أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - الهيموت عبدالسلام - داعش التي في فكرنا















المزيد.....

داعش التي في فكرنا


الهيموت عبدالسلام

الحوار المتمدن-العدد: 5088 - 2016 / 2 / 28 - 19:23
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


1) إنه لمن "حسنات" و"بركات" حركة داعش أنها فتحت عيونَ الجميع على أعطابنا الفكرية وجهلنا
المقدس وعلى رفضنا التعايش مع الآخر واحتقاره، وعلى معاداتنا للعقل والعلم والحياة، وعلى إرجاعنا
البشرية إلى سوق النخاسة والاقتتال على الهوية وتدمير المدارس والمستشفيات والمعابد وعلى مدن أثرية
مر منها الخلفاء المسلمون الأوائل دون أن يمسوها بسوء.
كان لابد لفضائع داعش الموغلة في التوحش أن تفتح أعيننا على حقيقة مرة التي لا يستطيع أحد الهرب
منها وهي أن هذه الحركة تمارس أقصى درجات التوحش باسم الدين الإسلامي وأنه لم يعد يجدي القول
المطمئن والتبسيطي بُعد هده الحركة عن هذا الدين بل هي قراءة حرفية متطرفة من صميم الدين
الإسلامي لأن الدين كأي نص حمال أوجه ومتعدد القراءات وحتى الشيطان قد يجد فيه ضالته كما يقال.
خطورة داعش ليست هي الجغرافيا وإن فاقت مساحتُها التي اجتزأتها من سوريا والعراق مساحةֿ-;-
بريطانيا والإمارات والأردن والكويت مجتمعة ،وليست خطورتها في الإرهاب الدموي الذي يضرب في
كل مكان مخلفا الموت والحزن والدمار فقط ،داعش الأخطر تلك التي تجعلنا نسوق عن أنفسنا براديكما
في قمة الطهرانية والملائكية ،وتلك التي تعتبر أن تاريخنا العربي الإسلامي كلها أمجاد وأنوار ومنجزات
،وأن الشرور والويلات والمصائب والغزو كله أتانا من الغرب أو من الأخر، داعش ذهنية تجعلنا نُلقي
بكل مصائب تخلفنا وتنميتنا المعاقة وانحطاطنا المستمر وجهلنا الكسيح إلى الغرب ، أوَ ننسى أنه قبل أن
يزرع الغربُ الأمبريالي الكيانَ الصهيوني في فلسطين ،وقبل أن تفجر أمريكا القنبلة النووية في
ناكازاكي اليابانية لتقتل أكثر من 500 ألف إنسان في يوم واحد ،وقبل أن تقتل أمريكا كذلك مليون إنسان
عراقي وتهجر 5 مليون عراقي تحت ذريعة باطلة اسمها أسلحة الدمار الشامل، وقبل الاستعمار الغربي
للبلدان العربية الإسلامية فلنتساءل ولو مرة واحدة ماذا فعل المسلمون ببعضهم البعض قبل وبعد ظهور
الإمبريالية والصهيونية وجميع الحركات الاستعمارية ؟.
ألم يُقتل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب على أيدي مسلمين ؟ ألم يُقتل الحسين بن علي ويقطع رأسه
على أيدي مسلمين ؟ ألم يُقتل الحسن بن علي مسموما على أيدي المسلمين ؟ ألم يتقاتل علي ومعاوية في
موقعة صفين وعلي وعائشة في موقعة الجمل ؟،ألم يقتتل علي وأتباعه في موقعة النهروان وكلهم
مسلمون؟ أولم يُقتل عمر بن عبد العزيز، والوليد بن يزيد، وإبراهيم بن الوليد، وأبو مسلم الخراساني على
أيدي مسلمين ؟ ،أو لم تُضرب الكعبة بالمنجانيق ليس على يدي أبي لهب ولا على يدي أبي جهل ولكن
على يدي الحصين بن نمير قائد جيش الحكم بن مروان أثناء حصاره لمكة ؟ ناهيك عن اتخاذ أمراء
المسلمين المساجدَ إسطبلات للخيول وناهيك عن نبش القبور والصلب والحرق وأصناف غريبة من
التعذيب في هذه المعارك وما صاحبها من فظاعات لا يتسع المجال لذكرها كاملة ،حروب ومعارك تقاتل
فيها المسلمون فيما بينهم وكل طرف كان يعتبر نفسه الفرقة الناجية وأن الآخرين مجرد كفرة زاغوا عن
الشريعة الصحيحة وأن النار مأواهم.

