أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - مجالات التغيير وطرائق الثورة














المزيد.....

مجالات التغيير وطرائق الثورة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5102 - 2016 / 3 / 13 - 22:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مجالات التغيير وطرائق الثورة

وصلنا في هذه اللحظة إلى تبني مفهوم الثورة على الواقع ثورة الوعي الإيجابي على سلطان الواقع السلبي , ثورة بأدوات العقل ومنهج المنطق الذي يبني ولا يخرب ويقود ولا يقاد بالنوازع الحسية , ثورة لا تستهدف التغيير من خلال العنف المؤدلج بل من خلال البناء الفكري الذي لا يهادن ولا يصالح الواقع بأي سبب ولأجل أي علة , الثورة الواعية هي التي تعيد صياغة المعادلات الواقعية من كونية الثبات والوقوف المتحجر عند ما يمكن أو ما كان إلى دائر الفعل الذي يجب أن يكون ولا بد منه أن يكون , هذه الثورة التي تعط للعقل قيمة أساسية في تبني الخيارات والأساليب والمناهج دون أن تكون مقيدة بما كان أو بالتجربة التأريخية فقط , ثورة تحديد مساحة المستقبل ليكون حرا يتسع لحلم وحرية ووجود ووظيفة الإنسان في الكون الواسع اللا محدود.
عندما نقول ثورة على القارئ أن لا يبادر إلى ذهنه أن نحمل السيف أو الرشاش والقنابل اليدوية لنطيح بالواقع وأعمدته وأركانه، وتنشر الخوف والاضطراب في أركان المجتمع أبدا، الثورة الواعية هي التي تستطيع أن تقلع جذور الفكر المتحجر وتعيد للحياة نسغ الحركة والحرية من خلال ما تطرحه من حلول عاقلة، حلول غير استثنائية ولكنها منطقية تخاطب العقل وتنبهه لمواطن القوة والضعف وتعيد له القدرة على ممارسة حق الخيار والتقرير .
ثورة العقل الواعية هي أمتداد لمفهوم الدين كخطاب عقلي محض فهي ترسم الصورة الأجمل الأصح الأحسن الأخير ,وتضعها أمام الحواس الإنسانية لعل العقل الواقف في لحظته الماضوية يعيد المقارنة ويعيد حساباته وينحاز لمستقبله لا لماضي غيره , الثورة الواعية هي التي تبدأ بنقد الذات ومنها للخارج وتحاسب وتحاكم الميول الفطرية التي تذهب دوما للتسليمات السهلة , ثورة الوعي تعمل على جر العقل للامتحان الوجودي ذي الخيارات المحدودة بين النعم واللا بين البقاء في الظلام أو الحركة نحو النور , ولكن بذات منهج الدين المجرد (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) لأن هذا القانون هو قانون الخيارات الصائبة إذا ما علمنا أن الطبيعة والطبيعية ستلفظ التحجر والوقوف والموت البطئ لصالح الحياة , وبالتالي من لا يشاء الحياة سينقرض ويبقى من كان خياره الثورة الواعية.
قد يسأل أحدهم هل من الممكن أن نسير نحو التحول والتطور والتغير بدون أن نتمرد وبدون أن نجعل الثورة هدفنا القادم , لا سيما أننا إذا حصرنا وسائلنا بنموذج واحد هذا يعني أننا أيضا متطرفون في القرار عندما لا نمنح الوجود فرصة أن نبحث من خلاله عن بدائل , الحقيقة نعم البدائل كثيرة ويوجد ما هو ممكن وما هو أكثر عقلانية ولكن عندما يكون الحل ترقيعيا وتخدريا وليس بذات الهدف أن نتغير عميقا لأن الفجوة كبيرة والداء عضال ,نعم واقعنا شبه ميت لا يمكننا إحياءه بالمسكنات ولا بالتصليحات الخارجية , وجودنا الحضاري ككل معرفيا وعلميا وفكريا شارف على التحجر والتصنم الذي لا يمكن له أن يعود للحياة مرة أخرى دون تداخل جراحي مؤلم حتى.
عندما تستحكم الإشكاليات وتأخذنا للتأزم والتطرف بالتأزم لا يمكننا أن نستخدم الوسائل اليسيرة ولا الحلول السهلة المبسطة , الإشكالية التي يعيشها العقل الديني اليوم لا تنتهي بالقراءة والتعبد والطقوسية حتى يمكننا العمل على تصليح وتصحيح المفاهيم , إنما الإشكالية جذرية تصل إلى عدم قدرتنا على أستيعاب الدين كفكر نظري والتدين تطبيق عملي يربط بينهما هدف غائي هو الإنسان ووجوده , لذا تكون نظرية النسبة والتناسب هي المعول عليها في التعاط والإيمان بها , الإشكالية الجذرية تحتاج حل جذري والإشكالية المستعصية على التحرك والتحلحل لا بد لها من قوة موازية بل ومتفوقة لجرها لواقع التجديد والتجاوز , ومن هنا فالثورة الواعية ليست ترفا فكريا ولا مطلب خصوصي نخبوي أنتقائي , إنها الخيار الأخير قبل الأنتحار والموت والتلاشي أمام طغيان الجمود والتحجر والسفسطة الفارغة.
