أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أديب كمال الدين - كتابي














المزيد.....

كتابي


أديب كمال الدين

الحوار المتمدن-العدد: 5096 - 2016 / 3 / 7 - 23:03
المحور: الادب والفن
    


شعر: أديب كمال الدين


البحرُ سعيدٌ
البحرُ أزرق،
ملآن بالهدوءِ المُذهل
وملآن بالسفنِ الكبيرةِ والصغيرة،
الحمرِ والبِيضِ والصفر
وملآن بالنساءِ العاريات
يسبحن أو يلعبن أو يرقصن .
ثمّة كائن يُشبهني تماماً
يمشي سعيداً وسطَ هذا كلّه
لكنّه لا يستطيع دخولَ السفن
ولا يستطيع أنْ يلمسَ النساءَ العاريات
ولا يستطيع أنْ يسبحَ في البحر.
ومعَ ذلك، كانَ يمشي سعيداً
أو خُيّلَ إليه أنّه كانَ يمشي سعيداً.
*

أخذتُ البحرَ ومضيتُ إلى الطبيب.
قلتُ له:
ها هو البحرُ معي ويسمعُ قولي،
البحرُ الذي تعبَ من شكواي كلّ يوم
وأنيني الذي جاوزَ الموجَ طُولاً وعرضاً.
ضحكَ الطبيبُ وقال:
أنا أعشقُ البحر
وأملكُ قبالته قصراً كبيراً
وأملكُ يختاً أسافرُ فيه أنّى أشاء.
عرفتُ أنَّ طبيبي لا يفقهُ من البحرِ شيئاً
ولا يفقهُ من القلبِ شيئاً،
فقمتُ
وقامَ البحرُ خلفي ضاحكاً
مثل طفلٍ صغير.
*

ربّما كنّا محظوظين أنّنا لم نعبر الجسرَ معاً
فالجسرُ قد انهار
وتساقطَ العابرون فوقه إلى الماء
جميعاً
ولم ينجُ إلّا أولئك الذين يعرفون كلمةَ السرّ.
*

كانتْ كلمةُ السرِّ مَزيجاً من الحظّ
وبضع حروفٍ عجيبة،
وكانتْ أرقاماً لا معنى لها
ترسمُ صورةَ حيوانٍ برأسين .
*

لم تكنْ قصيدةً بالطبعِ أو عنوانَ قصيدة
ولم تكنْ كلمةَ شوقٍ أو حُبٍّ أبداً.
كانتْ تخفي سينَ السمِّ لا سين السلام
وكافَ الكذبِ لا كاف الكمال
وهاءَ الهذيانِ لا هاء الذي لا إلهَ إلّا هو.
هكذا كانتْ – وا أسفاه – كلمةُ السرّ.
*

كلمة السرِّ التي لم يعرفها ملوكُ النهرين
فَقُتِلوا – وا حسرتاه- الواحد بعدَ الآخر.
ولم يعرفها زعيمُ الفقراء
فلم تُرَ له شاهدةٌ أو قبر.
وكانَ على وشكِ أنْ يفكَّ طلاسمها
طاغيةُ العصر
إذ عرفَ مِن أحرفِها قافَ القتل
وراءَ الرعب
وحاءَ حروبٍ لا أوّل لها ولا آخر.
لكنْ أخطأَ في الرقمِ الثالثِ بعد الألفين
فالتفَّ على رقبته حبلٌ رثّ.
*

قرأتُ ما أعرفهُ من كلمةِ السرِّ على شبابي
ففاضَ بي الفرات
حتّى سكرتُ من جُنونه ومجُونه،
وكادتْ دجلة أنْ تلقي بي من فوقِ جسرِها
أو تذرّ رمادي كأيّ صوفيّ أو درويشٍ أو حلّاجٍ.
وقرأتُ ما أعرفهُ من كلمةِ السرِّ على طفولتي
فضاعتْ منّي دراهمُ العيدِ السبعة
ثُمَّ قرأتُه على جسدِ المرأة
فعلّمني أنْ أطيرَ في مفتتحِ الحرف
وفي خاتمةِ النقطة.
وقرأتُه على الريحِ فسلّمتني
إلى البحرِ الذي سلّمني إلى الغيمة.
وقرأتُه على الأصدقاءِ فبكوا أوّلاً
ثُمَّ ضحكوا ثانياً
ثُمَّ رقصوا رقصةَ الوحوش.
وقرأتُه أخيراً على الليل
فامتدَّ حتّى أكلَ الفجرَ عندَ الفطور.
*

