أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - علم الأجتماع وظاهرة العنف والسلام














المزيد.....

علم الأجتماع وظاهرة العنف والسلام


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5089 - 2016 / 2 / 29 - 19:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


علم الأجتماع وظاهرة العنف والسلام

التطرف و الإرهاب ظاهرتان برزتا في التأريخ المعاصر كونهما إشكاليات أجتماعية أثرت كثيرا في مجريات الحدث السياسي والأقتصادي العالمي , وخاصة ما سببه التطرف من حروب عالمية وحروب إقليمية كان من الممكن تلافيها لو كانت هناك إرادات بإخماد النار التي تشتعل في البناء الأجتماعي للمجتمعات وخاصة في شقيها الديني والقومي ,البعض يرى أن التطرف هو مفهوم مرادف للإرهاب والعكس صحيح , والحقيقة أن التطرف رؤية وقراءة حسية أكثر منها عقلية لا تختص بمجال واحد أو في حدود عالم واحد ,وقبل أن تتحول لفكر وممارسة وأسلوب تعبيري يبرر الرفض ويثير المشاكل الأجتماعية ويتبنى منهج في أقصى حدود التطرف ليثبت وجود ما يؤمن به أو يفرضه على الأخر المختلف .
رؤية علم الأجتماع للظاهرتين تستند لرؤية التصرف الأجتماعي المفرز والمستحث من خلال ما تفرضه بنيوية القيم الفوقية والقوانين المسايرة وطرق بناء المجتمع وكيفية صياغة النظم التحكمية ,وأيضا تتحكم بها علاقة الفرد الأجتماعي في الخارج الأجتماعي وما هي معطيات وصور هذه العلاقة وعلى ما تستند في صياغاتها ورسمها ,التطرف في علم الأجتماع هو إفراز لظاهرتين عنف أجتماعي تربوي لم يمنح الفرد حق التعبير الطبيعي , وكذلك هو ردات فعل لمنح القوى المتحكمة حرية أوسع في التحكم مقابل منعها عن الفرد البسيط الذي يرى في نفسه أسير روابط وعلاقات لا يمكنها تقبلها ولا يستطيع الخلاص منها ,لذا يلجأ إلى رفضها بالمجمل دون تحديد أي من العلاقات غير مناسب أو غير طبيعي .
قد يكون التطرف في الفكر العام أو في مجالات محددة , مثلا معروف عن العراقي كفرد أجتماعي تطرفه في العلاقات الحيوية التي تكتنز روحية أو مباشرة مع الذات , فهو متطرف حزنه ومتطرف في فرحه , وأيضا حينما يفكر البعض في ممارسة حالة ما نجده يتطرف جدا في أستخدامها للحد الذي يخرجها من طبيعتها ومن هدفها الأساسي , البعض ممن يتناول الخمر أو المدمنين على بعض أنواع الممارسات لم يتحول إلى الإدمان القاتل لولا تطرفه في أستخدامها ليخرج بها من ما فيها من حالية دفعته لممارستها , أذن التطرف ليس عنفا ولا إرهاب بل هو تحول في السلوكية نحو الإفراط اللا معقول أو اللا مقبول , وقد يكون مقدمة أيضا لتحولات أخرى .
الإرهاب مفهوم أخر وإن كانت واحد من نتائج التطرف في التعامل مع الواقع ومن خلال تعظيم فهم منحرف وتضخيم نتائجه في الواقع , الإرهاب قبل أن يكون دينيا أو عنصريا هو مشكلة أجتماعية وثقافية بحتة , أهمل المجتمع بوادر نشوئها وأكتفى في ممارسة القمع والصد دون دراسة جذورها الأساسية , من ينظر للمشكلة على أنها مجرد خلل في وجه واحد من وجوه العلاقة التي ينتمي لها الإرهاب يخطأ كثيرا في المعالجة , وقد تتحول تلك المعالجات إلى دواع تشجيعية له , مثلا الإرهاب الناشئ في الوسط الديني أو القومي هو في الحقيقة ليس دفاعا عن الدين ولا عن القومية , ولكنه بالأصل نتيجة لعدم توازن وأهتزاز في العلاقات الأجتماعية الأساسية والتي يستغلها البعض ليقود الرأي إلى حلول جانبية تتخذ من واجهاتها أطار على أنه هو الحل , هنا يلعب التطرف دوره كراعي للإرهاب .
