|
دونالد ترمب ، مرحلة الاستبداد الاقتصادي وانهيار قواعد القانون
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 5098 - 2016 / 3 / 9 - 23:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سيكون دون شك دونالد ترمب مرشح حزب الجمهوري إلى البيت الأبيض ، إشكالية العربي القادمة ، ما إن قدر له الوصول للمكتب البيضاوي ، وقد يكون إمساك رجل مثل ترمب لإدارة دولة ، بحجم أمريكا ، هو انقلاب ثقيل في الموازين السياسة الدولية الخارجية ، وعلى الأخص ، الولايات المتحدة ، حيث ، للمرة الثانية ، وبشكل مقصود ، يعلن حزب الجمهوري عن جملة اعتقادات ، كان لمدة قريبة ، غير معني الإفصاح عنها بشكل علني وفاضح ، حتى لو جاء أقوها في المرة السالفة ، على لسان بوش الابن ، الرئيس السابق للولايات المتحدة ، واعتبرتها لاحقاً المؤسسة الأمريكية ، مجرد زلت لسان ، من جملة زلات أشتهر بها الرئيس المنبوذ عالمياً ، لكن في واقع الأمر ، العالم برمته تغيير ، وعلى وجه الخصوص ، منطقة المشرق العربي ،التي تصنف ، بمركز الحدث ، واهتمام البشرية جمعاء ، يشهد المشرق العربي منذ الحرب العالمية الأولى ، حراك متواصل على مستويين ، الأول ، تدجينه من أجل إدماج الكيان الصهيوني ، حسب تقسيم سايس وبيكو ، وثانياً ، إفراغه ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً وصناعياً ، بهدف إلحاقه في الفلك الإسرائيلي ، والأمر الأخر ، تعميق الخلاف الطائفي ، من خلال منظومة تربوية ، غالب الظن ، اجتزأت من بعض الأساطير التاريخية ، بالطبع مع تعديل وإسقاطات ، لأسماء وشخصيات تتناسب مع الخلاف القديم والمستمر لكل طائفة .
في حدود الدنيا من التشخيص البسيط ، وفي الكشف عن مفصل عتيق ، لكنه ، يتجدد بقوة ويعلو صوته على جميع الأصوات ، خلاصته واضحة العناصر ، بأن جميع الأطراف تؤمن برجل سيعود عما قريب ، اليهود والمسيحيين والمسلمين ، حيث ، تنقسم الأطراف بين عودة المسيح عليه السلام ، وظهور المهدي ، قبل عودة المسيح ، وحيث ، تكشف الوقائع ، عن خلاف تاريخي بين اليهود والمسيحيين حول هوية عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، وأيضاً ، ينقسم المسلمون حول هوية المهدي ، وهذا على الأقل ، قد عبر عنه الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن ، قبل رحيله عن البيت الأبيض بوقت قليل ، في خطبته الشهيرة داخل الكنيست الإسرائيلي ، بأن العد التنازلي لعودة السيد المسيح ، بدأ عندما قامت دولة إسرائيل على أرض الميعاد ، وهنا من الأجدر للمرء ، أن لا يغفل عن ذاك الترابط الجذري بين بوش الغائب وترمب القادم ، فهي مسألة حاضرة في الاعتقاد الحزبي وممتدة في القواعد الشعبوية ، وبالتالي ، يتيح للمراقب تفسير خطبة بوش في الكنيست ، على أنها ، تفاهم صريح حول الإعداد لعودة المسيح ، بالرغم من الخلاف العميق حول هوية العائد ، إلا أن ، هناك حقيقة أخرى ، تُظهر حجم التغيير الذي طرأ على المفاهيم الغربية ، يبدو القارة الأوروبية احتاجت إلى حروب دموية طويلة كي تتحول من دول كانت تُطبق ، تعاليم الكنيسة ، خلاصتها معاداة اليهود ، إلى دول حديثة ، سواء كانت ديمقراطية ليبرالية أو نظام اشتراكي ، الذي سمح بالفعل إلى إعادة تشكيل مفاهيم جديدة ، ربطت بين الهدف ، وتجاوزت الانقسام حول الهوية ، فكان للخطاب أن يشهد ولادة ومن ثم يتطور على النحو الذي ساقه بوش ويسوقه اليوم ترمب ، كأنه دين جديد .
