أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - شدّوا الحزام














المزيد.....

شدّوا الحزام


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1382 - 2005 / 11 / 18 - 09:59
المحور: كتابات ساخرة
    


كنت أتسلح بمبلغ خيالي لايتجاور خمس ليرات سورية فقط لاغير في أواخر السبعينات، وأدلف مزهوا بها، من إحدى مدن الصفيح وتجمعات البؤس والفقراء، حيث هدرت معظم هذا العمر المسفوح بالمجان في سبيل انتصار الثورات، لأدفع منها أجار باص الـ"هوب هوب" هدية الثوريين الأبطال القيّمة للمواطنين الكرام والذي كان "يُحشر حشرا " بالركاب كالمكدوس والكوسا محشي، ومخلل الخيار، وأتناول سندويشة فلافل محترمة من الحجاز، وصحن "نمورة هريسة" من الصالحية، ولا تنسوا السجائر والقهوة من مقصف الآداب، وأعود مساء نافشا ريشي بما اكتسبته من "علوم الفرنجة الأوغاد" لأنام على حلم "خمسة" أخرى ليوم جامعي جديد.

ضاع زمن الخمس ليرات الزاهي،برغم بؤسه، وأعتقد أنه، من الآن وصاعدا، سنكحل أعيننا يوميا برؤية عتاولة الإقتصاد الاشتراكي الموجه، وهم يطلون علينا من على أثير الشاشة الوطنية، ليعلنوا عن سلسلة إجراء جديدة من عمليات شد الحزام، في الحرب الضروس مستعرة الأوار بين الليرة والدولار، والتي يبدو أنها تتجه لتقدم الأخير وبكل حرقة وأسف، والذي يعني بالمحصلة تراجعا للمستوى المعيشي للمواطنين الفقراء، وانضمام جحافل جديدة من أبناء الشعب المسكين البائس إلى قوافل الفقراء، لتقوم، عندها،المنظمات الدولية مشكورة بإجراء الدراسات عن وضعهم الإنساني المزري,وتقديم الإحصائيات والأرقام عنهم للمجتمع الدولي،ليتفحصها الخبراء الدوليون بإمعان، وسترتفع ولا شك عندها ,وبحمد الله، نسبة الفقر لتصل الستين بالمئة حسب تقدير بعض الألمعيين الشطار. والذي يعني، بدوره، أيضا فشلا لسياسة رفع مستوى دخل الفرد المتفائلة والطموحة لمستوى الـ1300سنويا التي أزمع القيام بها في وقت سابق، فيما لو وصل الدولار لمستويات قياسية أمام الليرة. ويعني هزيمة أخرى نكراء لشعار ثوري آخر وهو "رضينا بالفقر والفقر ما رضي فينا". وهذا بالطبع سيمس شرائح عريضة من المواطنين ويرميهم على ضفة الإفلاس، هكذا ودون مقدمات، حتى ولو كانوا من أصحاب الإدخارات البسيطة والمتوسطة بطبيعة الحال. وللعلم فهذه هي الإطلالة الثانية لنفس الشباب, ولنفس المناسبة,والأسباب، وبفترة لم تتجاوز الأشهر الثلاث.

وكم كنا نتمنى أن تكون تلك الإطلالات السمحة الغراء للتبشير في فتوحات حقيقية في فضاءات السياسة والعلوم والاقتصاد وتحقيق نسب للنمو، وأرباح، وإبرام عقود لمشاريع اسثمارية طويلة الآجال تنعكس على الصالح العام، وليس للتهويل وبث الأخبار السوداء، وإطلاق نذر الشؤم والخراب. وفي حقيقة الأمرلم يبق حزام نشدّه ولا بطن يشد عليه أي شيء على الإطلاق,كما لم يبق عزم، وقوة لفعل "أي شيء" على الإطلاق، وإلا كان "تكرموا يا شباب"،ونبشركم أيها السادة الأفاضل الكرام، بأن الجيوب الخاوية العزلاء، والحمد لله، تصفر فيها الرياح صفرا لتقدم أعذب لحن لسيمفونية الإفلاس الوطني العام، وأوبرا مستنقع الأحزان والتعتير والتشحير التوتاليتاري الطفران التي تفوقنا بها على تشايكوفسكي وباخ، وبالكاد يستطيع المواطن "اللهتان" أن يؤمن الخبزات والملحات واللبنات يوميا، وأبسط متطلبات البقاء. وكل هذه الإجراءات لا تعنيه بحال،لأنه لا يملك شروى نقير، أو قرشا واحدا، فما بالكم باليورو والدولار، بعد أن أطبق الفهلويون الشطار على آخر دولار. ونتمنى ،وبصدق وإلحاح، ألا يظهر أحد منهم على شاشات التلفاز، لأن ذلك سيعني حكما، كارثة جديدة، وهمّا، وبلاء.

