ما سر المتاجرة بمصطلح (الوسطية) ؟

طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5110 - 2016 / 3 / 21 - 10:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

ما سر المُـتاجرة بمصطلح الوسطية ؟
طلعت رضوان
هل الوسطية الدينية وهم أم حقيقية ؟
وهل الأزهر مع تجفيف منابع الإرهاب ؟
يتردّد بين حين وآخر مصطلح (الوسطية الإسلامية) وأنّ الأزهر هو ممثل تلك الوسطية ، وبموجبها سيتم تحجيم التطرف ، وبالتالى سيتم تجفيف منابع الإرهاب . فهل الأزهر يـُـمثــّـل الوسطية بالفعل ؟ وهل هو مع تجفيف منابع الإرهاب ؟
أعتقد أنّ ما فعله الأزهر- فى وقائع عديدة - ينفى (أسطورة الوسطية الأزهرية) فمنذ سنوات قليلة خرجتْ جماعة أطلقتْ على نفسها (جبهة علماء الأزهر) كانت مهمتها مُـطاردة المُـفكرين ومُـصادرة كتبهم كما فعلوا مع الراحلينْ الجليليْن المستشار محمد سعيد العشماوى وخليل عبدالكريم . والأزهر حشر أنفه فى الإبداع كما حدث فى رواية (أولاد حارتنا) لنجيب محفوظ ، ورواية (مسافة فى عقل رجل) لعلاء حامد وأشعار حلمى سالم وعبد المنعم رمضان . والأزهر أمر سمير سرحان بوقف طباعة مجلة إبداع أثناء رئاسة الشاعر أحمد عبد المعطى حجازى للمجلة ، بحجة أنّ بها ((رسومات خادشة للحياء)) وكانت لفنانين عالميين ، حدث ذلك والمجلة فى المطبعة ، أى كان للأزهر (عيون) داخل هيئة الكتاب . وفى العشرينيات فإنّ الأزهر أخرج الشيخ على عبدالرازق ((من زمرة علماء الأزهر)) بسبب كتابه (الإسلام وأصول الحكم) رغم أنّ الرجل لم يقترب من الإسلام ، وكل ما كتبه كان عن الخلافة الإسلامية أنها ((ليست من الإسلام)) وأنّ ((الخلافة فى الإسلام لم ترتكز إلاّ على أساس القوة الرهيبة. وأنّ تلك القوة كانت إلاّ فى النادر، قوة مادية مُسلحة)) وأنّ الخلافة كانت ((ولم تزل نكبة على الإسلام والمسلمين وينبوع فساد وشر)) أى أنه لم يتعرّض للمصدر الأول للإسلام (القرآن) ولا للمصدر الثانى (الأحاديث) وإنما كان تركيزه على (تاريخ الخلافة الإسلامية) أى على (بشر) حازوا صفة (الخلفاء) ومع ذلك فإنّ رجال الكهنوت الأزهريين لم يحتملوا تحليله الموضوعى الموثــّـق ، خاصة وأنه استشهد كثيرًا بالقرآن ، وبعد مرور90سنة على عزل الشيخ على عبدالرازق وطرده من (جنة الأزهر) تكرّر الموقف مع إسلام البحيرى الذى كان شديد الدفاع عن الإسلام ، فلماذا ذبحه الأزهر، ولماذا تخلــّـتْ عنه الدولة التى أعطته (الضوء الأخضر) لمواجهة فكر غلاة المُـتطرفين ؟
وإذا كان الأزهر مُـمثــّـل (الوسطية الإسلامية) فلماذا لا يقبل أى (نقد) لكتب التراث العربى/ الإسلامى ، وهى كتب كتبها (بشر) أمثال البخارى ومسلم وابن تيميه وأبى حامد الغزالى.. إلخ . وإذا كانت الدولة منحتْ الأزهر حق السيادة المُـطلقة فى مصادرة أى كتاب لا يـُـعجب الأزهريين ، فهل يجرؤ (الأزهر) على مصادرة كتاب (الأحكام السلطانية والولابات الدينية) تأليف أبى الحسن الماوردى ؟ الذى ذكر حادثة ضرب الكعبة بالمنجنيق؟ (ص161) وذكر حديث ((من بدّل دينه فاقتلوه)) وهو ما أكــّـده الإمام مالك . أما الإمام أبو حنيفة فقال ((ومن أقام على ردته ولم يتب وجب قتله رجلا كان أو امرأة.. وأنّ الرسول قتل امرأة بالردة اسمها (أم رومان) وذكر أنّ القتل كان يسبقه تعذيب المرتد ونقل عن ابن سريج من أصحاب الشافعى أنّ المرتد يـُـضرب بالخشب حتى يموت لأنّ الخشب أبطأ قتلا من السيف.. وإذا قــُـتل لا يغسل ولا يُـصلى عليه ولا يـُـدفن فى مقابر المسلمين ولا فى مقابر المشركين.. ويكون ماله فيئــًـا فى بيت مال المسلمين.. وفى حرب أهل الردة فإنّ ((من وقع أسيرًا جاز قتله صبرًا إنْ لم يتب.. وأنّ من وُلد منهم بعد الردة جاز سبيه. وقال أبو حنيفة يجوز سبى من ارتدّ من نسائهم إذا لحقنَ بدار الحرب.. وقد قاتل أبو بكر ما نعى الزكاة (الأدق تاريخيـًـا الصدقة) مع تمسكهم بالإسلام حتى قالوا : ((والله ما كفرنا بعد إيماننا ولكن شححنا على أموالنا)) فقال عمر بن الخطاب لأبى بكر ((علام تــُــقاتلهم ورسول الله قال ((أمرتُ أنْ أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلاّ الله فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأولادهم إلاّ بحقها)) وقد عبـّـرَ حارثة بن سراقة (زعيم من اتهمهم أبو بكر بالردة) عن ذلك الموقف فى شعره فقال ((أطعنا رسول الله ما كان بيننا.. فيا عجبـًـا ما بال مُـلك أبى بكر)) (من ص55- 58) وأنّ أبا بكر ((أحرق قومـًـا من أهل الردة)) (ص53)
والماوردى فى سبيل تأييد وتأبيد السلطة المُـطلقة للحاكم ذكر حديثــًـا للرسول قال فيه ((من أطاعنى فقد أطاع الله. ومن أطاع أميرى فقد أطاعنى. ومن عصانى فقد عصى الله. ومن عصى أميرى فقد عصانى)) (ص48) وذكر أنه لا يجوز قتل النساء والولدان فى الحرب مالم يقاتلوا لنهى رسول الله عن قتلهم. أما إذا ((تترّسوا فى الحرب بنسائهم وأطفالهم عند قتلهم يـُـتوقى قتل النساء والأطفال ، فإنْ لم يتوصل إلى قتلهم إلاّ بقتل النساء والأطفال جاز. كما جاز قتل الشيوخ)) (ص41) وذكر أنّ الرسول ((نصب منجنيقــًـا على أهل الطائف.. ويجوز (للأميرالمسلم) أنْ يهدم عليهم منازلهم ويضع عليهم البيات والتحريق ، وإذا رأى قطع نخلهم وشجرهم صلاحـًـا يستضعفهم به ليظفربهم عنوة أو يدخلوا فى السلم صلحـًـا فعل ، وقد قطع رسول الله كروم أهل الطائف فكان سببـًـا فى إسلامهم. وأمر فى حرب بنى النضير بقطع نوع من النخل يقال له الأصفر)) (ص52) فلو أنّ كاتبـًـا مُـعاصرًا لنا حاليـًـا استشهد بتلك الوقائع، فما هو موقف الأزهر؟ وهل يكون ذلك الكاتب قد انتقد الإسلام؟ أم أنه كان يتكلــّـم عن (تاريخ الإسلام) ؟
وهل يجرؤ الأزهر على مصادرة كتاب (الكبائر) تأليف الإمام شمس الدين الذهبى الذى ذكر أنّ النبى قال ((ثلاثة لا يقبل لهم الله صلاة : العبد الآبق حتى يرجع إلى مولاه ، والمرأة الساخط عليها زوجها حتى يرضى والسكران حتى يصحو)) (ص239، 240) وما موقف الأزهر (المُـدّعى الوسطية) لو أنّ كاتبـًـا تشكــّـكَ فى هذا الحديث ؟
***

#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات