أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - بير رستم - أنا قرباطي .. في إشكالية ثقافة العنف وإلغاء الآخر.















المزيد.....

أنا قرباطي .. في إشكالية ثقافة العنف وإلغاء الآخر.


بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)


الحوار المتمدن-العدد: 5108 - 2016 / 3 / 19 - 07:58
المحور: المجتمع المدني
    


إننا ومن خلال البحث التاريخي عن جذور الأقوام والإثنيات ومراحل التطور وصراعهم وحروبها وما رافقتها من مآسي وكوارث وويلات سنجد تاريخاً نخجل أن نسميه بالتاريخ الإنساني الحضاري، رغم إنها الإصطلاح والمسمى العلمي لكل النشاط البشري لهذا الكائن الذي يعرف بـ"الإنسان"، ورفضنا السابق وإن كان في جزء كبير منه يعود لمسألة حجم العنف والمآسي والحروب التي أرتكبناها بإسم الحضارة، إلا أن في جزء منها يعود إلى قضية إستمراريتنا _نحن البشر_ في إعادة التجربة/المأساة كل مرة ودون أن يردعنا رادع أخلاقي إنساني أو فكري ثقافي حضاري، تكشف لنا مدى وحشيتنا وجهلنا وحماقاتنا المتكررة؛ حيث وفي كل مرة نعود إلى إرتكاب (الجريمة) نفسها ودون الإستفادة من خبراتنا السابقة.

كانت المقدمة السابقة ضرورية للوقوف على ما نود طرحه هنا؛ حيث "ثقافة العنف وإلغاء الآخر"، ليس فقط معنوياً سياسياً كما نراه اليوم في صراع الأجندات السياسية في الدول التي رسخت بعض التقاليد الديمقراطية، بل نعني به الإلغاء المادي للوجود وحياة الآخر؛ فرداً كان أم جماعة وقوماً، ليس فقط على المستوى التاريخي الماضوي، بل حاضراً راهناً حيث الصراعات والحروب الإقليمية، إن كانت بأسم الدين والمذهب أو بأسم القوميات والأيديولوجيات السياسية.. وما قضية الصراع في المنطقة ومنها سوريا، إلا جزءً من تلك الثقافة العنفية الإلغائية؛ حيث لا مكان للآخر في جوارنا (وحزبنا ودولتنا)، فإما الرضوخ لإرادتنا وأجنداتنا أو الموت له مادياً ومعنوياً.

وهكذا فإن العالم والمنطقة شهدت _وما زالت_ تلك الحروب والمآسي في "قصة الحضارة" والتي هي أكثر دموية ووحشية من قصة صراع الوحوش حيث تكون أسبابها غريزة البقاء وليس الإلغاء، بينما أكثر صراعاتنا كانت بسبب الأخيرة وليس الأولى والتي كانت تنحصر في صراع القبائل على الفوز بالواحات والحياة معاً. وبالتالي ونتيجةً لحماقاتنا التاريخية، فإن شعوباً وقبائل وأمم أندثرت في هذا (الصراع الحضاري) وهناك من تفوقت وسادت العالم وهناك من أذيقت الأمرين، لكن ما زالت باقية رغم ترنحها تحت وطأة وضربات الآخرين وبهدف إلغائهم وجوداً وحضارةً.. كذلك وبكل تأكيد؛ هناك بعض الأمم والشعوب عانت أكثر من غيرها من تلك الحروب والإبادات وربما يكون الكورد واليهود من بين تلك التي تعرضت تاريخياً للكثير من المجازر والإبادات؛ حلبجة والهولوكوست، لكن هناك شعب قد تعرض _وما زال_ للكثير من الحروب والمجازر والإبادات، بل للإهمال والإلغاء القسري من الجميع وكأن هناك صكاً وإتفاقاً سرياً بين كل الأعراق في إلغاء هذا المكون البشري، ألا وهم (القرباط) أو "النور" والغجر.

