أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - قراءة فى مشروع برنامج الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين - اللينينيين -الجزء الأوّل من كتاب - الوطنيّون الديمقراطيّون الماركسيّون - اللينينيّون يحرّفون الماركسية - اللينينيّة -















المزيد.....



قراءة فى مشروع برنامج الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين - اللينينيين -الجزء الأوّل من كتاب - الوطنيّون الديمقراطيّون الماركسيّون - اللينينيّون يحرّفون الماركسية - اللينينيّة -


ناظم الماوي

الحوار المتمدن-العدد: 5112 - 2016 / 3 / 24 - 22:30
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


قراءة فى مشروع برنامج الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين - اللينينيين

-الجزء الأوّل من كتاب
" الوطنيّون الديمقراطيّون الماركسيّون - اللينينيّون يحرّفون الماركسية - اللينينيّة "

لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !
( عدد 28 - 29 / فيفري 2016 )

هذه الإشتراكية إعلان للثورة المستمرّة ، الدكتاتورية الطبقية للبروليتاريا كنقطة ضرورية للقضاء على كلّ الإختلافات الطبقية ، و للقضاء على كلّ علاقات الإنتاج التى تقوم عليها و للقضاء على كلّ العلاقات الإجتماعية التى تتناسب مع علاقات الإنتاج هذه ، و للقضاء على كلّ الأفكار الناجمة عن علاقات الإنتاج هذه .
( كارل ماركس ، " الصراع الطبقي فى فرنسا 1848-1850" )
-----------------------------------
يستعاض عن الديالكتيك بالمذهب الإختياري [ الإنتقائية ]، و هذا التصرّف حيال الماركسية هو الظاهرة المألوفة للغاية والأوسع إنتشارا فى الأدب الإشتراكي - الديمقراطي [ الشيوعي] الرسمي فى أيّامنا . و هذه الإستعاضة طبعا ليست ببدعة مستحدثة ... إنّ إظهار الإختيارية بمظهر الديالكتيك فى حالة تحوير الماركسية تبعا للإنتهازية ، يخدع الجماهير بأسهل شكل، يرضيها فى الظاهر ، إذ يبدو و كأنّه يأخذ بعين الإعتبار جميع نواحى العملية ، جميع إتجاهات التطوّر ، جميع المؤثّرات المتضادة إلخ ، و لكنّه فى الواقع لا يعطى أي فكرة منسجمة و ثوريّة عن عمليّة تطوّر المجتمع .
( لينين ، " الدولة و الثورة " ص 22-23 ، دار التقدّم ، موسكو )
------------------------
على الشيوعيين أن يكونوا مستعدين فى كلّ وقت للتمسّك بالحقيقة ، فالحقيقة، أيّة حقيقة، تتفق مع مصلحة الشعب . و على الشيوعيين أن يكونوا فى كلّ وقت على أهبة لإصلاح أخطائهم ، فالأخطاء كلّها ضد مصلحة الشعب .
( ماو تسى تونغ ، " الحكومة الإئتلافية " ، 24 أبريل - نيسان 1945 ، المؤلفات المختارة ، المجلّد الثالث ).
كلّ ما هو حقيقة فعلا جيّد بالنسبة للبروليتاريا ، كلّ الحقائق يمكن أن تساعد على بلوغ الشيوعية.
( " بوب أفاكيان أثناء نقاش مع الرفاق حول الأبستيمولوجيا : حول معرفة العالم و تغييره "، فصل من كتاب " ملاحظات حول الفنّ و الثقافة ، و العلم و الفلسفة " ، 2005).

ليس بوسعكم كسر جميع السلاسل مستثنين واحدة. ليس بوسعكم التحرّر من الإستغلال و الإضطهاد و أنتم تريدون الحفاظ على إستغلال الرجال للنساء . ليس بوسعكم قول إنّكم ترغبون فى تحرير الإنسانية و مع ذلك تحافظون على نصف البشر عبيدا للنصف الآخر . إنّ إضطهاد النساء مرتبط تمام الإرتباط بتقسيم المجتمع إلى سادة و عبيد ، إلى مستغِلِّين و مستغَلّين و من غير الممكن القضاء على كافة الظروف المماثلة دون التحرير التام للنساء . لهذا كلّه للنساء دور عظيم الأهمّية تنهضن به ليس فى القيام بالثورة و حسب بل كذلك فى ضمان أن توجد ثورة شاملة . يمكن و يجب إطلاق العنان لغضب النساء إطلاقا تامّا كقوّة جبّارة من أجل الثورة البروليتارية .
( بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 84 ، 8 أفريل 2007 )

مقدّمة الكتاب :
منذ 2011 و تحديدا منذ العدد الثاني من نشريّة " لا حركة شيوعية ثوريّة دون ماوية ! " ، إنكببنا على دراسة الخطّ الإيديولوجي و السياسي للوطنيين الديمقراطيين الماركسيين - اللينينيين ( الوطد م- ل من هنا فصاعدا ) و أعملنا سلاح النقد الماركسي فى وثيقتين محوريّتين هما " مشروع برنامج الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين اللينينيين " و " هل يمكن أن نعتبر ماو تسى تونغ ماركسيّا – لينينيّا ؟ " و هما وثيقتان أساسيّتان فى أرضيّة وحدة المجموعة التى إنقسمت لاحقا ليكوّن شقّ منها ما يعرف الآن بالحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد( من هنا فصاعدا الوطد الثوري ) - و الذى إنشقّ بدوره منذ ما يناهز السنة الآن - و ليستمرّ الشقّ الآخر فى إطلاق تسمية الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين - اللينينيين على نفسه . وبالتالى يشمل النقد الذى وجّهناه للوثيقتين ( الوثيقة الثانية لم نكمل بعدُ الإشتغال عليها لظروف لا مجال للخوض فيها هنا و نتعهّد بإتمام العمل حالما تسمح الظروف ) كلا المجموعتين و ما تفرّع عنهما أو ما فرّخت رغم سعي هذه العناصر أو تلك إلى التنصّل بشكل أو آخر من هذه الوثيقة أو تلك أو تغيير عنوانها أو تحوير جزء منها .
و نفرد جهدنا هنا بوجه خاص إلى قراءة فى وثائق الوطد م - ل بعدما صغنا كتبا و مقالات عدّة عُنيت بكشف أنّ الوطد الثوري حزب ماركسي مزيّف ، خوجي متستّر و إصلاحي . و بطبيعة الحال ، جلّ إن لم يكن كلّ ما وضّحناه بصدد الوطد الثوري بشأن الخوجيّة و الإصلاحيّة ينسحب على الوطد م - ل بما أنّه يخصّ فى معظمه الجذع المشترك بينهما ، على أنّه و الحقّ يقال فى منعرجات كثيرة فى السنوات الأخيرة ، لاحظنا تمايزا فى بعض المواقف و التكتيكات دون أن يمسّ ذلك ما هو إستراتيجي بالنسبة إليهم و دون أن يعني أيضا إختلافا نوعيّا حاسما فى الخطّ الإيديولوجي و السياسي ؛ و من ذلك خاصة تعارض فى المواقف تجاه المشاركة فى الإنتخات التشريعية والرئاسيّة و فى التحالفات المنسوجة .
و إصطفينا للجزء الأوّل من الكتاب مقالين هما : " بعض النقد لبعض نقّاد الماويّة " و " قراءة نقدية فى مشروع برنامج الوطنيّين الديمقراطيّين الماركسيّين اللينينيّين " و محتوياتهما هي :
1- بعض النقد لبعض نقّاد الماويّة :

( ملاحظات نقدية ماوية لوثيقة " الثورة الوطنية الديمقراطية و المرتدون مؤسّسو "العود" )
أ / براغماتيّون و ذوو نظرة مثالية إحادية الجانب فى قراءة الوضع العالمي
ب / مثاليّون ميتافيزيقيون
ت / مرتدّون عن منهجيّة تناول الردّة
ث / إنتهازيون : " يأكلون الغلّة و يسبون الملّة " :
ج / دغمائيون
------------------------
2- قراءة فى مشروع برنامج الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين – اللينينيين

