أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - لماذا سقطت أقنعة التنكّر والتمويه في فيلم -تاكسي طهران-؟















المزيد.....

لماذا سقطت أقنعة التنكّر والتمويه في فيلم -تاكسي طهران-؟


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5093 - 2016 / 3 / 4 - 10:08
المحور: الادب والفن
    


على الرغم من الحظر المفروض على جعفر بناهي في صناعة الأفلام، وكتابة السيناريو، ومنعه من السفر لمدة عشرين عامًا إلاّ أنه تمكن من إنجاز فيلمه الجديد "تاكسي طهران" ونجح في تهريبه إلى مهرجان برلين السينمائي ليخطف أكبر جائزة فيه تسلمتها بالنيابة عنه ابنة أخيه هانا سعيدي وهي تذرف دموع الفرح وسط التصفيق المُحتدم الذي تعالى في أرجاء الصالة بطريقة انفعالية لا تخلو من التعاطف السياسي مع مخرج سينمائي يقف على الضفة المناوئة للنظام الثيوقراطي المتشدد في إيران. تُرى، هل يتوفر هذا الفيلم على كل الاشتراطات الفنية التي تؤهله لنيل جائزة الدُب الذهبي أم أن هناك أسبابًا سياسية دفعت أعضاء لجنة التحكيم لمؤازرة هذا المخرج السينمائي الذي لا يجد حرجًا في تحدّي السلطة الدينية واستفزازها بشكل متواصل.
أنجزَ جعفر بناهي منذ صدور القرار الذي يقضي بمنعه من صناعة الأفلام عام 2010 وحتى الآن ثلاثة أفلام تُعتبر استفزازية من وجهة نظر النظام الإيراني وهي "هذا ليس فيلمًا" 2011، و "ستائر مُغلقة" 2013، و "تاكسي طهران" 2015 لكن النبرة الانتقادية لهذا الفيلم الأخير عالية جدًا وقد تجاوزت الحدود المتعارف عليها في مجمل أفلامه السابقة.
الشكل المُستنسخ
لا يمكن اعتبار "تاكسي طهران" فيلمًا أصيلاً لعدة أسباب من بينها الشكل المُقتبَس الذي استعاره من فيلم "عشرة" للمُخرج عباس كيارستمي ونسج على منواله. فهو لم يأتِ بشيئ جديد على صعيد الشكل والتقنية والمقاربة الفنية التي أمدّت الفيلم ببناء معماري رصين لم يفقد تماسكه حتى اللقطة الأخيرة من نهايته الذكية المفتوحة.
يمكن تقسيم "تاكسي طهران" إلى ستة مَشاهد رئيسة ساهمت في بناء الفيلم من دون أن نهمل المَشاهد الأخرى التي أثثت السياق السردي وأكملت الحبكة القصصية التي تُعبّر عن وجهة نظر كاتب النص ومخرجه الذي سعى في هذا الفيلم تحديدًا لأن يقدِّم أنموذجًا لسينما المؤلف.
لم يبذل بناهي جهدًا كبيرًا في التنكّر والتمويه فقد عرفناه منذ اللحظة الأولى ولم ينفعه "الكاسكيت" الذي وضعه على رأسه أو النظارات السود التي غطّى بها عينيه الأمر الذي يدفعنا كمُشاهدين للاعتقاد بأن بعض الشخصيات التي اشتركت في الفيلم حتى وإن لم تكن مُحترِفة كانت تعرف بأن بناهي ليس سائق سيارة أجرة وإنما هو مخرج يصور فيلماً سينمائيًا فهو لم يأخذ نقودًا من أي راكب باستثناء المعلمة كما أن الكاميرات الثلاث قد تمّ اكتشاف واحدة منها في الأقل وهي المثبتة في مكان لوحة عدّاد السيارة حتى وإن تصور بعض الراكبين خطأً بأنها جهاز حماية ضد السرقة! هل يعتقد بناهي بأن المواطنين لا يستطيعون تمييز الكاميرات الرقمية عن سواها من الأجهزة الحديثة بعد أن أصبحت مُتاحة للجميع تقريبًا؟