إنها بالفعل ، أيام حاسمة في الشرق الأوسط ، تتداخل فيها حسابات وتتشكل مسارات وفي ذات الوقت تنهار تحالفات وتختفي كيانات مقابل ظهور جماعات وقوميات ، لكن الجدير ذكره ، أن طرفي ، السني والشيعي ، رغم اعتقادهم ، بقدوم المهدي ، يختلفون حول هويته ، ولم يتوصلوا عبر القرون إلى تفاهمات على غرار ما أنجزه المربعين اليهودي والمسيحي حول عودة المسيح عليه السلام .
فوز ترمب سيكون حصيلة مذهلة لهذا الخط ، بالفعل ، وهذا يترتب عليه خضوع الدولة الحديثة في الغرب ،عموماً ، إلى امتحان كبير ، في اعتقادي من الصعب تجاوزه ، لأن ، خلال سنوات حكم الرئيس أوباما الثمانية ، فشلت إدارة أوباما من ترسيخ قواعد القانون في الولايات المتحدة ، بل ربما ، تكون تلك الأصوات اليمينية التى ترتفع في أوروبا وأمريكا ، هي ، تعبير حي عن فقدان الدولة الحديثة للجوهر التى قامت عليه ، أي أن ، الدستور يتوارى تدريجياً ، أمام انهيار للوحدات الاجتماعية وتفاقم أنماط الاقتصاد الاستبدادي الذي يمثله دونالد ترمب مرشح حزب الجمهوري للرئاسة ، وبالتالي فوزه ، سيكشف لاحقاً ، عن هشاشة الدول العربية الحديثة ، التى لم تستطع الفصل بين السلطات ، فهي ، لا أحيت الدستور القانوني ولا حافظت على القاعدة الأخلاقية المتمثلة في الشريعة الإسلامية ، الذي دفع الواقع إلى انتاج جماعات مسلحة ، الأولى تريد حكم العالم الاسلامي بحكومة المهدي الغائب ، والأخرى ، أخذت التطرف نهجاً ، معتقدة أنه نجاة من الإبادة ، مع كل هذا ، يبقى السؤال الأخير ، عن كفاءة النخب والسياسيين في الدول العربية ، حول إمكانية التعامل مع القادم ، هل سيكون الحال ، كما كان الحال مع بوش الابن ، الاستسلام الكامل ، من شريحة رقيقة ، مصابة بقصر النظر ومجردة من الإحاطة بلوحة الصراع الجاري .
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفارق بين إنجازات الديكتاتور وانجازات القطروز
-
ضرورة التدخل في العراق وسوريا ، لكن ، ليس قبل إغلاق ملفات اخ
...
-
المطلوب لا تقعيراً ولا تحديباً
-
مقايضة إقليمية أخرى على حساب العرب
-
إذا تمكنتم أيها الظلمة أن لا تحضروا فلا تحضروا
-
تعصب للأقلية ،، بالضرورة سيؤدى إلى إخلاء عن ميشال سماحة
-
خوسيه موخيكا وزملائه
-
الجغرافيا التركية ليست أكثر تحصيناً من الجغرافيا العربية
-
آفة المخدرات وآفة السحر
-
نجاح الثورات العربية وإخفاق الحسم
-
من السهل التنطع للمسؤولية لكن من المستحيل تفادي النتائج
-
من يظن أن الخطاب الغربي يخضع للأفكار فهو واهم .
-
من أمنك لا تخونه ولو كنت خوان
-
تدخُل تركي في سوريا قريباً،، على غرار التدخل الروسي
-
خطاب الملك عبدالله ، تحدي في ذروة احتدام الصراع في المنطقة .
...
-
الانتقال من السلاح الدمار الشامل في العراق إلى الإرهاب العرب
...
-
عندما يتماهى المجتمع مع الغيب المطلق
-
استنزاف للوقت في مصر ، قد تكون خسائره افدح على المدى القريب
-
تحديثاَ شاملاً للدولة التركية في ظل منطقة مختلة
-
تهويل حول الجماعات الإسلامية وداعش،،، يتدرج إلى مستوى النازي
...
المزيد.....
-
فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
-
الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
-
طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
-
آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات
...
-
RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
-
نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
-
البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا
...
-
إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد
...
-
تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس
...
-
مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|