أ- الهوية

ب- جوانب من المنهج

ت- حول العصر

ث- المسألة الوطنية فى عصر الامبريالية

ج- تحالفات الجبهة الوطنية

ح- الدولة البديلة

خ- الطريق الى السلطة السياسية :
د- الحزب الشيوعي

ذ- الأمميّة

ر- التحريفية و انهيار الاتحاد السوفياتي

ز- التهجّم على الماويّة

و آثرنا فى الجزء الثاني من الكتاب القيام بجولة فى موقع إتحاد الشباب الماركسي – اللينيني الفصيل الشبابي للوطنيّين الديمقراطيين الماركسيين - اللينينيين على الأنترنت أين تنشر وثائق المجموعة فاطلعنا على البيانات والأيقونات الشيوعية و الطريق الثوري و أنشطة أشمل و أخبار أممية و بالحبر الأحمر ...
http://ujml.over-blog.com
وقرأناها المقالات بإمعان ، و بدقّة و صبر دوّننا الملاحظات لنكوّن فى النهاية جملة من الأفكار بوّبناها تحت عنوان " لا يمكن إعتبار الوطنيّين الديمقراطيّين الماركسيّين – اللينينيّين ماركسيّين – لينينيّين ! " و وفق التخطيط الآتي ذكره لمزيد تناول الخطّ الإيديولوجي و السياسي لتلك المجموعة إنطلاقا من الوثائق المنشورة فى ذلك الموقع على الأنترنت .
1- من مضحكات مبكيات الوطنيّين الديمقراطيّين الماركسيّين – اللينينيّين :
أ- الماويّة و إنتصار الثورة الفيتنامية على الإمبريالية الأمريكية
ب- الثورة الماويّة فى النيبال
ت- مسألة ستالين و رؤية الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين - اللينينيين الخوجيّة
ث- التهرّب من تقييم التجربة النقابيّة للوطنيين الديمقراطيين الماركسيين - اللينينيين
2- كيف يسيئ الوطنيّون الديمقراطيون الماركسيّون - اللينينيّون الخوجيون المتستّرون إلى ستالين :
أ- إيقاف تاريخ الحركة الشيوعية عند ستالين و طمس طريق الثورة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات
ب- إساءات الخوجيين لستالين
3- الوطنيّون الديمقراطيون الماركسيّون - اللينينيّون بين الوطنيّة البرجوازية و الأممية البروليتارية :
أ- تسمية خاطئة و ضارّة
ب- إنعزاليّون رغم محاولة ذرّ الرماد فى العيون
ت- دفاع دغمائي عن أخطاء ستالين و ديمتروف فى ما يتعلّق بالجبهة المتّحدة العالميّة ضد الفاشيّة
ث- الفهم اللينينيّ للأممية و العالم أوّلا راهنا !
4- الوطنيّون الديمقراطيون الماركسيّون - اللينينيّون و اللخبطة فى فهم المادية الجدلية و تطبيقها :
أ- الحتميّة
ب- الكمّى والنوعي تناقض / وحدة أضداد و ليس قانونا جدليّا
ت- نفي النفي ليس قانونا جدليّا
5- الوطنيّون الديمقراطيون الماركسيّون-اللينينيّون و تأجيل الصراع ضد إضطهاد المرأة و إستغلالها :
أ- غياب التحليل الملموس للواقع الملموس
ب- تـأجيل النضال ضد إضطهاد المرأة و إستغلالها جندريّا
ت- الخلاصة الجديدة للشيوعية وتحرير المرأة
6- تحرير فلسطين و أوهام الوطنيّين الديمقراطيين الماركسيّين – اللينينيّين :
أ- ماو تسى تونغ تحريفي و أبوعلي مصطفى ماركسي – لينيني أم قلب الحقائق رأسا على عقب ؟
ب- الكفاح المسلّح ليس معيارا فى حدّ ذاته للثوريّة
ت - الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين و المشاريع الإستسلامية
ث - كيف نفسّر أوهام الوطنيّين الديمقراطيين الماركسيين - اللينينيين هذه ؟
بدلا من خاتمة الكتاب :
تحرير البروليتاريا و الإنسانيّة جمعاء : إن لم تناضلوا للقضاء على " الكلّ الأربعة " لستُم بصدد النضال من أجل الشيوعية .
مراجع الكتاب :
الملاحق ( 5 ) :
1- لعقد مقارنة بين مقالنا و مقالهم عن تشافيز
2- لعقد مقارنة بين بيانهم بمناسبة 8 مارس 2015 و بيان منظّمة نساء 8 مارس ( إيران - أفغانستان)
3- إقتراح حول الخطّ العام للحركة الشيوعية العالمية
4- ما هي الخلاصة الجديدة للشيوعية ؟
5- محتويات نشريّة " لا حركة شيوعيّة ثورية دون ماويّة ! "
( الأعداد 1 إلى 27 - بقلم ناظم الماوي )
و معا سنكتشف مقولات جماعة على شفير الهاوية يدفعها إليها فى المصاف الأوّل المنطق الداخلي لفهمها غير الشيوعي للعالم بينما تصارع بعض عناصرها و تكابر و تسعى إلى إيقاف النزيف و السقوط التام المدوّى دون أن تملك حلّ المشكل فالأطروحات التى طوّرتها هي فى حدّ ذاتها جزء من المشكل و منبعه و ليست جزءا من الحلّ.
===============================================================
….
2 - قراءة فى مشروع برنامج الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين - اللينينيين

( " لا حركة شيوعية ثوريّة دون ماويّة ! " عدد 2 / أفريل 2011 )

دون مقدّمات ، نتوغّل فى قراءة نقدية لمشروع برنامج الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين – اللينينيين من منظور بروليتاري ، ماركسي- لينيني- ماوي .

الهويّة :

من العنوان حدد الجماعة أنفسهم على أنهم وطنيون ديمقراطيون ماركسيون- لينينيون و تكرر التحديد بين طيات الصفحات الا أنهم فى مناسبتين حوروا التحديد باضافة فى مناسبة أولى الشيوعيون الى الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين - اللينينيين (ص9) و فى مناسبة ثانية وردت الصيغة كالآتى : الوطنيين الديمقراطيين كشيوعيين (ص11) ممّا يثير ملاحظتين اثنتين :

أوّلا ، توصيفهم كشيوعيين يأتى اضافة أي أنه ليس من صميم هويتهم كما حددوها هم أنفسهم و يأتى كذلك فى المصاف الثالث/الأخير بعد الوطد و بعد الم-الل و فى هذا دلالة سنعود الى تفصيلها لاحقا .

ثانيا ، من الأكيد نظريا و عمليا أن يوجد وطنيّون ديمقراطيون غير شيوعيين فعلاوة على أن فى الواقع العربي اليوم هنالك حتى تنظيمات تحمل هذا الاسم و ما هي بشيوعية أصلا فان قوى سياسية تاريخيا وواقعيا كانت وطنية ديمقراطية أي تبنت البرنامج و المهام الوطنية الديمقراطية و عملت فعليا لأجل الثورة غير أنها لم تتجاوز تلك المرحلة و سعت لإعاقة المرور الى المرحلة الاشتراكية و هو ما حصل على أرض الصراع الطبقي فى الصين حيث وقف أعضاء و قياديون من المنتمين الى الحزب الشيوعي الصيني فضلا عن قوى أخرى خارجه فى وجه التقدم نحو التحويل الاشتراكي للمجتمع و تمكن الخط الماوي الشيوعي الثوري من الحاق الهزيمة بهذا الخط الانتهازي اليميني.

و أما أساس تحديد الجماعة أنفسهم على أنهم وطنيّون ديمقراطيون ماركسيون - لينينيون فنعثر عليه فى الصفحة 9: " و على أساس هذا التحليل للواقع الاقتصادى و الاجتماعي فى القطر العربي تونس تتحدد هوية الوطد الم-الل" .
و طبعا من لديه/لديها أدنى اطلاع على التاريخ و الأدبيات الشيوعية تعتريه /ها الدهشة بداية و تملى عليه/ها وقفة تأمل ثانيا . فمنذ متى كان الشيوعيون يحددون هويتهم انطلاقا من تحليل الواقع الاقتصادي لقطر ما؟ هوية الشيوعيين تتحدد كما أوضح لينين فى مقاله الشهير المتعلق بتغيير تسمية الحزب الذى كان ينتمى اليه الى حزب شيوعي،بأهدافهم النهائية فالشيوعيون سموا ذاتهم كذلك رفعا لراية هدفهم النهائي : الشيوعية و الجماعة يريدون العودة بنا الى ما قبل اللينينية و يقدمون ذاتهم كلينينيّين !

و هنا نربط الحديث بالتحديد الثلاثي " الوطد الم- الل كشيوعيين" فنذكر بما سبق من أن الهوية الشيوعية تضاف اضافة و فى المرتبة الثالثة و ذلك لأن الجماعة فى محاولة بائسة لتطبيق المادية استنبطوا هويتهم من التحليل الاقتصادى و الاجتماعي . و الحقيقة أنهم يتمادون فى فكر مرجعه الحقل الطلابي فى الثمانينات تحت امضاء الوطنيون الديمقراطيون و يعملون على التمايز مع من استعمل ذات الإمضاء باضافة م- ل اذ هم لم يتزحزحوا بمعنى لم يطوروا تجربتهم حتى بعد التحاقهم بميادين أخرى، غير الطلابية ، عن تلك التجربة بما حملت من ايجابي و سلبي و هم يظنون الى اليوم أن التشبث بها خاما كما هي فكرا و ممارسة يعطيهم الشرعية التاريخية التى منها يستمدون قوتهم ، حسب اعتقادهم .و تجدنا هنا مضطرين الى التذكير بأن تسمية الوطد نبعت من صراع تاريخي داخل الحركة الشيوعية التونسية فى الستينات و السبعينات بين طريق الثورة الاشتراكية التروتسكى و طريق الثورة الوطنية الديمقراطية / الديمقراطية الجديدة الماركسية - اللينينية - الماوية و بالتالي رغم ما حدث من عهدئذ من تطورات محليا عربيا و عالميا يأتى الجماعة الآن ليبقوا الأمر على حاله فيقفون عند تلك المحطة و لايغادرونها ليس هوية و حسب بل فكرا و ممارسة أيضا كما سنبين لاحقا.

و يعود الجزء الثاني من التسمية أي الماركسيين - اللينينيين للتميز الشكلي عن الوطنيين الديمقراطيين بالجامعة الذين التحقوا بالساحة الشعبية و يمضون أيضا على أنهم الوطنيون الديمقراطيون.ويبدو أن إلحاق ال"شيوعيين " راجع الى رد فعل على نقد ما لا سيما و أن النقاشات مفتوحة نوعا ما داخل الماركسيين فى المدة الأخيرة تحت ضغط التغيرات الجديدة سياسيا.

و بالصفحة (9) نقرأ :

" الوطنيون الديمقراطيون الماركسيون-اللينينيون الشيوعيون مخلصون لتعاليم ماركس و انجلس و لينين و ستالين و الأممية الثالثة و يتفاعلون جدليا مع التجارب الثورية للشعوب فى العالم" وهو ما يقتضى الاشارة الى أن هذه الصيغة تحمل خطأ هو أن التعاليم المشار اليها ليست كلها صحيحة و صالحة لواقعنا الراهن محليا و عالميا و بهذا الصدد تكفى فقط الاشارة الى نقد لينين لماركس و رؤيته للثورة الاشتراكية فى أوروبا. و الشيوعيون الغيورين على الثورة البروليتارية فحصوا بروح عالية من المسؤولية و درسوا التجربة الاشتراكية فى الاتحاد السوفياتي و تجربة الأممية الثالثة و استخلصوا أن التجربتين مشوبتان بأخطاء جدية أحيانا. فالصيغة الصحيحة لا يمكن أن تكون الا الاخلاص الى " التعاليم الصحيحة " لمعلمى البروليتاريا العالمية و لا ينبغى اسقاط ماوتسى تونغ من قائمة معلمي البروليتاريا و لكن الدخول فى تعقيدات هذه المسألة ليس من مشمولات هذا المقال .

ثم ما معنى " يتفاعلون جدليا مع التجارب الثورية للشعوب فى العالم "؟ صيغة مبهمة و ملتبسة لكيفية التعامل و لا تعطى أمثلة حية أو تاريخية أو مستقبلية لهذا اللون من التعامل.