ما مِن شخصية من شخصيات الفيلم كلها إلاّ وتحمل نبرة نقدية واضحة أو أن وجودها في الأقل يحيل إلى خلل ما في طبيعة النظام الإيراني القامع للحريات الخاصة والعامة. فلو كان "النشّال" حاكمًا للبلد لأعدمَ شخصًا أو شخصين من اللصوص وحينما تعترض المعلِّمة الشابة على فكرة الإعدام لأنها ليست حلاً لمشكلة السرقة تثور ثائرة النشّال ليستجير بالشريعة التي تعاقب اللصوص عقوبات مروِّعة من دون أن تعالج جوهر المشكلة. ثم تُصعِّد المعلمة من نبرتها حينما تقول بأن إيران هي ثاني دولة في تنفيذ الإعدامات بعد الصين، كما أنهم أعدموا أناسًا بسبب عمليات نصب وتزوير و واحتيال وهي جرائم لا تستدعي الإعدام أو العقوبات المُشددة. هذه جرعة قوية من الانتقادات التي وجهتها المعلمة للنظام الإيراني لكن السؤال الأكثر أهمية هو: هل كان المخرج يعرف هاتين الشخصيتين من قبل، أم أنهما ركبتا سيارته بمحض الصدفة؟ وهذا الأمر ينطبق على الشخصية الثالثة التي تبيع الأقراص المدمجة، فأوميد كان يشكِّك بأن الشخصين اللذين تناقشا كانا مُمثلَين، وليس ركاباً عابرين.
أحداث مُفتعَلة
تغطي شخصية أوميد مساحة كبيرة من الفيلم حيث نراه يصوِّر وصية رجل مدمّى وقع له حادث سير على دراجة نارية بينما كانت زوجته تنتحب وتلومه لأنه لم يضع الخوذة الواقية على رأسه. يؤكد بعض النقاد بأن بناهي أراد من تصوير هذه الحادثة "المُفتعلة" أن ينتقد الإرث الذي تقرره الشريعة وتحْرم المرأة من بعض حقوقها. يكرر أوميد تأكيده، وهو على حق، بأن هذه الحادثة أيضًا مُخطط لها سلفًا وهي جزء من سيناريو مرسوم مسبقًا، وأن هذه "الألاعيب" لا تنطلي على شخص مولع بالسينما، ويتاجر بالأقراص المدمجة بطريقة غير شرعية.
تمتد سلسلة الانتقادات إلى المرأتين الكبيرتين في السن اللتين تريدان الوصول إلى "ينبوع علي" لإعادة السمكتين الذهبيتين إلى ماء الينبوع قبل الساعة الثانية عشرة ظهرًا وإلاّ فإن أمرًا جللاً سوف يقع ويحدث ما لا تُحمَد عقباه.
ينطوي اللقاء بصديقه القديم على جريمة سرقة حدثت في رابعة النهار لكن هذا الشخص لا يريد تبليغ الشرطة وكأن لسان حاله يقول أن طهران تفتقر إلى الأمن والأمان وأن اللصوص يصولون ويجولون في طول المدينة وعرضها وأن الضحايا مخذولون ولا يحرِّكون ساكنا.
تتضاعف النبرة الانتقادية للسلطة الدينية التي تفرض اشتراطاتها الصارمة على الأفلام التي سيتم عرضها على المشاهدين. ولعل الفيلم الذي تريد أن تنجزه ابنة أخيه هانا سعيدي هو نموذج للتقيّد الصارم بالشروط التي تفرضها المؤسسة الدينية على المخرجين الذين يجب أن يحترموا الحجاب، ولا يتيحوا فرصة للاحتكاك بين الرجل والمرأة وما إلى ذلك من محظورات معروفة لا تتهاون فيها المؤسسة الدينية. وربما تكون حادثة فتى الشارع الذي التقط عملة ورقية سقطت من عريس ميسور الحال ثيمة مناسبة للفيلم لو أن هذا الفتى قد أعاد الورقة النقدية إلى صاحبها لكنه لم يفعل فأضاع على المخرجة الشابة فكرة خلاقة تتمحور حول نكران الذات.
