أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ذياب فهد الطائي - الحلقة التاسعة /أسئلة الرواية الاماراتية















المزيد.....

الحلقة التاسعة /أسئلة الرواية الاماراتية


ذياب فهد الطائي

الحوار المتمدن-العدد: 5106 - 2016 / 3 / 17 - 20:52
المحور: الادب والفن
    


الحلقة التاسعة

أسئلة الرواية الاماراتية (دراسة لخمس روايات اماراتية)
1-أميرة حي الجبل.... لعلي احمد الحميري
2-إمرأة استثنائية ........... لعلي ابو الريش
3-لعله انت...... لباسمة يونس
4-بين حين واخر..... للميس فارس المرزوقي
5-ريحانة..... ميسون صقر القاسمي
ذياب فهد الطائي
9/12
بين حين وآخر (حدثتنا ميرة )
لميس فارس المرزوقي
تعريف بالمؤلفة
ولدت لميس فارس المرزوقي في عام 1977 بأبوظبي، حاصلة على بكالوريوس التربية، والماجستير في القيادة التربوية من جامعة زايد.
حصلت على الجائزة الثالثة للمرأة الاماراتية في الفن التشكيلي .
وصدر لها ديواني شعر الاول بعنوان “شفاه أيبسها الرعب” والثاني بعنوان" النقطة السوداء في جيبي" وهو مترجم الى اللغة الالمانية
ولها رواية تحت الطبع بعنوان "رائحة الطين"
تحمل راوية الكاتبة لميس المرزوقي عنوانين الاول (بين حين وآخر ) وهو العنوان الرئيس ولكن الكاتبة استدركت لتضع عنوانا فرعيا (حدثتنا ميرة )، وكأن هذا الاستدراك الذي لجأت الية المؤلفة ، نابع من ادراك أن العنوان الرئيس يحمل الكثير من الابهام وعلى المتلقي ان يجتهد لاكتشاف الدلالة .
إن بنية العنوان في الخطاب الروائي الحديث موضوع يحمل استراتيجية بخصوصية مكونات تدخل في إطار التجريب انطلاقا من استفادتها من
كون العنوان يمثل مستوى فنيا موازيا للنص
لقد أصبح العنوان في الرواية الفنية الحديثة يتسم بعدة خصائص منها:
1. تشخيص الذات والواقع والمرجع التاريخي والرمزي.
2. الاختصار والوضوح.
3. دقة العنوان ونفاذه.
4. ارتباط العنوان بالنص مباشرة.
5. الاشتمال لمكونات العمل ودلالاته ومقاصده.
6. تكثيف المعنى في كلمات معدودة.
7. تذييل العنوان الأساسي بالعناوين الفرعية المشوقة للقارئ.
8. التلخيص الاستباقي.
9. الإيحائية المجازية والرمزية.