و كجزء ثانوى فى هوية الجماعة اعتبار أنفسهم الممثلين الوحيدين للوطنيين الديمقراطيين فلا يكفون عن نعت أنفسهم بالخط الوطني الديمقراطي و هو ما نلقى صداه فى الصفحة( 17) " انتاجات الخط و أدبياته " مما يستدعى تسجيل أن مفهوم الخط كما هو مستعمل هنا مفهوم لا أساس له من الصحة أصلا . لقد تم استعماله تاريخيا فى الصراع بين خط الثورة الوطنيّة الديمقراطية و خط الثورة الاشتراكية داخل الحركة الشيوعية التونسية فى الستينات و السبعينات و مذاك مضت عقود و صارت الأطروحتان واضحتين نسبيا و غدا دعاة الخط الوطني الديمقراطي مجموعات و حلقات و ما عاد لا دقيقا نظريا و لا صحيحا عمليا خاصة و أن المجموعات و الحلقات اياها شهدت خلال تطورها كوحدة أضداد صراعات عديدة بين الخطين و انقسمت الى شظايا أحيانا ( و هم أيضا عاشوا هذه الحقيقة المادية ) . و بات استعمال هذا المفهوم و لوحده أي دون صراع الخطين خارج التنظيم الواحد أو الحركة الواحدة تعبير مثالي يبث الغموض و التعمية و الفكرة الخاطئة عن الوحدة الصماء لأي تنظيم وهو أبعد ما يكون عن المادية الجدلية التى تعتبر كل سيرورة وحدة أضداد و كل مجموعة أو تنظيم أو حزب أو حركة وحدة أضداد محرك تطورها الجوهري صراع الأضداد أي صراع الخطين و على الثوريين خوض هذا الصراع الى النهاية و على الدوام من أجل الحقيقة و صحة الخط الايديولوجي والسياسي البروليتاري للتنظيم و من أجل تطويره استنادا الى الممارسة العملية فالنظرية و هكذا دواليك فى حركة لولبية تصاعدية لا تنفى الانتكاسات.

جوانب من المنهج :

أولا ، ما يلفت الانتباه بهذا الصدد هو ، قبل كل شيئ ، تعويل أصحاب البرنامج فى تحليلهم على معطيات تاريخية خاطئة تماما و منها :

1- " بروز الولايات المتحدة الأمريكية كقوة امبريالية عظمى خاصة بعد الحرب الامبريالية الأولى 1914-1918" (ص6) فى حين من المعلوم أن الولايات المتحدة برزت كقوة عظمى فعلا اثر الحرب العالمية الثانية فأصبحت قائدة البلدان الرأسمالية الامبريالية.

2- " استعمرت من جديد بشكل مباشر مناطق أخرى مثل السعودية و الكويت و الامارات و العراق و غيرها " (ص6) و نحن نلمس فى الواقع عدم عكس هذه الصيغة لواقع الحال فلا الامارات محتلة احتلالا مباشرا و لا السعودية و لا الكويت كل ما فى الأمر أن مناطق معينة من هذه البلدان معتمدة كقواعد عسكرية .

3- و بعد صفحات تغدو العراق بلدا يتعرض لحصار جائر ! بعدما اعتبر محتلا مباشرة فى الصفحة 6 ، فى الصفحة 12 ، جاء : " ...الحصار الجائر المضروب على كوريا الشمالية و كوبا و العراق و ليبيا الخ..."

4- و " بزوال التناقض بين النظام الرأسمالي و الاشتراكي منذ المؤتمر 20 للحزب البلشفى سنة 1956 بدأت الحركات الاشتراكية و الوطنية التحررية تعيش حالة من الجزر و الانحسار "(ص5) .

و لأنّنا لن نقف طويلا عند خطأ زوال التناقض بين النظامين منذ المؤتمر 20 للحزب الشيوعي السوفياتي باعتيار وضوح الأمر لمن له اطلاع على تاريخ الحركة الشيوعية العالمية و نشوء و تطور الحركة الماركسية - اللينينية و الوطنيون الديمقراطيون نتيجة لها أحب من أحب و كره من كره هذه الحقيقة الى جانب تجارب الصين و ألبانيا التى يعتبرون حزب عملها ماركسيا-لينينيا فى وثيقة "هل يمكن ..." ، فاننا نوجه نظر القارئة/ القارئ الى التاريخ المعاصر و الواقع الملموس لحركة التحرر فى فتنام فى الستينات و السبعينات على سبيل المثال لا الحصر لدحض هذا التخريف.

ثانيا ، اعتمد البرنامج صيغا مرتبكة تحمل أفكارا متناقضة كليا أحيانا و منها :

1- " استنادا الى النظرية الماركسية-اللينينية و تجارب الشعوب الوطنية التحررية و الاشتراكية العلمية..." (ص2).

ما هي الماركسية - اللينينية ان لم تكن نظرية الثورة البروليتارية الملخصة لتجارب الانسانية فى أرقى مستوياتها و ماهي الماركسية - اللينينية ان لم تكن الاشتراكية العلمية ذاتها جزء منها ؟ ذلك أن مصطلح الاشتراكية العلمية يفيد مكوّنا من مكوّنات الماركسية و مصادرها الثلاثة و الماركسية تطورت الى ماركسية- لينينية ( ثم تطورت الى ماركسية- لينينية- ماوية ) مما ينم عن عدم مسك الجماعة كما ينبغى بالمفاهيم الماركسية و اختلاطها عليهم لضعف و تهاون فى تكوينهم الايديولوجي كأحد أهم سماتهم .

2- " و التناقض بين الكتل الرأسمالية و الدول الامبريالية " (ص4).

ما المقصود بالكتل الرأسمالية ؟ هل تشير مثلا الى "المحور" و "الحلفاء " أثناء الحرب العالمية الثانية أم "الاحتكارات الرأسمالية" تحديدا كمصطلح لينيني و عنصر من عناصر مفهوم الامبريالية ؟ و ليعلم الجماعة أن الرأسمالية الحالية هي رأسمالية امبريالية فلا فرق بين الرأسمالية و الامبريالية سوى أن الامبريالية أعلى مراحل تطور الرأسمالية .

3- " و تهدف الثورة الى القضاء على أسباب التقسيم و التجزئة و التخلف أي التواجد الامبريالي الرجعى..." (ص8). لاحظتم معنا و لا شك "التواجد الامبريالي الرجعي" فهل نفدت المصطلحات ليركن الى"تواجد رجعي " و كأن الرجعيين جاؤوا مع الامبرياليين و الحال أن الإقطاع و الكمبرادور/ البيروقراط حلفاء محلّيين للإمبريالية ؟

4- " نمط الانتاج الاشتراكي العلمي " تخريجة غريبة. متى كان الماركسيون يصفون نمط انتاج بالعلمية ؟ و نذكر بأن "الاشتراكية العلمية " هي مكوّن من مكوّنات الماركسية و مصادرها الثلاثة التى تطورت الى ماركسية - لينينية ثم الى ماركسية - لينينية - ماوية .

5- "ربط علاقات استراتيجية مع الأحزاب الشيوعية و البلدان و التجارب الاشتراكية و الوطنية التحررية فى العالم..." (ص 14) .

أما ربط العلاقات مع الأحزاب الشيوعية و البلدان فمفهوم و أما ربط العلاقات مع التجارب الاشتراكية و الوطنية التحررية فلم نفهمه لأن التجارب تقيم و يستفاد منها كأساس للتنظيرات كأن يتم تقييم و تتم الاستفادة من تجربة ثورة أكتوبر وبناء الاشتراكية فى الاتحاد السوفياتي مثلا . و اذا ربطت علاقات مع الأحزاب الشيوعية فلا معنى لربط العلاقات مع التجارب الاشتراكية الا اذا يتصور الجماعة قيام تجارب اشتراكية دون قيادة الأحزاب الشيوعية . فان كان هذا قصدهم فليقدموه بصيغ بسيطة قابلة للفهم.

6- و من الصفحة (6) نقتطف : " تنصيب أنظمة سياسية عميلة قاعدتها المادية طبقات هجينة رجعية (الكمبرادور و الاقطاع) تقوم بحراسة مصالح الاستعمار و تخرب تطور الصراع الطبقي و النضال الوطني ..."

بادئ ذى بدء ، لا تقوم " الطبقات الهجينة الرجعية" بحراسة مصالح الاستعمار فقط بل لها هي أيضا مصالح صحيح أنها استراتيجيا لا تتناقض بشكل صارخ مع مصالح الامبريالية الا أنها أحيانا تتضارب تكتيكيا مع مصالح الاستعمار الآنية أو المرحلية و تنشب حتى حروب بين الامبريالية و هذه" الطبقات الهجينة" على غرار حرب أمريكا ضد البناما و حرب انقلترا ضد الأرجنتين ( المالوين) . ثم ان مفهوم "تخريب تطورالصراع الطبقي..." الذى يعاد استعماله بالصفحة 7 ، غير علمي بالمرة فضلا عن أنه يحمل فى طياته فكرة أن هذه الطبقات لا تخوض صراعا طبقيا من أجل مصالحها و بكافة الوسائل المتاحة لها و هذا انحراف خطير فى فهم أبجديات المادية التاريخية.

واليكم صيغ أخرى بامكانكم مشاركتنا فى التعليق عليها :

أ- " مساندة حركات التحرر الوطني و الحركات الاشتراكية العلمية فى العالم " (17 ) .

ب-"...يناضلون من أجل تحررها ووحدتها على أسس الاشتراكية العلمية و الأممية البروليتارية " (ص16)

ت- " و بحكم هشاشة الاقتصاد فى الوطن العربي و ضعف تطوره اقتصاديا ..."

و ثالثا ، اعتمد البرنامج على مثالية واضحة المعالم و على ذلك نضرب أمثلة مقتضبة :

1- " أصبحت المؤسسات المالية الاحتكارية العالمية ... تعيق ( بصفة مصطنعة) كل شكل من أشكال التقدم و خاصة التقدم التقني " (ص6) . و هذا مثالي من جانب "كل" شكل لأنهم هم أنفسهم سينقضون ذلك بقول ان الامبريالية تطور ما يتناسب ومصالحها من قوى و علاقات انتاج .

2-" و مع ظهور البريسترويكا كنتيجة مباشرة للسيطرة التحريفية..."

ان كان ثمة تطورات مباشرة أي خط تطور محدد مسبقا اتبعته التحريفية و معلوم مسبقا كذلك فنطالب الجماعة بمدنا بمرجعيتهم فى ذلك لعلنا منهم نستفيد. و لعلم الجميع نتيجة للسيطرة التحريفية قبل البريسترويكا أتت الخروتشوفية فالبريجنافية الخ فلا مجال للحديث عن نتيجة مباشرة.

3- " و تتسم الحياة الفكرية فى المجتمع بسيطرة الفكر الديني المرتبط كليا بالدولة..."(9)

لا جدال فى أن الفكر الديني وجد قبل الدولة الحالية و سيوجد بعدها فماركسيا ثمة نوع من التطور المستقل نسبيا فى علاقة الفكر بالواقع فما بالك بالفكر الديني الاسلامي الضاربة جذوره فى عهد العبودية . هذا علاوة على أن الفكر الديني السياسي الرجعي عموما قد تطور بدفع من الرجعية المحلية و كذلك من الامبريالية و حتى داخل الدول الامبريالية ذاتها و بتشجيع من الامبرياليين مثلما هو الحال فى الولايات المتحدة الآن.

