أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرتضى العبيدي - الطبقة العاملة الفرنسية تنهض لصدّ هجمة رأس المال















المزيد.....

الطبقة العاملة الفرنسية تنهض لصدّ هجمة رأس المال


مرتضى العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 5103 - 2016 / 3 / 14 - 16:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شهدت جميع المدن الفرنسية وعلى رأسها العاصمة باريس إضرابات ومظاهرات عارمة يوم الأربعاء 9 مارس الجاري للتعبير عن رفض العمّال والأجراء عموما والشباب لمشروع مجلة الشغل الجديدة المعروض على أنظار البرلمان الفرنسي والمعروف باسم "مشروع الخمري" نسبة لوزيرة العمل في حكومة إيمانويل فالس، مريم الخمري الفرنسية من أصل مغربي.

قانون الشغل الحالي نتاج لمعارك طبقية كبيرة

ويأتي هذا المشروع الجديد في إطار السياسة الاجتماعية التي شرعت الحكومة "الاشتراكية" في تنفيذها منذ توليها دفّة الحكم والمتسمة بالهجوم الشامل على لقمة عيش الكادحين وخاصة على مكتسباتهم. فقانون الشغل الفرنسي الجاري به العمل، رغم ما يمكن أن يُقال عنه، والذي كانت الحكومات الفرنسية المتعاقبة تتباهى به باعتباره يضع فرنسا في مصافّ "الجمهوريات الاجتماعية" هو اليوم محلّ مراجعة من قبل من؟ من قبل "الحكومة الاشتراكية" التي خاضت حملاتها الانتخابية، التشريعية منها والرئاسية على أساس تطويره وتحسينه لفائدة العمّال والأجراء، وإذا بها تقدم اليوم على ما لم تقدر الحكومات اليمينية السابقة حتى على التفكير فيه. وقانون الشغل هذا بما فيه من ضمانات واحتياطات تقي العمّال من غطرسة أصحاب المؤسسات لم يأت هكذا دفعة واحدة، بل افتكّته الطبقة العاملة الفرنسية فصلا وفصلا وكلمة كلمة من خلال معارك مريرة خاضتها على مدى قرنين من الزمن، شهدت فترات من النهوض العمّالي كما حصل في الثلاثينات،نضالات فتحت الباب إلى الجبهة الشعبية لتصل إلى الحكم وتسنّ عديد التشريعات الاجتماعية، أو غداة انتفاضة ماي 1968 حينما تمكن العمّال من فرض الوجود النقابي داخل المؤسسات وإقرار حق المندوبين النقابيين في تمثيل العمال والتفاوض باسمهم في كل ما يخص حياتهم المهنية. لكنها شهدت كذلك فترات أخرى من التراجع خاصّة خلال فترات الأزمات الاقتصادية والحروب. فتحديد ساعات العمل، والعطلة خالصة الأجر، والمنح العائلية، والضمان الاجتماعي والتقاعد، ووضع حدّ للطرد التعسفي... وغيرها كثير كانت جميعها عناوين لمعارك طبقية خاضها عمّال فرنسا وسكبوا في العديد منها دماءهم حتى يضمنوا لأنفسهم وللأجيال اللاحقة حياة أفضل. والمساس بأيّ منها يعتبره العمّال والأجراء من الكبائر.

قبل الهجوم الحالي...

ويأتي هذا الهجوم الجديد بعد سلسلة سابقة من الإجراءات كانت جميعها لصالح أرباب العمل ومن أهمّها التنازلات المقدّمة لـ "بيار قاتاز" رئيس نقابة الأعراف منذ 2013 والذي قايض الحكومة بطلب إعفاءات جبائية هامّة لصالح المؤسسات وأرباب العمل مقابل الوعد بخلق مليون موطن شغل، فحصل على ما أراد ولم يخلق مواطن الشغل الموعودة. وقد وجد طلبه هوى في نفس فرانسوا هولاند الذي كان التخفيض في نسبة البطالة أحد أهمّ نقاط حملته الانتخابية، إلا أن الحقيقة عصفت بهذا الحلم، إذ تعدّ فرنسا اليوم ما لا يقل عن 5,5 مليون عاطل عن العمل بينما كان هذا العدد 4,4 مليون فقط عند صعود فرنسوا هولاند إلى سدّة الرئاسة. ولن ننسى كذلك في هذا الإطار "قانون ماكرون" السيئ الصيت الذي كان تقدم به "إيمانويل ماكرون" وزير الاقتصاد "الاشتراكي" من أجل إدخال المرونة على قوانين التشغيل والتسريح وسلب المحاكم العُرفية من صلاحياتها والذي عارضه عدد كبير من نوّاب الحزب الاشتراكي الحاكم لمّا عُرض على التصويت في البرلمان ولم يسانده إلا أرباب العمل وهياكلهم النقابية، بل إن هذا القانون كان تسبب في أزمة داخل الحزب الاشتراكي أدت إلى استقالة بعض الوزراء من مناصبهم، كما هو الحال اليوم إذ عبّر عديد قادة الحزب الاشتراكي وعلى رأسهم "مارتين أوبري" عن معارضتهم للقانون الجديد للشغل المعادي للعمّال والأجراء والذي لا يمكن فهمه إلا في إطار التنازلات المتتالية للبورجوازية التي حقق لها فرانسوا هولاند ما لم يحققه لها قادة اليمين من سابقيه، ولعله اليوم وهو يستعدّ للترشح لدورة رئاسية ثانية يعوّل على هؤلاء أكثر من تعويله على الأنصار التقليديين والناخبين الطبيعيين للحزب الاشتراكي.