والعنوان الرئيس هنا يحمل دلالة الوقت او التعاقب في عملية الاشتغال على الذاكرة وذلك بالعودة الى مرحلة الطفولة ومن ثم الدراسة الابتدائية على وجه الخصوص.وبعد ذلك يمضي بخط تصاعدي، لنصل الى ميرة المدرسة ’ولكنه يعود عبر مشاعر الحنين الى الماضي، بعملية استرجاع للماضي ولكن بواسطة الساردة ، ويكشف هذا التشابك المرن في حركة الزمن ، والذي لم يربك المتلقي، عما تمتلكه الكاتبة من مهارات في تقنيات استخدام الزمن
واعتقد ان العنوان قد حقق الوظيفة التي تشوش ذهن المتلقي وتخلق لديه ما يشبه الصدمة ،وتجعله في حيرة ، ويهف الكاتب الذكي الى دعوة المتلقي الى التفاعل مع النص والتفكير بدلالاته
يقول الباحث عبد الحق بلعابد: "العنوان مجموع معقد أحيانا أو مربك وهذا التّعقيد ليس لطوله أو قصره، ولكن مرده ، قدرتنا على تحليله وتأويله
الرواية تقع في 131 صفحة من القطع الصغير من اصدار اتحاد كتاب وادباء الامارات عام 2013 وهي اقرب الى القصة الطويلة وتحاكي روايات مايسمى (روايات الجيب ) التي درج الاوربيون على قراءتها اثناء استعمالهم المواصلات العمومية
والكاتبة شاعرة وفنانة تشكيلية ،وكان لاشتغالها في الشعر والتشكيل ، تاثير واضح على رشاقة الاسلوب وسلاسته ، واهتمامها بالوصف الدقيق والمفصل والمفعم بالوان تتناسب وشكل البناء والعمارة لكل مرحلة تاريخية ، حتى انها تؤكد على نحو دلالي التطور الذي شهدته البلاد قبل وبعد انشاء الدولة وارتفاع عائدات البترول
ملخص الرواية
تعتمد الرواية على حكايات ميرة عن طفولتها ،كما تتذكرها الساردة أو كما قرأتها في مذكرات ميرة، التي تقول أحببت حكايات ميرة عن (فريجهم )المطل على البحر، والرمال التي تكسو المكان، ....(زميلتي التي لم يمض على انتقالها الى مدرستنا سوى سنة واحدة ، كانت محفز تفكيري اليومي ،بما ترويه من حكايات عن (فريجهم )القديم ) الصفحة 13 .
تقدم الساردة حكايات ميرة ،التي تدور حول نشاطها في المدرسة وعلاقتها بالطالبات ومشاكساتها ، وتعكس رغبة في التصرف بالكثير من العنف والتحايل.
تقول ميرة :ماذا تفعل فتاة كان عليها ان تهرب من واقعها الذي ضنّ عليها بكل ما أرادت ؟الصفحة 15
تمضي الرواية بخط افقي عبر تقديم الكاتبة ، عناوين فرعية تقدم به لكل حكاية ،وقد اعطت تلك الحكايات ارقاما متسلسلة بلغت 29 حكاية
ويمكن ان نضع تقسيما للخط السردي كما يلي:
1-الحكايات المباشرة والتي تبدأ من العنوان 1 وتنتهي بالعنوان 12
2- الحكايات التي كتبتها ميرة بدفتر مذكراتها واعطتها للساردة والتي تقول عنها (الساردة ) ،ميرة لم تؤلف ذلك ، ولكنها عاشته ، لذلك رأيتها دوما مميزة،
( الصفحة 65 )
وتتابع : انها لم تحظ فيها بقراءة يوميات طفلة .
الرواية ليست حكاية سرد عادية ،وأول ما يفاجئ القارئ إنه أمام لغة جديدة، كتابة جديدة، لغة مبسطة دون ان تفقدها شفافيتها ورشاقتها التي تنساب معها برفق ، وتدفع بالقارئ الى عدم الرغبة بالتوقف عن ممارسة فعل القراءة بانسجام متفاعل.
ولكن هذه البساطة الظاهرة ليست الا حيلة (ابتكرتها )لميس المرزوقي لتمرر الكثير مما لم تشأ أن تقوله صراحة وكتبته بمواربة ذكية، وهذا يؤكد قدرة المؤلفة ومهارتها وتمكنها من ادواتها الابداعية في الكتابة
لقد شكلت الكاتبة ، رواية بالغة الدقة وعلى درجة عالية من الصنعة السردية، من مجموعة حكايات. واستطاعت استخدام الزمن بطريقة غير عادية ،
وكانت الحكايات المتتابعة لا تشعر القارئ (بالقطيعة ) بين الحكاية السابقة والحكاية التي تليها ،وربما هي لعبة المرأة التي ابتكرتها شهرزاد .