4- " بعد أن ضبطنا أيضا الخطة الاستراتيجية و مختلف التكتيكات الضرورية لتحقيق الأهداف المرسومة..." (ص15)

بغضّ النظر عن لخبطة "الخطة الاستراتيجية" فالخطط تطبيق مرحلي / تكتيكي للاستراتيجيا ، فإن اطلاقية "مختلف التكتيكات الضرورية" تبعث فينا الغرابة و الكآبة ، غرابة لأن هذا ليس من الماركسية فى شيء بما أن التكتيكات ترسم مع و حسب تطور الصراع الطبقي و ما يتطلبه واقع ملموس لمعركة أو معارك ملموسة طوال الاعداد للثورة و خلالها و حتى بعدها ، و كآبة مأتاها احباط من عدم مسك الجماعة بمقولات أولية فى علم الثورة البروليتارية .

حول العصر :

من صفحة الى أخرى ، عند القراءة و المقارنة و التمحيص ، نستشف أن التفكك غالب على الوثيقة فبها تموجات و مستويات خطاب لا خيط مفاهيمي ناظم له و كأن البرنامج كتبه فى صياغته النهائية أكثر من شخص و كل وضع بصمته فيه عاكسا مدى فهمه للمسائل المطروحة.

فعلى سبيل المثال ورد فى صفحات عدة " عصر الامبريالية و الثورة الاشتراكية " و فى الصفحة الأولى " عصر انهيار الامبريالية و الثورة الاشتراكية " مما يعكس اضطرابا فكريا يؤكده حديثهم عن الامبريالية دون الاشارة و لو عرضا لجزء هام وحيوي فى تحليل لينين للامبريالية و نقصد انقسام الطبقة العاملة فى البلدان الامبريالية و ظهور شريحة أرستقراطية هي القاعدة الاجتماعية الأساسية للانتهازية اليمينية داخل الحركة الشيوعية حيث تتمكن البرجوازية الامبريالية من شراء ذمم هذه الأرستقراطية مغدقة عليها فتات مائدتها ، فتات الثروات الطائلة التى تنهبها و تنتزعها انتزاعا من المستعمرات و أشباه المستعمرات. و هذا الانقسام يفسر صعوبة قيام ثورة فى البلدان الامبريالية نسبة الى المستعمرات و أشباه المستعمرات ، نقول صعوبة و لا نقول استحالة و عدم تواتر وجود الوضع الثوري فيها جعل مركز اعصار الثورة البروليتارية العالمية الذى انتقل من أوروبا الغربية الى روسيا فى مطلع القرن العشرين ينتقل بعد ذلك الى مستعمرات و أشباه مستعمرات آسيا و أفريقا و أمركا اللاتينية . لهذا يؤكد الشيوعيون الماويّون أن الثورة البروليتارية العالمية واحدة تتكون من تيارين ثوريين لنوعين من البلدان مختلفين تحل التناقضات فيهما بصورتين مختلفتين- انتفاضة مسلحة متبوعة بحرب أهلية بالبلدان الامبريالية و حرب الشعب طويلة الأمد بالمستعمرات و أشباه المستعمرات- تقودها البروليتاريا كطبقة عالمية واحدة.وهو شيئ لم يستوعبه الجماعة أو تغاضوا عنه لارتباطه وثيق الارتباط بمسائل سنحللها فى حينها ( على غرار طريق الثورة و طبيعة الثورة و السلطة الناجمة عنها و ما الى ذلك ).



المسألة الوطنية فى عصر الامبريالية :

يتحفنا الجماعة بهذه الفقرة الطويلة نسبيا و نستسمحكم فى ايرادها كاملة لمنتهى أهميتها و دلالتها :

" فى مرحلة الامبريالية لم تعد المسألة الوطنية تتمثل فى نشر الديمقراطية و تمكين الأمم من التطور الحر، لقد أصبحت تعنى اسقاط سلطة رأس المال و ارساء دكتاتورية البروليتاريا و بناء الاشتراكية العلمية فى البلدان الرأسمالية كخطوة أولى فى اتجاه الشيوعية و تعنى أيضا الاطاحة الثورية بالامبريالية و عملائها فى المستعمرات و أشباهها و تركيز الديكتاتورية الديمقراطية الثورية للعمال و الفلاحين الفقراء ذات الأفق الاشتراكي و تطوير الروابط الأممية بين الشعوب تمهيدا لارساء المجتمع الشيوعي العالمي . لقد أصبحت المسألة الوطنية جزءا من الثورة البروليتارية العالمية "(ص4).

درر أليس كذلك؟ ان الحديث عن مسألة وطنية حاليا فى الدول الامبريالية ( طبعا لا يعنى الأمر تلك الأمم المضطهدة ضمن حدود بعض الدول الامبريالية و حتى هذه تدخل مطالبها القومية ضمن أهداف الثورة الاشتراكية بمعنى حق تقرير المصير بانفصال أو عدمه ) لا محل له تماما فمنذ زمن بعيد ما عادت البروليتاريا فى البلدان الإمبريالية معنية بشعار الوطنية لأنه ما عاد تقدميا بل بالعكس غدا رجعيا على طول الخط و على البروليتاريا فى البلدان الامبريالية تحديدا رفع راية الأممية و لا شيئ غير راية الأممية و الاطاحة بالراية الوطنية راية البرجوازية الامبريالية لذلك كان لينين يدعو الى تحويل الحرب الامبريالية الى حرب أهلية اذا تعذرت الحيلولة دون اندلاعها ، فى تناقض تام مع دفاع الأممية الثانية عن الراية الوطنية و فى النهاية عن مصالح و راية البرجوازية الامبريالية و كما قال لينين فى هذا المضمار : ان النضال ضد الامبريالية يمر حتما بالنضال ضد الانتهازية. فما أبعد الجماعة عن الفهم اللينيني و تطور المسألة الوطنية تاريخيا فى عصر الامبيريالية .

زيادة على ذلك ، فان "اسقاط سلطة راس المال و ارساء دكتاتورية البروليتاريا و بناء الاشتراكية " ليس من المسألة الوطنية فى شيئ و انما هو لب الثورة الاشتراكية . لقد حول الجماعة المسألة الوطنية الى كيس نفخوا فيه ليشمل كل الثورات فى العالم بلا تمييز و الأنكى أنها أضحت تنطوى حتى على " تطوير الروابط الأممية بين الشعوب تمهيدا لارساء المجتمع الشيوعي" ليختموا بجملة " لقد أصبحت المسألة الوطنية جزءا من الثورة البروليتارية العالمية " فى تضارب تام مع ما سبق فى الفقرة و دون توضيح ما يفيده" الجزء" هذا فضلا عن أن ما أصبح جزءا من الثورة البروليتارية ليس المسألة الديمقراطية و انما الثورات الوطنية الديمقراطية / الديمقراطية الجديدة التى تقودها الطبقة العاملة فى تحالف مع الطبقات و الشرائح المناهضة للامبريالية . و أما مقولة " تركيز الديكتاتورية الديمقراطية الثورية للعمال و الفلاحين الفقراء ذات الأفق الاشتراكي " فلنا عودة اليها فى ما بعد.

و ندع لكم التعليق على هذه الصيغ من الصفحة 7 : " و هكذا تأجلت مهمة التحرر الوطني وهي لا تزال مطروحة الى يومنا هذا"و " أجهضت المسألة الوطنية و أصبحت من المهام المطروحة اليوم" و من الصفحة 9 : " ان العلاقات الرأسمالية موجودة فى الاقتصاد داخل القطر فى المدن و لكنها محدودة و لا تشكل العلاقات السائدة".

تحالفات الجبهة الوطنية :

بالصفحة (4) ، نجد : " و تحت قيادة الشيوعيين تناضل الطبقة العاملة و حلفاؤها بكل حزم و دون هوادة من أجل القضاء على الامبريالية و الأنظمة الطبقية الأخرى و بناء المجتمع الاشتراكي فالشيوعي."

هنا يشرع فى الحديث عن حلفاء يناضلون بكل حزم و دون هوادة تحت قيادة الطبقة العاملة و حتى من أجل القضاء على "الأنظمة الطبقية الأخرى " و "بناء المجتمع الاشتراكي فالشيوعي"( الى الآن لم يستوعب الجماعة أن الاشتراكية ذاتها نظام اجتماعي طبقي ،مرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية وفق منظري البروليتاريا / مرجع "الدولة و الثورة" مثلا حتى لا نشير الى عديد كتابات ماو).

عندئذ نتسائل من هم هؤلاء الحلفاء ؟

و تأتينا الاجابة فى الصفحة (11) : " لانجاز المسألة الوطنية يطرح علينا رص قوى الثورة فى جبهة وطنية موحدة و متماسكة تضم العمال و حليفهم الاستراتيجي الفلاحين الفقراء ثم الروافد الثانوية الفلاحين الذين يمكن أن يعادوا الامبريالية و بقية شرائح البرجوازية الصغيرة و البرجوازية الوطنية ".

بداية ، نشير الى مفاهيم بعيدة كل البعد عن أن تكون ماركسية و أن تعكس الواقع بصورة صحيحة فما معنى "انجاز المسألة الوطنية " ؟ اذا أردنا الدقة نقول انجاز المهام الوطنية أو انجاز الثورة الوطنية . و ما معنى "رص قوى الثورة فى جبهة و طنية" ؟ هل الجبهة كيس يتم فيه رص القوى ؟ اذا أردنا الدقة قلنا نوحد صفوف قوى الثورة . و ما مفاد " يمكن أن يعادوا " ؟ هل فحوى هذا أنه يمكن أيضا ألا يعادوا الامبريالية ؟ فننتقل من " حلفاء " يناضلون بكل حزم و دون هوادة " و حتى للقضاء على "الأنظمة الطبقية " و " بناء الاشتراكية " الى حلفاء قد يعادوا الامبريالية و قد لا يعادوها ، انهم يمسون من غير الموثوق بهم .

تتّسع هوّة " يمكن " بعد بضعة أسطر لتحتضن كافة الحلفاء باستثناء الفلاحين الفقراء : " فالفلاحين الفقراء هم الوحيدين الحليف الاستراتيجي للعمال بينما بقية الطبقات التى يمكن أن تعادي الامبريالية هي حليف تكتيكي ". ثم فى الصفحة ذاتها يضاف الى نعت التحالف بالتكتيكي نعوتا تشكيكية أخرى مشروطا و مؤقتا :" و التحالف بين العمال و الفلاحين الفقراء هو تحالف دائم ( هذه منهم مثالية حيث يناضل من أجل قيام هذا التحالف و استمراره و يمكن أن يكسر- ولهم اعتراف بهذه الامكانية ص13- اذا لم تطبق سياسات صحيحة تأخذ بعين الاعتبار المصالح الآنية و البعيدة اللفلاحين الفقراء ) يوجد قبل الثورة و بعد افتكاك السلطة السياسية فى حين يكون التحالف مع الفلاحين المتوسطين و بقية شرائح البرجوازية الصغيرة و البرجوازية الوطنية مشروطا و مؤقتا و تكتيكيا ".

