أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - ضياء البوسالمي - حول تقهقر منظومة التّعليم في تونس














المزيد.....

حول تقهقر منظومة التّعليم في تونس


ضياء البوسالمي

الحوار المتمدن-العدد: 5118 - 2016 / 3 / 30 - 02:11
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


تنويه
عزيزي القارئ، لا تواصل قراءة هذا المقال فليس من الضّروري أن تتعب نفسك خاصّة إذا كنت ممّن تعوّدوا خطاب ”الأكادميّين“ و أدمنوا ”أطروحات“ جهابذة التّحليل الذين يملؤون البلاتوهات. أولئك الذين إحترفوا تسويق خطاب ”تبهيميّ“ تتخلّله مجموعة من المصطلحات (الإصلاح، تنقيح البرامج، الإرتقاء بمستوى التّعليم …) التي تُسْتَعْمَلُ للإيهام بجديّة طرحهم.
إذا كنت من أنصار المقالات التي تعتمد على الإحصائيّات ”الرّسمية“ لتشيد بالمستوى التّعليمي في تونس فإمض و لا تهتمّ بهذا النّص لأنّه مجرّد محاولة (بسيطة و ربّما فاشلة !) لفهم الأسباب التي أدّت – حسب رأيي المتواضع جدّا – إلى تدهور الوضع في المدارس، المعاهد و الكليّات.

التّلميذ هو أساس المنظومة التعليميّة !
إن سئلت والدك و أيّ شخص تعلّم في فترة السّتينات و السّبعينات سيخبرك أنّ المدرسة الإبتدائية أشبه بالمعسكر الذي تُلقى فيه الدّروس و يتعلّم فيه التّلميذ – لمدّة 6 سنوات – الانضباط و حسن المعاملة و احترام الغير. لقد كان المربّي يمثّل السّلطة التي يتربّى الصّغير و ينشأ على تقديرها و احترامها فهي مصدر المعلومة و عينا التّلميذ التي يكتشف من خلالهما حقائق المجودات في هذا العالم الذي لا يزال يشكّل لغزا لطفل لم يتجاوز عمره 12 سنة. لقد كان المعلّم في المدرسة الإبتدائية بمثابة همزة الوصل بين التّلميذ و الوالدان من جهة و التّلميذ و العالم من جهة أخرى. و الحقيقة أنّ من يطّلع على الكتب المدرسيّة القديمة يلاحظ أمرا مهمّا وهو أنّ التّلميذ مهمّته الأساسية هي الإنصات و قبول أكثر كمّ ممكن من المعلومات في القسم و هي طريقة تعتمد على منح كلّ الحيّز الزّمني المتوفّر للمربّي مع تكثيف للتّمارين المنزليّة ليستوعب التّلميذ.
إنّ السّؤال الذي يتكرّر يوميّا هو : ما الذي رسخ في ذهن التّلميذ من الحصّة ؟ هو سؤل محرج في الحقيقة لا يتجرّأ المعلّم اليوم على طرحه لأنّه يعلم مسبقا أنّ الإجابة ستكون : لا شيء! لقد وُضِعَ التّلميذ – في المناهج الجديدة – في قلب المنظومة التّربويّة أي أنّه و بلغة أخرى أصبح يتقاسم المهامّ مع المربّي الذي أصبح يسجّل حضوره فقط من أجل تصويب أخطاء التّلميذ التي يركتبها خلال العمل الجماعيّ أو مرحلة الإكتشاف أو غيرها من المراحل التي تمرّ بها الدّروس و التي لا نجدها في السّتينات و السّبعينات. لم تعد علاقة المربّي بالتّلميذ تلك العلاقة العموديّة القائمة على طرفي الباث للمعلومة و المتلقّي لها، بل أصبح المربّي (الخاضع للمناهج الجديدة و المجبر على أن يتّبعها) يمتنع عن إعطاء المعلومة و يرافق التّلميذ في مراحل البحث عنها و هو ما يتطلّب من هذا الأخير مجهودا مضاعفًا. و الحقيقة أنّه توجد فكرة متداولة تقول بأنّ مهمّة المربّي هي أساسا تربية الطّفل و مراقبة سلوكه ثمّ بعد ذلك تأتي المهمّة الثّانية و هي التّعليم، هذه في الحقيقة فكرة خاطئة فإيصال المعلومة له نفس أهميّة التّربية إن لم يكن هو الأهمّ. الأولويّة هي التّعليم !
أمر آخر نلاحظه في المؤسّسات التّربوية وهو اهتمام المربّين بحالة التّلاميذ النّفسية و وضعيّاتهم خارج مقاعد الدّراسة، لا أقول أنّ هذا أمر سيئ و لكن المبالغة في ذلك و التّصرف بدون أخذ إحتياطات قد يؤدي إلى إنهيار العلاقة بين المربّي و التّلميذ، إذ عادة ما يعتقد هذا الأخير أنّه بمجرّد مصارحة المربّي بمشكلة ما سيكون ذلك بداية صداقة تصل في بعض الأحيان إلى مناداة المربّي بإسمه مباشرة و هي ظاهرة موجودة في عديد المعاهد (قد يبدو هذا الأمر بسيطا و لكن الإحترام هو الأساس فألبير كامو عندما أهدى أولى كتبه إلى أستاذه كتب : ”إلى أستاذي …“ و لم يكتب الإسم مباشرة).
على التّلاميذ و المدرّسين أن يتعودوا على التّخلي عن مشاعرهم و مشاكلهم أمام باب المؤسسة التّربوية و أن يعيدوا أخذها عند الخروج. الكثير من المدرسين يشغلون رغما عنهم دور الآباء.
جون بول بريغيلي
التطوّر التّكنولوجي، المدارس الخاصّة و إنحدار المستوى
لقد كان إنتشار الإنترنيت سببا في تغيّر العديد من المعطيات في منظومة التّعليم، فقد تعوّد التّلميذ على التّعامل مع التّكنولوجيا و هو ما أدّى إلى إهمال المطالعة و البحث في الكتب لإستخراج المعلومة (على عكس الأجيال القديمة) لا يتطلّب الأمر اليوم أكثر من دقائق معدودة لإنجاز بحث متكامل (قد يحتاج التّلميذ ساعات لإنجازه !)، لقد تحوّل الكتاب إلى مجرّد وسيلة ”متخلّفة“ للحصول على المعلومة و قد زاد إقتناع التّلميذ بعد ذلك أنّ المربّي لم تعد له تلك المكانة التي كان يحتلّها منذ عقود عندما كان يمثّل مسيّر القسم و المحتكر الوحيد للمعلومة. هذا التّصدع في العلاقة مع التلميذ و فقدان المربّي لمكانته سيؤدي إلى ما يسمّيه جون بول بريغليي بالضّجر (L’ennui)الذي يؤدّي إلى إنتشار ظاهرة الإنقطاع المبكّر عن الدّراسة و غياب التّركيز و العمل الجدي داخل القسم دون أن ننسى مشكلة الإرتقاء الآلي في المرحلة الإبتدائيّة و غياب الروح التنافسية بين التّلاميذ، وهي نظرية تهدف إلى مراعاة الحالة النفسيّة للطّفل (يساند الكثير من المختصين في علم النّفس هذا الطّرح !).
هذا التّراجع الذي تشهده المدرسة العموميّة سواء كان ذلك على مستوى النّتائج أو المناهج أدّى إلى إنتشار ظاهرة المدارس الخاصّة و هو ما يعلن نهاية ما تعوّدناه منذ عقود أي أنّ المدرسة العموميّة لم تعد تمنح الفرص الكافية للإرتقاء في السلّم الإجتماعيّ.



