أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يحيى محمد - شعب (ما عدا مما بدا)















المزيد.....

شعب (ما عدا مما بدا)


يحيى محمد

الحوار المتمدن-العدد: 5116 - 2016 / 3 / 28 - 00:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المعروف ان مقولة (فما عدا مما بدا) تُنسب الى الإمام علي كما جاءت في نهج البلاغة. وكان الشريف الرضي يقول انه أول من سمع من الإمام هذه الكلمة.
لكن من المدهش ان يكون لهذه العبارة أثر بارز لدى الثقافة الشعبية السورية، في حين من الغريب ان يفتقد هذا الاثر كلياً لدى بلدان مثل ايران والعراق وغيرهما. بمعنى ان هذا الاثر لم تتداوله الثقافة الشعبية الشيعية فيما تداولته الثقافة السورية بكافة اطيافها، كما تُظهره مشاهد الكثير من المسلسلات السورية الرائعة.
ويا للحزن فقد تمّ تدمير شعب (ما عدا مما بدا) بمطرقتين سياسية وطائفية؛ بما لا يقارن في دماره مع غيره من الشعوب العربية.. وحقّ له ان يردد على الدوام: فما عدا مما بدا..
لقد كان الشعب ضحية غولين: غول السياسة التي دفعت بالامور الى ما هي عليه بفعل طغيانها واستبدادها، وقد ساندها في ذلك عدد من الجهات الدولية والحزبية حتى وهي ترتكب ابشع الجرائم.. وفي قبالها غول الطائفية القاتلة ومنها تلك الوحوش التي انسلّت من اغوار الكهوف تعطشاً للدم والذبح.. وكانت النتيجة ان صفيت الارض بلا شعب، وارتسمت خريطة جغرافية ممزقة وتكاد تكون خالية من البشر سوى الذئاب المفترسة بأطيافها المتنوعة.
وما زال الكثير يصدق كذباً بأن اصل المشكل طائفي.. فللاسف قد شاعت لدينا هذه الثقافة التي تصور التكتلات السياسية بانها ذات طابع طائفي. وهناك من يلعب على هذا الوتر الفتّاك.
وقت الشباب كنا في العراق ايام سبعينات القرن المنصرم ونحن نسمع شيئاً من بعض الثقافة الشعبية التي تتردد في الافواه احياناً بأن نظام سوريا يمثل رمز التوجه الاموي على طول التاريخ والى ايامنا الحالية. ولم يدرْ ببال احد ان تُتهم السلطة السورية بالطائفية العلوية والشيعية، مع ان كل توجهاتها ومؤسساتها وخطاباتها وقوانينها ومناهج تدريسها ومساجدها لا تنتمي الى الروح العلوية ولا الشيعية. فروح البعث كحزب علماني هو من يدير البلاد العامة. وهو الحال ذاته لدى بعث العراق عندما حكموا البلد خلال السبعينات والثمانينات وحتى مطلع التسعينات.. ففي اواسط السبعينات كان الكادر البعثي يتهمنا نحن الشباب الشيعي المتدين باننا من اخوان المسلمين من دون ان يميز الانتماء المذهبي لهذا التنظيم، فهو لا يعرف سوى حزب ديني واحد فقط هو الاخوان، وهو حزب محظور وان لم يكن له وجود فاعل، ثم اخذ يبرز لديهم اسم حزب الدعوة اواخر السبعينات ومطلع الثمانينات شيئاً فشيئاً. وبذلك بدأ التمييز بحسب الانتماء المذهبي. والاهم من ذلك ان المتابع لا يجد شيئاً يلفت انتباهه بأن للسلطة توجهات طائفية، لا في مناهج التدريس ولا في قوانين البلد ولا في خطابات السلطة. من المؤكد ان من حسنات النظام انه حافظ على الاسم الثلاثي الذي لا يعرّف بعشيرته ولا طائفته. كل ذلك ذهب مع حالة الضعف التي وصل بها النظام بعد هزيمته في حرب الخليج الثانية وبروز الانتفاضة العظمى لدى اغلب المحافظات؛ فأخذ عند ذاك يتمسك بالروح الدينية بل والطائفية احياناً لاجل انقاذ نفسه من السقوط.
ما يعنينا من ذلك هو ان النظامين في العراق وسوريا يتشابهان كثيراً من حيث توجهاتهما، وهما لا يعنيهما الامر الطائفي ولا الديني، رغم شدة بطشهما بالمعارضين مهما كان انتماؤهم ومذهبهم وعرقهم وقرابتهم.
ان ما يثر الانتباه هو ان الكثير من المثقفين لم يعد لديهم حرية القرار وتفعيل الضمير الانساني، فهم منحازون سياسياً على حساب الشعوب هنا او هناك، رغم ان السياسة هي ذاتها تكشف عن نفسها يوماً بعد آخر بأنها قذرة ومقرفة غاية القذارة والقرف، سواء استعرناها من الشرق او من الغرب، من الشمال او الجنوب، من هذا التوجه او ذاك، وسواء كانت قومية او مذهبية او دينية او وطنية او يسارية او ليبرالية التوجه. فكلها لا يعنيها القيم الفاضلة ولا الانسان بوصفه انسان.. واذا كان هناك شيء من الشذوذ نجده لدى بعض الشخصيات، فهي عزيزة ونادرة للغاية لا يقاس عليها، فهي كندرة الانبياء وسط الأمم الضالة. لذا فالأصل في السياسة هو الشر، وإن كان لا بد منها.