ان هذه التنظيرات تعود فى أصلها الى التروتسكية و الخوجية اللتان تلتقيان فى الاستهانة بالفلاحين و ملامح أخرى من هذا المزيج التروتسكى الخوجي سنكتشفها فى لاحق الفقرات .

و من الضروري هنا أن نذكر و نعيد التذكير بأن الجبهة المطلوبة و اللازمة ليست جبهة وطنية و انما جبهة وطنية ديمقراطية بكلمات أخرى ليست وطنية فحسب بل ديمقراطية أيضا مناهضة بجانبها الديمقراطي للاقطاع . ان هذا الانحراف القومجي خطير للغاية بما هو تنازل أمام التيارات القومية التى لا ترى سوى المسألة الوطنية و تغض النظر عن المسألة الديمقراطية و مارست ذلك عمليا فى سياساتها محليا و عربيا و حتى خلال تجارب مسكها بالسلطة فى أكثر من بلد . و ما آل اليه "المناضلون الوطنيون الديمقراطيون " خير دليل ساطع على تداعيات هذا الانحراف القومجي . و الجماعة انغمسوا فى المسألة الوطنية من منطلق غير بروليتاري لينفخوا فيها كما مر بنا فيحشروا فيها الثورة الاشتراكية فى البلدان الامبريالية من جهة و يزيحوا بها جانبا بل يمحوا بها من جهة ثانية المسألة الديمقراطية .

الدولة البديلة :

الدولة الجديدة على حد رأي الجماعة هي " الدكتاتورية الديمقراطية الثورية للعمال و الفلاحين الفقراء ذات الأفق الاشتراكي " (ص4) و بعد ذلك ، (ص12) ، " بافتكاك السلطة السياسية تسعى الطبقة العاملة بقيادة حزبها الماركسي-اللينيني الى تركيز الدكتاتورية الديمقراطية الثورية للعمال و الفلاحين الفقراء كخطوة أولى فى اتجاه ديكتاتورية البروليتاريا " و " تركيز و انتخاب المؤسسات السياسية و الاقتصادية للدولة و المحاكم الشعبية التى تمثل سلطة العمال و الفلاحين الفقراء".

و يريدون منا أن نفهم أن الدولة الجديدة دولة مختلفة عن دكتاتورية البروليتاريا و قاعدتها الطبقية العمال و الفلاحين الفقراء و لكن هيهات هذا التحديد المستعمل فى محاولة للمغالطة مفهوم غريب عن الماركسية-اللينينية " الديكتاتورية الديمقراطية الثورية " فضلا عن كون الدكتاتورية الديمقراطية التى قدموها لا تعدو عن أن تكون لينينيا دكتاتورية البروليتاريا ذلك أن لينين طور مفهوم دكتاتورية البروليتاريا ليضمنه طبقيا الفلاحين الفقراء فى تعارض جلي مع تروتسكي الذى بقي يدافع عن دكتاتورية البروليتاريا كدولة العمال فحسب. ان نهل الجماعة من التروتسكية يجعلهم للتعمية يخطون فى الصفحة (10) كما رأينا أن الثورة الوطنية الديمقراطية " نمط جديد من الثورات البرجوازية الديمقراطية التى أفرزتها المرحلة المعاصرة من تطور الرأسمالية الى امبريالية و ظهور الاستعمار العالمي المباشر و غير المباشر" و السلطة الناجمة عنها سلطة عمال و فلاحين بمعنى دكتاتورية البروليتاريا ." ثورة برجوازية تنجم عنها دكتاتورية البروليتاريا !!! هذا هو العمق التروتسكى لأطروحات الوطنيين الديمقراطين الماركسيين - اللينينيين جدّا جدّا !!!

و الآن ماذا عن برنامج هذه الدولة البديلة ؟

ان برنامجهم للدولة الجديدة يسلط مزيدا من الضوء على تروتسكيتهم فالى الصفحة 12 لنقرأ معا :" ايجاد دستور جديد يلغى الملكية الخاصة لوسائل الانتاج " .

الشيء من مأتاه لا يستغرب الآن و قد عرفنا مدى انتهازية خطهم الايديولوجى و السياسي . الغاء الملكية الخاصة لوسائل الانتاج يقفز حتى على أسلوب الانتاج الاشتراكي ففى ظله توجد ملكية الدولة و ملكية السوفكوزات ( تجربة الاتحاد السوفياتي) و الى حدود أيضا ملكيات صغيرة للكلخوزيين . هذا من ناحية ومن ناحية أخرى يحافظ برنامج الجماعة على الملكية الخاصة ، فى القطاع الفلاحي : " يعتبر الاصلاح الزراعي المبني على توزيع الأرض على الفلاحين الفقراء توزيعا عادلا – بالرغم من أنه يبقى شعارا ديمقراطيا برجوازيا يحافظ على الملكية الخاصة و على تشتتها و يشكل خطوة الى الوراء مقارنة بالتأميم ( متى تم التأميم حتى يعتبر الاصلاح الزراعي خطوة الى الوراء ؟؟؟ التعليق منا ) - هو الشعار الصحيح الملائم للمرحلة "(ص13) .

و اقتصاد الدولة الجديدة التى تتميز عن الدولة الاشتراكية لا يختلف فى الأساس عن الاقتصاد الاشتراكي وفق الجماعة على الرغم من محاولة المغالطة فى آخر هذه الفقرة المقتطفة من الصفحة (13) : " يتم استنادا الى كل ذلك بناء اقتصاد وطنى متكامل مخطط و مبرمج على المستوى المركزى نواته الأساسية الصناعات الثقيلة و تطوير الصناعات الخفيفة و العمل التدريجي بهذا الاقتصاد نحو نمط الانتاج الاشتراكي العلمى".( هل سمعتم بنمط الإنتاج الإشتراكي العلمي؟؟؟ ).

الطريق الى السلطة السياسية :

و نظرا لأن الجماعة لم تفرد فقرة خاصة و صريحة للمسألة فاننا سنضطر الى التنقيب عن شذرات أفكارهم المبثوثة هنا وهناك لعلنا نبلغ مرادنا ألا وهو جمع أجزاء الصورة العاكسة لفكرهم فنسلط عليها سياط نقدنا لتبوح لنا بأسرارها .

بالصفحة (7) : " وهو ما يجعل أحد هذه الأقطار أو عددا محددا منها (و ليس جميعها ) مهيئا أكثر من غيره للثورة بحكم نضج ظروف بناء الحزب و اشعاعه و قيام الثورة هناك " .

الثورة تقوم هكذا عندما يبنى الحزب و يشع . هذا فهم ذاتي مثالي يناهض الفهم اللينيني للوضع الثوري الذى تتوفر فيه عناصر ثلاث هي أزمة اقتصادية خانقة و عدم قدرة الطبقة أو الطبقات الحاكمة على التحكم فى الوضع و النشاط السياسي للجماهير التى ما عادت تطيق استمرار الوضع على حاله.

و بالصفحة (7) ذاتها " و لا يمكن أن يتم ذلك الا عن طريق حرب الشعب الثورية " . هذه مغالطة أخرى فعن أي حرب شعب ثورية يتحدثون هل هي حرب الشعب (دون زيادة الثورية ) طويلة الأمد فى المستعمرات و أشباه المستعمرات كمفهوم من المفاهيم الماركسية - اللينينية -الماوية أم هي الانتفاضة المسلحة اللينينية فى البلدان الامبريالية ؟ و من أين جاؤونا ماركسيا - لينينيا بهذا المفهوم المفبرك الملفق أصلا ؟ انهم بهذه اللخبطة مع دفاعهم عن طريق الانتفاضة المسلحة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات - وهو خطأ دفعت ثمنه البروليتاريا العالمية دما غاليا و يكفى هنا الاطلاع على تجربة الثورة الصينية من العشرينات الى أواسط الثلاثينات- ، فهم لا يريدون أن يجدوا أنفسهم خارج شعار" حرب الشعب هي الحل ضد الخائن و المحتل " الذى ارتبط بأطروحات المجموعات الوطنية الديمقراطية عموما.

و فى الصفحة (8) نرى الجماعة يتقدمون نسبيا : " و الثورة تنطلق من القطر العربي أو البعض من الأقطار التى تعيش أزمة ثورية تكون الجماهير الشعبية فاعلة فيها بقيادة الشيوعيين و تفتك السلطة " .

انهم الآن يتكلمون عن جماهير " فاعلة " اضافة الى " أزمة ثورية " و ب" قيادة الشيوعيين " و ليس الطبقة العاملة و أداتها التنظيمية و السياسية الحزب الشيوعي . و يتأكد طريق الانتفاضة المسلحة - حين يعلمونا بالمهام المطروحة على دولة العمال و الفلاحين الفقراء فبعد افتكاك السلطة عبر" أساليب العنف الثوري الجماهيري ص11 " " يتم على أنقاض ذلك : تسليح الشعب و تدريبه على مختلف أشكال القتال و النضال ضد معسكر الثورة المضادة و تركيز وحدات الجيش الشعبي الثوري ".

و مدلول هذا أن التسليح يجرى بعد افتكاك السلطة (و ليس أثناءها حتى) بينما حرب الشعب الماركسية-اللينينية-الماوية تنطلق بعدد قليل أو كثير من المناضلات و المناضلين قليلي الأسلحة و أحيانا حتى دونها ليفتكوا السلاح أساسا من العدو و يستمروا فى توسيع تسليح الشعب و تمر حرب الشعب بمراحل ثلاث، دفاع استراتيجي فتوازن استراتيجي فهجوم استراتيجي و فى الأخير افتكاك السلطة عبر البلاد كافة و العمل على الحفاظ عليها و تطويرها .

و مع أن الجماعة يشددون كما سلفت الاشارة الى ذلك على أن الثورة الوطنية الديمقراطية " نمط جديد من الثورات البرجوازية الديمقراطية ..." فانهم يقترحون طريقا قديما صالحا للبلدان الامبريالية فيخلطون عن عمد الحابل بالنابل ليجعلوا من يقرأ لهم أو يسمعهم لا يفقه شيئا من أن للتناقضات المختلفة نوعيا حلول مختلفة نوعيا .

