة من راى فيه استيلاء مسلحا على المعبد , مثل الباحث كارمايكل , وهو امر له نصيب ضعيف من الصحة , لانه لو كان كذلك لتدخلت القوة العسكرية الرومانية الموجودة في اورشليم دون تاخير.

وعلى اغلب الظن ان الامر لم يتعد كونها حركة رمزية لم تستغرق لاكثر من لحظات قصيرة. لم يكتفي يسوع بموقفه المناهض للتجارة التي دنست المعبد , بل تعدى الامر ليطال طقس تقديم القرابين نفسه عندما اعلن يسوع انه يستطيع ان يهدم الهيكل ويعيد بناءه في ثلاثة ايام .اما بالنسبة لصلب يسوع فقد اسفرت اعمال التنقيب الاثارية عن اكتشاف عظام شاب دق مسمار في رسغه , يعود تاريخه الى حوالي القرن الاول قبل الميلاد .
ومعنى ذلك انهم كانوا يثبتون القدمين بالمسامير فعلا.ولكننا لانعرف هل كانوا يدقون اليدين ايضا بالمسامير ؟ اذ ربما يربطونهما ربطا بحسب النص (علق على خشبة).

كلمات يسوع الاخيرة تنقلها الاناجيل بصورة مختلفة ولاهداف لاهوتية وتعليمية مختلفة, ولكن يبدو ان اصح الروايات هي رواية متى ومرقس حيث قال يسوع جملته الاخيرة (الهي ..الهي .. لماذا تركتني ؟).لقد اورد البشيران( الانجيليان ) متى ومرقس هذه الكلمات بالارامية ثم ترجماها الى الاغريقية . ويبدو على ارجح تقدير انها الكلمات الحقيقية التي نطق بها يسوع.

لقد نطق بها يسوع بلغته الاصلية :الارامية بلهجتها الجليلية . حتى ظن الواقفون على مقربة منه انه ينادي النبي ايليا .ومما يلفت الانتباه ان يسوع لم يستخدم في لحظة الامه الجسدية والنزع الاخير تعبير ( ياابي ) او ( يا ابتاه ), بل استخدم التعبير اليهودي التقليدي :
( يا الهي ) . لقد كانوا يدفنون الخارجين عن القانون والثوار في مقابر جماعية .وقد يكون هذا هو السبب في عدم عثور الاثاريين على قرينة تدل على الاعدام صلبا . ومن شهادة فيلون الاسكندري نعرف ان بعض الحكام الرومان كانوا يجيزون لعائلة المعدوم دفنه , حيث جاء طلب يوسف الرامي بهذا الالتماس بدفن يسوع قبل اعدامه, وليس بعده , وهو مايتوافق مع ماجاء في انجيل بطرس .ويبدو هذا التسلسل اقرب الى منطق الاشياء.

كان على بيلاطس ان يقرر السماح بدفن جثة يسوع قبل الاعدام وليس بعده .وهكذا دفن يسوع وفق الطقس اليهودي في قبر , وكان يوسف الرامي قد حفره لنفسه في صخرة.
وبعد صلب يسوع كان الايمان بقيامته وحده كفيلا ببقاء التلاميذ على تماسكهم النفسي . ان ايا من التلاميذ لم يكن حاضرا لحظة الصلب ,ربما باستثناء يوحنا تلميذ يسوع , فيما حضرته جميع النسوة .ِ

لم يكن الايمان بالقيامة حدثا استثنائيا , بل كان يتوافق مع يقين القمرانيين بالظهور المنتظر لقيامة معلم الحق .بيد ان الايمان بقيامة يسوع واعتبار موته ذبيحة لمغفرة الخطايا , واليقين بان المؤمنين ينجون من الموت بات هذا كله القاعدة التي استندت اليها المسيحية في شتى ارجاء الامبراطورية الرومانية .

واذا لم يكن هنالك قيامة للاجساد , فان العناصر المتحللة من الجسد ستدخل في دورة حياة جديدة على الارض . وان الجينات الوراثية وبتات الطاقة عند الانسان ستبقى خالدة . كما يمكن لذاكرة الانسان ان نعثر عليها في العالم الرباعي لنظرية الكم او في كون مواز وستبقى خالدة الى الابد .



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التوظيف الايديولوجي للحديث النبوي - ج 2
- طائفة قمران : قراءة اضافية
- النسخة البولسية من المسيحية
- التوظيف الايديولوجي للحديث النبوي - ج1
- ظهور الاكليروس في الكنيسة المسيحية
- البحث في الحيز الجماعي
- الموقف من المراة والمال :تحول جديد في المسيحية
- الراسخون في الابتذال!
- تشابه القيم والتشريعات في الحيز الدائري
- غسيل الدماغ وصناعة الخضوع للجماهير
- نقد نظرية علي الوردي في البداوة - ج 2
- ازدواج المعايير في الحيز الدائري الاسلامي
- نقد نظرية علي الوردي في البداوة - ج 1
- الايديولوجيا والطوباوية - ج 2
- الذاكرة العراقية في تدمير شامل ومستمر
- تدجين المراة في المجتمعات القديمة
- الايديولوجيا والطوباوية
- البحث في الحيز الفردي
- كتاب ( الخضوع السني والاحباط الشيعي ): نقد العقل الدائري
- الفلسفتين الابيقورية والرواقية


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وليد يوسف عطو - يسوع من الناموس الى درب الصليب