العمّال والأجراء يتصدّون للمشروع الجديد

كان من المفروض أن تعرض الحكومة على البرلمان مشروع قانونها الجديد يوم الأربعاء 9 مارس، إلا أنّ شمولية المعارضة لهذا القانون، جعل الحكومة تطالب بإرجاء النظر في المشروع إلى تاريخ 24 مارس وتدعو النقابات إلى طاولة المفاوضات. إلا أنّ هذه الأخيرة وبعد يومين من التفاوض، اعتبرت أن مقترحات الحكومة بإدخال بعض التعديلات الطفيفة على مشروع القانون لا يفي بالحاجة ودعت إلى مواصلة التحركات والاستنفار. وهي تعتبر أن القانون الجديد مفرط في الليبرالية ومنحاز بالكامل لأرباب العمل ويشكل تهديدا حقيقيا لمكاسب الطبقة العاملة.
وفي دفاعه عن المشروع، اعتبر "فالس" أن "إصلاح فرنسا أمر حيوي" لأنّ "نموذجها الاجتماعي قد أنهك" وعليه فإنه من الضروري الاعتماد على "مبادئ اجتماعية ليبرالية" بلا عُقد ومواجهة "النزعة المحافظة للمجتمع". ويهدف مشروع قانون الخمري إلى "إصلاح" قانون العمل في العمق بدءا بإلغاء جميع الحدود مثل الحدّ الأدنى للأجور إلى إدخال المرونة على عقود العمل وعلى تحديد ساعات العمل إلى الحقوق النقابية والتأهيل المهني ومنح البطالة... لذلك هو أثار حفيظة شرائح واسعة من المجتمع. فزيادة عن النقابات، عارضته مكوّنات المجتمع المدني وخاصة منها المنظمات الشبابية كـ "الاتحاد العام لطلبة فرنسا" القريب من الحزب الاشتراكي، وبعض الحركات المواطنية التي تمكنت إحداها من جمع ما يزيد عن مليون توقيع ضد المشروع في حيّز زمني لم يتجاوز الأسبوعين.

