أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل مطر - الكرسي الذي لفظ السيد المدير















المزيد.....

الكرسي الذي لفظ السيد المدير


أمل مطر

الحوار المتمدن-العدد: 5097 - 2016 / 3 / 8 - 17:48
المحور: الادب والفن
    






آه. من ذلك الألم المدمر. والغربة المقيتة
عشرون عاما وأنا مغمور بين أوراق مكدسة كالسنين. جدران عتيقة هرمة
مقتلعة الجص متعفنة من شدة الرطوبة مغلقة باستثناء الباب.
الأن. نعم الأن لقد تغير كل شيء .... تنفس الصعداء ...وعب المزيد من هواء الصباح النقي لقد خرجت من تلك الغرفة البلهاء قبل أن تسقط الأضابير والأوراق فوق رأسي. وتكتم أنفاسي كما فعلت الكتب بالجاحظ ولكن لابد أن الصحف تأخذ خبر موتي ...ومن أكون حتى تأخذ الصحف خبر موتي ؟؟! ما أنا الا موظف بسيط لاحول لي ولاقوه ...ولكن لابد وأن يعثروا على دفتر مذكرات ...ومضة سريعة حركت كياني. الدفتر. ؟! الدفتر. ؟! التفت، سقط نظره على المعينة زينب (الفراشة). أسرعي اجلبي لي الدفتر من الدرج الامامي للطاولة القديمة ......
تخرج زينب مسرعة يدخل السيد حسن الى غرفته الجديدة.
أضاءه مريحة ...شبابيك مطلة على حديقة واسعة ذات أشجار عالية ...وأزاهير ملونة. طاولة كبيرة من خشب الأبنوس الأسود اللامع
كرسي هزاز خلفها ...الجدران مطلية بدهان أخضر فاقع، لوحات معلقة باعتناء لفنانين عظام. الأرضية مفروشة بالسجاد الأحمر الإيطالي .... مكتبة رائعة.
متع نظره بموجوداتها ...دار حول نفسه. راقصا ...منتشيا. أو حقا أن
هذه الغرفة لي. مسك طرف الطاولة منحنيا فوقها وبان وجهه كزنجي هرم
مهزوم من عصابات المافيا. زرع نظراته هنا وهناك.
مجموعة من أجهزة الهاتف الحاكية ...التلكس. يستدير بفرح طفولي قافزا.
متجها نحو الكرسي الدوار يمسك مسنديه ...يداعبه كالطفل. يناجيه كما يناجي الحبيب حبيبته.
عشرون عاما مضت. وأنا أتمنى أن أمسك ذراعيك الناعمتين. عشرون عاما من العمل الوظيفي يوما يسحب أخر ...مثل عربة قطار هرم. لا فرح
لاحب. لا تجديد .... عفونة. رطوبة ...أوراق باردة مدونة عليها أرقام لأصحاب الأرقام .... عقوبات ٌقطع راتب من المدراء العامين. عشرون عاما. أيها الكرسي الدوار. أسحب جسدا هرما مثل بعير تائه في الصحراء. ...افناه التعب... الجوع العطش.... ملل مدمر.... روتين مميت غربة قاتلة. أوراق نقدية تافهة نهاية كل شهر. لقد دونت كل معاني الألم والحصار.
كنت أضحك ضحكا هيستيريا عندما أكتب عن الأمنيات في دفتر المذكرات.
يمسك مسنده ...يلفه. مرة يضحك مرتين ...ثلاثا ...أربعا ...يسمع صدى ضحكه وقهقهاته مستهزأً.
أين السيد عبد الرحمن العظيم ...ألا تذكره. ها ...؟! وذاك الذي قطع راتبي قحطان الكلب. ب!!. أين ابن الزانية منعم ...
لقد لفظت الكثيرين من المدراء ...لقد جاء دوري الأن أن أتمتع بالجلوس
ولكني لست مثلهم ...أنا أنسان. هل تفهم ؟! أنا أنسان ...أحب الخير للجميع
هل تفهم ما معنى الأنسان ؟؟!! .
لقد سمعت. أنك كرسي ممسوس ...هل هذا صحيح. ؟! يلف الكرسي مرات عديدة. يدور كالطاحونة ...قالوا. أنك لا لا تتحمل ثقل أحد أكثر من شهر واحد تدخل في هذه اللحظة المعينة زينب .... سيدي المدير، لم أجد دفتر مذكراتك....
يلتفت نحوها مصعوقا كيف. ؟! لماذا. ؟! لم َ لم تجديه ؟! الدفتر أهم شيء بالنسبة لي أنه كل ما املك في هذه الدنيا. خرج يعدوا. مخلفا ما في الغرفة للمعينة زينب ...وبعد برهة من الزمن عاد منتشيا محتضناًً دفتره.
يتوسط الغرفة ينظر الى الطاولة يصرخ صرخة مدوية.
يهرع جميع موظفي الشركة متجهين نحو غرفة المدير الجديد.
قال بعضهم لا بد وانه قتل من قبل أحد المراجعين !!. قال أخر لا بد وأن لدغته أفعى دخلت عليه من الشباك المطل على الحديقة.