لابد للثورة من أن تحدد مساراتها وحسب درجات الأولوية وحسب أهمية المجال الأهم وقدرته على التأسيس لمجالات أخرى دون إهمال ضرورات الواقع، الثورة الواعية مجالها الأساسي إعادة الوعي للعقل بوجوده أولا، إعادة ثقته بالقدرة والملكة الطبيعية التي هو عليها في حق النقد والفرز والأختيار والتقدير والتقرير، وبدون هذا الجانب لا يمكننا أن نجعله قائدا ورائدا في عملية الأستنهاض، العقل هو الميدان الأول الذي يجب أن تحدث فيه الثورة ، الثورة الواعية بدون عقل متحرك كمن يلهو بقنبلة موقوته لينظر لها كيف تعمل وكيف تنفجر دون أن يدرك أنه لا يستطيع أن يفهم شيئا في لحظة الأنفجار لأن وجوده لم يعد موجود.
إن بناء العقل ليكون مهيأ لعصر الثورة أهم من كل مراحلها والأساس الصحيح لديمومتها , ومن هنا كان للنخبوية الفكرية العقلية الفلسفية دور الصانع والخالق الذي يمنح العقل المتحرك أدواته العملية ومنهجه العلمي ,إن تأسيس منهج الثورة على الواقع يتطلب منا تحديد الرؤية ومدارات العمل النخبوي الموجه للطبقة المثقفة والواعية والتي تشارك النخبة بالبناء والتأهيل , وهذا يحتم أيضا أن تنتشر ثقافة العمل الجمعي البعيد عن الشخصنة والبعيد عن الذاتيات الأنانية التي ترى في نفسها نبي المرحلة أو المعصوم المنتظر , الثورة الواعية هي ثورة العقل الجمعي الذي يتشارك في حمل المسئولية كما يتشارك في حمل النتيجة.
عصر الفرد والقائد الفذ وفرسان العصور الوسطى والقديمة لم يعد ممكنا لسبب بسيط أنه حتى في مرحلة وجود الأنبياء والرسل ومع ما يحملون من كلية وتماميه عقلية من طبيعة ما يتكونون عليه كما تتحدث النصوص كانوا بحاجة للأخر، بحاجة للعقول التي تتفاعل وتتشارك في حمل المسئولية في زمن الثورة وما بعدها والحفاظ على النفس الذي قادها ,من هنا كان البناء المعرفي والعقلي ضروري بمنهجية التحديث والتمرد والتطوير وخلق روح الإبداع والمبادرة والتفنن في فهم الحياة على أنها مدرسة مفتوحة ومنفتحة على كل شيء الجيد والسيء ومن هنا كان دور التعليم هو دوما الانحياز للإيجابية الوجودية التي تعني الخير والفضيلة وقيم البقاء للأجدر طبيعيا وعقليا.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار حول النص والعقل وقضايا القراءة وظاهرة التدين
- ماذا يريد الكاهن وماذا يريد الدين ح2
- لحظة من فضلك
- ماذا يريد الكاهن وماذا يريد الدين ح1
- إصلاحات ترقعيه أم تغيير في أساسيات اللعبة السياسية في البلد ...
- ما بعد الفلسفة وأزمة العقل الانساني .
- النص القاتل أم العقل القتيل
- عبادة الدين صورة من الوهم
- مقدمة في مفهوم العقل الجمعي
- التحالف والوطني وخيارات المستقبل السياسي
- علم الأجتماع وظاهرة العنف والسلام
- القوارير .... قصيدة الشعراء التي لا تموت
- هل نحن أحرار بما يكفي لهضم الديمقراطية ؟.ح1
- البحث العلمي ومستقبل الدين كفكر .
- الأعراب ... هل فاتكم الدرس
- التربية الأخلاقية في المجتمع الياباني ...
- الشريعة والقانون
- فكرة الدين وظاهرة التدين
- ولد الإنسان عاقلا
- لماذا نتدين ؟ . ح6


المزيد.....




- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي
- مسلسل الست وهيبة.. ضجة في العراق ومطالب بوقفه بسبب-الإساءة ل ...
- إذا كان لطف الله يشمل جميع مخلوقاته.. فأين اللطف بأهل غزة؟ ش ...
- -بيحاولوا يزنقوك بأسئلة جانبية-.. باسم يوسف يتحدث عن تفاصيل ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - مجالات التغيير وطرائق الثورة