وللوقوف على قضية وحجم مأساة هذا الشعب، علينا بدايةً أن نتعرف على جذورهم وجذور التسمية ومن أين أتوا ولما هم شعب بلا وطن.. وبخصوص القضية ورغم قلة المصادر وللأسف، فقد أستطعنا أن نقف على بعض الحقائق التاريخية عنهم، حيث كتب "محمد دفوني" مقالة بعنوان (غجر سوريا "القرباط"_ منشورة في موقع FOCUS حلب) يقول فيها؛ (هناك الكثير من الحكايات والقصص والأساطير التي نسجت عن الغجر وأصولهم ونشأتهم. يعتقد البعض بأن الغجر جاءوا من القارة المفقودة "اتلانتس" قبل اختفائها، ومكثوا في المنطقة الواقعة على مضيق جبل طارق حيث تعلموا كل فنون السحر ومن ثم انطلقوا في العالم كمجموعات لمعالجة الناس، وشفاء الجرحى بطقوس علاجية ودينية).

ويضيف الكاتب نفسه (وهناك فرضية تقول إنهم طائفة "فارسية" يحملون اسم Athinganoi باليونانية، بمعنى لا يُلمسون، وهم من السحرة والمشعوذين والعرافات، كانوا قدِموا إلى Hellas اليونانية في القرن الثامن الميلادي. وهناك من يقول إنهم المصريون الذين لاحقوا اليهود وضلوا طريق العودة، ونظرية معاكسة تقول أنهم اليهود الذين هربوا من المصريين وتاهوا في الأرض. وفرضية أخرى تقول أنهم أحفاد جساس بن مرة البكري قاتل الفارس والشاعر الزير سالم. وفي كل هذه الفرضيات والروايات عن الغجر وأصولهم تظهر الفرضية الأكثر خيالاً، وهي أنهم مجموعة من "اللصوص والمتشردين" صبغوا جلودهم بعصير الفواكه ليأخذ اللون الكستنائي، وخلقوا لغة خاصة بهم من أجل حفظ أسرارهم. في المقابل، فإن الرواية الأكثر منطقية وأقرب للحقيقة، أنهم قبيلة أو مجموعة قبائل أتوا من الهند من منطقة اسمها "قرباط" للبحث عن المعيشة، أو هرباً من "البوذيين" إثر التصفية العرقية التي حصلت نتيجةاعتناقهم الإسلام آنذاك، بحسب بعض شيوخهم. ويقول هؤلاء الشيوخ أنهم يختلفون في أساليب معيشتهم وتقاليدهم في سوريا عن "الغجر" المعروفين في العالم).

ويقول الكاتب وبخصوص إحدى أكبر المجازر التي تعرضوا لها في تاريخهم الحديث ما يلي: (وبالطبع، كانت الحادثة الأكثر انتشاراً حول "الغجر، هي "الهولوكست" التي نفذها النازيون بحق مئات الآلاف منهم في ألمانيا). أما تعدادهم السكاني في العالم، فتلك بحد ذاتها إحدى أكبر الإشكاليات كون لا قيود لهم ولا إستقرار ولا وطن ويقول كاتب المقال في ذلك؛ (وعلى الرغم من عدم وجود إحصائية دقيقة "للغجر"، إلا أنه تم إحصاء عددهم بعشرة ملايين في العالم، موزعين على مجموعتين رئيسيتين "الرومن والدومر"، ويفرع عن كل منهما مجموعات أصغر). وبخصوص اللغة والثقافة يضيف (وبالرغم من قلة عددهم إلا أنهم يملكون إرثاً فنياً كبيراً، ولهم بصمة واضحة في مجال الفن. جُمعت حكاياتهم وقيمهم في القصص "الغجرية" الأصلية. ولذا يظهر ألا لغة مكتوبة "للغجر"، وأنهم من الشعوب الشفهية، وكانوا يحفظون ذلك الإرث عبر أغانيهم وموسيقاهم التي تأثرت بطبيعة المجتمع الذي يقيمون ضمنه).

إنها إحدى تراجيديات (الحضارة البشرية) حقيقةً، شعب تعداده السكاني يتجاوز العشرة ملايين بدون ملامح وهوية وطنية، بل ناس مشردين مهجرين في الشتات والغربة ويعاملون بأقسى ما يمكن من عنف مجتمعي لا يحقق لهم أدنى درجات الكرامة اللائقة بالإنسان ككائن بشري، بل هي نظرة واحدة من الجميع على إنهم (لا يستحقون الحياة وغير جديرين بالإحترام)، ناهيكم أن يكون لهم وطناً حيث (القرباطي) وفي عرف الجميع هو "لص وحرامي ومشعوذ" وهذه النعوت والصفات السلبية دخلت حتى في ثقافاتنا الوطنية، حيث تجد في تراث شعوب المنطقة كل ما هو شرير من نصيب (القرباطي)، كما في الحكاية الكردية "Sinema ser bi düman" مع تلك المرأة (القرباطية) التي تزرع الإبر في جسد الفتاة "سينم" بطلة الحكاية.