تقدم الرواية جملة من الدلالات الموحية والتي تعبر عن ادراك الكاتبة لمداخل علم النفس عبر اشارات تحاول ان تبعدها عن القصدية،لتمررها على القارئ الاعتيادي ،ولتحتفظ لنفسها بمتعة لعبة السرد (الذكي )
في الصفحة 117 تكتب ميرة :ولأنها لمحت الوداعة في وجهي تمادت بالثقة بي، حيث رجتني أن أنتبه لطفلها ،إذ مددته بجانبي ، تسليت بالنظر إليه ،كان صغيرا جدا، ربما لايتجاوز عمره أشهرا ثلاثة ، راقبته دون محبة وهو يتشاجرمع قماطه ليخرج يديه منه ،بدت كفه صغيرة جدا ،شعرت برغبة غريبة للمسه ولكني خشيت ذلك ،أخرج الطفل يده الطرية ، لاأدري لماذا أغرتني يده بالوقوف والتظاهر لشرب الماء بغية أن أطأها بقدمي ، مدعية عدم ملاحظة ذلك ، كررت فعلتي تلك مرات عديدة، وفي كل مرة أدوس فيها على كفه الصغيرة يبكي الطفل ،
لكنني كنت استمتع بملمس يده الطرية تحت قدمي

هذا السلوك العدواني الذي لم تكن العائلة تفهم مبرراته ، وتعالجه بالعقوبة الجسدية، هو الذي يفسر تعلق ميرة، برواية جوستين للماركيز دي ساد ، بعد أن كبرت واصبحت مدرسة ولها زوج واطفال،(الصفحة 123 )

وتقصد الكاتبة هنا ان تنبهنا الى اهمية الاهتمام بسلوك الاطفال بهدف معالجة جوانب الانحراف في ذلك السلوك ، وقد كان السلوك العدواني البدني لدى لأطفال في مرحلة ما قبل الدراسة موضوع دراسات العلماء منذ أربعينات القرن الماضي وحتى الآن. وفي الأغلب ربطت معظم الدراسات بين نشأة السلوك العدواني لدى الأطفال والإحباطات التي تواجه الطفل في بداية نشأة اللغة ومحاولة التحدث وعدم التمكن الكامل من التعبير عن الذات ومواجهة مشكلات في شرح رغباته بشكل سليم.

ويتمثل السلوك العدواني في هذه المرحلة في الضرب المتكرر للأقران أو دفعهم ليسقطوا أو محاولات العض أو القرص أو الركل بالقدمين. وهذا السلوك مشترك بين الأطفال الذكور والإناث في هذه المرحلة العمرية على الرغم من اختلاف أشكال العنف باختلاف القوة البدنية من طفل لآخر. وتتراوح نسبة حدوث العنف تبعا للمستويات الثقافية والمعيشية والاجتماعية المختلفة وأيضا اختلاف العمر

وربما يكون الحرمان من امتلاك ما ترغب به ميرة هو السبب وراء هذا السلوك العدواني ،حينما عاد والدها وعمتها من الحج ، تقول ميرة (الصفحة 107 ):
أصابتني هدية والدي بالإحباط ككل عام، رغم ان هذه الهدية لم تكن هذه المرة حملا ،بل غزالا مطاطيا ...........لكن أملا لاح في نفسي ،هدية عمتي........لكن العمة لم تعطها ما أعطت الاطفال ، وحينما اضطرت ميرةا أن تطالب بالهدية ...أبغي شنطة .قالت العمة ان آخر شنطة سلمتها قبل قليل ،تصاب ميرة بالاحباط وكأن تدفع وراء جدار من الخيبة
في الصفحة 100 تستعرض ميرة خيبة امل فاجعة لأنها لم تذهب الى الروضة كاختها الصغيرة التي تغيظها بتلوين الرسوم، وهي ، ميرة لم تحظى بفرصة للحصول على اوراق التلوين
وحين ترفض اختها اعطائها بعضا من اوراق التلوين خاصتها ، أو أن تجلب لها من الروضة أوراق تلوين، تقول ميرة :امتلأ قلبي الصغير بالحنق والغضب ، فكرت بالانتقام من كل الذين شاركوا بحرماني من الروضة
الاب اولا ، اطلقت سراح الحمام الذي كان يربيها في حديقة المنزل .

