أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الغني سلامه - دوافع العمليات الانتحارية















المزيد.....

دوافع العمليات الانتحارية


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 5118 - 2016 / 3 / 30 - 11:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في الأسابيع القليلة الماضية اتسعت رقعة العمليات الإرهابية، وتصاعدت على نحو خطير؛ في بداية هذا لأسبوع أعلنت "جماعة الأحرار" التابع لحركة طالبان مسؤوليتها عن هجوم انتحاري أودى بحياة 65 شخصاً في مدينة "لاهور" الباكستانية، وفي الباكستان أيضا وقبلها بأيام قُتل 15 شخصا في تفجير في حافلة في مدينة "بيشاور"، وقبلها بشهر فجَّر مسلحون من حركة طالبان مدرسة حكومية بنيت حديثا في منطقة "وزيرستان".

وقبل أيام قُتل 32 مواطنا عراقيا أغلبهم أطفال، حين فجّر انتحاري نفسه في ملعب شعبي في محافظة "بابل" خلال بطولة محلية لكرة القدم. وأعلنت داعش في بيان لها مسؤوليتها عن العملية. وفي منتصف آذار الحالي قُتل أربعة أشخاص في تفجير انتحاري وسط "إسطنبول"، تبنته داعش. وفي تشرين الأول، فجَّر انتحاريان نفسيهما وسط حشد من الأكراد أمام محطة القطارات في "أنقرة"، ما أدى إلى مقتل أكثر من مائة شخص، ثم في كانون الثاني فجر انتحاري آخر نفسه قرب المسجد الأزرق في "إسطنبول"؛ ما أسفر عن مقتل 12 سائحا ألمانيا ...إلخ.

مع هذه الموجة المحمومة من الإرهاب الدموي، يعود السؤال مجددا: من المسؤول عن ذلك ؟ كالعادة، سيستهل الكثيرون الإجابة، بحصرها في عامل واحد، وهذا العامل سيختلف من جهة لأخرى، بحسب منطلقات من يتصدى للإجابة، عموما ستعتبر الأغلبية أن الفقر هو المسؤول الأول عن تفريخ المجموعات الإرهابية. وسيعتبر آخرون أن "العشوائيات" هي البيئة المثالية لإنتاج الإرهاب. وآخرون سيقولون إن البطالة والفراغ هما السبب. فيما سيُرجع غيرهم السبب إلى الجهل والأمية والتسرب من المدارس. وآخرون سيُرجعون السبب إلى عدم إندماج الجاليات المسلمة في المجتمعات الأوروبية، خاصة بعد خروج مئات الإرهابيين من "الأحياء الإسلامية" في المدن الأوروبية (حي مولينبك مثالا).

ومن جهة أخرى، كثيرون سيرفضون التحليلات السابقة، وسيحصرون الموضوع بأكمله في "المؤامرة"؛ أي مؤامرة الغرب الهادفة إلى تشويه الإسلام، وإظهار وجه إرهابي مخيف له، وذلك باختلاق ودعم الجماعات الإرهابية، وفي مقدمتها داعش، ومن قبلها تنظيم القاعدة. أو هي حسب آخرين، عبارة عن تنظيمات وأسماء أنتجتها المخابرات العربية (خصوصا السورية) لتوظيفها في الصراعات الداخلية. أي أن القضية أمنية مخابراتية بحتة، وكل ما يجري إنما هو من تخطيط المخابرات الأمريكية والإسرائيلية والإيرانية، والمسلمون بريئون تماما من هذه التهمة.

آخرون يرفضون نظرية المؤامرة، ويرون أن بروز الجماعات الجهادية المتشددة، هو رد فعل "طبيعي" على الإرهاب الأمريكي والصهيوني، والتواطؤ العالمي مع هذا الإرهاب، أو هو نتاج متوقع لسياسات التهميش والإقصاء والقمع السلطوي التي انتهجتها الأنظمة العربية، وحرمت بسببها الشرائح الاجتماعية المقهورة من التعبير عن ذاتها، فوجدت الأخيرة في الخطاب المتشدد متنفسا لها، ما دفعها للإنضمام تدريجيا إلى الجماعات الأصولية.

قد تكون جميع التحليلات السابقة صحيحة نسبيا، ولكن حصر ظاهرة الإرهاب بعامل واحد فقط, بالإضافة لكونه خطأ منهجي وعلمي، فإنه سيجعلنا عاجزين عن فهم الظاهرة فهما صحيحا؛ وبالتالي سنظل عاجزين عن إيجاد أي حل لها. وستظل المجموعات الإرهابية تتوالد، وسنظل نسمع عن العمليات الانتحارية، إلى أن تطالنا إحداها ..