فليس كل تطرف يؤدي للإرهاب بل بعض أنواع التطرف يقود لحالة معاكسة ويخضع الإنسان لعوامل الخوف فيتحول إلى إنسان مستلب الإرادة مسالم إلى أقصى درجات العبودية للأخر , ولكن كل أنواع الإرهاب هي تطرف مبالغ به وله قواعد محفزة ومغذيات أجتماعية أساسها في إهمال المعالجات أو السكوت عن الظواهر الشاذة والغير طبيعية ,لذا فيكون العلاج الحقيقي لظاهرتي التطرف والإرهاب في تصحيح التوازن والأختلالات في العلاقات الأجتماعية عامة والقيم الفوقية والضبطية خاصة .
الخطوة الأهم علميا وعمليا لاحتواء الظاهرة هي فتح المجال أمام الحوار المجتمعي تحت سقف الحرية وإشاعة مناهج السلام الأجتماعي المتمثل بثقافة التسامح وتأمين وتحصين العقل الجمعي من ظواهر الهوس العقائدي وضبط الخطاب الموجه نحو الفئات الأكثر تأثرا وتفاعلا مع ردات الاهتزاز ونتائجها ,الأحتواء العلمي الممنهج والذي تقوده نخب فكرية ومناهج علمية ووفق رؤية تحليلية ونقدية أهم وأنجع وأسلم طرق المعالجة بدل سلوك طريق التصادم معها أو أستخدام الوسائل القمعية والقوة ولغتها أولا .
ما يمكننا من أن نعبر بالمجتمع به من حالة القلق الأجتماعي والهوس الديني المتطرف الذي نسف كل قواعد التعايش والتفاعل الأجتماعي ,هي صوابية الرؤيا والتعمق في التحليلات ولو كانت ذات وقع مؤلم , لكنها بالأخر مفيدة جدا في عملية الأحتواء المزدوج لظاهرتي التطرف والعنف ,إن الانتقال من حالة فقدان التوازن المجتمعي والخضوع لنتائج الهزات الأجتماعية إلى حالة التفكير بالمستقبل وبناء الشخصية القادرة على هضم والتفاعل مع الزمن على أنه الملجأ والمحطة التي يجب أن نشد الرحال لها ,هي أول وأهم الخيارات الوجودية التي يجب أن نخطط لها ونسير في منهجها الإصلاحي وعدم التوقف عند المعالجات البائسة والتقليدية التي تركز على النتائج دون البحث في الأسس والجذور ,والانحياز لثقافة التسامح والحرية في إطارها المتفاعل كطريق للتنفيس من الضغوط الأجتماعية المأزومة والمتأزمة بما في الإرث المعرفي والفكري المريض ,والتي تركتها فينا سلبيات التأريخية الدينية والتاريخية العنصرية أو أي تأريخيات أخرى مزقت الهوية الوطنية والإنسانية السامية وأطاحت بفكرة السلام الأجتماعي .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القوارير .... قصيدة الشعراء التي لا تموت
- هل نحن أحرار بما يكفي لهضم الديمقراطية ؟.ح1
- البحث العلمي ومستقبل الدين كفكر .
- الأعراب ... هل فاتكم الدرس
- التربية الأخلاقية في المجتمع الياباني ...
- الشريعة والقانون
- فكرة الدين وظاهرة التدين
- ولد الإنسان عاقلا
- لماذا نتدين ؟ . ح6
- لماذا نتدين ؟ . ح5
- لماذا نتدين ؟ . ح4
- لماذا نتدين ؟ . ح3
- لماذا نتدين ؟ . ح2
- نيالاو حسن أيول .... وجع الحب عندما يكون جنوبي .
- لماذا نتدين ؟ . ح1
- التخطيط الإستراتيجي الأمريكي ووهم العدوان .
- مكابداتي .....
- العراق المدني وقراءات المشهد السياسي
- متى نفهم الله ؟.
- مقدمة في التغيير السياسي في العراق


المزيد.....




- -الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن ...
- شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
- آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف ...
- مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا ...
- هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات ...
- باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ ...
- توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
- ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي ...
- زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران ...
- توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - علم الأجتماع وظاهرة العنف والسلام