الام ثانيا ، بالتهام كل قطع الحلوى التي تحتفظ بها في صندوق فوق الخزانة .

كان ذلك نوعا من التمرد ، ولكنه تمرد لا يلغي كونها (بنت العائلة ) بل يعيد تركيبها بهدف الكشف عن أسرارها وهو اكتشاف متجدد للذات ليس في سيرورتها الزمنية، بل في معنى مواجهتها للعالم الخارجي

طفولتنا بالطيران ،ولكن حلم ميرة مختلف ، إنه حلم في حالة صحوة ، جاء حلمها بالطيران بعد سماعها بموت عباس حين سقط على رأسه وهو يجرب الطيران
الموت والطيران عند ميرة متلازمان ، وهما يعبران عن الرغبة بالرحيل من الواقع الذي تعيشه ، واقع الاحباط والتهميش والفقر ، ولكن هذا الحلم عند ميرة، مختلف لأنه يتحول الى فعل ، الى إرادة وضعت لها ضوابط عملية لتتعلم الطيران.

تقول ميرة :منذ ذلك اليوم وهاجس الطيران يشغلني، فصرت اتقمص شخصية كل طائر أراه حتى صرت (ميرة العصفورة )وحين اكون عند البحر اصبح احد نوارسه ......إن كل شيء يحتاج الى تدريب ،فبدأت بتدريب نفسي على الطيران. .(الصفحة 67 )

ورغم أن الاطفال عادة ما يحلمون بالطيران ، غير أن هذا الحلم عند ميرة قد اقترن بمحاولة عملية اقترنت بتدريب للطيران ، ان الدلالة التي يمكن ان نستنتجها هنا، هي محاولة ميرة الهروب من ضغط الواقع الذي تعيشه ، وبعد التحول في حياتها الاجتماعية وارتفاع المستوى المعاشي ، تخلت عن هذا الحلم ، إن ميرة شخصية نموذجية ، لاتحمل عجائبية في السلوك او في اعادة تنسيق الذاكرة لتكتب تجربتها ،وهي لذلك شخصية عاشت الزمن الذي تنتمي اليه بمراحل نموها الفكري والجسدي.

إن حكاية طفولة ميرة ، تكشف عن شخصية تميل الى التفكير والتساؤل وتأخذنا الى قلب الحدث الذي اختارته هي ،وحتى في عملية العودة الى الماضي تبدو ميرة وكأنها ترمم بناء الاحداث لتقدمها على نحو لا يبعث على الاسف او الاسى .

وعبر تتابع السرد المتميز ، تعرض لميس المرزوقي ،على نحو سلس وموضوعي تطور الامارات وتغير اسلوب الحياة ، عبر حديثها عن الانتقا ل للبيت الجديد ، أو فيما تطرحه من توصيف يتسم بالكثير من العفوية :
(التاسعة ليلا، طريق العودة الى المنزل مزدحم،فكرت بكل هذه السيارات ، لقد ازداد عددها بشكل كبير جدا في الاونة الاخيرة ).الصفحة 129

ورغم ان الرواية قصيرة ، الا انها كانت غنية بتتابع موضوعاتها وازدحام الاسئلة التي تواجه المتلقي بكل صفحاتها ، لتنشئ علاقة تفاعلية مع المتلقي ، ليسهم في تحديد مسارات السرد،ويمثل تعدد وتنوع الاسئلة، التي يواجهّا المتلقي دليلا على أن عملية السرد كانت ناجحة في مضمونها

سؤال السرد عن المكان
يجد النقاد ان المكان أحد الاركان الاساسية للسرد في الرواية ،ويعنى به( المكان) الذي تعرضه الرواية من خلال وصف ابعاده الخارجية بدقة بصرية وحياد ،وبذلك يكثر من المعلومات التفصيلية فيتحول الى مكان خرائطي يتكون من مجموعة من السطوح والالوان والتفاصيل التي تلتقطها العين منفصلة ولا تحاول ان تقيم معها مشهداً كلياً، ولكن المؤلفة لم تكن مهتمة بالمكان الجغرافي ، لأن الروائي يدل على مفهوم محدد هو المكان اللفظي المتخيل، أي المكان الذي صنعته اللغة.

