أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد محسن عامر - قانون منع النقاب في تونس: القانون والخلفيات السياسية














المزيد.....

قانون منع النقاب في تونس: القانون والخلفيات السياسية


محمد محسن عامر

الحوار المتمدن-العدد: 5115 - 2016 / 3 / 27 - 17:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقول الفيلسوف ابن سيناء بأن الخطاب النبوي قد اكتسب قوته وتأثيره الإقناعي من كونه مثقلاً بالمخيلة الأسطورية، أي أنه استخدام الرموز الخيالية لغرس صدق العقيدة بطريقة اتصالية. هكذا صيغت لأول مرة فكرة أن الدين فلسفة للجماهير الذي أثرت في الفكر الفلسفي الأوروبي الحديث . إن العلاقة بين المجال العام و المجال الخاص في المجتمع في غاية التعقيد خاصة إن كان هذا في سياق الحديث عن دور الدين في تشكيل عناصر المجال العام في المجتمعات العربية. ففي مجتمعات عربية عجزت على صناعة الحداثة بمعناها التاريخي و الطبقي و الثقافي و ضلّت تعاني حالة تشظّي اجتماعي و ثقافي منع تكون الهويات العلمانية بقي الدين هو المرجعية الأكثر نفوذا و قوة و الأكثر قدرة على توجيه المجتمع و فارضا نفسه كمرجعية مؤسسة للوعي العام.
بعد موجة الانتفاضات العربية ظهر كم الإفقار السياسي و الثقافي لدى النخبة سواء التي تعرف نفسه انطلاقا من مرجعية “حداثية” و التي ترتكز على منطلقات أيديولوجية يسارية و قومية و عدم القدر على خلق حالة اندماج بين مشاريعها السياسية و المجتمع. بالتالي ضلّت هذه الخيارات السياسي و الثقافية عاجزة على تهديم البنيان السلطوي المحافظ الذي مثلت قلاعه الحصينة مركز انطلاق الأصولية الإسلامية بمرجعياتها المختلفة إخوانية كانت أو سلفيبة .بذلك ضل المشروع العلماني العربي مشروعا برّانيا لا جوّانيا لم يجد الحبر الواقعي لكتابة مشروعه الديمقراطي العلماني .
أودعت الكتلة الحرة يوم أمس مقترح قانون في شكل مبادرة تشريعية بمكتب الضبط بمجلس نواب الشعب يتعلق بـ «منع إخفاء الوجه في الفضاءات العمومية»، ممضاة من قبل النواب عبد الرؤوف الشريف، محمد نجيب الترجمان، سهيل العلويني، مريم بوجبل، الصحبي بن فرج، رابحة بن حسين، صلاح البرقاوي، خولة بن عائشة، رؤوف الماي، مصطفى بن أحمد. هذه المبادرة في فصولها الأربع تتمحور حول منع لبس النقاب في الأماكن العامة و المركبات التجارية و الإدارات و غيرها من المؤسسات العامة .
هذه المبادرة التشريعية يمكن قراءتها من منطلقين أساسيين, أولهما قانوني معني بمدى دستورية هذه المبادرة التشريعية و لكن الأهم سياسيا في علاقات الصراع الدائرة بين الفراقاء السياسيين داخل قبة البرلمان الذي منذ انتهاء الفتنة الكبرى الندائية بخروج مشروع تونس من حزب نداء تونس محسن مرزوق أخذ يتجه لتشكيل مشهد معارض جديد سيحدد الخارطة القادمة في التحالفات و التقاطعات بين المعارضات القديمة و البازغة أخيرا .
يعتبر مشروع القرار غير شرعي من الناهية الدستورية إذ ينصّ الفصل السادس من الدستور التونسي” الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، حامية للمقدسات، ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي”. بالتالي منع النقاب يدخل في باب تضييق الحق في ممارسة فعل يراه ممارسوه فعلا مقدسا أي يدخل ضمن الفعل الطقوسي الإيماني لمرتدي النقاب . هذا يعد خرقا صحيح للدستور و بالتالي للحقوق الأساسية للمواطنين.
سياسيا و هو الأهم فبعد فترة حكم الترويكا بقيادة حركة النهضة و الجو المتطرف الذي صبغ المجتمع التونسي , بإطلاق العنان لأنصار الشريعة للعمل بحرية و دعم ضمني من حركة النهضة و خلق ميليشيات متطرفة “رابطات حماية الثورة” التابعة لحركة . هذا الجو المتطرف خلق حالة خوف بين القوى المناهضة لحركة النهضة الإسلامية و جعلها تتكتل سياسيا ضمن حركة نداء تونس بقاعدتها “التجمعية” و تجمع كل القوى الناخبة الخائفة من تغول الحالة الأصولية في تونس ورائها بقيادة الباجي قايد السبسي فيما عرف بالانتخاب الفعال للدفاع عن النمط المجتمعي التونس.
مع وصول نداء تونس إلى السلطة بوضع غير هيمني دفعها بقوة الضرورة للتوافق, ظهرت أمام القوة الناخبة التي “التجأت” لها خائنة لشعاراتها و وعودها بإنقاذ المشروع “الحداثي” التونسي و إزاحة حركة النهضة نهائيا.
تحت وطأ الصراع الحزبي الطاحن الذي اخذ طابعا فتنويا داخل الحزب الأغلبي , حسم الأمر بمحاولة تحكيم فاشلة صنعت حزب الخوارج الجديد بقيادة محمن مرزوق تحت مسمى مشروع تونس . هذا الحزب الذي ولد كبيرا جماهيريا و الذي ابتلع 32 نائبا من حزب نداء تونس تحت ما سمي “كتلة الحرة” اختار تسويق نفسه أنه حالة إنقاذية للمشروع “البورقيبي” التحديثي العلماني بعد التقاء الدساترة و الإسلاميين القديم الجديد على التوافق اليميني اليميني.
مشروع تونس هذه التعبيرة الوليدة من رحم حزب نداء تونس تسعى عبر طرح هذا القانون وضع الندائيين في وضع صعب جدا سياسيا . هذا القانون يعتبر امتحانا قويا لمدى “الصدق النمطي” و الحدثنة التي يؤمن بها نداء تونس و التي وصل بها إلى الأغلبية النيابية فالسلطة .بالتالي و على ما يفترض أن يجد نداء تونس المتآكل نفسه منصاعا لخيارات حركة النهضة التي قد ترفض هذا القانون فيكون بذلك طلقة الرحمة لشعارات نداء تونس “الحداثية”.
بالتالي هذا التوجه نحو منع النقاب في الأماكن العامة الذي لن يمر على ما يبدو معلوما سلفا هو في حقيقته السياسية ليس صراعا بين الحداثة السياسية و الحقوقية و الأصولية بقدر ماهو نزع لما تبقى من ورقة التوت التي مازال حركة نداء تونس المتآكل يحاول يائسا إقناع ما تبقى من مؤسسته و ناخبيه بها.
*كاتب من تونس