و فى صيغة تضرب فى الصميم المادية الجدلية ،صيغة هلامية زئبقية أخرى، لتنصلهم من حرب الشعب الماركسية-اللينينية-الماوية مع البقاء على نهج ايلاء أهمية للريف و المسألة الديمقراطية لا يعين الجماعة مركز ثقل عملهم بمعنى أين توجه رئيسيا و نعيدها رئيسيا ( لا نقول كليا ) قوى الثوريين للريف أم للمدينة ، يكتبون : " يشمل هذا النشاط المدينة و الريف على حد السواء ".

و على هذا يدعو الجماعة الى طريق الانتفاضة المسلحة و لايفرطون بانتهازية فى شعار " حرب الشعب ". و طريق الانتفاضة المسلحة تروتسكي خوجي المنبع يتناقض على طول الخط مع الماركسية -اللينينية و تطويرها على أيدى ماوتسي تونغ الى ماركسية-لينينية-ماوية و أثبتت تجارب القرن العشرين من الصين و كوريا و فتنام الى ألبانيا ... خطل طريق الانتفاضة المسلحة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات و صحة طريق حرب الشعب الماركسية - اللينينية - الماوية. و لا أدل على ذلك فى أيامنا هذه من المثال الساطع فى الهند و الفيليبين إلخ.

الحزب الشيوعي :

نضع بين أيديكم من الصفحة الرابعة " ...نضال الطبقة العاملة و الشعوب و الأمم المضطهدة تحت قيادة الماركسيين - اللينينيين " و من الصفحة السابعة " ان المهمة المركزية المطروح على الجماهير الشعبية فى الوطن العربي انجازها بزعامة الطبقة العاملة و تحت قيادة الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين -اللينينيين هي الثورة الوطنية الديمقراطية ذات الأفق الاشتراكي ..." و من الصفحة الثامنة " و الثورة تنطلق من القطر العربي أو البعض من الأقطار التى تعيش أزمة ثورية تكون الجماهير الشعبية فاعلة فيها بقيادة الشيوعيين ".

القيادة اذا فى مناسبة أولى للماركسيين - اللينينيين و فى مناسبة ثانية للوطنيين الديمقراطيين الماركسيين -اللينينيين و فى مناسبة ثالثة للشيوعيين و الى جانب هذا التداخل فى المفاهيم و جعل الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين - اللينينيين دون سواهم هم قيادة كافة الثورات المنتظرة فى الوطن العربي ، لا يجرى الحديث عن تنظيم حزبي للطبقة العاملة بل يحل محله الأفراد "الشيوعيون " أو مجموعة "الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين - اللينينيين " بما يزيد من تأكيد أن الجماعة مضطربة للغاية ايديولوجيا و سياسيا و هذا الاضطراب لا يقف عند هذا الحد و انما يتعداه ليطال فهم الحزب من منظور ماركسي- لينيني . ولنتأمل معا المقتطفات التالية :

أ- " علينا قبل كل شيئ السعي الدؤوب الى بناء الحزب الماركسي- اللينيني" (ص2) .
ب- العمل على بناء حزب الطبقة العاملة " كأحد المهام العملية "(ص15) .
ت- وهو ما يجعل أحد هذه الأقطار أو عددا محددا منها ( ليس جميعها ) مهيئا أكثر من غيره للثورة بحكم نضج ظروف بناء الحزب و اشعاعه و قيام الثورة هنالك " (ص7) .

فمن المقتطفين الأول و الثاني نستشف لخبطة فكرية تعكس ضحالة التكوين الايديولوجي و السياسي للجماعة باعتبار أن الحزب لينينيا لا يبنى مباشرة بل ان بناء الحزب مرحلة متقدمة تأتي و لا شك كمعركة طويلة بعد مرحلة التأسيس الا أن أصحاب البرنامج الذى ننقد ومنهم من له من التجربة ما يفوق العشريتين فى النضال لا يولون الموضوع حقه من الاهتمام فيقفزون الى البناء حتى قبل تأسيس هذا الحزب و اللينينية من هذا المنهج براء . كما أنهم يعتقدون ، استنادا الى المقتطف الثاني ، أن بمجرد تحقيق الحزب المبني للاشعاع تقوم الثورة فيسقطون مجددا فى الذاتية متناسين المفهوم اللينيني للوضع الثوري و خوض المعارك السياسية و الايديولوجية المتنوعة و تنظيم صفوف الطبقة العاملة بصورة أوسع فأوسع بالتعويل على رفع الوعي عبر الصراع على الجبهات جميعها و خوض معارك لتعبئة الجماهير لتمسك بمصيرها و اقامة تحالفات و جبهات مختلفة... و هذا طريق الثورة البروليتارية فى البلدان الامبريالية أما فى المستعمرات و أشباه المستعمرات فالحزب البروليتاري يتجه بعد تأسيسه، بكل ما أوتي من جهد و من خلال معاركه على الصعد كافة الى الاعداد الى حرب الشعب و الى خدمتها اذا ما انطلقت.

الأمميّة :

يفيدنا ما ورد بالصفحة الثانية : " و من موقع مسؤولياتنا التاريخية القومية منها و الأممية " و "باعتبارنا جزءا من حركة التحرر الوطني و الحركة الاشتراكية ( لا ! الشيوعية . التعليق لنا ) فى العالم " بأن الجماعة معنيين بالأممية و لكن نظرة و لو سريعة على تاريخهم تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنهم مارسوا عكس ما يدعون لسنوات و سنوات و لا يزالون فما تابعوا صراعات الحركة الشيوعية العالمية فى العقود الأخيرة و لا عملوا على ربط علاقات و المساهمة فى التقدم بالصراعات العالمية و مساندة حركات التحرر باستثناء تلك العربية ، كل ما فعلوه يتلخص فى الانغماس فى العمل النقابي بتوجه و سياسات نقابوية بحتة مشوبة بكم لا يستهان به من البيروقراطية و البحث عن المواقع على حساب المواقف و الانغلاق على الذات مهملين عمليا و نظريا النضال من أجل تأسيس حزب الطبقة العاملة كجزء من مهام الحركة الشيوعية التونسية التى هي رافد من روافد الحركة الشيوعية العالمية .

و تصير الأممية منحصرة ، وفق الجماعة ، فى " ربط علاقات " ( " ربط علاقات استراتيجية مع الأحزاب الشيوعية و البلدان و التجارب الاشتراكية و الوطنية التحررية فى العالم ...ص14 ") فلا ذكر للأممية من وجهة نظر اللينينية بما هي القيام بالثورة فى البلاد و مساندة الثورة فى البلدان الأخرى و ايجاد تنظيم عالمي للأحزاب الشيوعية - أممية اليوم بالاستفادة من تجارب الأممية الثالثة و الكومنترن و الكومنفرم الايجابية منها و السلبية ) و عمل البلد حيث تنتصر الثورة الاشتراكية كقاعدة للثورة البروليتارية العالمية التى يجب أن توضع فى المصاف الأول اذا حصل تناقض بين الثورة فى بلاد ما و التقدم بالثورة البروليتارية العالمية الخ .

و مع ختام الوثيقة ، خطّ قلمهم :" مضاعفة المجهودات الرامية الى ربط علاقات مع التنظيمات الماركسية - اللينينية فى الوطن العربي و فى العالم ، التنظيمات المخلصة للاشتراكية العلمية و الأممية البروليتارية و لتعاليم رموزها الأربعة ماركس ، انجلز، لينين ،ستالين و السعي الى التعريف بانتاجات الخط و أدبياته "(ص17).

أكثر من سؤال يفرض نفسه علينا فرضا : هل للجماعة فكرة أصلا عن أي تنظيمات من التى يقصدون موجودة فى الوطن العربي ؟ لا نظن.والى أي تنظيمات من المقصودة عالميا سيتوجهون ؟ و بأي أدبيات و انتاجات سيعرفون و نحن لمسنا مدى ضحالة مثل هذه الأدبيات من خلال الوثيقة التى ننقد؟

للجماعة تخلف عن ركب الصراعات داخل الحركة الشيوعية العالمية يعد بعشرات السنين فبشكل مقتضب نجمل أن ثمة عالميا الخوجيون الذين اعترى موقفهم المهاجم لماو تراجعا نسبيا و خفت لهجتهم أوخفتت فى بعض البلدان على الأقل. و ثمة الماويون بشيئ من التفرعات و الذين يستميتون عموما فى الدفاع عن الماركسية – اللينينية - الماوية كمرحلة جديدة ، ثالثة و أرقى فى علم الثورة البروليتارية و يطبقونها و يطورونها ليجعلوا منها قائدة الموجة الجديدة من الثورة البروليتارية العالمية و فى الهند و الفليبين مثلا قطعوا أشواطا جبارة فى هذا الاتجاه . و هنالك ندوة بروكسال ذات التيار الوسطى و التى تجمع بين تيارات مختلفة من التحريفية السوفياتية الى الأحزاب الكوبية و الكورية الى الأحزاب التى تسمى نفسها ماركسية - لينينية و منها الحزب الشيوعي الألباني وريث حزب العمل الألباني و الذى ( الحزب الشيوعي الألباني ) يعتبر ماو تسي تونغ ماركسيا عظيما كان صديقا للشعب الألباني و تصريحات الندوة التى ينظمها حزب العمال البلجيكي لا تهاجم ماوتسي تونغ بل تعتبره شيوعيا عظيما و ان وجهت بعض الأحزاب و المنظمات المساهمة فى الندوة نقدا لهذه أو تلك من أفكاره وان وضعته منظمات و أحزاب على نفس المستوى مع غيفارا و هوشي منه وكاسترو و غرامشى...

فأين سيجد الجماعة موقعهم من الاعراب ؟ بالتأكيد خارج التاريخ أصلا و خطهم الايديولوجي و السياسي الانتقائي التروتسكي الخوجي سيجعل المتعاملين معهم – هذا ان وجدوا من يتعامل معهم – يتساءلون فى أي حقبة من التاريخ يعيش أهل الكهف هؤلاء الذين أوقفوا تاريخ نضالات وتجارب البروليتاريا فى 1956و حصرا فى الاتحاد السوفياتي و لا يملكون قراءة علمية( و نشدّد على قراءة و ليس صفحة تزخر بالعموميات) لتطوّر الصراع الطبقي فى ظلّ الإشتراكية و للتجربة الإشتراكية الصينية و لتجربة ألبانيا و تجربة الفتنام و كوريا و كوبا ...و لحرب الشعب لعقود الآن فى الهند و الفليبين و النيبال و تركيا و البيرو ...التى ، على حدّ علمنا ، لم يكتبوا عنها شيئا يذكر .