ومسلسل انهيار الليرة بدأ منذ مطلع الثمانينات حين بدأت السياسات تتسم بالتحجر والانغلاق، والأوضاع بالاشتعال. وحين تم تعييني مدرسا، وقتذاك، في إحدى مدن الصفيح الفقيرة أيضا، كنت أتقاصى حوالي الـ 1200 ليرة سورية في تلك الأيام أي ما يعادل 300 دولار بأسعار تلك الأيام كانت تكفي المرء للعيش بشكل مستور. وهذا المبلغ الهزيل، في معايير هذه الأيام، لايستطيع أن يؤمنه لنا هذا الاقتصاد الآن، ويضع الخطط الخمسية، ويستعين بالخبراء من كل مكان للعودة إلى راتب بداية الثمانينات. وهذا ما حدا بنا أيضا للخروج في "غزوتنا الإقتصادية"، وليفرح أحبابنا الأصوليون على هذا التعبير، إلى قلب الصحراء من بلد الخصوبة والجمال، لإسكات البطون الجائعة، وسد الأفواه الفاغرة. وياليت نستطيع العودة لتلك الأيام، حيث لم يعد التفكير بالمستقبل مجديا على الإطلاق، بعد أن اكفهرت الأجواء، وتلبدت السماء، وسُدت جميع الطرقات، وشكرا على أية حال، على هذه الإنجازات، التي أتمنى أن نكتفي بها، وحرام كفاية "بقى" يا شباب.

وبالأمس أيضا خسرنا خسارة رياضية مريرة, ومهينة أخرى أمام منتخب الإمارات بثلاثية للاشيء، ونعجز أن نسجل أي هدف، وفي أي مرمى، ومكان، وصار اسمنا مرتبط دوما بالخسارات, والخروج المذل من كل مكان. ولا يدري المرء لماذا يلعبون في السياسة، والاقتصاد، والرياضة، وحتى في لعبة "الاستغماية أو الطميمة"Hide and seek ، طالما أن النتيجة ستكون معروفة ومحسومة ،سلفا، وقبل أن ننزل لأي ميدان. ومن المعروف تماما أن الوضع السياسي ينعكس على كل شيء، وأولاً على الاقتصاد، ولا حقا على الرياضة، وباقي مجالات الحياة، ولا أعتقد أن هذا يفوت على السادة النجباء خبراء الاقتصاد، من خريجي هارفارد، وأوكسفورد، وجورج تاون.

لا شك أنه عندما يستقر السوق السياسي المضطرب دائما، وأبدا، سيستقر، طبعا، سعر صرف الدولار,وتستقر معه كل الأحوال, وعندما يعي الساسة مدى ترابط السياسة والاقتصاد والاجتماع، سينعكس ذلك بالإيجاب ليس على الوضع الاقتصادي والدولار، بل والرياضي حتما، أو حتى على ورشات تصنيع المكانس، و"مقشات البلان"، وعند جارتنا أم حسن التي تنتج سلعة الشنكليش،ودبس الرمان، وسيكون من المنطقي، وقتذاك، التفكير، جديا، ليس بالفوز على غينيا الوسطى، وبورما، والإمارات، بل ربما سحق المنتخب البرازيلي، وفي ساوباولو، بالذات.

اللهم إنا نعوذ بك من التلفاز، والخبراء، وأخبار السوء، وشدوا الحزام يا....شباب.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلاب أمريكا
- جنازة وطن
- الرسالة
- عرس الدم
- فرنسا الشمولية
- دعاء الجنرالات
- عصافير لا تطير
- ربيع سوريا الواعد
- أيه حكايةالأمراض النفسيةالماشية في البلد اليومين دول؟
- ديبلوماسية الكوارث
- كل عام وأنتم بلجنة للتحقيق
- الملاليس
- فليُسعدِ النَطْقُ إنْ لم تُسعدِ الحالُ
- إنهم يورطون الرؤساء
- سوريا العلمانية
- الغائب الأكبر
- دراويش الفضائيات
- علام يراهن السوريون
- السيناريو الأسوأ للسوريين
- مضادات الاكتئاب السورية


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - شدّوا الحزام