أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بوجنال - في مكر مفهوم -الحق- في العالم العربي















المزيد.....

في مكر مفهوم -الحق- في العالم العربي


محمد بوجنال

الحوار المتمدن-العدد: 5104 - 2016 / 3 / 15 - 08:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يعتبر "الحق" الملك المشترك بين البشرية حيث يتحمل الشخص مسئولية ضمان إشباع واحترام المكونات البيولوجية والاجتماعية باعتبارها أساس حفظ وبقاء وأساس مساهمة الكائن البشري في تطور البشرية. وعليه، فذاك تتم صياغته وشرعنته باللغة وفي اللغة؛ ومن هنا أهمية، بل وإلزامية تفكيك اللغة التي بها نتكلم ونكتب ونقرأ ونفهم دلالة مفهوم "الحق"؛ فباللغة تلك يتم تشكيل عقل المواطن عبر مختلف المؤسسات التي هي ،في مجملها، الإنتاج الفعلي للحاكم والبورجوازية السلبية العربية وبالتالي حاملة المصلحة الضيقة ومدجنة الشعوب العربية. ومن هنا نفهم اغتيال العقل العربي حيث يتحدد مفهوم "الحق" بغير حقيقته؛ وهو في ذلك لا يقوم سوى بترجمة ما نقلته وتنقله له اللغة سواء داخل الأسرة، أو في الشارع، أو في المؤسسات التعليمية، أو في وسائل الإعلام، أو في مجال الفن خاصة منه المسلسلات والأغنية. ومعلوم أن اللغة تعكس حتما مرحلة مجتمعية محددة حيث أنه كلما كانت مؤزمة وممزقة ، كما هو حال العرب اليوم، كلما ازداد مكر اللغة في تفسيرها وتحديدها وتوظيفها وبالتالي تسليعها الشعوب العربية وتخديرها أكثر فأكثر. فاللغة هي أشكال الوعي، الذي منه الوعي بمفهوم "الحق"، الذي يمكن أن يكون غائبا، ويمكن أن يكون ضعيفا، كما يمكن أن يكون عاليا؛ وفي عالمنا العربي يوجد، وبالكاد، في مستوى شبه الغياب وهو المستوى الذي يعني ضعف إيقاع سرعة تطور الشعوب العربية من حيث النمو والتنمية أو قل من حيث الوعي بمعنى وجودها كشعوب. والحق ذاك، كلغة ماكرة لا يعدو كونه لغة حكامه وبورجوازيته السلبية.
بناء على ما ورد أعلاه، يعتبر "الحق" بنية لغوية يمكن أن تكون ماكرة وهو الغالب في عالمنا العربي نظرا للطبيعة السلبية لحكامه ونخبه الذين، باللغة، يخفون الاستبداد والاستغلال، وبها يقومون بتزييف الحقوق والقيم. تراكم السلبيات تلك استفز هذه الشعوب التي لم تعد لها القدرة على الاستمرار في تحمل تلك السلبيات، فخرجت إلى الشوارع والساحات الكبرى رافعة شعار ومطلب دولة الحق التي هي، من الناحية الوضعية، مطلب مشروع لكل المجتمعات مهما اختلفت ثقافتها ومعتقداتها وعرقها؛ فهو مطلب عابر للقارات والجنسيات حيث الاعتبار للقانون والأخلاق كمكونين لمفهوم "الحق"؛ وبلغة أخرى، ف"الحق" بنية لغوية حيث وحدة الوجود بين القانوني والأخلاقي أو قل في القانوني يوجد الأخلاقي ، وفي الأخلاقي يوجد القانوني؛ فالعلاقة جدلية بالأساس لأن ذلك هو طبيعة الوجود الذي منه اللغة بمعناها الإيجابي. إلا أن الحاصل ،في عالمنا العربي، هو عكس ذلك أو قل أن السائد هو اللغة بمعناها السلبي القاضي بإظهار شعوبنا العربية بالمظهر المراوغ والماكر. لذلك نجد في "الحق" كلغة فصلا بين القانوني والأخلاقي كلغتين إيجابيتين لصالح معنى شرعنة التفوق العرقي. هذا الادعاء ترجمته وتترجمه اللغة على أنه حق طبيعي وديني يلزم الحكام والبورجوازية السلبية العربية تنفيذه في تدبير شؤون وقضايا هذه الشعوب العربية التي حرمتها الطبيعة والأديان من تلك الميزة؛ وفي نفس الوقت تعدها اللغة الماكرة تلك بأن حقها مصون في العالم الآخر، عالم الأموات، عالم "الحق" حيث القصور والأنهار والحدائق والجواري.
لقد سبق أن قلنا أن "الحق" بناء لغوي عابر للقارات وهو ما يعني أن أحد مكوناته الذي هو الأخلاق هو بدوره بنية لغوية عابرة للقارات؛ هذا يعني، وبالكاد، أن الأخلاق كلغة توجد خارج سيطرة الحاكم والبورجوازية السلبية العربية. للسبب ذلك نجد الخوف منها وبالتالي تهميشها وفصله عن القانوني في مجتمعاتنا العربية أو قل أنها غير مترجمة في بنية القوانين التي عمل الحاكم والبورجوازية السلبية العربية على التأسيس لها. فغياب الطرف الثاني من بنية مفهوم "الحق" الذي هو الحق الأخلاقي هو أحد مرجعيات التسلط والاستبداد، بل وتهميش الشعوب العربية كقدرات وإمكانات.
إذن، ومبدئيا، هناك علاقة جدلية بين القانوني والأخلاقي، وكلما اختفت تلك الدلالة كلما ساد الفساد وهضم الحقوق. هذا الوضع يجعلنا نستحضر دلالة القضاء وبالتالي القضاة. فوظيفتهم دستوريا وفلسفيا وسوسيولوجيا تقتضي منهم الاستحضار الدائم للمعنى اللغوي الإيجابي لمفهوم "الحق" بمعنى استحضار "الحق" كوحدة بين طرفيه: فلا قوانين بدون مبادئ أخلاقية من قبيل الحرية والمساواة والعدالة. فالقانون لغة ، والمبادئ الأخلاقية لغة الهدف منهما خدمة الشعوب العربية وحمايتها من أشكال الفساد والقمع والتسلط لا سلخه عن واقعه وشرعنة سرقة إنتاجه وهضم حقوقه.
لقد أكد معظم الفلاسفة، منذ اليونان إلى اليوم، أن القول بسيادة القانون يقتضي القول بالحضور الدائم للمبدأ الأخلاقي. إلا أن الحكام والبورجوازية السلبية العربية يعتبران ذلك قولا مخالفا للقوانين الطبيعية والدينية؛ لذا، على القضاء رفضه ومحاربته؛ بل واعتباره مسا بالأمن والاستقرار. لكن التاريخ أبرز ويبرز لنا أن النمو والتنمية لا يمكن أن يحصل بالفصل بين القوانين والمبادئ الأخلاقية؛ بل يمكننا القول أن مجمل مشكلاتنا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية تستعصي عن الحل إذا تم الاكتفاء فقط بالقوانين؛ وعلى النقيض من ذلك، تجد الحلول لها كلما تم ربط ذلك بالمبادئ الأخلاقية.
تباعا لما سبق، ف"الحق" كلغة إيجابية، هو ما يمكن الشعوب العربية من النمو والتطور؛ إنه الواقع والتعدد والإمكان؛ وكلما تمت حماية ذلك ،وهي وظيفة القضاء، كلما أصبح للشعوب العربية درجة وجود أرقى أو قل كلما امتلكت الآلية تلك – دون نسيان غيرها- كلما استوعبت اللغة أكثر باعتبارها الأداة التي طالما خدعته في المنزل،والشارع،والمدرسة،والإعلام. قلنا أن "الحق" لغة؛ وهذه اللغة تعدد وإمكان وبالتالي فما بداخلها من قوانين ومبادئ أخلاقية هي تعدد وإمكان. هذا الطرح يعني فيما يعنيه أن في المنطق الداخلي للقانون توجد قوانين جديدة يكون القضاء ملزما بالبحث الدائم عنها لإخراجها من حيز الإمكان إلى حيز الفعل؛ وفي هذا، يلعب الطرف المصاحب،المبدأ الأخلاقي، دور الحاجة للجديد ذاك والمحفز للبحث عنه. فعند تفكير القضاء بهكذا منهج، نكون أمام الإبداع أو قل استحضار إنسانية الإنسان واحترام حقوقه وكرامته والنهوض بواجباته. والقاعدة تقول:أن من تم انتهاك حقوقه، فمن حقه بدوره انتهاك الحقوق والقوانين المفروضة عليه. وهنا نكون أمام المكر اللغوي ل"الحق" كما يريده الحاكم والبورجوازية السلبية العربية؛ فكلما رفعت الشعوب العربية مطلبها بامتلاك حقوقها، كلما كثف الحكام والبورجوازية السلبية العربية من توظيف اللغة بهدف الإحباط السلمي للمطلب ذاك. وفي هذا الصراع ومن خلاله تكتشف الشعوب العربية قواعد لعبة المكر كما تمت وتتم صياغتها في اللغة وباللغة. وهنا السؤال الفلسفي الكبير: هل كلما مارست الشعوب العربية ما يمليه عليها الضمير سيعتبرها الحاكم والبورجوازية السلبية العربية والقضاء شعوبا زائغة وغير صالحة؟ هل في القانون يوجد ما يمنع الشعوب من الإنصات إلى ضميرها؟ القانون والمبدأ الأخلاقي، في جدليتهما، هما "الحق" الذي لا معنى لوجود الشعوب العربية بدونه.



