أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - مخاطر صك الانتداب الروسي على سورية














المزيد.....

مخاطر صك الانتداب الروسي على سورية


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 5108 - 2016 / 3 / 19 - 21:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بالرغم من إعادة التموضع الروسي (تحت عنوان الانسحاب) فإنّ صك الانتداب الروسي على سورية، الموقَّع في 26 آب 2015، لا يعطي روسيا تفويضاً مفتوحاً في سورية فحسب، وإنما يوفر لها صلاحيات واسعة في البر والبحر والجو دونما رقيب، ويخوِّلها امتيازات استثنائية مجنِّباً إياها أية محاسبة أو مسؤولية عن أي ضرر قد تتسبب به.
ويتضمن الصك 11 مادة، ومن المضامين المثيرة التي تضمنها الاتفاق، منع دخول السوريين إلى القواعد العسكرية الروسية في سورية إلا بموافقة قادتها الروس. فقد ورد في المادة السادسة: " 3- الأعيان المنقولة وغير المنقولة التابعة لمجموعة الطيران الروسية تبقى مصونة بموجب هذا الاتفاق، ولا يحق لممثلي الجمهورية العربية السورية الدخول إلى مكان نشر القوات الروسية بدون اتفاق مسبق مع قائد المجموعة ". والأنكى من ذلك ما ورد في المادة السابعة: " 2- تتحمل الجمهورية العربية السورية المسؤولية عن تسوية جميع المطالبات التي قد تطالب بها أطراف ثالثة نتيجة للأضرار الناجمة عن أنشطة مجموعة الطيران الروسي وموظفيه ".
لقد أرادت موسكو، من خلال نشرها الاتفاق، أن تبلِّغ الهيئة السورية العليا للمفاوضات أنّ وجودها في سورية سيستمر إلى أجل غير مسمى، وأنّ أي خليفة محتمل للأسد عليه أن يتعايش مع وجودها العسكري في بلاده إذا رغب في إخراج القوات الروسية.
وكانت روسيا حريصة على إظهار اثنين من طرق العبور التي أنشأتها إلى سورية: طريق المياه، من البحر الأسود (بما في ذلك من شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي احتلتها في سنة 2014، وأبخازيا الجيورجية التي فرضت نفوذها فيها منذ سنة 2008) عبر مضيق البوسفور إلى البحر الأبيض المتوسط. وعن طريق الجو، محلقة فوق بحر قزوين والعراق وإيران. وأظهرت روسيا أيضاً أنّ لديها عدة طرق للدفاع عن منطقتها السورية، بما في ذلك صواريخ كروز التي أطلقتها من السفن الروسية الراسية في بحر قزوين.
ومما يجدر ذكره أنّ هذا الصك قد وُقِّع من دون الرجوع إلى أية جهة تشريعية في سورية، خصوصاً أنّ الدستور السوري الذي وضعه النظام نفسه ينص في مادته الخامسة والسبعين على أنّ من اختصاصات البرلمان " إقرار المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تتعلق بسلامة الدولة ".
وفي الواقع يبدي هذا الصك، مقارنة مع الاتفاقات الروسية العسكرية مع دول أخرى، تخلِّي سلطة آل الأسد عن السيادة الوطنية، حيث يعتبر مشابه للاتفاقات التي قامت بها روسيا مع الدول التي تخضع لسيطرتها كمحتل وليس كحليف، مما يثير جملة من التساؤلات حول أطماع روسيا في سورية والمنطقة برمتها. فهل امتناع روسيا، بعد ثورة أكتوبر 1917، عن الشراكة في اتفاقية سايكس – بيكو التي رسمت حدود دول المشرق العربي في بدايات القرن العشرين، تدفع روسيا/بوتين اليوم إلى الانخراط المسبق في رسم الحدود الجديدة للشرق الأوسط الجديد في القرن الحادي والعشرين، من خلال وجودها في سورية ؟