#ضياء_البوسالمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- راب تونسي : فِينِيكْسْ
- ”إنتصاب أسود“ أو عندما تتحوّل الرّواية البورنوغرافيّة في تون ...
- راب تونسي : رَادْستَارْ رَادِي
- إصلاح الإسلام ( 4 ) : هل توجد مساواة بين الجنسين في الإسلام ...
- سائق الحافلة
- فيلم شبابك الجنة: إبداع في تجسيد المعاناة
- إصلاح الإسلام ( 3 ) : المنطلقات الفكريّة للخطاب الدّيني ( ال ...
- نَحْوَ تَحْلِيلٍ أُنْترُوبُولُوجِي لِلْبُورْنُوغْرَافِيَا (1 ...
- إصلاح الإسلام ( 2 ) : نقد الخطاب السّلفي
- القانون عدد52 : وسيلة لتكميم الأفواه !؟
- حول فيلم “اُلزِّينْ إِلِّي فِيكْ” : عندما تضعنا السّينما أما ...
- إصلاح الإسلام
- الإسلام … دين إرهاب ؟
- المثليّة الجنسيّة: الأخلاق العامّة والحُجج العقلانية
- -خطيبة طوكيو-: عن اليابان والحب ولقاء الشرق والغرب
- ماهي البورنوغرافا ؟ [ البورنوغرافيا و الصّحافة (ج2) ] / (9)
- ماهي البورنوغرافيا ؟ [ البورنوغرافيا و الصّحافة (ج3) ] / (10 ...
- ماهي البورنوغرافيا ؟ [ البورنوغرافيا و الصّحافة (ج1) ] / (8)
- ماهي البورنوغرافيا ؟ [ العصر الذّهبي للبورنوغرافيا (ج3) ] / ...
- ماهي البورنوغرافيا ؟ [ العصر الذّهبي للبورنوغرافيا (ج2) ] / ...


المزيد.....




- -الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن ...
- شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
- آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف ...
- مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا ...
- هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات ...
- باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ ...
- توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
- ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي ...
- زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران ...
- توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - ضياء البوسالمي - حول تقهقر منظومة التّعليم في تونس