#محمد_بوجنال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الممنوع عربيا في الثالوث: الديمقراطية، الحاكم، الشعب
- مقترحات إلى فدرالية اليسار الديمقراطي بالمغرب
- الشغل بعبع الدولة
- المصلحة سيدة القناتين المغربيتين
- العنف أوكسجين الدولة والقوى الإسلامية المتطرفة
- الفاعلون من خارج الدولة السلبية العربية
- الربيع العربي أو التبعية بصيغة جديدة
- الوضع العربي وليد فلسفة الاقتصاد السياسي
- اللغة مؤسسة تقتضي التفكيك
- الاقتصاد، الجنس،الدين،السياسة
- المرحلة تفرض الاشتغال على السؤال: ما معنى العرب؟
- أهمية الاقتصاد في فهم الالتفاف على الحراك العربي
- محمد بوجنال: باحث وكاتب ومناضل يساري – في حوار مفتوح مع القر ...
- العرب بين أيديولوجيا الريع وضعف اليسار
- ثقافة اليسار ومستجدات الراهن العربي
- فعل عنف اللغة
- ميزان قوى الحيلة في فبركة أحداث الحراك
- أمريكا، الإخوان، الحراك أية علاقة ؟
- الإنسان العربي ضحية المكان الأصولي والسلفي
- وماذا عن المنظومة الاشتراكية زمن الراهن العربي؟


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بوجنال - في مكر مفهوم -الحق- في العالم العربي