وقد استطاعت الكاتبة ان تضيف الى روايتها جمالية المشاهدة بدقة وصفها للمكان المتخيل ، وقد ساعدها على ذلك ، كونها فنانة تشكيلية ، ورؤية الفنان التشكيلي للمكان لاتقف عند فن العمارة والتفصيل الهندسي وانما تتعداها ، الى ما يرسخ في ذاكرته ليشكل لوحة اخرى غير ما يراه المشاهد العادي ،
ويرى باشلار ،أن العمل الأدبي حين يفتقد المكانية، فهو يفقد خصوصيته وبالتالي أصالته ، بمعنى ان المكان المتخيل لابد ان يتمايز بين رواية واخرى، حتى لو كتب روائي عن حدث معين في مكان محدد فان وصفه للمكان لن يتطابق مع وصف روائي آخر كتب وصفا لذات المكان في رواية ثانية ،لأنه خصوصية يصنعها الكاتب .
والمكان ، الى ما تقدم هوية ودلالة في عملية السرد، وسنحاول ان نتتبع المفردتين في رواية المرزوقي:
1-لايمكن تصور شخصية اخرى لا تنتمي الى (الفريج ) الكائن في ابو ظبي في نهاية الستينات ،تسترجع ذات الذكريات المليئة بالحنان، الذي تقدمه الساردة عبر اشارات متعددة ، (اشعر بازدحام الحياة ، المفعمة بالفرح حين اتذكرها تقول :ياتي الصيف يصبح لصوت الصرناخ* حضور كببير/الصفحة 13 ).
وتمثل جملة مفاصل ذكرياتها ،المكان الذي يشكل هويتها الشخصية ، لم يكن في الفريج روضة للاطفال ,ونادرا ما كانت تمر بالفريج سيارة خاصة ،(عند الطرف الشمالي للفريج خلف بقالة (ماشاء الله) بقليل ، يرقد الشارع الوحيد /الصفحة 14 )
حتى ان الساردة تعبر عن المكان /الهوية ، بأنها لو كانت في الفريج مع ميرة (لربما كنت اليوم شخصا مختلفا ، او امرأة لا تشبه ما أنا عليه الان) . (الصفحة 14 )
إن ما تعرضه الساردة في النص يعبر بوضوح عن العلاقة بين المكان والشخصية في رواية (بين حين وآخر ) كما انه يحمل دلالة توحي للمتلقي بنوعية الحياة الاجتماعية والاقتصادية التي كانت سائدة زمن السرد .
2-تصف ميرة البيت الجديد الذي انتقلوا اليه في نهاية السبعينات،باسهاب يصل الى ثلاث صفحات ، ويحمل الكثير من رؤية الفنانة التشكيلية لميس المرزوقي .
( عند الباب الرئيس للمنزل حديقة جانبية مستطيلة خصصها والدي للزهور ، وفي جهة الكراج الشمالية بنى حائطا أبيض اللون بثقوب دائرية كبيرة يظهر من خلالها خزان الماء الكبير الواقع بين الحائط وغرفة الخدم ،
لنقف عند الدلالة التي تعترض المتلقي، في القسم الاول من الوصف المار ،كان البيت القديم في حي شعبي ...ساحة في الوسط وشجرة سدر كبيرة تظلل المكان ،
البيت الجديد ينتقل بالمتلقي الى لون جديد من الحياة مخالف تماما ،حديقة الزهور وغرفة الخدم وبدلا من السجادة البلاستيكية ، فرش بسجاد بني اللون وغلفت جدرانه بورق خشن الملمس خشبي الروح ، حيث علقت عليها لوحات زيتية لمشاهدة الطبيعة أحضرها والدي من بريطانيا خلال احدى زياراته)الصفحة 37 .
