أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - جميل السلحوت - الأيّام كلها لا تفي والديّ حقّهما














المزيد.....

الأيّام كلها لا تفي والديّ حقّهما


جميل السلحوت
روائي

(Jamil Salhut)


الحوار المتمدن-العدد: 5109 - 2016 / 3 / 20 - 07:15
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


جميل السلحوت
الأيّام كلها لا تفي والديّ حقّهما
يحتفي العالم في الثامن من آذار –مارس- كلّ عام بيوم المرأة العالميّ، وفي الحادي والعشرين من الشهر نفسه بعيد الأمّ، ويحتفل ملايين البشر بهذين اليومين، دون أن يتساءلوا عن بقيّة أيّام السّنة، فهل هي للرّجل، أم أنّ تخصيص هذين اليومين للمرأة يأتي مِنَّةً من الذّكور للاناث؟ ما علينا! وماذا سأقول أنا الذي رحلت أمّي –رحمها الله – في 22 يناير الماضي في هذا اليوم؟
ولكي أصدق مع نفسي قبل صدقي مع الآخرين، فإنّني أفتقد أمّي في ساعات يقظتي ونومي وكأنّني طفل رضيع، فأترحّم عليها وعلى الأمّهات كلّهنّ، ففراق الوالدين صعب جدا. عندما رحل والدي – رحمه الله- في نيسان 1992 انهمرت دموعي غزيرة دون إرادة منّي، وافتقدته ولا أزال وسأبقي أفتقده وأترحّم عليه، وها هي دائرة فَقْدِ الوالدين تكتمل بفقدان والدتي، وما بينهما فقدان والدتي الثّانية، المرحومة الحاجّة حمده زوجة أبي -رحمها الله-. ومع أنّ الموت حقّ، وهو نهاية حتميّة للأحياء كلّهم، إلّا أنّ فراق الوالدين صعب جدّا مهما بلغوا من العمر. لقد اختطف الموت أبي ووالدتيّ وهم في حدود التّسعين من العمر، بل إنّ والدي وأمّ الثّانية تجاوزا التّسعين بعامين، في حين رحلت والدتي قبل التّسعين بعامين.
فلماذا أفتقد والديّ بشكل دائم؟ وهل الأبناء كلّهم يفتقدون والديهم؟ وكيف يكون حال من افتقد والديه أو أحدهما وهو في سنّ الطّفولة؟
وفي اعتقادي أنّ أيّ انسان سويّ لا بدّ وأن يفتقد والديه أحياء وأمواتا. فالوالدان بحر حنان وعطف وتضحية لا ينضب، وهما يشقيان ويكدّان ويتعبان ويسهران في تحقيق الرّعاية التي يستطيعونها لأبنائهم. ولا يدّخران وُسْعا في ذلك. ومن باب ردّ ولو جزء بسيط من الجميل للوالدين، يأتي اطلاق "ستّ الدّنيا" على الأمّ، و"القدوة الأوّل على الأب. وهذا ما ينطبق على والديّ، فما قدّماه لي ولأخوتي وأخواتي يصعب حصره ماديّا ومعنويّا.
فوالدي وعمّاي الاثنان "موسى ومحمد" رحمهم الله ذاقوا مرارة اليتم من الأب، وكبيرهم لم يتجاوز الرّابعة من عمره، ولا أحد منهم يذكر ملامح والده الذي توفّي في العام الأوّل من العقد الأوّل من القرن العشرين، دون أن يترك صورة شخصيّة له. فكدّوا واجتهدوا تحت رعاية والدتهم المرحومة جدّتي صفيّة، ومارسوا العمل وهم أطفال قبل سنّ العاشرة ركضا وراء رغيف الخبز المرّ، واجتهدوا وتعبوا وشقوا وتزوّجوا وأنجبوا، واشتروا أراضي وبنوا بيوتا، وأصبح يشار إليهم بالبنان، وبقيت والدتهم التي ترمّلت وهي في بداية العشرينات من عمرها ترعاهم إلى أن توفّيت معزّزة مكرّمة عام 1946، وكانوا يبكونها دموعا حارقة كلّما أتوا على ذكرها، حتّى وفاة كلّ منهم.
وعدا عمّا تركوه من أراضي وعقارات وسمعة حسنة وذكرى طيّبة، فإنّه يسجّل لهم أنّهم حرصوا وهم الأمّيّون على تعليم أبنائهم.
وأستذكر المرحوم والدي وشدّة رعايته ومتابعته وسهره على كلّ واحد منّا. وتعود بي الذّاكرة إلى المرحوم والدي الذي بكى بحرقة عندما زارني للمرّة الأولى وأنا أسير في سجن الدّامون، على قمّة جبل الكرمل في حيفا عام 1969، كيف بكى بحرقة، واستذكر أيّام اعتقاله إداريّا لمدّة عام في سجن عكّا عام 1939، وقال، لقد طال بي العمر لأرى ابني معتقلا بنفس القانون الذي اعتقلت بناء عليه. أستذكره وهو يبكي بحرقة أحد أحفاده الذي توفيّ طفلا في الثالثة من عمره، وكان يتمنّى لو أنّ الله توفّاه هو بدلا من حفيده. أتذكّر مواقفه التي تحتاج مجلّدات لتدوينها، فلروحه الرّحمة ولاسمه الخلود.
أمّا المرحومة والدتي فإنّ القلم يعجز عن تعداد مناقبها وتضحياتها من أجلنا، فأستذكرها وهي توزّع حنانها ورضاها ومحبّتها علينا جميعنا، حتّى أنّ كلّ واحد منّا يخال أنّها تحبّه وتعطف عليه دون غيره! فلله درّ هذا القلب الكبير الذي وسع هذا الحبّ كلّه. وأزعم صادقا أنّنا لم نقصّر مع والدينا في شيء نستطيعه، وقد رحلوا وهم راضين عنّا، وهذا هو جزء من عزائنا فيهم. لذا فلن أقبل أن أحيي ذكراهم يوما في السّنة، فلهم السّاعات والأيّام والأشهر والسّنوات كلها، أترحّم فيها عليهم وهو أضعف الايمان.
20-3-2016





