أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - شبهة وردود-1- يسوع سارق الحمير













المزيد.....

شبهة وردود-1- يسوع سارق الحمير


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 5102 - 2016 / 3 / 13 - 20:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


شر البليّة ما يضحك. احترت في أمري وأنا أقرأ مقال السيد حسن محسن رمضان على صفحات الحوار المتمدن "هل كان يسوع سارقا؟" أأبكي أم أضحك؟ لا شك أن للدمعة مكانها في زمن الجهل كما للضحك فوائده. كان يسوع سارقا، وماذا تراه سرق؟ حمارا! لألفي عاما، بقي المسيحيون الأغبياء يقرأون كتبهم ولم يستطع واحدهم ان يكتشف ان نبيهم كان سارقا للحمير، وكما أيضا سيكشف لنا السيد رمضان في مقالة مقبلة، سارقا للحنطة. لألفي عاما، بقي المسيحيون الذين بنوا تراثهم وثقافتهم على تعاليم المسيح مغفلين. لألفي عاما بقوا عميانا يتبعون رجلا ظنوا انه مثال الاخلاق بينما هو ثعلب محتال. لألفي عاما ظن أولئك الذين غزوا الفضاء واستعمروا الأرض وأناروا الليل ورافقوا الطيور على أجنحة الغمام وأبدعوا في الشعر والفلسفة والرياضيات والعلوم والادب، لألفي عاما، لم يستطع أولئك المغفلون ان يكتشفوا سرقات يسوع المدونة في الاناجيل الأربعة الى ان أتى من يخبرنا أن يسوع كان سارقا وانا كنا عميانا، بلهاء، حمقى، ومغفلين. شكرا سيد رمضان لأنك فتحت عيوننا وأنرت ظلماتنا وقدتنا الى الحقيقة. والآن دعونا نذهب الى الدليل، دليل الجريمة. دعونا نرى يسوع هذا وقد أمسك في الجرم المشهود. دعونا نفتح المحكمة وننطق بالحكم على المتهم. يكفيه أنه تفلت من العقاب لألفي عاما. دعونا اليوم نوجّه التهمة اليه بالدليل الدامغ ونطرحه في سجن التاريخ.

عندما أطلق السيد رمضان الحكم على يسوع، طبعا دون اتهام ومرافعة وشهود ومحاكمة، استند على الرواية التالية التي وردت في مرقس 6 "ولما قربوا من أورشليم إلى بيت فاجي وبيت عنيا، عند جبل الزيتون، أرسل [أي يسوع] اثنين من تلاميذه، وقال لهما: اذهبا إلى القرية التي أمامكما، فللوقت وأنتما داخلان إليها تجدان جحشاً مربوطاً لم يجلس عليه أحد من الناس. فحلاه وأتيا به، وإن قال لكما أحد: لماذا تفعلان هذا؟ فقولا: الرب محتاج إليه. فللوقت يرسله إلى هنا. فمضيا ووجدا الجحش مربوطاً عند الباب خارجاً على الطريق، فحلاه. فقال لهما قوم من القيام هناك: ماذا تفعلان، تحلان الجحش؟! فقالا لهم كما أوصى يسوع. فتركوهما."