التحريفية و انهيار الاتحاد السوفياتي :

لا يرى الجماعة من تجارب البروليتاريا العالمية سوى تجربة الاتحاد السوفياتي و لا يعتبرون التجارب الأخرى اشتراكية بالمرة فلا يذكرونها بصورة محددة و مباشرة واسمية و لا يمدونا بسوى صيغ عامة للتعمية و تجنب الدخول فى التفاصيل التى تضيعهم باعتبار عدم امتلاكهم للبوصلة الايديولوجية و السياسية و التى تفضح خطهم الانتهازي اليسارى الذى يدعون بناءه على أساس الماركسية-اللينينة . فمنذ الصفحة الأولى يأخذون فى التعويم قائلين " عاشت الطبقة العاملة و عموم الكادحين على امتداد القرنين الماضيين أعظم تجاربها الثورية بدءا من كمونة باريس المجيدة سنة 1871 و مرورا بثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى فى روسيا سنة 1917 و انتهاء بالثورات الاشتراكية فى عدد من بلدان أوروبا الشرقية و الوطنية التحررية فى بعض أقطار العالم الأخرى ".

و نفتش بدقة صفحة صفحة و فقرة فقرة فلا نجد أي تفصيل يخص هذه الثورات الاشتراكية و الشيئ عينه بالنسبة للثورات الوطنية التحررية و نترقب منهم الى يومنا هذا أن يصرحوا أو يمدونا بتصريحات سابقة أي ثورات يقصدون ؟ و هل يدخلون ضمنها الصين و فتنام و كوبا و ألبانيا الخ أم لا؟ مع أننا لا نتوقع منهم اجابة لأنهم يتهربون عن قصد و ليس صدفة من الإعراب عن قناعاتهم المهتزة و المضطربة و سنضطر الى الانتظار لأشهر ان لم نقل لسنوات .

و يسترسل الجماعة فى الصفحة الأولى ذاتها فيعربوا عن أن :" هذه التجارب لم تعمر طويلا اذ سرعان ما نحرت من الداخل و ضربت من الخارج من قبل القوى الامبريالية العالمية فاندثرت و فسحت المجال لعودة العلاقات الطبقية البائدة الرأسمالية منها بالخصوص" .

حقيقة لا يسعنا هنا الا أن نلفت النظر من جديد الى المصطلحات الانشائية الغريبة عن الماركسية مثل " نحرت من الداخل " و أن نضع اصبعنا على الجرح فنسأل بلا مراء : من نحرها ؟ و كيف ؟ و من أين أتت التحريفية فى مجتمع متكون من طبقات صديقة هي الطبقة العاملة و الفلاحين و المثقفين الثوريين حسب تنظيرات الحزب الشيوعي السوفياتي وعلى رأسه ستالين ؟ و كيف انتصرت التحريفية وبالتالى البرجوازية الجديدة على الخط الثوري فى مجتمع لا صراع طبقي فيه حسب الدستور السوفياتي لسنة 1936؟ أسئلة لا أجوبة لها لديهم سوى جواب مثالي فى أحسن الأحوال غير مادى تاريخي ،جواب الفهم التآمرى للتاريخ خاصة و أن ستالين الماركسي العظيم لم يفهم المسألة لأخطاء سببها الحدود التاريخية و أخرى تمت بصلة لنوع من الفهم غير الجدلي للصراع الطبقي فى المجتمع الاشتراكي و علاقته بصراع الخطين داخل الحزب الشيوعي. من تناول بالدرس و التحليل المسألة وطبق الدروس المستقاة من الصراع مع التحريفية عالميا و صينيا هو ماو تسي تونغ بما سمح له الى جانب مسائل أخرى بقطع خطى ذات أهمية تاريخية عالمية و تطوير الماركسية - اللينينية الى الماركسية – اللينينية - الماوية فى الأقسام الثلاثة المكونة للماركسية .

لذا عن الأسباب التى تقف وراء خسارة البروليتاريا للدول الاشتراكية يأخذنا الجماعة فى متاهة تعويمية معددين دون تحليل عوامل عامة لا تسمن و لا تغنى من جوع المعرفة على غرار " نحرت من الداخل و ضربت من الخارج " . و الأسباب العميقة عن لماذا و كيف تم تحول الحزب الشيوعي السوفياتي الى حزب تحريفي فغير لونه و غير معه لون الدولة من الاشتراكية الى الرأسمالية فلا كلمة و لزوم الصمت المطبق منبعه مزدوج اذ من جهة يسمح للجماعة بالمناورة و عدم تقديم تفسير قد يلحقهم قسرا أو طوعا بخانة من خانات التفاسير المتوفرة على ساحة الحركة الشيوعية العالمية منذ عقود و من جهة أخرى يغنيهم عن عناء البحث الجدى و التنقيب المرهق.و ستالين الذى وقفوا عنده و أوقفوا تاريخ الحركة الشيوعية العالمية عنده أو عند المؤتمر 20 للحزب الشيوعي السوفياتي لن يسعفهم بحكم أنه هو ذاته الماركسي العظيم قام بأخطاء جدية فى هذا المضمار كما سلف و أن بيننا .

و فى الوقت الذى توصلت فيه غالبية المنظمات و الأحزاب الماركسية-اللينينية و الماركسية – اللينينية –الماوية الى حسم أن السبب الرئيسي لخسارة البروليتاريا لدولها الاشتراكية السابقة داخلي يكمن فى الحزب و تطور صراعاته الداخلية فى علاقة جدلية بالصراع الطبقي قوميا و عالميا وفى إرتباط بالقاعدة المادية المولّدة للرأسمالية و صراع الطريق الرأسمالي و الطريق الإشتراكي، بقي الجماعة عند العموميات المسطحة لأناس غير متمكنين من أدوات التحليل العلمي فوضعوا كافة الأسباب فى سلة واحدة و على نفس المستوى من الأهمية و أعادوا علينا ترهاتهم بالصفحة 5 : " و لكن زوال الدولة الاشتراكية منذ أواسط الخمسينات لا يرجع الى أزمة الفكر الماركسي كما ينظر لذلك الامبرياليون و أذنابهم من الانتهازيين بل هو مرتبط بالمسائل العملية و بالتجربة التاريخية للاشتراكية و سيطرة التحريفية على قيادة الحزب البلشفى و الدولة السوفياتية و علة بقية الأحزاب الشيوعية و الدول الاشتراكية فى العالم و بالتخريب الذى قامت به القوى المعادية للثورة البروليتارية ( من هي تحديدا ؟ لا جواب . التعليق لنا ) من داخل الاتحاد السوفياتي و البلدان الاشتراكية الأخرى و من خارجها و فى مقدمتها الدول الامبريالية : ألمانيا النازية و اليابان خلال الحرب العالمية الثانية و الامبريالية الغربية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية ".( و نترك لكم التعليق على : لا يرجع الى أزمة الفكر الماركسي ...بل مرتبط بالمسائل العملية " آخذين بعين الاعتبار العلاقة الجدلية بين الممارسة و النظرية فى نظرية المعرفة الماركسية كما طورها ماو : ممارسة – معرفة – ممارسة جديدة للتأكد من صحة المعرفة فمعرفة جديدة فى لولب متصاعد ...

ان العلاقات الرأسمالية هي علاقات طبقية ( و حتى العلاقات الاشتراكية طبقية ) لا تندثر طوال المرحلة الاشتراكية كمرحلة انتقالية مديدة من الرأسمالية الى الشيوعية و انما تظل مستمرة الوجود و تتوالد لأن "الحق البرجوازي " والتناقضات بين العمل الفكرى و العمل اليدوى و بين المدينة و الريف و بين العمال و الفلاحين ... و قانون القيمة لا تزال سارية المفعول و كما قال لينين فى " الدولة و الثورة " الدولة الاشتراكية دولة برجوازية دون برجوازية ، هدفها التضييق قدر الامكان على العلاقات الرأسمالية فى البنية التحتية وفى البنية الفوقية أيضا و توسيع العلاقات الاشتراكية فى صراع محتدم ( أضاف ماو) بين الطريق الرأسمالي و الطريق الاشتراكى ينعكس طبعا داخل الحزب الشيوعي فى شكل صراع خطين من واجب الشيوعيين خوضه بلا هوادة صيانة للخط الثوري و فى سبيل تطويره و دحضا لخط السائرين فى الطريق الرأسمالي احدى نواتات البرجوازية الجديدة و ان انتصر الثوريون يظل الحزب و بالتالى تظل الدولة على الطريق الاشتراكى و ان انتصر الخط التحريفي الذى يستمد قوته من " الحق البرجوازي " و بقية التناقضات التى لم تحل بعد نهائيا، يضحى الحزب معاد للثورة والدولة دولة برجوازية تعيد تركيز الرأسمالية .

و من له أدنى شك فى أن العلاقات الرأسمالية ما صارت " بائدة " فى المجتمع الاشتراكي و لا يريد التعمق كثيرا فى القضية فعليه/ فعليها بالعودة على الأقل الى ستالين فى آخر كتاباته وبخاصة " القضايا الاقتصادية للاشتراكية فى الاتحاد السوفياتي ".

زيادة على ذلك، التجارب الاشتراكية محل البحث لم" تندثر" و انما هي حية بمعنى أنها منبع المستوى النظري الذى بلغته الثورة البروليتارية العالمية و تبقى ليس فحسب تراثا و ذخيرة حربية وحسب بل هي بعد تقييمها و استخلاص الدروس الايجابية منها و السلبية تنير درب الموجة الثانية من الثورة البروليتارية العالمية فى ظل قيادة الماركسية - اللينينية - الماوية .

عدم استيعاب الجماعة للتحريفية و قاعدتها الأرستقراطية العمالية فى البلدان الامبريالية ( مثلما مر بنا فى بداية المقال حول العصر ) وللتحريفية كخط ايديولوجي و سياسي يمثل الطريق الرأسمالي و البرجوازية الجديدة المناقض للخط البروليتاري و الطريق الاشتراكي فى ظل دكتاتورية البروليتاريا و للتحريفية ضمن الحركة الشيوعية العربية كتيار برجوازي هيمن و لا يزال و نخر و لا يزال هذه الحركة جعلهم ينسون هذه التحريفية و بالتالي لا يبذلون أي جهد لمحاربتها و من لا يحارب التحريفية يسقط عاجلا أم آجلا فى أحابيلها بشكل من الأشكال و يساهم فى تأبيد هيمنتها على الحركة الشيوعية العربية و من هنا يجرى التخلى عن قيادة البروليتاريا من خلال أداتها الحزبية للثورة الوطنية الديمقراطية / الديمقراطية الجديدة وهو ما حصل فعلا فى عدة أقطار عربية و فى تونس اتخذ هذا التخلى شكل القومجة بشتى الصور. يقول الجماعة " و نظرا كذلك لضعف نمو الطبقة العاملة و غياب البديل الثوري الشيوعي أو قلة اشعاعه و تأثيره فى صفوف الجماهير ، تبوأ ت البرجوازية الوطنية الدور القيادي فى حركة التحرر الوطني..."(ص6) و يتناسون التحريفية .