المدخل السليم لتفكيك لغز الإرهاب، هو إيجاد قاسم مشترك أعظم يربط بين كل العوامل السابقة، بل ويتفوق عليها بأهميته وحضوره، وقبل ذلك نحتاج تفنيد كل عامل على حدة؛ فمثلا، إلصاق التهمة بالفقر، فضلا عن كونه إساءة للفقراء، الذين يتحملون بصبر ونبل أوزار المجتمعات والأنظمة، هو فهم قاصر، لأن الفقر لا يساوي الإرهاب بالضرورة. وبالمثل سنجد أن العشوائيات أنتجت أدباء وعلماء وفنانين، وأيضا فإن مئات الآلاف من المتعطلين عن العمل، والفاقدين كل أمل، القابعين على هوامش المجتمعات، وعلى حواف اليأس لم يدفعهم كل ذلك لأي عمل عنيف، بل ورفضوا بوجدانهم وضمائرهم كل المنظمات الإرهابية، وكذلك ملايين الأميين والمحرومين من مدارسهم وضحايا الحروب والفارين من جحيم المعارك واللاجئين كل هؤلاء لم يتخلوا عن إنسانيتهم، وظلوا أناسا طيبين. وحتى الجاليات المسلمة وغير المسلمة في المدن الأوروبية، ورغم عدم اندماجها في الحياة الغربية، إلا أنها لم تلجأ بالعموم للتطرف والإرهاب. فمن أين جاء هؤلاء ؟ وأية بيئة أنتجتهم ؟

وبتحليل إحصائي سنجد أن غالبيتهم جاؤوا من السعودية، بالإضافة لعشرات الدول الأخرى، أكثرهم عازبون، وأعمارهم دون الثلاثين. منهم جامعيون، معدمين وأثرياء، من عائلات برجوازية ومتعلمة، من العشوائيات والأحياء الفقيرة والراقية، من الصحارى، ومن قلب المدن الأوروبية، حِرفيين ومهندسين وخبراء اتصالات وأطباء، وعاطلين عن العمل، عرب وأجانب، من بيئات مكبوتة جنسيا، ومن أخرى مفتوحة على مصراعيها على الجنس ..

بتتبع القاسم المشترك، سنجد أن جميع هؤلاء تعرضوا لأشكال ومستويات متباينة من غسيل الدماغ، بدأ منذ نعومة أظافرهم، وتطور في مراحل لاحقة، بدأ في المناهج التعليمية في المدارس والمعاهد الدينية، بدأ بجمل بسيطة لا ينتبه إليها أحد؛ مثلا: "المسلم نظيف، يغسل يديه بعد تناول الطعام"، فينمو في عقل الطفل الباطن أن المسلم نظيف، وغير المسلم قذر، ثم يتطور الأمر في المعاهد الشرعية لنقرأ مثلا: "يجوز للمسلم سبي نساء العدو واستعباد أطفالهم"، ثم تكتمل العملية في المساجد، حيث يدعو الخطيب بكل فصاحة اللغة: "اللهم عليك بالصابئة والرافضة والشيعة والنصارى واليهود ووو.. اللهم شتت شملهم، واجعل دماءهم تجري بين أيدي المسلمين".

باختصار، منابع وجذور التطرف والإرهاب ليست المناطق المهمشة، بل هي في الأساس من الأيديولوجية الوهابية التي استطاعت أن تتغلغل في العقود الماضية إلى المناهج المدرسية، والمساجد والجامعات وعشرات الجمعيات التي تتسربل بتحفيظ القرآن، حتى أنتجت جيلاً كاملاً لا يعرف إلا منهج الطائفية والولاء والبراء والتكفير ونبذ الآخر وشيطنته. وكل من تجد هذه الأفكار المتطرفة صدى في نفسيته المضطربة، أو يجد لها قبولا في عقله المريض، وتعبيرا عن شخصيته الموتورة والمكبوتة والمأزومة، وكل من يبحث عن الشهرة والمغامرة والانتقام، أيٍ من هؤلاء، كل ما عليه أن يعبر الحدود التركية ليصبح إرهابيا، بغض النظر عن بيئته الاجتماعية.

المخابرات "العدوة" ممكن أن تنظم أشخاصا وقيادات، وتقدم تسهيلات لوجستية؛ لكن الأفكار المتطرفة إنتاج محلي صرف.



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطوط عريضة لإستراتيجية فلسطينية بديلة
- لماذا يكرهون عيد الحب؟
- ازدراء الأديان
- إيران، عدو أم صديق ؟ وما لا نعرفه عن إيران
- طيار إيراني
- تقرير التنمية البشرية لعام 2015 والأرقام الصادمة
- العنف ضد النساء في فلسطين
- قمة باريس للمناخ، بين مستقبل البشرية وأطماع الشركات الاحتكار ...
- الموقف الاسلامي من تفجيرات باريس
- علاج الزوجة المريضة في الفقه الإسلامي
- حدث في الصين .. قصة قصيرة
- وصية الحلبي الأخيرة - قصة من حلب
- هل من حرب أهلية قادمة ؟
- ماذا بعد مقتل النائب العام، وتفجيرات سيناء ؟!
- كتيبة الجرمق الطلابية - فصل مهم من تاريخ الصراع
- ماذا جنينا من حركات الإسلام السياسي ؟!
- الفراغ والبدائل
- مخيم اليرموك .. من يتحمل المسؤولية !؟
- كاميليا وأخواتها
- أربعة ملاحظات على جريمة داعش


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الغني سلامه - دوافع العمليات الانتحارية