ان جميع الاسلاميين الذين حكموا العراق بعد الاحتلال كانوا خلال السبعينات فئة تجمعهم مع كل المتدينيين تشابهات القيم الفاضلة. أما وقد دخلوا السياسة بدافع التغيير والاصلاح فاذا بالسياسة تفسدهم من اول ما استلموا المناصب، يكفي انهم تقبلوا سرقة اموال الشعب بعنوان المحاصصة، كما تقبلوا الطائفية رغم ان فيها هلاك الجميع. ورغم كل المآسي والمحن والفوضى والطريق المسدود فانهم ما زالوا يتكالبون على الكراسي والمناصب بلا حياء..
وبودي ان اتساءل: اذا كان هؤلاء الذين كانوا أخياراً من قبل قد وقعوا بمثل هذا الفساد المستشري، فما الذي يضمن لنا ان لا نكون مثلهم فيما لو تقلدنا هذه المناصب المسمومة..؟ فمثلما قد جمعتنا بهم تلك الايجابيات خلال فترة الاضطهاد والاستبداد، فلماذا لا يجمعنا بهم الفساد الذي هم عليه الان خلال رفاههم السياسي والمالي؟..
نعود فنقول: يؤسف له انه بالرغم من تشابه النظامين في العراق وسوريا عند قوتهما وجبروتهما، فان الموقف ازائهما لم يكن موحداً لدى المثقفين عادة. فمن المنطقي افتراض ان من يؤيد هذا النظام يؤيد الاخر، للتشابه الكبير بينهما، وكذا فان من يدين احدهما ينبغي ان يدين الاخر. لكن كشفت الايام الحالية فجوة التناقض في مواقف الكثير من المثقفين نتيجة الضغوط الطائفية عليهم بوعي وبغير وعي. فالكثير منهم وقفوا ضد نظام صدام باعتباره مارس ابلغ حالات انتهاك حقوق الانسان من البطش والفتك والتعذيب والقتل والتهجير، لكنهم تصالحوا مع النظام السوري رغم ان اغلب هذه الانتهاكات قد مارسها هذا النظام وما زال. او على العكس، فهناك من دافع عن نظام صدام بقوة فيما عارض نظام بشار واتهمه باتهامات باطلة قائمة على الطائفية، وهي تذكّر احياناً بالبعض الذي اتهم نظام صدام حتى في زمن هيبته بانه نظام طائفي، وليس لديهم من دليل سوى الدليل الاحصائي الذي لا يغني من جوع، وهو ان المقربين اليه في السلطة اغلبهم من السنة، مع ان الصحيح هو ان اغلب المقربين اليه في السلطة لا يمثلون السنة بل يمثلون عشيرته وعائلته، وكل ذلك مفهوم لأجل الحفاظ على المنصب وكرسي الحكم.
لم يكن صدام ولا بشار ولا حافظ الاسد يوماً طائفيين في ممارساتهم السياسية. ان ما صنعوه هو الدائرة الضيقة للاقرباء والحزبيين، وهي نتيجة كل حكم استبدادي تسلطي.
تبقى الفاجعة الكبرى اليوم هي فاجعة شعب مسالم يُدمّر بين قتيل واسير وسجين وطريد ولاجئ وممتحن، ولسان حاله يردد على الدوام: فما عدا مما بدا..



#يحيى_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علم الطريقة وقلب التفكير المذهبي إلى المنهجي
- ترسندالية المكان والزمان
- التجربة والقبليات الكانتية
- الحدس الكانتي وروابطه القبلية
- فلسفة الشر ونظرية عجز المادة الأصلية
- مدخل الى (نقد العقل المحض)
- كتاب الفلسفة والعرفان والاشكاليات الدينية في سطور
- علم الطريقة في سطور
- قواعد علم الطريقة
- مفاهيم علم الطريقة
- السببية والزمن الفيزيائي
- ما هو قبلي هنا بعدي هناك وبالعكس
- الأساس الإسطوري لعقدة أوديب
- الخواطر والإبداع
- نظرية دوركايم والعقل الجمعي
- رسالة مفتوحة الى وزراء التربية والتعليم
- الضغط الإجتماعي والتلقين النفسي
- العناصر الأساسية للاشعور
- حقائق اللاشعور
- المعرفة العقلية والانطباعات النفسية


المزيد.....




- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها
- يهود أفريقيا وإعادة تشكيل المواقف نحو إسرائيل
- إيهود باراك يعلق على الهجوم الإيراني على إسرائيل وتوقيت الرد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يحيى محمد - شعب (ما عدا مما بدا)