دخلوا متدافعين الواحد تلو الأخر. وجدوه مستلقيا على الأرض وجهه مرفوع الى الاعلى مكفهر لحد الموت لا يحرك ساكناًً.
تجمع الموظفون حوله متسمرين قال أحدهم لاحول ولا قوة الا بالله. لقد مات الرجل من شدة الفرح .... قال اخر مستهزأ لم يتوقع انه سيكون مديرا عاما في يوم ما...
مسك أحد الموظفين مكان النبض في يده وصاح بفرح انه حي لم يمت !!.
سكبوا الماء على وجهه. تحرك صعق يا أولاد الكل.... يسكت يبتلع بقية الكلمة ...ثم يهمس بصوت متوسل رقيق ...أين الكرسي ؟؟!! .
صاح الجميع باستغراب. الكرسي ؟؟!! نعم الكرسي الدوار.
نزلت دموعه مثل مطر كانون متدفقة. لقد صحت كل سنين عزلته في القسم المهجور المتعفن ...وأخذت تضرب بقسوة جروحه.
العزلة ... الغربة ...الألم. الجوع. الخوف من المدراء العامين.
كان موظفو الشركة يتحاشونه ...لا يقتربون منه الا وقت حاجتهم للأوليات التي كان يقوم بحفظها .... كأنه جرذ موبوء في تلك الغرفة اللعينة ...وهاهم الان يلتفون حوله.
وقف السيد حسن منحنيا متوسلا ...أخواني الأعزاء لقد هرب الكرسي من الغرفة...
صاح الجميع هرب الكرسي من الغرفة ؟؟!! .
نعم. نعم لقد هرب الكرسي من الغرفة ...استدار وحدق في وجه كل منهم وبإماءة مجنونة.... وصوت منخفض مبحوح. لقد سمعت ان الكرسي ممسوس. صاح الجميع ممسوس. وبماذا ممسوس ؟! ممسوس بالجن ...صرخ الجميع وبصوت واحد ممسوس بالجن ؟!!!
، نعم .... نعم ممسوس بالجن. هتف أحدهم ولكن هذا هراء يا سيد حسن ...
يأيها الأخوان.... أسمعوني جيدا. أنا الأن المدير العام للشركة وأمركم أن تخرجوا الأن ...وأبحثوا عن الكرسي... بلغوا جميع مراكز الشرطة وأعلنوا
في الصحف المحلية والعالمية عن هرب الكرسي ..فتشوا في المصحات العقلية ....في المستشفيات في الشوارع والازقة في دور السينما ..في المسارح والملاهي ...في الأسواق المركزية ..في كل مكان ...لا أريد أن أرى وجوهكم المتغضنة الا أن تعودوا بالكرسي يخرج الجميع مطاطاي الرؤوس يلتفت نحو الطاولة أين الدفتر ,لكي أدون مهزلة هذا اليوم ..لقد لفظني السيد الكرسي قبل الجلوس عليه ...لابد وأنه لم يفهم معنى الأنسان ...وبعد هنيهة أخرج نصفه من الشباك المطل على الحديقة ينتظر عودة الموظفين وهو يتساءل ..لم لم يعودوا لحد الأن ...لابد وأنهم وجدوه وحاصروه في أحد الأزقة ...ولكنه هرب منهم مرة أخرى لا......لا ...لابد وأنهم أمسكوا به ..ان عددهم كثير .
تدخل المعينة زينب ...يدخل خلفها عامل يحمل الكرسي فوق ظهره ...يضعه في منتصف الغرفة ...يعدو السيد حسن نحوه ...يجلس عليه ...يمسك مسنديه يتلمسهما بفرح غمر كيانه .... صاح أين وجدته ؟!!.
تتعجب زينب من سؤاله ...من هو الذي وجدته سيدي المدير ؟! ...يصرخ بصوت عال ...الكرسي ...أين وجدت الكرسي ؟! في أية متاهة ؟! في أي مسار ؟! في أية حانة ؟! في أي؟؟! .
سيدي المدير .... أنا لم أ جد الكرسي ...أنا أخذته الى المصلح الذي يقع محله في بداية الشارع ...لكي يثبت مسانده ...
يضحك ...يفتح الدفتر وقبل أن يدون أية كلمة ...يدخل رجل بدين طويل القامة في يده ورقة يسلمها الى السيد حسن ...يقرأ.
أمر أداري
لمقتضيات المصلحة العامة ...تم تعيين السيد حسين الفلاني ...مديرا عاما للشركة.
يهوي السيد حسن على الأرض دون حراك يسقط معه دفتر مذكراته ...يدخل جميع موظفي الشركة ومعهم الصحفيون وآلات التصوير لتوثق مكان الحادث



#أمل_مطر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شجرة التوت
- زهرة الصبار القمري
- الضوء المحتضر
- أيقونة المنفى
- السماء تذرف دمعاً ثقيلاً


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل مطر - الكرسي الذي لفظ السيد المدير