أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - في قضية التدين والإلحاد والدولة العلمانية














المزيد.....

في قضية التدين والإلحاد والدولة العلمانية


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 5101 - 2016 / 3 / 12 - 21:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في قضية التدين والإلحاد والدولة العلمانية
جعفر المظفر
إعجابي ببعض الكتاب الذين يشخصون أخطاءنا ونواقصنا وعطلاتنا الذاتية لا يخلو من نقد حينما تقف محاولاتهم على كشف تلك النواقص دون تقديم البديل. لقد صار ذلك في بعضه شكلا من أشكال الموضة الاعلامية التي تستهدف تحقيق حالة من الشد الإنبهاري أكثر من كونها محاولة جادة وعقلانية لتشريح المشهد ونقده بعقلانية ومهنية عالية, فالكاتب عادة ما يتصور أنه سيحقق حالة إنبهار بما يكتبه إذا أمعن في التأكيد على نواقصنا الذاتية مائلا إلى تحميل الذات وزر الأخطاء بطريقة تحقق الرفض السلبي, اي ذلك الذي يفتقد إلى الحلول الإيجابية البديلة.
والمثقف سيخطأ بكل تأكيد لو أنه ترك موسى وحيدا في الصحراء مع عصاه دون أن يزوده بما يعينه في رحلته الصعبة والمهلكة, كما أن التفكير السليم يبقى صالونيا وغير منتج ما لم يولي إهتماما كبيرا بطريقة كسب العامة, فهدف المثقف في النهاية يجب أن يكون التغيير وليس إبقاء الحوار في خانته البيزنطينية.
إني أتفق أن تاريخنا وشكل ثقافتنا بحاجة إلى تشريح وتجريح وليس إلى نقد فقط, فهذه المفردة الأخيرة تبدو وكأنها إقتراب ناعم وأنيق من مسألة لا يفيدها غير الضرب بمطرقة, لكني أؤمن من ناحية اخرى أن وسيلة التغيير, إن كان المثقف والثقافة, فإن هدف التغيير هو النسبة العظمى من الناس التي نتفق على تسميتها بالعامة, وإن ما يهمنا في عملية التغيير هو أن لا تنفصل الوسيلة عن هدفها وإلا لتحولت الوسيلة, اي الثقافة والمثقف, إلى سلعة صالونية تُمَتِّع نفسها وجمهورها في صالات عرض مغلقة.
ربما تكون الإستفاضة هنا وكأنها خروج على الموضوعة الرئيسة, لكنني لا أجدها كذلك حينما نتوخى الإنفتاح على المشهد العام بإلمام وسِعة, فأنا أعتقد ان الخروج من المستنقع إلى فضاء الصحراء ليس حلا, فهنا أيضا قد يموت الإنسان عطشا وهو يسعى إلى الهروب من الغرق في ماء المستنقع أو الإختناق بروائحه.
لنتخذ الموقف من الدين مثلا. قضية الإلحاد لا تثير عندي مشكلة إلا حينما تتحول إلى شرط أساس من شروط التغيير السياسي والإجتماعي فيتحول الإلحاد نفسه إلى دين بديل, وكأني بالمصلح الإجتماعي الملحد وهو يدعو إلى ضرورة إبدال الفقرة الدستورية الخاصة التي تقول أن دين الدولة هو الإسلام أو المسيحية أو اليهودية بأخرى تقول أن الدولة هي دولة ملحدة.
في الحقيقة أن مرامنا ليس هذا ولا ذاك بل حذف الفقرة التي تشير إلى الهوية الدينية للدولة كونها, أي الدولة, كيانا إعتباريا يستوعب الجميع, متدينين وملحدين وربوبيين, بشرا وحيوانات ونبات, ثم إبقاء الخيار على المستوى الفردي قائما في دولة علمانية تحترم الجميع على إختلاف هوياتهم الدينية واللادينية.
لكن ذلك لن يلغي الإنتباه إلى حقيقة أكيدة, وهي أن الوصول إلى مجتمع حر الإرادة والإختيار على هذه الشاكلة سوف لن يتحقق ما لم يجري إصلاح الملكية الفكرية وطريقة التفكير نفسه عن طريق التخلي عن مفهوم أن نقد الفكر الديني ومناقشة وجود الخالق من عدمه يتقاطع مع القداسة, لأن ذلك سيرجعنا إلى المربع الذي يلغي حق النقد ويقضي على حرية التفكير بسلاح فتاك إسمه القداسة. وبالنسبة لي فإنني لا أخشى على ربي من حرية التفكير إلا إذا كان هذا الرب ضعيفا وهش التكوين ولا أخشى على ديني من حرية النقد إلا إذا كان ضعيف البنية والحصانة.
إن الملحد قد يتحول إلى تكفيري لو أنه إشترط, كما المتدين التكفيري, أن تلغى حرية التفكير والإختيار بما يتعلق بقايا الذات الإلهية وقضايا الأديان, وبالتالي فسوف يكون لدينا نوعان من المُكَّفِرين, أحدهما ملحد والآخر متدين, ويتحول الإلحاد نفسه, على يد الملحد التكفيري, إلى دين جديد.
الأكثر أهمية في موضوعتنا هذه, أن وجود دولة علمانية, بقوانينها التي تحمي حرية الإنتماء الديني والمذهبي أو البدون, سيكون الطريقة الأفضل لخلق مجتمع قادر على العثور على الأفضل من خلال قداسة النقد البناء الذي لا يقترب من قضية الأديان وكأن بينه وبين الله معركة شخصية. إن معركة حوار كهذه ستكون معركة عقول لا معركة سواعد, وفي معركة كهذه سيكون الله أقوى, فإن لم يكن كذلك فما حاجتي إلى رب ضعيف.
إن تجارب الدول العلمانية, التي لا تشترط الإلحاد في دساتيرها ومناهجها ولا تشترط وجوب التدين أو تحدد هوية أفرادها الدينية,هي الأفضل. ففي هذه الدول لا يشترط وجود الله إلغاء العقل ولا يشترط وجود العقل إلغاء فكرة وجود الخالق.
وفي مجتمع كهذا قد تخسر المؤسسة الدينية ولكن ليس الدين نفسه.
والدين لن يكون ضعيفا إذا وجد الإلحاد إلى جانبه إلا إذا كان هذا الدين ضعيفا بالأصل.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلام خمسة نجوم
- حزب الله اللبناني وقضايا الحرب والإرهاب
- هل سيتراجع الصدر كالعادة
- إنعام كجه جي .. عراق في إمرأة
- مات الأستاذ .. مات هيكل
- الفساد بين عهدين .. عهد صدام والذي بعده (2)
- الفساد بين عهدين .. عهد صدام والذي بعده (1)
- الكاتب السياسي والسياسي الكاتب
- وخلقنا الإنسان في أحسن تقويم
- القرآن والإعجاز العلمي
- حوار حول الدولة الكردية وتقسيم العراق
- الإستفتاء على تأسيس الدولة الكردية
- خذوها مني
- الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه
- وساطة مطلوبة ووسيط غير مطلوب
- مشاريع تقسيم العراق
- ظاهرة الحرشة في ألمانيا وما قاله شيخ المفكرين العراقيين عنها
- إعدام الشيخ نمر النمر في السعودية
- الناسخ والمنسوخ بين التراتبية الأخلاقية والتراتبية الزمنية
- غسان أبو المولدة


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - في قضية التدين والإلحاد والدولة العلمانية