تبلغ النبرة الانتقادية ذروتها في لقاء المحامية والناشطة الحقوقية نسرين سوتوده التي تروم الذهاب إلى الفتاة الرياضية غونجة قوامي التي حبستها الشرطة لأنها كانت ترغب في مشاهدة مباراة الكرة الطائرة مع مجموعة من النساء حيث أخلوا سبيل الجميع ما عداها هي إذ ظلت محبوسة لمدة 108 أيام الأمر الذي اضطرها للإضراب عن الطعام والشراب. لم يقتصر حديث نسرين على الفتاة الرياضية حسب، بل امتدّ إلى حبسها ومعاناتها الشخصية في سجن إيفين. تُرى، هل كانت نسرين تعرف بأنّ كلامها يُصور في فيلم سينمائي حينما قالت لا تضع هذا الكلام في الفيلم؟ أين عنصر المفاجأة إذن؟ ولماذا سقطت أقنعة التنكّر والتمويه؟
وعلى الرغم من أن هذا الفيلم قد خطف أكبر جائزة في مهرجان برلين السينمائي "ليس لأنه فيلم سياسي شجاع فقط، وإنما لأنه عمل فني ممتاز" كما ذهب المخرج الأميركي دارين أورنوفسكي لكن من حق الناقد الحصيف أن يتساءل عن حجم التعاطف السياسي في منح هذه الجائزة الكبرى لفيلمٍ غير أصيل من ناحية الشكل، كما يعاني من ضعف في المضمون، وهشاشة في البناء الفني على الرغم من نبرته الانتقادية الحادة لنظام كلنا يعرف بأنه ثيوقراطي ومتخلف لا يُعير اهتمامًا للحرية الشخصية والكرامة الإنسانية.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجليات كردية في فيلم -رسالة إلى الملك- لهشام زمان
- تعدد الأصوات السردية في -نوميديا- طارق بكاري
- الفتى الذي أبصر لون الهواء. . أنموذج ناجح لأدب الناشئة
- تجاور الأديان وهيمنة الحُب الروحي في ما وراء الفردوس
- قراءة نقدية في العقليتين الشفاهية والتدوينية
- مريم مشتاوي ومتلازمة القلب المنكسر
- عالم داعش . . من النشأة إلى إعلان الخلافة
- مراعي الصّبَّار. . . يوميات ليست بريئة من الخيال
- سافروجيت. . بطلة شعبية تغيّر وجه العالم
- خِصال دستويفسكي في قالب روائي هندي
- (حديث في الممكن) ولعبة الاشتغال في ما وراء الفضاء التراجيدي
- سمبين . . رائد السينما الأفريقية وأعظم الكُتاب الأفارقة
- لا لملاعب الغولف في الجانب المُعتم من الخُضرة
- ثنائية الشرق والغرب في غربة الياسمين
- قصة كردية تمجّد ثقافة السلام في فيلم اتبع صوتي
- قراءة نقدية في مراحل الرواية العربية المُغترِبة
- الجانب المُعتم من الخُضرة
- جوائز مسابقة يلماز غوني في مهرجان الفيلم الكردي
- التعالق النصي في قصص الرجوع الأخير لمجدولين أبو الرُّب
- بطولة المدينة وتنوّع الساردين في رواية -صنعائي- لنادية الكوك ...


المزيد.....




- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - لماذا سقطت أقنعة التنكّر والتمويه في فيلم -تاكسي طهران-؟