التهجّم على الماويّة :

اقسى و أهم الرصاصات و القذائف و القنابل وجهها الجماعة للماوية – لا للتحريفية المعاصرة و لا للدغماتحريفية الخوجية - و خصّوها بفقرات طويلة تكرّر الترّهات الخروتشوفية و الخوجية بصدد الماوية ،على وجه الخصوص بالصفحتين 10 و 11.

1) " و لا يعقل هنا أن نتحدث عن تناقضين أساسيين فى المجتمع مثلما تنظر لذلك المجموعات الماوية تناقض بين الامبريالية و الشعب و تناقض بين الاقطاعيين و الفلاحين فى الريف . و لا تصح هذه الرؤية لأنها تتناقض مع التنظيرات الماركسية-اللينينية فى المستوى الايديولوجي و كذلك السياسي . فمن الخطإ القول بوجود تناقضين بمعنى رئيسيين يشقان المادة اذ لا يوجد الا تناقض رئيسي واحد و تناقضات ثانوية. و من الخطا أيضا فصل الاقطاعيين عن جبهة الأعداء و الفلاحين عن جبهة القوى الثورية . و تريد المجموعات الماوية من وراء هذا الفصل الاشارة الى أن الاقطاع يمكن أن يعادي الامبريالية ، ذلك الاقطاع المستنير الذى نظر له ماوتسي تونغ ، كما أن فصل الفلاحين عن الشعب يدخل فى اطار ابراز أهمية دور الفلاحين فى الثورة مقارنة مع دور الطبقة العاملة بتعلة أن كثرة عدد الفلاحين تجعلهم قادرين على الزحف على المدينة و تحريرها ( محاصرة المدينة بالريف) و هذا التحليل يؤدى فى المستوى العملى الى تبنى الفكرة التى مفادها أن القيادة فى الثورة يمكن أن يضطلع بها الفلاحون و ليس الطبقة العاملة " (ص10) .

2) " الثورة المطروحة فى القطر العربي التونسي هي ثورة وطنية ديمقراطية ذات أفق اشتراكي وهي نمط جديد من الثورات البرجوازية الديمقراطية التى أفرزتها المرحلة المعاصرة من تطور الرأسمالية الى امبريالية و ظهور الاستعمار العالمى المباشر و غير المباشر . و تستهدف الثورة الاطاحة بالامبريالية و عملائها المحليين و ارساء الديكتاتورية الديمقراطية الثورية للعمال و الفلاحين الفقراء كخطوة أولى فى اتجاه تركيز ديكتاتورية البروليتاريا و بناء الاشتراكية العلمية ( و ليس سلطة الطبقات الأربعة المكونة للجبهة كما تنظر الى ذلك المجموعات الماوية ) (ص10) .

3) " و عندما نتحدث عن التحالفات لا يجب أن نضع على قدم المساواة كما تفعل ذلك المجموعات الماوية بل ينبغى أن نفرق بين الحليف الاستراتيجي للطبقة العاملة و بين الحلفاء التكتيكيين : فالفلاحين الفقراء هم الوحيدين الحليف الاستراتيجي للعمال بينما بقية الطبقات التى يمكن أن تعادى الامبريالية هي حليف تكتيكي للعمال كما أن طبقة الاقطاعيين فى مرحلة سقوط العلاقات الاقطاعية لا يمكن أن تقوم بدور تقدمي فى التاريخ و لذلك لا يمكن أن تكون باعتبارها طبقة أو أفرادا من طبقة من مكونات الجبهة المعادية للامبريالية و القوى الرجعية . فلا يصح الحديث عن اقطاع مستنير تقدمي كما نظر الى ذلك ماو تسي تونغ و المجموعات الماوية فى تونس ( موقف الشود من خير الدين التونسي ) و اقطاعا آخر أسود رجعيا. فطبقة الاقطاعيين مثلها مثل البرجوازية فى البلدان الامبريالية كفت و منذ زمان عن أن تقوم بأي دور تقدمي فى التاريخ ."

لا أدنى ظل للشك أن هذه التهم و التشويهات لا تتجاوز بالنسبة لمن لديه إطلاع على أدبيّات الحركة الشيوعية العالمية كونها تكرار قرص مشروخ لترّهات خروتشوفية و خوجية – و إن إحتجّوا على هذا فليقدّموا لنا أدبيّاتهم حول التنظيرات الخروتشوفية فى" نقد المفاهيم النظرية لماو تسى تونغ "- دار التقدّم، الخروتشوفي و حول التنظيرات الخوجية فى " الإمبريالية و الثورة " الخوجي التى منها نهلوا بوضوح نقدهم لماو بيد أنها تحتاج منّا الى رد دقيق و مطول بالمراجع و المستندات الضرورية و بحكم أن هذه الخزعبلات مفصلة فى وثيقة أخرى للجماعة : " هل يمكن اعتبار ماوتسي تونغ ماركسيا – لينينيا ؟ " سنعمل لاحقا على تناول هذه الأخيرة بما يلزم من أسلحة النقد العلمية من وجهة نظر الماركسية – اللينينية - الماوية كأرقى تلخيص لعلم الثورة البروليتارية العالمية لنفند هذه التهم من جذورها بالحجج الدامغة فى مقالات أخرى .

خاتمة :

تشكلت الجماعة فى مرحلة الهجمة الشرسة على الثورة البروليتارية العالمية من قبل الامبريالية ومن قبل الخوجية و ذلك بعد وفاة ماوتسي تونغ و الانقلاب المعادي للثورة فى الصين وهي كأي مجموعة تحمل سمات المرحلة و أهم هذه السمات التى كشفنا هي محاولة تملصها من أفكار ماو تسي تونغ الماركسية-اللينينية التى بني عليها خط الثورة الوطنية الديمقراطية / الديمقراطية الجديدة مع احتفاضها باسم الوطنية الديمقراطية لتجعله هوية لها و تبنيها بالتالي مقولات تروتسكية اعتمدتها الخوجية فى هجومها الدغمائي التحريفي الشرس على الماوية و من هنالك على الماركسية - اللينينية ذاتها و لا أدل على ذلك من ما حللنا و كذلك من اعتمادهم فى وثيقتهم " هل يمكن..." على الكتابات الخوجية و ان حاولوا التباين كذلك مع الخوجيين المفضوحين فى تونس : حزب العمّال الشيوعي التونسي. و فضح الثوريون فى العالم و فى تونس الخوجية باعتبارها دغمائية - تحريفية و سقطت ألبانيا ووجد الجماعة الذين بنوا قصورهم من ورق التروتسكية و الخوجية أنفسهم يحلقون و يسبحون فى الفضاء على غير هدى فصبوا طاقاتهم فى النقابات و باتوا تيارا نقابويا لا غير بخطاب طلابي فى بداية الثمانينات و ان تحدث بعضهم عن مراجعة هذا التوجه. لم تستطع التروتسكية و لا الخوجية و لن يستطيع هؤلاء الخوجيين المتسترين بناء حركة ثورية فكما قال لينين ملخصا التجارب الثورية " لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية" و هؤلاء لا يملكون النظرية الثورية فكيف لهم أن يبنوا حركة ثورية ؟ و النظرية الثورية البروليتارية العالمية اليوم هي الماركسية - اللينينية - الماوية و على أساسها ينبغى بناء حركة ثورية لها خط ايديولوجي و سياسي صحيح من شأنه أن يفتح آفاق التطور نحو انجاز المهام الثورية الملقاة على عاتق البروليتاريا فى تونس و فى الوطن العربي كجزء لا يتجزء من و فى خدمة الثورة البروليتارية العالمية .
===========================================



#ناظم_الماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعض النقد لبعض نقاد الماوية - من الجزء الأوّل من كتاب - الو ...
- مقدّمة كتاب - الوطنيّون الديمقراطيون الماركسيّون - اللينينيّ ...
- لنكن واقعيين : الدول العربيّة رجعية متحالفة مع الإمبريالية ...
- مقدّمة العدد 27 من- لا حركة شيوعية ثوريّة دون ماويّة !- – قر ...
- تلخيص نقاط جدال حول الخلاصة الجديدة للشيوعية : طليعة المستقب ...
- تعليقا على بعض النقاط فى - عاشت اللينينيّة ! - و - إقتراح حو ...
- تحرير الجماهير الشعبيّة الفلسطينيّة و تحرير الإنسانيّة و ضرو ...
- خوض الصراع ضد التحريفية يوميّا 2/2- شارو مازومدار فى مواجهة ...
- خوض الصراع ضد التحريفية يوميّا 2/1 - ملاحظات حول فصلين من كت ...
- مقدّمة كتاب - لا لتشويه الماوية و روحها الشيوعية الثوريّة : ...
- تفاعلا مع تعليقات على مقالنا - هنيئا للسيّد فؤاد النمري و أم ...
- هنيئا للسيد فؤاد النمرى و أمثاله ببلشفيّتهم التى أوصلتهم إلى ...
- تأبيد الإضطهاد و الإستغلال أم الثورة عليهما ؟ - عبد الله خلي ...
- الديمقراطية القديمة و الديمقراطية الجديدة - عبد الله خليفة ي ...
- مزيدا حول الأصوليّة الإسلامية و الإمبرياليّة و النظرة الشيوع ...
- ماو تسى تونغ منظرّ ماركسي لامع أم - صاحب فقر نظري - ؟ - عبد ...
- الماوية و الدين - - عبد الله خليفة يشوّه الماوية و يقدّم الن ...
- من مكاسب الثورة الماويّة فى الصين - - عبد الله خليفة يشوّه ا ...
- ماو تسى تونغ قومي أم أممي ؟ - عبد الله خليفة يشوّه الماوية و ...
- دور الفرد فى التاريخ بين الفهم المثالي و الفهم المادي -- عبد ...


المزيد.....




- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب ...
- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - قراءة فى مشروع برنامج الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين - اللينينيين -الجزء الأوّل من كتاب - الوطنيّون الديمقراطيّون الماركسيّون - اللينينيّون يحرّفون الماركسية - اللينينيّة -