أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق إطيمش - المَزْعَطة















المزيد.....

المَزْعَطة


صادق إطيمش

الحوار المتمدن-العدد: 5102 - 2016 / 3 / 13 - 20:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الــمَــزْعَـــــطــة
في قاموس العراقي الفصيح تحتل هذه المفردة موقعاً خاصاً ومتميزاً بالنظر لما تحتويه من معان ودلالات تفي ، في حالات كثيرة ، عن وصف مسهب او تحليل عميق لهذه الظاهرة او تلك او لهذا التصرف او ذاك ، سواءً من شخص " زعطوط " جاء بهذا التصرف، او من مجموعة تستدعي إستعمال مفردة " زعاطيط " للإشارة إلى العمل اكثر منه إشارة إلى المجموعة نفسها. وحينما يرتبط عمل الفرد الزعطوط او مجموعة الزعاطيط بحالة تستدعي القرف والإستنكار او حتى الإستهزاء فيتحول المصطلح إلى ما نحن بصدده الأن " المزعطة ". وفي العراق الجديد ، عراق احزاب الإسلام السياسي الفاشلة في كل شيئ إلا بانطباق مصطلح المزعطة عليها، عراق احزاب التطرف القومي التي لا تقل مزعطةً عن مثيلاتها في القومية والدين احياناً وفي الدين فقط في احيان اخرى، واحزاب وتجمعات البعثفاشية المقبورة التي استفادت على خير ما يرام من مزعطة الحكام الجدد فشاركتهم بكل ما يستهزء به ويستنكره الفرد العراقي من الزعاطيط القدامى من التوابين وفدائيي الجرذ وغيرهم ، ومن الزعاطيط الجدد من متسولي "عواصم الضباب والسيدة وقم للمعلم وفِّه التبجيلا ، كما اطلق عليهم الشاعر العراقي العظيم موفق محمد .
المزعطة التي يعيشها وطننا العراق اليوم جعل منها زعاطيط العراق واجهات مختلفة تكاد تطال كل مفاصل حياة الفرد العراقي اليومية. ومما يزيد في الألم هو ان حياة المزعطة هذه التي يعيشها وطننا المغلوب على امره والمبتلى بشلة الزعاطيط هؤلاء، مستمرة مع إصرار الزعاطيط الذين يوجهون الحياة فيه على توسيع حلقاتها كل يوم وبالتالي توسيع مساحات بلاءها وتعميق اسوداد ظلمات نفقها.
فالمزعطة السياسية التي يعيشها وطننا مجدداً، بعد القضاء على شلة الزعاطيط البعثفاشية المقيتة التي كان يقودها الطاغية واولاده الذين استهتروا بكل القيم وتنكروا لكل مبادئ الشرف، تتجسد في تصرفات الأحزاب الحاكمة التي لم تجد مَن يحكم هذا البلد المليئ بالإمكانات العلمية والثقافية والفنية ، من النساء والرجال، ومن الشباب والشيوخ، ومن كل الإنتماءات المنتشرة على سهوله ووديانه وجباله وصحاريه، لم يجد متسولو السيدة وحارسو قمامات قُم بالأمس غير شلة من الزعاطيط ، رضاع لبن اللصوصية ونوابغ الحرمنة وفقهاء الطائفية، التي ارادوا لها مشاركتهم في الغنيمة التي سلمها لهم الإحتلال الأمريكي لوطننا لتقود العملية السياسية التي لم تنتج لنا حتى اليوم وبعد مرور ثلاث عشرة سنة على رحيل زعاطيط البعث، سوى حالة المزعطة التي نتخبط بها اليوم والتي تقود البلاد إلى مصير مجهول.
ومن الطبيعي ان تنعكس المزعطة السياسية هذه ، ومن الطبيعي ان يقود عقل الزعاطيط السياسيين هؤلاء إلى المزعطة الإقتصادية التي جعلت بلداً كالعراق ينوء تحت ظلمات الإقتصاد الريعي الفاشل الذي ينم وبكل وضوح عن جهل وفراغ هؤلاء الزعاطيط الذين لا يروق لهم وجود فئة العلماء والمثقفين على رأس المفاصل الهامة في قيادة الدولة العراقية بحيث وظفوا كل ما يتمتعون به من حيل اللصوصية واكاذيب المنافقين بغية إبعاد العقول العراقية المخلصة القادرة على توجيه الإقتصاد العراقي بما فيه خير الوطن والمواطن، وهذا امر طبيعي جداً، إذ ان العلم والمزعطة على طرفي نقيض.
أما المزعطة الدينية فحدث ولا حرج. ولا احد يعلم كيف إنفرد هؤلاء الزعاطيط من اصحاب العمائم البيض والسود ، وبينها العمائم الخضر احياناً، بالتوجيه الديني حتى اخذوا يصولون ويجولون في مجالسهم مع سكوت الكبار المحترمين من رجال الدين على تصرفات هؤلاء الزعاطيط وسخافاتهم التي ينشرونها بين الناس ، حتى اصبح البعض لا ينطق اسم واحد منهم إلا ولصق به كل الألقاب الدينية التي يحملها الكبار، وهو لم يتجاوز سن الفطام العمري الذي يؤهله لكل هذه الألقاب، دع عنك سن السعي العلمي في هذا المجال. اما ما ينشره المطبلون لهؤلاء القادة الدينيين الزعاطيط في مجالسهم ومن فوق منابرهم فإن وصفه بالمزعطة قد لا يفي تماماً بالإشارة إلى موقعه في مستنقع البذاءة