طبعا، يستخلص السيد رمضان من هذه الرواية أن يسوع قد سرق الحمار. اعتمد الكاتب على الترجمة الحديثة فوجد ان الناس المتواجدين هناك كانوا bystanders أي متواجدين بالصدفة، وليس people standing there أي أناسا واقفين هناك ، كما وردت في ترجمات أخرى. الدليل دامغ. وما حاجتنا بعد للتحري والاستقصاء والدراسة؟ بدأ من اليوم فصاعدا، سيتغير مجرى التاريخ وتقفل الكنائس، وتغلق الجامعات أبوابها امام الدراسات المسيحية، وتستقيل الجمعيات الخيرية، وتنهار آلاف، لا بل ملايين الدراسات التي جرت خلال الالفي عاما الماضيين حول المسيحية، لأن ثمة من اكتشف ان يسوع كان سارقا. وبما أن السيد رمضان سرح في خياله الخصب ليقول ما لا يقوله النص، أود أنا أيضا أن أسرح في خيالي الخصب لأزيد القصة تشويقا وإثارة. "كان يسوع السارق يخطط لسرقة حمار. أرسل أفراد عصابته (أي التلاميذ) ليراقبوا الحمير في مدينة اورشليم. احتار التلاميذ في أمرهم. فكل مالكي الحمير ساهرون عليها خشية السرقة. بدأ التلاميذ يتذمرون، فسرقة الحمير أمر صعب. قال لهم يسوع "إن لم تسرقوا حمارا، لن يكون لكم نصيبا معي في ملكوت السماوات، كما لن أسمح لكم بعد اليوم بالركوب على الحمير". أخيرا، فُرجت. وجد أحد التلاميذ حمارا مربوطا في مكان يقل تواجد الناس فيه. تمت مراقبة الحمار لشهر كامل. دوّن التلاميذ الأوقات التي لا يراقب فيها أصحاب الحمير حيواناتهم. أخيرا، دقّت ساعة الصفر. أصدر يسوع أمره بسرقة الحمار. قال لتلاميذه " سوف يكون الامر سهلا. لكن، فيما لو تواجد هناك أحد بالصدفة ( bystander) قولوا له أن المعلم أمرنا بذلك. فيترككم."

وجدت نفسي وأنا أقرأ تحليل سرقة الحمار أمام رواية عجزت فيها أغاثا كريستي مخترعة شخصية شرلوك هولمز عن مجاراة حبكتها. لكن، فات السيد رمضان تفصيل صغير. فاته ان يقوم ببعض البحث كي يوّفر علينا كتابة هذا المقال. طبعا، وما قيمة البحث عندما يتخيل واحدهم قصة ويصدقها ويسردها؟ وهل من حاجة للقراءة والدراسة؟ هل من حاجة للاستماع لوجهة نظر أصحاب القصة؟ هل خطر ببال السيد رمضان العودة لشروحات مفسري الكتب المقدسة على مر العصور؟ هل خطر ببال الكاتب العودة للنص اليوناني للتحقق من الكلمة المستعملة للتدليل على من كان هناك؟ لا، لا حاجة لذلك بالنسبة له. أما بالنسبة لي، أود أن آخذ كلا من القارئ الكريم والسيد رمضان للرواية ذاتها التي كتبها لوقا الطبيب " ولما قال هذا تقدّم صاعدا الى اورشليم. وإذ قرب من بيت فاجي وبيت عنيا، عند الجبل الذي يدعى جبل الزيتون، أرسل اثنين من تلاميذه قائلا: اذهبا الى القرية التي أمامكما، وحين تدخلانها تجدان جحشا مربوطا لم يجلس عليه أحد من الناس قط. فحلاّه واتيا به. وإن سألكما أحد: لماذا تحلانه؟ فقولا له هكذا: إن الرب محتاج إليه. فمضى المرسلان ووجدا كما قال لهما. وفيما هما يحلاّن الجحش قال لهما أصحابه "لماذا تحلاّن الجحش؟" فقالا: الرب محتاج أليه." وأتيا به الى يسوع، وطرحا ثيابهما على الجحش، وأركبا يسوع."

