أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم الساعدي - - الكلام على الكلام صعب -














المزيد.....

- الكلام على الكلام صعب -


عبدالكريم الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 5096 - 2016 / 3 / 7 - 21:25
المحور: الادب والفن
    


" الكلام على الكلام صعب "
قراءة نقدية / بقلم الناقدة Nefer Titi/ مصر
نص "صمت " عبدالكريم الساعدي


يمزّق الصمت و يخترق كل الحواس ، فهو يتوفّرعلى قدرة فائقة على التقاط التفاصيل بلغة شعرية راقية إلى أبعد الحدود ، و الأجمل هو القدرة على تطويع هذه اللغة الشعرية للمقاصد ، إذ ندرك للوهلة الأولى أن الكاتب لا يحاصر اللغة بل تهبه نفسها عن طيب خاطر فتنساب كما الماء بين السطور ، فترسم الواقع العربي المؤلم ، حتى أنك تكاد تصغي للذات العربية تعوي من هول المأساة ، و تكاد ترى السّماء "تمطر شظايا و أعضاء بشرية " و تكاد تشم رائحة اللحم المحروق ،
يا الله ما أشدّ هذا المشهد ، أحتمي ببعض التراتيل فأجده يلاحقني ، أهرب بعيدا .....أركض ، أركض .. لكنه يلاحقني ، يحاصرني ، يسكنني ...يمزّقني ، ُيقطّع أوصالي و يُركّبُني من جديد ، ثمّ يستأنف اللعبة .
أتكور و أغوص في داخلي ، أهرب منه إليّ فأعثر عليه متربّعا يحتل مني الروح و القلب ..
تسكنني الصّرخة فأهمّ بها ..تنتحر عند عتبات القلب .
أنحني خجلا كما الرّصيف .....تتصلّب الشرايين و ينبت الشوك في الحناجر كما الخناجر ، بينما عيوني تلتهم المشهد من جديد..
تلك هي "رحلة القلم " في صحراء الواقع ، و هذا هو "الصدق الفني" الذي نلاحقه فإذا هو كخيوط الأمل نتعلّق به لتستمرّ رحلة الحياة ، و نحقق به بعض الخلود .
تحياتي للكاتب المبدع عبدالكريم الساعدي و أقول له عرفتك في "مرايا الشيب" فأدركت من خلالك عمق اللغة .
مع تقديري و شكرا

*صمت
بقلم: عبد الكريم الساعدي

كنت حريصاً على التزاماتي الرتيبة؛ كي أنحت ما تيسر من وجودي، على شرفات السوق المشرعة على ضجيج الوجع؛ يبدو المشهد من أعلى مثل لوحة سريالية؛ ضجيج صامت، عربة يجرها حمار، رضيع يتعثّر بثدي امرأة انطفأ الكحل في عينيها، شباب يقفون قرب البوابة، رافعين ياقاتهم في زهو، بناطيلهم مثبتة بإحكام عند منتصف استهم، فتيات يتدثّرن بملاءات سود، دمى تلملم أعطاف حلم الأطفال، راقدة فوق متاريس السوق، مجنون يردد خطيئته في موجة غناء منذ ألف عام، شيخ يمسّد طرف عصاه، يخثّر عينيه رعب صرخة قديمة، صدى موهوم لموكب ملكي، محاط بحاشية تردّد تراتيل الخراب في صمت هامد؛ الشارع يمشي تحت أقدام الحفاة، يفرش موائده، يرسم خطى التيه فوق تقويم بائد؛ الجميع يحلّق في برد الصمت؛ يهبط المساء بشفقه الأحمر، ينشر أشرعة انفجار موشّى بالتكبير، يمزّق أذني، يخرسني ذهول انفجار آخر، يتضخّم، يصير وحشاً، ينحر نذور اليوم في طقس ذليل، ينكسر حاجز الصمت، يحلّق العويل والصراخ مع ارتفاع الدخان في سماء ملبّدة برعب وحشي؛ تمطر شظايا وأعضاء بشرية، تجلد أحلاماً ميتة؛ أقف على تلّ الحطام فزعاً، ذراع يلّوح بالوداع، كتف ما زال يحمل صرة الهموم، صدر عارٍ إلّا من قبلات أمّ وتميمة بائسة، ثياب ممزّقة، تبحث عن جسد أدمنت رائحته، شفاه منهمكة بالتسبيح، العيون غائرة في محجر الحريق؛ أحضنها باكياً، أصلي من أجلها، أحتمي بجذع نخلة مقطوعة الرأس، أدوّن نافلة الحرائق، أسترق النظر إلى وجه المساء، يرتبك، يندسّ في معطف غروب متوهج بظلمة الأجداث؛ تُجمع الأشلاء قرب الرصيف، تبدو كما الدمى المشوّهة، مغطّاة بأسمال الرماد. أهرب بعيداً لعلّي أدرك الوضوح.
الرصيف ينحني خجلاً، يتمرّغ بالدم والوحل، يذرف دموعه فوق الأشلاء المتناثرة، يتقوّس دهشة وسط ظلمة طافحة بالبشاعة؛ بينما الشارع يتلّوى في متاهته، يمضي بعيداً، مشتعلاً بلهب أحمر، فارشاً موائده في ظلّ مواكب الصمت.



#عبدالكريم_الساعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عطب
- سيرة معطف / قصة قصيرة
- امتزاج التأريخ بالشعر والخيال في ( غبار القصائد) / دراسة نقد ...
- دراسة نقدية لقصة ( توهُّم ) / بقلم الناقد أحمد طنطاوي
- قراءة نقدية لقصة ( في بطن الحوت ) للقاص عبدالكريم الساعدي
- حين يغرد حمار جارنا
- كانت امرأة أخرى
- ذاكرة من رماد / قصة قصيرة
- الرسالة وصلت / قصة قصيرة
- (شهقة طين) عنوان يلخّص التجربة الإنسانية ويرفعها إلى مصاف ال ...
- مع المتنبي في شارعه / قصة قصيرة
- انتظار
- محطّات / قصة قصيرة
- ( انعتاق ) قصة قصيرة
- تحليق على سطر الهامش / قصة قصيرة
- قرابين البحر
- سروال داخلي
- ((اللغة الشعرية و حوارية القصة القصيرة ))/ دراسة نقدية معمّق ...
- امرأة القمر / قصة قصيرة
- المعبر


المزيد.....




- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم الساعدي - - الكلام على الكلام صعب -