والبدائية. لا نريد الحديث هنا عن سبب إجتماع هذه الأعداد الغفيرة تحت منابر هؤلاء الزعاطيط ، فلكل إنسان في دولة الزعاطيط هذه همومه وآلامه وما يروم الوصول إليه بالطرق والوسائل التي ابتكرتها هذه الدولة. إلا ان الذي يجب الإستفسار عنه هو : لماذا تسكت المرجعيات الدينية التي تتبنى التوجيه الديني في الطوائف الإسلامية المختلفة عن تهريج الزعاطيط ووكلائهم وخطباءهم من على المنابر التي لصقوها تجنياً بالثورة الحسينية واهدافها النبيلة. فمن هؤلاء الزعاطيط مَن يُحدث الناس عن مدى مفعول تربة الصلاة عند الشيعة لإيقاف هيجان البحار. او من يصف للناس علاجاً أكيداً لإنجاب الأطفال بمجرد قراءة بعض الأدعية او الآيات القرآنية. او ذلك الزعطوط الذي يضع الباذنجان كأول النباتات التي آمنت بالولاية الإلهية. أو الآخر الذي يشرح لمستمعيه كيف ان الطير المسمى " فور " عصى ربه يوماً فقالت عنه الطيور الأخرى " عصى فور " الذي اصبح يسمى " عصى فور " فيما بعد وهو العصفور الكافر الذي بيننا الآن. أو ذلك المهرج الذي يريد حل المشاكل الإقتصادية في المجتمعات الإسلامية بالعمل على غزو البلدان الأخرى والإتيان بالجواري لبيعهن والحصول على اموال تساهم في إنعاش الإقتصاد في هذه المجتمعات.
ويظل السؤال المُحير يتردد حول سكوت العقلاء من رجال الدين والمرجعيات التي ترغب بنشر المبادئ الدينية الهادفة إلى تقويم العقل لا تهديمه على هذه الخرافات التي تسير بالمجتمع نحو غياهب الجهل المطبق والإنقياد الأعمى الذي يرفضه الدين الذي يخاطب القوم بعبارات مثل " لقوم يعقلون " او " لقوم يتفكرون "، فاين العقل والفكر في مثل هذه الخزعبلات ؟
اما المزعطة العسكرية في دولة عصابات الإسلام السياسي وزمر البعث التي تمثلها مجموعة التوابين الذين يحاولون التكفير عن جرائمهم ضد الشعب العراقي اثناء ارتداءهم الزيتوني، من خلال ارتداءهم الجبة والعمامة او البدلة العسكرية التي تشير إلى المهزلة والمزعطة معاً. ما يعرفه كل من عمل في الجيش العراقي، وخاصة في مراتب الضباط بان الإنتقال من رتبة إلى رتبة اعلى تتطلب ثلاث سنين على الاقل، هذا إذا ما سارت الأمور بدون اية معرقلات كالعقوبات او الغيابات وما شابه. وكل ذلك يتم طبعاً بعد التخرج من الكلية العسكرية او من كلية الضباط الإحتياط، وذلك لا يتم قبل الثانية او الثالثة والعشرين من العمر. وعلى هذا الأساس يمكن حساب المدة الزمنية التي يستغرقها خريج الأكاديمية العسكرية لينال بها رتبة عسكرية كرتبة زعيم مثلاً، والتي لا يمكن الحصول عليها فيما إذا جرى كل شيئ بشكل اعتيادي قبل العمر في منتصف الأربعين. اما إذا رافق هذه الرتبة الدراسة في كلية الأركان فستزداد المدة هذه سنيناً اخرى لا تقل عن ثلاث سنوات ايضاً. اما ما نراه اليوم من توزيع الرتب العسكرية العليا على زعاطيط لم يبلغوا الثلاثين من العمر بعد وهم يحملون اعلى الرتب العسكرية كرتبة لواء مثلاً ومزينة بشارة الأركان حيناً وبعض السيوف المتقاطعة ايضاً في احيان اخرى. أهناك مهزلة بعد هذه المهزلة التي بدأتها دكتاتورية البعث واستمر بها خلفاء البعث من عصابات الزعاطيط التي تحكم العراق اليوم؟
ما يثير القلق حقاً هو استمرار سكوت كثير من عقلاء العراق في السياسة والإقتصاد والقضاء والثقافة ومفاصل المجتمع الأخرى عن تصرفات هؤلاء الزعاطيط وما تجره هذه التصرفات من كوارث ونكبات على العراق واهله. إن القوى الإجتماعية التي تخرج إلى الشارع العراقي اليوم لتتظاهر وتعتصم وتهتف للوطن ولإبعاد اللصوص عنه لم يبح صوتها، كما بح صوت الآخرين، ولم تتوان عن التواصل والإستمرارية على هذا النهج الوطني الذي يسجل مفخرة جديدة في سجل مفاخر الشعب العراقي الذي سبق له وان مارس مثل هذه الإنتفاضات الجماهيرية في اربعينات وخمسينات القرن الماضي. إلا ان هؤلاء المتظاهرين الأبطال والمحتجين والمعتصمين من كل شرائح المجتمع العراقي بحاجة ماسة إلى دعم واسناد من كل اولئك القادرين على هذا الدعم والإسناد اينما كانوا في مفاصل الدولة والمجتمع، والذين فضلوا طريق الإبتعاد والتنحي والسكوت، على طريق المساهمة في تغيير العملية السياسية، والذين ارتضوا لأنفسهم اليوم ولأطفالهم غداً ان تحكمهم وتتحكم في حياتهم شلة الزعاطيط الحاكمة الآن في العراق.
الدكتور صادق إطيمش