أن اختلاف هذه المواصفات بين البناء القديم والجديد، وتنوعها ، يعكس الفروق الاجتماعية والنفسية والأيديولوجية ، فضلاً عن أن الدلالات النابعة من هذه الفروق يمكن أن تكون تعبيراً عن رؤية شخوص الرواية للعالم وموقفهم منه، كما قد تكشف عن الوضع النفسي للشخوص وحياتهم اللاشعورية، بحيث يصير للمكان بعد نفسي يسبر أغوار النفس ،
انه يشير بوضوح الى التقدم الاقتصادي الذي حققته الدولة وحياة الرفاهية التي حققتها للمجتمع ، ان السرد الذكي والمتمكن للمرزوقي قدم كل هذه الدلالات بعفوية بعيدا عن التكلف والدخول في التفسير المباشر للتغيرات التي طرأت على عائلة ميرة والمجتمع ككل .
كما أن الكاتبة المرزوقي كانت موفقة في انتقالاتها باسخدام الزمن عبر النص السرد ي،فقد اجتهدت للتعبير عن عنصر الزمن عبر التباين في مواصفات المكان،
وقد ألمح (جيرار جنيت) إلى دور الذاكـرة الشخصية في المفارقات الزمنية في نقده لرواية (بحثا عن الزمن الضائع) لـ (مارسيل بروست) حيث يقول: «إن المفارقات الزمنية للتذكرات -الإرادية أو اللاإرادية- وطابعها السكوني يتفقان في أنهما يصدران عن عمل الذاكرة التي تختزل المراحل الزمنية في فترات تزامنية، والأحداث في لوحات – وهي فترات ولوحات تنظمها الذاكرة في ترتيب ليس ترتيب الفترات واللوحات، بل ترتيبها هي، ومن ثم فالنشاط الذاكري للذات الوسيطة عامل (بل وسيلة)، كما أود أن أقول، لتحرير الحكاية من الزمنية القصصية على الصعيدين المترابطين - صعيديْ المفارقة الزمنية البسيطة، والتردد الذي هو مفارقة زمنية أكثر تعقيدا».
إن قدرة الروائية لميس المرزقي على اتقان عملية السرد مكنّها من التلاعب في استخدامه ، وهذا يعني انها تعرف جيدا ما تتوجه اليه وانها تمتلك ادواتها اللازمة لإتقان بنية جديدة في العمل الروائي الاماراتي ، والراوية التي ندرسها ،تقوم على بنيتين (الواقع +المتخيل )، تمكنت المرزوقي من تطويعهما واستخدامها على نحو انتجت معه نصا متوازنا يكشف عن قدرات، ربما، تقدم في عملها القادم رواية اماراتية على مستوى الحداثة الابداعية



#ذياب_فهد_الطائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحلقة الثامنة /أسئلة الرواية الاماراتية
- الحلقة السابعة /أسئلة الرواية الاماراتية
- الحلقة السادسة /أسئلة الرواية الاماراتية
- الخامسة /أسئلة الرواية الاماراتية
- الحلقة الرابعة /اسئلة الرواية الامارتية
- الحلقة الثالثة ....أسئلة الرواية الاماراتية
- الحلقة الثانية //أسئلة الرواية الاماراتية
- أسئلة الرواية الاماراتية
- دراسة اولية لرواية (كاباريهت ) لحازم كمال الدين
- واقع العلاقات العربية الهولندية
- نقد فلسفي


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ذياب فهد الطائي - الحلقة التاسعة /أسئلة الرواية الاماراتية