يا لها مِن محنة!
مَن كتبَ كلمةَ السرِّ هذه؟
مَن الذي اختارها؟
أهو الليلُ أم الفجر؟
أهو الإنسانُ أم الشيطان؟
*

لم أسألْ عن كلمةِ سرِّك
كنتُ مشغولاً بسرِّكِ كلّه،
مَذهولاً بدهاليزه
وخرائطه التي تتبدّلُ أبدَ الدهر
كما تبدّلُ الأفعى ثوبَها.
ولم أعرفْ أنّ السرَّ له باب
لا تُفْتَحُ بالمفتاحِ ولا بالسِّحْرِ ولا بالشِّعْرِ ولا...
بل بكلمةِ سرٍّ فقط.
*

يا لها مِن محنة!
قلبي لا يعرفُ كلمةَ السرّ
إلّا التي تخفي الحاءَ والباء
وتظهرُ الحاءَ والباءَ أيضاً.
ومثل هذه الكلمة: المعجزة
لا يعرفها إلّا الذي اكتوى حتّى صارَ رماداً
وطيّرتهُ الريحُ حتّى صارَ ذكرى.
*

أنْ أعثرَ في زمنِ العولمة
على مِثْلِ قلبي،
أعني على القلبِ الذي يرسمُ كلمةَ السرّ
بالحاءِ والباءِ نُطْقاً ونَبْضاً
كمِثْلِ الذي يعثرُ على البحرِ في الصحراء
أو على الماءِ في فُوَّهةِ البُركان.
*

هكذا ضاعتْ كلمةُ السرِّ منّي
فعوضّتُها بالطيرانِ الكثيفِ في غابةِ الشِّعْر
كلّ ليلةٍ حتّى مطلعِ الفجر.
وحينَ أتعبُ من الطيران
أذهبُ إلى حانةِ النقطةِ راقصاً كالدراويش
حيث كلّ شيء لحرفي مُباح.
*

أهديتُها قبلَ عشرين عاماً
كتابي عن العشقِ، كتابي عن النون.
فقرأته بقلبٍ لا يعرفُ النسيان
وعينين مُشرقتين بباءِ الشوقِ وحاءِ الحرمان،
تلك امرأةٌ أو ورقةٌ سقطتْ من شجرةِ السرّ
فتقاذفتها الريحُ والعواصفُ والشموسُ والأقمار
حتّى انتهتْ إلى البحرِ الذي لا يرجعُ منه أحد
فأعطتهُ باكيةً كتابي
فقرأهُ بعينين قاسيتين
كأنّهما من حَجَر .
*

كم أردتُ أنْ أقولَ لها:
كتابي، كتابي.
لكنَّ خجلي الفسيح
أحاطَ بي وأربكَ الصيحة.
*

لم يكنْ خجلي وحده
هو الذي قد أربكَ اللوحة
بل الرماديّ الذي حلّقَ فوقَ صدري طائراً
سبعين عاماً
دونَ أنْ يعرفَ عشّاً
أو يرى نهايةَ اللعبة.

******************
مقاطع من قصيدة طويلة
www.adeebk.com



#أديب_كمال_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذات اليمين وذات الشمال
- حرف بأربعة أجنحة
- قصائد وحروف
- شظايا
- فقط
- لم تكن
- سِوى
- دور السكران
- في مقبرة القصائد
- حفلة الأقنعة
- قصيدة عن الحديقة
- مقارنة كلكامشيّة
- احتجاج
- المُمثّل الكبير
- خالد جابر يوسف
- عولمة مِن حجر
- دموع كلكامش
- حروف وأبناء
- حين وضعتُ البحرَ في قلبي
- تناص مع النون


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أديب كمال الدين - كتابي