أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - تخاريف العقل














المزيد.....

تخاريف العقل


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5110 - 2016 / 3 / 21 - 00:32
المحور: الادب والفن
    


تخاريف العقل


لا يدرك الكثيرون أن العقل في أحيان متعددة يصبح عدوا للفرد بل وقاتلا محترفا لا يرحم ,هذه واحدة من تخاريف الرجل الحكيم الذي علمني الجنون .
قلت له مرة يا سيدي ومعلمي هل يمكنني أن أشتري عقلا كاملا ومهيأ للعمل دون أن أمض الليالي وأنا منكب على القراءة أو الكتابة , أو أسرح متأملا في ملكوت الله حتى أتعلم حكمة واحدة قد تكون وهما ... قال نعم وبكل بساطة ولكن الثمن هنا يكون أغلى ... لا بأس سيدي فقط أريد أن أستريح من عناء التفكر والتدبر , قال الرجل بع روحك وأرح عقلك تكون سعيدا بعبوديتك وهناك ستضمن الراحة .
في كل مرة أحاول أن أحتال عليه بأن أخبره أنني على مشارف قطاف حكمة بالغة , يقول لي عندما تتأكد أن حكمتك بقدر حجمك تعال وأخبرني بها , ما زلت أثخن بجسدي وفكرتي ما هي إلا حجم بعوضة وما فوقها .
كنت أظن أن الشيب الذي طغى تماما على وجه معلمي دلالة على أنه قد بلغ من العلم الكمالا, وددت لو أني أحصل على صبغ لشعري لأجعله كما هو عند معلمي فاكتشفت أن حمار جارنا والقط الذي ربيناه منذ زمن أيضا صار لو شعر جلدهما أبيض , تركت المحاولة إلى الأبد .
حصل ذات مرة أني أصطدت فكرة قبل أن تغزوني لذة النعاس وأسرح فيها حتى صارت عمارة متعددة الطوابق لها أكثر من باب وعشقت لحظتها , أدركني الصباح على نتف منها متناثرة لم أقوى على تذكر بقية التفاصيل الكثيرة , وددت لو أن العلماء قد أخترعوا لنا أجهزة لتسجيل الخواطر العقلية تلك التي تسبق النوم , لكنت اليوم أنا شيخ الحكماء والمفكرين , سأنتظر في يوم ما سأحصل على ما أريد أو أحاول أن أتذكر كل النظريات والأفكار النادرة التي خضت فيها كثيرا ولم أقبض منها إلا الوهم .
حزمت حقائبي فيها كتبي القديمة وبعض مما أختاره لي الأصدقاء من عناوين ضخمة وبعض الورق الأبيض وأقلاما وعدة الكتابة ,وقررت أن انجز أول كتاب لي أشرح فيه أخر نظرياتي التي ستقلب وجه التأريخ على ما أقول وذهبت وحيدا في دار استأجرتها لهذا الغرض , مضت الساعات الأولى هناك وأنا أبحث عن مفتاح لفكرة ما أبدأ بها مشواري ومشروعي الكبير حتى حاصرني الملل , كان النوم هو خياري الوحيد حتى أجد المبتغى , مضيت الأيام تباعا وأن أزداد إحباطا حين هرب مني شيطان الأفكار الذي كثيرا ما حدثني ووعدني أنه سيكون معي حتى أبلغ مرتبة الحكمة الكاملة , عدت إلى بيتي ولم يبقى من ورقي الأبيض شيئا ولم أفتح كتابا واحدا وأنا متبرم من الذي حصل .
من نصائح معلي أن لا أتعود أن أفتح فمي كثيرا ولا أترك لساني يلعب بحرية , كنت أعتقد أنه يتضجر من الكلام الكثير وشديد الانزعاج من حركات بعض الحيطين به حين يجعلون من ألسنتهم لعبة يدارون بها مللهم , عرفت بعد أن رحل معلمي أن أصل الحكمة الصمت وأن أقفل على لساني إلا فيما يجب ولا بديل عنه , كم كنا حمقى ونحن نتعلم الحكمة .
كتبت مرة دراسة حول أهمية دور العقل في جعل العالم أكثر جمالا وسعادة , كان بحثا مطولا وعنيدا في افتراضاته ,حتى ما أنفككت من نهايته حتى شعرت بحنق شديد وتعاسة لم أشعر بها من قبل , حقيقة أن العقل المتبرج يجعل الحياة أجمل إذا تخلى عن تخاريفه حين يكون متخما بالأفكار المثالية .
طلب مني معلمي مرة أن أنظف مكان درسنا اليومي، كانت غرفته في منتهى الطهارة من كل شيء وعجبت كيف يطلب مني أن أفعل ما هو مفعول أصلا، ترددت في أن أفعل ما أراد وعندها سيلومني على أنني مجرد أبله أقلد العبيد، أو أحتمل أنه يزعل مني لأني لم أطيع معلم الحكمة وهو في كل صغيرة من الأمور له هدف، ذهبت لأحد أصدقائي ممن سبقني في العلم وقلت له ما العمل .... ضحك مني وقال أن تكون عاص أفضل من أن تكون عبد!.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا وفنجان قهوتي وأنتظار الحلم
- إرثنا التأريخي ومشكلة العيش من خلاله
- وماذا بعد العبور ؟.
- قراءات سياسية لواقع غير سياسي
- مجالات التغيير وطرائق الثورة
- حوار حول النص والعقل وقضايا القراءة وظاهرة التدين
- ماذا يريد الكاهن وماذا يريد الدين ح2
- لحظة من فضلك
- ماذا يريد الكاهن وماذا يريد الدين ح1
- إصلاحات ترقعيه أم تغيير في أساسيات اللعبة السياسية في البلد ...
- ما بعد الفلسفة وأزمة العقل الانساني .
- النص القاتل أم العقل القتيل
- عبادة الدين صورة من الوهم
- مقدمة في مفهوم العقل الجمعي
- التحالف والوطني وخيارات المستقبل السياسي
- علم الأجتماع وظاهرة العنف والسلام
- القوارير .... قصيدة الشعراء التي لا تموت
- هل نحن أحرار بما يكفي لهضم الديمقراطية ؟.ح1
- البحث العلمي ومستقبل الدين كفكر .
- الأعراب ... هل فاتكم الدرس


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - تخاريف العقل