أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - ازدراءُ الأديان ازدراءٌ للأديان!!














المزيد.....

ازدراءُ الأديان ازدراءٌ للأديان!!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5090 - 2016 / 3 / 1 - 08:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حين نهمُّ بترجمة كتاب غربي إلى العربية، تقوم دار النشر العربية، بدفع مبلغ من المال للمؤلف الأصلي، أو وكيل أعماله أو ناشره، ليسمح لنا بالترجمة. فإن كان المؤلف قد مات، يُدفع المبلغ لورثته. ولو مات قبل خمسين عامًا، أو أكثر، تسقط حقوقه المادية لأنه صار ملكية عامة وإرثًا إنسانيًّا، يعبر زمانه ومكانه وقوميته ولغته كتراث عالمي.
هناك مبدأ في النقد الأدبي اسمه "موت المؤلف"، ابتكره الفيلسوف الفرنسي "رولان بارت". يرى هذا المبدأ أن كل قطعة أدبية، أو رأي أو فكرة، تُعتبر كائنًا مستقلا بذاته منبتُّ الصلة عن مؤلفه، الذي يُعدُّ ميتًا بعد كتابة ما كتب. علينا التعامل مع القطعة الأدبية بعيدًا عن شخص المؤلف. كذلك لا يحقُّ للمؤلف أن يعيد شرح أو تبرير ما كتب، بعد خروج العمل للناس. فالمؤلف بالنسبة لكتابه ميتٌ لا يستطيع الكلام. هنا يصبح العمل الأدبي كائنًا حيًّا، إن كان قويًّا صمد أمام النقد، وعاش وعبر الزمان والمكان وتواترته الألسنُ مدى التاريخ. وإن كان ضعيفًا، تهافت وسقط من تلقاء ذاته ومات في ذاكرة الناس فما عاد يذكره أحد.
لو تأملنا الفكرتين السابقتين، لضحكنا كثيرًا من قانون، أي قانون، يسجن كاتبًا بسبب رأي قاله أو كتاب ألّفه! الكاتب ينفصل عن رأيه بمجرد قوله. فإن كان الرأي قويًّا صائبًا، عاش وتناقلته الألسن. وإن كان الرأيُ ضعيفًا أو خاطئًا تناساه الناس وسقط من ذواكرهم. أين شخص المؤلف في كل ما سبق؟ غير موجود لأنه "مات" أدبيًّا. فكيف يُسجن ميّتٌ؟! النصوصُ القوية لا تحتاج عكازًا تتوكأ عليها، ولا تحتاج من يدافع عنها لأنها تصمد بقوتها الخاصة. والنصوص الضعيفة لا تستوجب عقاب من كتبها، لأنها تسقط من تلقاء ذاتها لخوائها وتهافتها. كذلك الأديان، كل الأديان السماوية، مفترضٌ فيها القوة في ذاتها، دون دفاع أحد عنها. فالله تعالى قادرٌ على حمايتها وحفظها لتعبر الأزمان والأمكنة؛ فتصل إلى آخر بشريّ يأتي في آخر الزمان، يعيش في آخر بقاع الأرض. هنا أتذكّر الكلمة العبقرية التي قالها جدُّ الرسول عبد المطلب بن هاشم: “للكعبة ربٌّ يحميها.” الكتب السماوية هي ميراث البشرية بكاملها. ملكيةٌ إنسانية عامة. ليس لها وكلاء على الأرض يزعمون ملكيتها والوصاية عليها. ولا هي كتبٌ هشّة تحتاج من يدافع عنها، شأن القطع الإبداعية الركيكة التي يغضبُ مؤلفها إن انتقدها ناقدٌ أدبي في مقال نقدي (وليس في ساحة محاكمة). النصوص الدينية تستمدُّ قوتها ليس بسيوف من يزعمون ملكيتها، بل من ديمومتها وقدرتها على عبور الزمن والمكان، ومن فاعليتها في الارتقاء بأخلاق الإنسان وتربية روحه وعقله. هنا يظهر تهافت ما يسمى "قانون ازدراء الأديان"، الذي أراه أول المتهمين بازدراء الأديان! إذ هو يتّهم الأديان بالضعف والهشاشة، تحتاج إلى "عكاز بشريّ" تتوكأ عليه لتصمد أمام منتقديها! الضعيفُ يحتاج السند فيستأجر “بودي جارد” يحميه، ويحمل سلاحًا يزود عنه. بينما القويّ لا يعبأ بحشد المدافعين لأن قوته نابعةٌ من ذاته. هذا على المستوى الفلسفي النظريّ. كذلك على المستوى العملي، مَن بوسعه أن يحدد إن كان بهذه العبارة أو تلك ازدراءٌ لهذا الدين أو ذاك؟ عبارة واحدة كتبها كاتبٌ، بوسع قاض أن يزعم أن بها ازدراء لدين ما، بينما يقضي قاض آخر بأنها لا تحمل شبهة ازدراء. الأمر خاضع لنسبية وجهات النظر. وهذا يُدخل الأمر في ساحة "النقد الفكري" وليس ساحة القضاء التي تجلُّ وتسمو عن الهوى ووجهات النظر. فهل نترك الأمر على عواهنه ليكتب كلُّ مَن شاء ما شاء دون ضابط ولا رابط؟ بالطبع لا. لهذا رهن الدستور المصري العقوبة على رأي بأمور ثلاثة: التحريض على العنف، إشاعة العنصرية، الخوض في الأعراض. لأن ما يجمع بين الأمور الثلاثة السابقة هو أن شخصًا ما سوف يتعرض للخطر أو يتأذى من هذا الرأي الذي قيل أو كُتب. فيما عدا هذا يظلُّ الرأيُّ رأيًا يموت إن تهافت، ويحيا إن صحّ. احترموا الأديان ووقروها بإلغاء هذا القانون المخزي المهين للأديان.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سياطٌ على ظهر الحكيم
- قصيدة للشاعرة فاطمة ناعوت (سجن)
- سأهربُ إلى قبر جدتي
- قانون -نيوتن- الرابع
- ماذا قال لي برنارد شو
- رسالة إلى الله
- اسجنوا أولئك الثلاثة
- أم الشهيدة والأرنب المغدور | سامحيني يا سمراء!
- افتحوا نوافذَ قلوبكم للحب
- هذا العماءُ خطأٌ في الإجراءات
- الإنسان الطيب
- معرض الكتاب.... ومحاكمتي | كلاكيت ثاني مرة
- إلى الشيخ الحويني .... قنصُ العصافير من وراء الحُجُب
- وأنتم اللاحقون!
- عن النقاب سألوني
- قضية ازدراء جديدة | مَن الذي روى الرواية؟
- ميري كريسماس رغم -غلاستهم
- لا تخرج قبل أن تقول: سلاما
- أنتم تحاكمون الخيال 2/2
- اعتذارٌ رسميّ لأقباط مصر


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - ازدراءُ الأديان ازدراءٌ للأديان!!