أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حمدى عبد العزيز - أمجاد لطبق الفول الصباحي














المزيد.....

أمجاد لطبق الفول الصباحي


حمدى عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5119 - 2016 / 3 / 31 - 01:35
المحور: سيرة ذاتية
    


كان انتقالنا من القاهرة إلى مدينة المحمودية الراسية مباشرة على الضفة الغربية لدلتا نهر النيل قبل أن يبلغ المصب من في نقطة التقاء النهر بالبحر الأبيض المتوسط بكيلو مترات عند مدينة رشيد الملاصقة للمحمودية حيث محل اقامتنا الجديد أثناء حرب أكتوبر 1973

وأول مكان تعرفت عليه بعد منزلنا الجديد كان ذلك المكان الذي كنت أشتري منه الفول المدمس للفطور كصبي في أسرة مصرية متوسطة الحال أو أدنى

كان هذا المكان هو دكان بقالة ( عم جلال سنكل) الذي كان يضع قدرة الفول الصباحية على يمين اللوحة الرخام لدكان البقالة

تحول طقس شراء الفول المدمس يوم الجمعة والإجازات الرسمية والدراسية إلى متعة معرفية كبرى بل ولا أبالغ أنه كانت هناك مدرسة صباحية موجزة في الوطنية المصرية تعلمت فيها الكثير كان طرفاها الأستاذ إدوارد عياد الموجه بالإدارة التعليمية الذي كان يقطن مستأجراً لشقة في مواجهة دكان عم جلال سنكل الرجل القصير ذو الملامح الجادة والذقن اللامعة بعد حلاقة ماهرة برائحة الكولونيا والشارب الخفيف المحفف بعناية دقيقة في وجهه الذي تعتليه طاقية صوف بهية بلون يتناسب مع جلبابه القروي الأنيق المصنوع من منسوجات عمر أفندي الصوفية المفتخرة ماركة سيلكا

كنت اندهش كيف يحافظ عم جلال سنكل على تلك الأناقة ويجمع بينها وبين الوقوف خلف قدرة الفول المدمس والبقالة في آن واحد

والله لقد تخيلته الآن وهو يمسك بمغرفة الفول كمايمسك مايسترو الأوركسترا الموسيقية عصاه
ربما لأن صديقه وابن شارعه الحميم الأستاذ إدوارد عياد الموجه الوقور كان موسيقياً عظيماً كما عرفت فيما بعد بسنتين أو أقل عندما ذهبت إلى بيت الثقافة للقراءة في مكتبته العامة ووجدته هناك يعقب على أداء عازفي الموسيقى وهم يتدربون على عزف مقطوعات الست أم كلثوم وكنت أراهم يعلقون عيونهم به بعد أن ينتهون من العزف ينصتون لملاحظاته وكلماته وكلما فرغ من جملة يهزون رؤوسهم عبر انحناءات التأدب والإحترام والإعجاب والإمتنان

ماعلينا
ليس هذا هو الموضوع الأساسي

الموضوع كان متمثلاً في قدوم الأستاذ إدوارد عياد صباحاً إلى ناصية دكان عم جلال سنكل فيسأله عم جلال سنكل بابتسامة
- إيه الأخبار النهارده
وعلى الفور كانت تدور الحلقة النقاشية
( عرفت مصطلح الحلقة النقاشية فيما بعد ذلك بخمسة عشرة عاماً على يد الأستاذ عبد الغفار شكر الذي كان أميناً للتثقيف في حزب التجمع)

كان الأستاذ إدوارد عياد بعودة الفارع وقوامه الممشوق وشعره الأبيض الناعم الممشط بعناية إلى الوراء تاركاً خصلة منه تتدلي بأناقة على جانب جبهته الوضاءة بعينيه الرماديتين أو ربما السنجابيتين ووجهه المبتسم من خلال تجاعيد حكيمة طيبة ورائعة وبإشعاع يعكس ثقافة عميقة ووطنية مصرية حتى النخاع

يشعل سيجارته الصباحية ويبدأ الحديث حول الوضع الحالي للقوات المصرية
فيقاطعه عم جلال سنكل قائلاً
- بس الواد سعد الشاذلي ولد ماجابتهوش ولاده وهايفعص الإسرائيليين في الدفرسوار

ويرد الأستاذ إدوارد متحدثاً عن مواقف أمريكا والإتحاد السوفيتي وتأثيره على الوضع السياسي العام
ويرد عم جلال سنكل متحدثاً عن دور الصاروخ سام 7 السوفيتي الصنع في تدمير الطائرات الإسرائيلية

كنت أنا أتزحزح بطبق الفول إلى الخلف حتى لايلتقطه عم جلال سنكل ويملأه بمغرفته التي خلق منها عصا مايسترو يضبط بها إيقاعات النقاش التي تحتدم أحياناً وتبدأ أحياناً
أتباطأ حتى لايأتي دوري في إستلام طبق الفول وتنتهي مهمتي وتنتهي متعة الإستماع إلى الصديقين الحميمين
عم جلال سنكل
والأستاذ إدوارد عياد
رحمهما الله
الأستاذ إدوارد عياد عرفته فيما بعد وحكى لي كيف أنه عندما ماتت الست أم كلثوم كسر عوده المصنوع من خشب الورد المفتخر بيده وأعطاه إلى زوجته أم جورج وجوليا زملائي في المدرسة الثانوي وفؤاد أخيهم الذي سيصبح بعد عقود مدرساً لبنتي هاله ثم ابني محمد

الأستاذ إدوارد عياد الذي كان موسيقياً بارعاً إذا ما أمسك بالعود أرعش اوتاره بمكنون روح الموسيقى ليشعل آهات المتحلقين حوله في بيت الثقافة بمعزوفات رياض السنباطى الذي كان يرى أن أم كلثوم قد أخطأت خطأً كبيراً عندما تحولت من الغناء على موسيقاه إلى الغناء على موسيقى عبد الوهاب
بل كان يقول متطرفاً في ذلك
أم كلثوم ماتت منذ أن غنت لعبد الوهاب
وان عبد الوهاب صنايعي موسيقى لكن السنباطى معجون بروح الموسيقى

لا أفهم في الموسيقى يااستاذ إدوارد
لكنني أفهم الآن أنك - رحمك الله - كنت أول علامة تنويرية صادفتها وأول مثقف عضوي عرفته على الإطلاق

كذلك أفهم أن صديقك عم جلال سنكل البقال رحمه الله علمني المعنى الذي عرفته من صوت عدلي فخري فيما بعد
( مصر تعرف ف السياسه...)

حمدي عبد العزيز
25 مارس 2016



#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يصل ويسلم إلى الرئيس
- لم أحب رباب
- المرأة حارسة الحياة
- فى قضية الروائى أحمد ناجى
- مقاطعته وعزله وإسقاطه أمر ممكن
- دكاكين بلا بضاعة تستحق الزبائن
- شعبطات الصبي المشاكس
- مكاتبة ومكاشفة للرئيس
- تنبيه عاجل
- هل من طريقة لاستعادة ذلك الصبي ؟
- أن تنهض جدتي
- أربعة شروط عاجلة كي لانذهب إلى مالارجعة فيه
- قبل أن يغادرنا يناير
- حول مقولة شباب الثورة وعجائزها
- في ذكرى الإندلاع الشعبي الكبير
- شعب تونس وشعابها
- في انتظار أن تحضر الدولة
- في ذكرى إنتفاضة 1977 المجيدة
- تأملات كروية
- إسلام البحيري والثمن المدفوع


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حمدى عبد العزيز - أمجاد لطبق الفول الصباحي