الحكومة تناور وتعد بإدخال "تحسينات" على المشروع

وقد تعهد رئيس الحكومة أثناء مفاوضته مع النقابات بإدخال “تحسينات” على القانون المذكور حول “نقطتين” استهدفتهما الانتقادات بشكل خاص. وتتعلق الأولى بتحديد سقف التعويضات التي يمكن أن تفرضها المحكمة على رب العمل في حال الطرد التعسفي والتي وضع لها القانون الجديد سقفا بـ15 شهرا بالنسبة للعمال الذين قضوا أكثر من عشرين سنة بالمؤسسة. وقد رفضته أغلب النقابات رفضا باتا. وقال فالس إنه “من الممكن تكييفه في بعض النقاط من دون إلغائه”. أما النقطة الثانية فتتعلق بالتسريح لأسباب اقتصادية. فالقانون الحالي ينص على أن الصعوبات الاقتصادية يجب أن تكون موصوفة (انخفاض رقم الأعمال والطلبيات وخسارة استثمارات). وتطالب بعض النقابات أن تبقى صلاحية تقدير واقع الصعوبات الاقتصادية من مشمولات القضاة وحدهم.
وزيادة على هاتين النقطتين، يهدف المشروع إلى فتح المجال أمام المؤسسات الصغرى التي لا يتجاوز عدد عمالها الخمسين لمناقشة إمكانية الرفع من ساعات العمل مع الأجراء على انفراد، إلا أن النقابات ترفض ذلك وترى أنها وسيلة لرفع ساعات العمل بدون مقابل. كما يقضي المشروع بفتح حوار بين إدارة المؤسسة والنقابات لأجل التوصل لاتفاق لتعديل وقت العمل أو إعادة النظر في التعويضات في حال رغبت المؤسسة في الرفع من إنتاجها لتلبية طلبات الزبائن. والعمال الذين يرفضون ذلك يعرّضون أنفسهم للطرد، وهو ما اعتبرته النقابات ابتزازا. كما يسمح المشروع للمؤسسات بتعديل ساعات العمل أسبوعيا بحيث يمكن أن تصل إلى 46 ساعة لمدة 16 أسبوعا، مقابل 12 أسبوعا في النص الحالي. لكن هذا لا يتم إلا باتفاق بين إدارة المؤسسة والنقابات التي تمثل 50 % من العمال على الأقل، أو باستفتاء داخلي تدعو إليه نقابات تمثل 30 % من العمال، وهذا أمر جديد، أي تمكين النقابات الأقل تمثيلية من بعض من سلطة القرار، والغاية منه بث التفرقة في صفوف العمّال.
تلك هي إذن أبرز النقاط الواردة في المشروع الجديد لمجلة الشغل الفرنسية والتي يقف في وجهها اليوم لا العمّال فقط بل شرائح اجتماعية عديدة لما تمثله من تعدّ صارخ على مكاسب حققتها أجيال من العمّال والأجراء على مرّ السنين. والتي وإن دلت على شيء فإنما تدلّ على أنه لا من مكسب أبدي في ظل النظام الرأسمالي. فالبورجوازية تسعى بكل الوسائل لاسترجاع ما تعتبر أنّه افتكّ منها بالنضال، وتجنّد من أجل ذلك الأنظمة القائمة على خدمتها وكذلك عملاءها من داخل الطبقة العاملة ذاتها كما هو حال بعض النقابات اليوم في فرنسا التي نصّبت نفسها للدفاع عن هذا المشروع العدواني.



#مرتضى_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقرّر حول الأممية الشيوعية وحركة الشبيبة الشيوعية (ترجمة)
- الاتفاق النووي مع الدول الامبريالية يلقي بظلاله على الانتخاب ...
- فيفري: شهر الإضرابات العامّة في البلدان الإفريقية
- هل تتجاوز بلدان أمريكا اللاتينية أزمتها الاقتصادية الراهنة؟
- المغرب: هل يساهم إضراب 24 فبراير في إرساء دعائم الوحدة العمّ ...
- الحركة الشيوعية وتحرير النساء (ترجمة)
- القوى الديمقراطية في ألمانيا وباقي أوروبا تتصدّى للنازية الج ...
- رأي حول -الحكومات التقدمية- بأمريكا اللاتينية
- الشباب المغربي يخوض معارك شهر يناير بروح 20 فبراير
- هل تدفع بوركينا فاسو ضريبة التدخل الامبريالي الفرنسي في بلدا ...
- أردوغان يستغلّ انشغال العالم بالحرب على سوريا ليشنّ الحرب عل ...
- -التنمية في تونس-، كتاب جديد للأستاذين محمود مطير وحسين الرح ...
- الطبقة العاملة تستقبل السنة الجديدة بموجة من النضالات في أنح ...
- الانتخابات التشريعية في فنزويلا: هل هو انتصار للثورة المضادّ ...
- هل هي نهاية الاستقطاب الثنائي على الساحة السياسية الإسبانية؟
- الانتخابات الجهوية بفرنسا: الشعب يعبّر عن رفضه لبرامج الأحزا ...
- صدور العدد 31 (أكتوبر 2015) من مجلة -وحدة وصراع- في نسخته ال ...
- خلفيات إسقاط الطائرة الحربية الروسية وتداعياته
- القمة الدولية للمناخ: رهانات وعوائق
- علامات من ثقافة المقاومة زمن الاستبداد


المزيد.....




- روسيا تعلن احتجاز نائب وزير الدفاع تيمور ايفانوف وتكشف السبب ...
- مظهر أبو عبيدة وما قاله عن ضربة إيران لإسرائيل بآخر فيديو يث ...
- -نوفوستي-: عميلة الأمن الأوكراني زارت بريطانيا قبيل تفجير سي ...
- إصابة 9 أوكرانيين بينهم 4 أطفال في قصف روسي على مدينة أوديسا ...
- ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟
- هدية أردنية -رفيعة- لأمير الكويت
- واشنطن تفرض عقوبات جديدة على أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الث ...
- شقيقة الزعيم الكوري الشمالي تنتقد التدريبات المشتركة بين كور ...
- الصين تدعو الولايات المتحدة إلى وقف تسليح تايوان
- هل يؤثر الفيتو الأميركي على مساعي إسبانيا للاعتراف بفلسطين؟ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرتضى العبيدي - الطبقة العاملة الفرنسية تنهض لصدّ هجمة رأس المال