#جميل_السلحوت (هاشتاغ)       Jamil_Salhut#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بدون مؤاخذة- لمصلحة سوريا وشعبها
- بدون مؤاخذة- جمود العقل العربي الاسلامي
- بدون مؤخذة-حزب الله بين الثورة والطائفية
- بدون مؤاخذة- مبدعونا المتميّزون
- شيطنة حزب الله اللبناني
- بدون مؤاخذة- ثقافة التابو
- يوم المرأة العالمي
- بدون مؤاخذة- الفتنة الدينية
- بدون مؤاخذة- العربان المتصهينون
- بدون مؤاخذة- كي تنهض الأمّة
- بدون مؤاخذة-انتصار القيق له دلالاته
- ذاكرة سلمان ناطور لا تنسى
- بدون مؤاخذة- المتأسلمون الجدد وقضايا الأمّة
- رام الله مدينة الأديب شقير الثانية
- سلمان ناطور مع الخالدين
- من ينقذ حياة القيق؟
- ديوان-خروج من ربيع الرّوح- في اليوم السّابع
- الأحفاد الطيّبون
- بدون مؤاخذة- الدّين لله والوطن للجميع
- رواية البلاد العجيبة في اليوم السابع


المزيد.....




- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...
- دراسة: النساء أقلّ عرضة للوفاة في حال العلاج على يد الطبيبات ...
- الدوري الإنجليزي.. الشرطة تقتحم الملعب للقبض على لاعبين بتهم ...
- ” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب ...
- دراسة: الوحدة قد تسبب زيادة الوزن عند النساء!
- تدريب 2 “سياسات الحماية من أجل بيئة عمل آمنة للنساء في المجت ...
- الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري
- -اغتصاب الرجال والنساء-.. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران ...
- ?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - جميل السلحوت - الأيّام كلها لا تفي والديّ حقّهما