عودٌ على بدء؛ إن ما دعاني لكتابة هذه المقالة هي خروج بعض الأهل والإخوة من جيراننا من مواطني "معرة النعمان" وهم يحملون لافتة تحمل عنواناً عريضاً، ألا وهو؛ ((ومتى أصبح للقرباط وطن؟؟؟؟)) وفي إشارة إستفهام دالة _ولو بطريقة عفوية غير واعية_ لوطن الكرد المقسم بين أربعة دول وأقاليم كردستانية حيث بالأساس الرسالة موجهة للكرد في صورة (القرباطي) الذي ((لا يحق أن يكون له وطن)). وهكذا وبإسقاط الحالة على الكرد يأتي العنوان الآخر وبنفس اللافتة وتحت العنوان الرئيسي ما هو التالي: ((فدرالية فاشية والحسكة حرة أبية)).. وهنا يكتمل المشهد؛ حيث الكردي هو (القرباطي) "المهجر المشرد اللص" والذي لا يستحق وطناً، إنها إحدى أقسى الصور التعبيرية عن ثقافة الإلغاء وعدم القبول بالآخر، بل وإحتقاره وإذلالاه والتي لها _بكل تأكيد_ جذورها التاريخية والثقافية، حيث وللأسف؛ لو عدنا لصفحات التاريخ، لوجدنا إرثاً ثقيلاً من تلك الثقافة الحاقدة الإلغائية.

وهكذا وبكلمة أخيرة وكخاتمة للموضوع والمقالة، فإنه يمكننا القول: بأن لا مشاركة ولا مواطنة ولا أخوة مع شعوب لا تحترم التنوع والإختلاف في جغرافية (وطنية)، بل إننا ومع هذا الإرث والثقافة الإلغائية الإقصائية سنشهد المزيد من الحروب والكوارث والمجازر بأسم الدين والوطن والقومية وغيرها من الأيديولوجيات والمسميات. وبالتالي فلن ينقذنا في المرحلة القادمة غير العيش في سجوننا الإقليمية المنغلقة، إلا أن نرتقي إلى مستوى البشر في العلاقة مع الآخر المختلف وربما عندها يمكننا الحديث عن شيء إسمه الوطن والمواطنة .. وإلى ذلك الحين، فإننا سنكون سجناء "فدرالياتنا الفاشية"!!



#بير_رستم (هاشتاغ)       Pir_Rustem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا .. نحو الدولة الفيدرالية.
- عبد الرزاق عيد .. في آخر -تسفلاته- الدرامية!!
- حكم البابا .. والمزايدات الوطنية على الكورد!!
- كوردستان الكبرى ..بين الحلم الكوردي والواقع التأسيسي.
- مشكلتنا مع الإستبداد.. ثقافي فكري وليس حزبي/ فئوي.
- داود أوغلو: لن نسمح بسايكس بيكو جديدة للمنطقة!!
- حوار .. مع سلفي!!
- قوات التحالف الإسلامي .. هي لخلافة -داعش- وإعلان إقليم سني ف ...
- العكيدي ..في آخر خزعبلاته الحمقاء!!
- القائد السابق للناتو.. حان الوقت التحدث عن إمكانية تقسيم سور ...
- تركيا.. وقصف مواقع وحدات حماية الشعب.
- الرد الأمريكي ..على الطلب التركي لمنع قيام الكيان الكوردي.
- الوحدة الكوردية ..بات من مصلحة النظام السوري!!
- أسباب غياب ..الملف الكوردي في سوريا؟!
- (سيدي).. الإستبداد ليس واحداً!!
- الكوردي .. من هو الكوردي؟!!
- نقطة نظام ..في قضية العلاقة مع النظام!!
- شارل إيبدو .. هل تجنت أم قالت الحقيقة؟!!
- جهاد الخازن .. في قراءته لسياسات أردوغان.
- واقع مقلوب .. كوردستان لا تحتل الدول العربية!!


المزيد.....




- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...
- مسؤول أمريكي: قرار وقف النار وتبادل الأسرى بيد السنوار.. وقد ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - بير رستم - أنا قرباطي .. في إشكالية ثقافة العنف وإلغاء الآخر.