سيّد رمضان، ليتك قرأت هذه الجزئية للوقا، لوجدت أن الواقفين هناك كانوا أصحاب الجحش، ولاستنتجت بسهولة أن يسوع كان متفقا معهم مسبقا على استعارة الحمار، ولوفّرت علينا وعلى القراء هذا التحليل الاستخباري البوليسي. بل سيّد رمضان، ليتك عدت لمعجم اللغة الإنكليزية التي استشهدت بمفرداتها لتبني عليها دلائلك. لكن بالمناسبة، قمت أنا بالتحري بدلا عنك لترجمة معنى كلمة " bystander"، فوجدت المفردات التالية , spectator, eyewitness, witness, watcher, onlooker looker-on, passerby, non-participant ". لو قمنا بترجمة هذه المفردات للعربية لوجدناها تعني "مشاهد، شاهد عيان، مراقب، ناظر، عابر سبيل، من ليس مشاركا في العمل". وهنا نطرح السؤال على السيّد الكاتب " هل يعقل ان يكون المتواجد في المكان صاحب الحمار وشاهد عيان في آن معا؟ هل يعقل أن يكون المتواجد في المكان صاحب الحمار وناظرا، أو مراقبا، أو مشاهدا في الوقت ذاته، أم يتوجب على المتواجد في ذلك المكان أن يكون متواجدا بالصدفة، مع انه ليس في النص الإنكليزي ما يوحي بذلك؟ سيّدي الباحث الكريم، أنت سيّد الباحثين، وتدرك ان للبحث قواعده وأنه لا يجوز أخذ كلمة من هنا وجملة من هناك نبني عليها افتراضات ونطلقها على أنها حقائق. البحث في المسيحية، سيّدي، يتطلب منا إلماما بالثقافة اليهودية واللغات اليونانية والعبرية والآرامية التي كتبت بها الاناجيل. البحث يتطلب الاطلاع على كافة المصادر ومقارنتها والخروج باستنتاجات منطقية.

عذرا نيوتن المفكر المسيحي، مكتشف نظرية الجاذبية التي ندرّسها اليوم في مدارسنا، واضع قوانين البصريات، أب الرياضيات والفيزياء الحديثة. عذرا بليز باسكال، الرياضي والفيزيائي والفيلسوف، صاحب التجارب على السوائل في مجال الفيزياء، مطوّر نظريات الاحتمالات في الرياضيات ومخترع الآلة الحاسبة. لقد كنتما عبقريين ما زلنا نكن لكما الاحترام فيما يخص اكتشافاتكما وانجازاتكما الفلسفية والفيزيائية والرياضية، إلا أنكما كنتما مغفلين بإيمانكما بالمسيح السارق. رغم ذكائكما الخارق ضحك عليكما هذا الحرامي. عذرا أيها المسيحيون على مدى العصور، عامة ومفكرين، رجال دين وعلمانيين، كنتم كلكم تجار دين وأغبياء على مدى ألفي عاما. وقعتم ضحية نصّاب احتال عليكم وأقنعكم بما هو ليس عليه وطلت عليكم الخدعة وصدقتموه. أيها المسيحيون المغفلون، يبدو أنكم كنتم تقرأون ولا تفهمون. آن لكم ان تستفيقوا من جهلكم.



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عهد قديم وعهد جديد-11- حمورابي وموسى
- عهد قديم وعهد جديد-10- جولة على معتقدات القارة الفتيّة
- عهد قديم وعهد جديد-9- قراءة في الهندوسية
- هل قال أيوب أن السماء ترتكز على أعمدة أربعة؟
- مرحبا أيها الحب!
- عهد قديم وعهد جديد-8- قراءة في البوذية
- كافر أنا
- عهد قديم وعهد جديد -7-جولةعلى آلهة حوض البحر الابيض المتوسط
- رأيت يسوع- قصة خيالية
- منطق آلهة سادية أم بشاعة وسادية القدماء؟ رد على مقال الاستاذ ...
- عهد قديم وعهد جديد -6-الحرب على كنعان، إبادة جماعية أم دينون ...
- حسناء باريس... وردة ذبلت أم أشواك دامية؟
- عندما يكون الدم ثمن الحرية
- إنسان يموت وكلب يعيش
- عهد قديم وعهد جديد -5- إسمع ما يقوله إيل الثور الإله، سيّدك
- عهد قديم وعهد جديد -4- وسمع الإله دعائي وباركني
- إنها الحياة-6- ومن الحب ما قتل
- عهد قديم وعهد جديد -3- مبروك للعروسين
- عهد قديم وعهد جديد -2- بين الطائرة والمدرسة
- عهد قديم وعهد جديد -1- البداية


المزيد.....




- ترامب يتهم اليهود المؤيدين للحزب الديمقراطي بكراهية دينهم وإ ...
- إبراهيم عيسى يُعلق على سؤال -معقول هيخش الجنة؟- وهذا ما قاله ...
- -حرب غزة- تلقي بظلالها داخل كندا.. الضحايا يهود ومسلمين
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - شبهة وردود-1- يسوع سارق الحمير