إذ إنّ مدة بقاء القوات الروسية مفتوحة " لأمد غير محدد "، وفي الحالة السورية الراهنة، بخاصة إذا ما أضيفت سنوات أخرى في عمر النظام، يكون انتداب القوات الروسية على سورية، أرضاً وشعباً ودولة، مرتبطاً بشخصين فقط لا غير: فلاديمير بوتين وبشار الأسد.
وفي الواقع لا يشبه العقد، الذي تمثل روسيا أحد طرفيه وبشار الأسد الطرف الآخر، أي شكل من أشكال الاتفاقات الدولية، ذلك أنه اتفاق بين دولة وشخص، ولا ملمح للدولة السورية في هذا الصك إلا من حيث هي مساحات يمنحها بشار الأسد للطرف الروسي من دون تبرير واضح. وبذلك تظهر سورية كطرف ساكن منزوع ليس فقط من الحقوق، بل وحتى من الشكل الكياني للطرف الآخر في العقد، فلا هي منتج له مواصفات معينة وبناء عليها يتم تقييم ثمنه، ولا هي عقار يحدد نص العقد حيِّزه وحدوده وطبيعة الانتفاع منه وما إذا كانت إيجاراً أو شراء، كما لا تظهر حتى صفة الجهة المالكة التي أبرمت العقد.
والغريب أنّ روسيا، باتفاقها مع بشار الأسد، تشطب غالبية الشعب السوري وتحوّلهم إلى إرهابيين من أولئك الذين يتيح نص اتفاقها مع بشار الأسد استهدافهم، علماً أنهم أساس شرعية أي نظام سياسي، والأساس الذي لا يملك أي نص اتفاق بين السلطة التي تمثلهم وبين أي طرف دولي آخر أي شرعية ما لم يكن رضاهم متوافراً.
وهكذا لا تظهر سورية الشعب والدولة في نص الاتفاق الروسي سوى ساحة للرماية والتدريب ومختبر لتجريب الأسلحة (هذا ما أكده بوتين بعد إعادة تموضع القوات الروسية في سورية)، وهو حق لا تملكه أية دولة في العصر الحديث على محمية أو حتى غابة حيوانات، وربما لا يتسق هذا النمط من التعاقدات سوى مع منطق القراصنة المنقرض، والذي حاربته كل القوانين الدولية لما ينطوي عليه من استهتار بقيم العصر.
وهكذا يكشف الفصل الجديد من فصول المحرقة السورية عن وجه لروسيا لم يسبق أن بلغ درجة الاستهتار بحق الشعوب، حتى أيام الستالينية في الاتحاد السوفياتي، بسبب رعاية موسكو التطهير العرقي والإثني والطائفي لمناطق واسعة في سورية، تحت ستار محاربة الإرهاب. والأفدح من ذلك: استعداد بشار الأسد لبيع كل شيء من أجل البقاء في السلطة.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاربة للثورة السورية في ذكراها الخامسة
- الحضور المميز للنساء في الثورة السورية
- مآلات الدولة والمجتمع في سورية
- التداخلات الإقليمية والدولية وآفاق حل المسألة السورية
- محاولة استشراف مستقبل النظام الدولي
- بيان إلى الرأي العام السوري حول جينيف 3
- عقدة الأسد في خطة طريق فيينا
- بيان إلى الرأي العام السوري حول تطورات الوضع الداخلي لحزب ال ...
- معطيات المشهد السوري وتداعياته (3 - 3)
- معطيات المشهد السوري وتداعياته (2 - 3 )
- معطيات المشهد السوري وتداعياته (1 - 3)
- بيان إلى الرأي العام السوري حول قرار مجلس الأمن 2254
- بيان حزب الشعب الديمقراطي السوري حول مؤتمر الرياض
- اللامركزية الموسَّعة لسورية ما بعد التغيير
- التجربة الأوروبية في التعاطي مع ظاهرتي الهجرة واللجوء (3 - 3 ...
- التجربة الأوروبية في التعاطي مع ظاهرتي الهجرة واللجوء (2 - 3 ...
- التجربة الأوروبية في التعاطي مع ظاهرتي الهجرة واللجوء (1 - 3 ...
- ثقوب سوداء تقوِّض وظائف الدولة العربية
- كيفيات التعاطي المغاربي المجدي مع مشكلة الفقر (2)
- كيفيات التعاطي المغاربي المجدي مع مشكلة الفقر


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - مخاطر صك الانتداب الروسي على سورية