أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - نورالدين هميسي - حدود الضحك الجماهيري ج1














المزيد.....

حدود الضحك الجماهيري ج1


نورالدين هميسي

الحوار المتمدن-العدد: 5108 - 2016 / 3 / 19 - 17:34
المحور: الصحافة والاعلام
    


"الابتسامة ممتلئة بالحكمة لأنها حسّاسة، الضحك يضجّ بالجنون لأنه بليد".
إيميل أوغست شارتييه (المدعو آلان).


إذا قبلت بالفكرة التي تقول بأن التلفزيون أداة جادة للتثقيــف فستكون محل سخرية. قيلت مثل هذه العبـارة بشكل احتفائي في التفكير الوظائفي الأمريكـي الذي رافق ظهور الإذاعة والتلفزيون بـوادئ القرن الماضي، ولكن تجارب السنين أوضحت بأن مهمّة التثقيف التي جاءت في المقام الأول لوظائف الإعلام كما صنفها هارولد لاسويل تدحرجت إلى المقام الأخير، فيما قفزت وظيفة الترفيه من المقام الأخير إلى مصف الريادة، وخصوصا برامج الضحك.
لا تستطيع الجماهير مقاومة برامج الضحك، فهي تنجذب إليها على نحو آلي ومحتشد، ومن بين كل المحتويات الترفيهية، تستأثر برامج الضحك بأوديمات قياسية تجعل منها أحيانا مــلاذا مغريا للإشهار، وتبعا لذلك أرضا خصــبا لتسويق الأفكار والتمثلات. إن اعتبار الضحك الجماهيري عبر وسائل الإعلام مجرد ترفيه ظرفي يستجيب لحاجات علاجية نفسية تصـور قاصر إلى حد ما، إذ لا يتوقف دور الثقافة الجماهيرية في ميزان النقـد الثقافي عند حدود المتعة العابرة، وإنما يرتبط كثيرا بتشكيل المخيلات والتمثلات.
قد يصعـب إثبات هذا الحكم لأنه ضمنيا حكم على النوايــا، ولكن يمكن تذليل هذه العقبة بالعودة إلى النتائج: كيف يمكن أن تكون عواقب الضحك الجماهيري وخيــمة؟ وكيف يمكن تأطير السخرية الجماعيـة سواء كانت مادتها الفرد أو الجماعة بأكملها؟. وهل يمكن وضع حدود بين السخرية والساركازم أو الضحك الأسود؟. يجب الانتباه إلى أن هذه الحدود ليست لا جغرافية ولا حدود قانوينة، وإنما حدود افتراضيـة مثل تلك الحدود التي يتحدث عنها ريجيس دوبري، أي حـدود أخلاقية وثقافية، ترتبط بدرجة الوعي، وذات فعالية بعدية a posteriori، أي لا تتضح إلا بعد الكارثة..
يمكن العودة إلى الكثير من النماذج الواقعية للضحك الجماهيري، في المسرح، الكاريكاتير، السينما... التي أحيت أسئلة مفزعة: هل يمكن أن نجعل أي شيء مادة للضحك؟ هل من الأدب الضحك بلا سبب؟ هل الضحك عجلة نفسية للإنقاذ؟ ومم سينفذنا؟ هل يجب أن نفكر ونتصرف في مواقف معينة عوض أن نضحك برعونة وعشوائيــة؟.. يمكن العودة إلى نماذج سوداء: مجلة شارلي إيبدو الفرنسية، الفيلم الألماني "لقد عاد" الذي يحكي بقالب هزلي عودة أدولف هتلر إلى الحياة بعد 70 سنة من نهــاية الحرب العالمية الأولى، مسرحيات وسكتشات الفكاهي الفرنسي ديــودوني عن المحرقة وعنصرية فرنسا وتغـوّل اللوبي اليهودي في دواليب الإليزيه.
أثارت مثل هذه النماذج جدلا كبيــرا، ورغم أنها حازت جماهيرية واسعـة رغم الجدل، راح الجميع يضحك وفي لحظة ما وقع ما يستدعي ترسيم الحدود: مجزرة بمقرّ شارلي إيبدو، هجوم إعلامي شرس ضد دافيد نينت وأوليفييه ماسوكي مخرجي فيلم العائد هتلر، ومحاكمات لا تنتهي لديودوني في فرنسا. بعد أن وقعت الكـوارث، تم التفطن إلى أن الضحك ليس أخًا للذكاء كما ادعى فيلسوف الجمال الفرنسي جول بول ريشتر، وإنما أصبح كما قال الشاعر والمسرحي الإسباني جاسينتو بينافينتي "حزنا يضحك حين لم يستطع البكاء"، فقد اقتحمت هذه النماذج كل المجالات: المحظور والمسكوت عنه والمفخخ والمثير للجدل والمؤلم...
عندما أصبح الضحك مادة للإعلام لم يتوان في كسر كل الطابوهات والمقدسات، وزوج بالجماهير العريضة في الكثيــر من المتاهات التي لم يفقه مداخلها ومخارجهــا أشد المفكرين صرامة، وتدريجيا تجاوز الضحك غايتـه النفسية الأولى: فهـم الحياة على نحـو آخر. هل تفهم الجماهير العريضـة ضريبة السخرية والتهكم على مقدساتها؟ ما هي الضريبة التي ستدفعها من جراء هذا الساركازم الذاتي؟ هل نحن أمام موجة كبرى من البوهيميـة أو عدم الاكتراث للجماعة؟... للحديث بقية..



#نورالدين_هميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المؤسسة، التديّن والرومنسية- ج2
- المؤسسة، التديّن والرومنسية- ج1
- عن الغوغائية، أو استحالة العمومية.. مقدمة لليأس من خصوبة الر ...
- هل الأخبار مجرد آراء؟.. الريموت كونترول تجيب
- عن التابلويد كنظرية tabloidization theory
- استفسارات أولية حول النجوم
- أخلاقيات الإعلام.. خطاب بائس
- الإعلام بما هو مغامرة غير أكيدة
- أزمة في صناعة الشيطان
- السلاح في حدود مجرّد التواصل..
- كل المبررات لكي لا تكون صحفيا
- بين النظرية والموضة.. عن الموضوعية، الذاتية والنرجسية
- حول التنظير في حقل الإعلام ومجازفاته


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - نورالدين هميسي - حدود الضحك الجماهيري ج1