#محمد_محسن_عامر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النزوع العرباني و عشق النكوص نحو المستنقعات
- الوهابية تأكل نفسها من جديد: التحالف الدولي في مواجهة داعش ا ...
- موسيقى الشارع في تونس : نحو تنظّمات ثقافية مقاومة
- من إبن المفروزة محسن عامر إلى كبير فارزي جمهورية الواي أوف ل ...
- التراجيديا الندائية : محسن مرزوق زعيما لخوارج نداء تونس
- في صناعة المظلومية الامازيغية : من الظالم و من المظلوم
- أطياف أسامة من بن لادن : حول الانبعاث الجديد -للاممية الإسلا ...
- محمد محسن عامر: اليعقوبية الفرنسية في مواجهة سؤال تهرم حداثت ...
- ليسوا عليا و ليسوا معاوية : آليات الإنهاك في صراع النهضة و ن ...
- داعش ما بعد الإستشراقية
- إدارة التوحش و إدارة البكاء
- السقوط قبل البداية:المؤتمر الوطني لمكافحة الإرهاب في تونس
- عن ال سعود و احترام حقوق الانسان
- لقاء بوتين و أوباما اليوم ومخاطر خسارة داعش :
- قانون المصالحة الإقتصادية مع رجال الأعمال في تونس :المآلات
- تضامنا مع مناضلي النهج القاعدي في المغرب
- بورقيبة و نظرية الحلول في فكر سبسي الله الثوري : أنا بورقيبة ...
- الجنّ هو المسؤول عن الإرهاب في تونس
- العولمة و الأصولية الإسلامية الجزأ الأوّل
- ملاحظات سريعة حول مسألة المثلية الجنسية


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد محسن عامر - قانون منع النقاب في تونس: القانون والخلفيات السياسية