#صادق_إطيمش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتاوى الفقهاء في عَورَة ونقص النساء **
- الإسلام السياسي جرثومة العصر
- مجرمو شباط
- إشكالية السياقين التاريخي واللغوي في النص الديني القسم الرا ...
- إشكالية السياقين التاريخي واللغوي في النص الديني القسم الثا ...
- إشكالية السياقين التاريخي واللغوي في النص الديني القسم الثا ...
- إشكالية السياقين التاريخي واللغوي في النص الديني
- مصطلحات رثة ... - الأقليات - مثالآ ...
- تصور الأمر معكوساً ... يا شيخ جعفر ...
- إحذروا غضب الشعوب ...
- دولتي الخلافة والتخلف وجهان لعملة صدئة
- الهجرة ... اللجوء ... وماذا بعد ؟ القسم الثاني
- الهجرة ... اللجوء ... وماذا بعد ؟
- - اشلون انعيش بامان ... والداعشي بالبرلمان ...؟ -
- إتق الله فيما تقوله يا شيخ
- - انا العراق ... مَن انتم ؟ -
- واخيراً نطقوا بما كانوا له يكتمون ... فهنيئاً للعلمانيين وال ...
- ضياع العراق ... بين القبانجي والعلاق
- علمانية ... علمانية ... لا شيعية ولا سنية
- - بسم الدين باگونا الحرامية -


المزيد.....




- أضرار البنية التحتية وأزمة الغذاء.. أرقام صادمة من غزة
- بلينكن يكشف نسبة صادمة حول معاناة سكان غزة من انعدام الأمن ا ...
- الخارجية الفلسطينية: إسرائيل بدأت تدمير رفح ولم تنتظر إذنا م ...
- تقرير: الجيش الإسرائيلي يشكل فريقا خاصا لتحديد مواقع الأنفاق ...
- باشينيان يحذر من حرب قد تبدأ في غضون أسبوع
- ماسك يسخر من بوينغ!
- تعليقات من مصر على فوز بوتين
- 5 أشخاص و5 مفاتيح .. أين اختفى كنز أفغانستان الأسطوري؟
- أمام حشد في أوروبا.. سيدة أوكرانية تفسر لماذا كان بوتين على ...
- صناع مسلسل مصري يعتذرون بعد اتهامهم بالسخرية من آلام الفلسطي ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق إطيمش - المَزْعَطة