2) الحقيقة الثالثة التي لا يستطيع أحد أن يلوي عنقها أن الخطاب السائد في الدول العربية الإسلامية هو
خطاب إقصائي تحقيري تكفيري تخويني يغذي السعار المذهبي ويؤجج الصراع الطائفي والإثني ،خطاب
يحط من الكرامة البشرية إذ يعتبر الآخر مجرد خنازيروأنجاس وأحفاد القردة وملاحدة وديوث وكفرة
هذا الخطاب تجده في المساجد وفي الإعلام وفي المقاهي وفي برامج التعليم وفي منتديات التواصل
الاجتماعي وفي فضائيات نصب فيها شيوخ ودعاة أنفسَهم وكلاء ومؤتمنين على دين يوزعون فيه
صكوك الغفران على من يريدون وصكوك الجحيم على من يفضح اتجارهم بالدين ويقومون بغسل الدماغ
لفئات بسيطو محدودة التعليم والفكر النقدي ،وتحويل الشباب الضائع لقنابل موقوتة قابلة للانفجار،
ويحرضون علنا وضمنا على قتل من لا يأتمر بفكر يستيقظ وينام على الموت والقتل والكراهية .
هذا الخطاب الداعشي يشكل الضمير الجمعي لقطاعات واسعة من هذه الشعوب ، تجده يلعن الغرب ويأكل
على مائدته ،وتجده يكفّره وهو يعتاش من ضرائب مواطنيه ،يمارس شعائره وطقوسه الدينية بكل حرية
بل وفي الشارع العام بل ويخرج في مظاهرات للمطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية في خرق سافر
لمقتضيات قيم الضيافة ،وتجد المسلم في الغرب يسرق أشياء الناس وعندما تقول ألم ينهانا الدين عن
السرقة يقول لك إن سرقة الكفار حلال .
إن الفئات التي تمارس هذه الممارسات متشبعة بالخطاب الداعشي ،ممارسات هذه الفئات هي التي تغذي
نزعات اليمين المتطرف في الغرب ، هذه الممارسات هي التي حولت انتباه العالم عما يحصل للفلسطينيين
من تهويد وإعدامات جماعية وقضم الأراضي من طرف الكيان الصهيوني الغاشم الذي يعيش أزهى
مراحل استقراره في ظل ظهور حركة داعش وقبلها القاعدة .

3) لا يمكن إنكار أن الغرب الأمبريالي هو مَن زرع الكيان الصهيوني في خاصرة المنطقة منذ وعد بلفور
،وهو من قدم الرعاية والدعم بكل أصنافه لهذا الكيان للتصدي لهذه الشعوب كلما تهيأت لتقرير مصيرها
الاقتصادي والسياسي ،الغرب الأمبريالي من استعمر هذه البلدان ونهب ثرواتها وصنع كذلك برجوازيات
كولونيالية طفيلية وكيلة لهذا الرأسمال وضامنة لمصالحه الاقتصادية والسياسية هي التي ما تزال تحكم
شعوبها وهي التي أوصلتها لما نحن فيه ، فهل نلقي اللوم كله على الغرب الاستعماري كما يفعل القوميون
والإسلاميون؟ أم أن الغرب وجد الأرض مهيئة ومفروشة في ظل نظام قبَلي ونخبته مشهِرة سلاح البدعة
والتكفير أمام تقدم الغرب سياسيا واقتصاديا وعسكريا ،وجد الغرب النخبَ المغربية الفقهية مثلا تكفّر كل
من خرج على الفكر النمطي الواحد رغم غرق البلاد في التخلف والأوبئة والمجاعات ورغم تعرضها
للتهديدات الاستعمارية .
يُذكرأن محمد بن عبد الكريم الخطابي أحد المعلمين الكبار لحرب العصابات وحرب التحرير الشعبية
ومُلهم رموز الثوار العالميين كهوشي منه وماوتسي تونغ ، شأنه شأن زعماء كبار كان معجبا بالتقدم
الغربي وكان يود الانفتاح والاستفادة من علمه وفكره وتقنيته وذلك طبعا قبل أن ينقلب على إسبانيا معتبرا
الحرب الشعبية هي الوسيلة الوحيدة للانعتاق والتحرر من ربقة هذا الاستعمار.
إعجاب هذا الزعيم بالتقدم الغربي لا تخدش صورة الزعيم ومكانته العالمية بل تعكس بعد النظر
والحصافة والحكمة التي يتميز بها الكبار ،كذلك وفي نفس سياق الضغط الديني الفقهي الذي مارسه رجال
الدين أنه بعد هزيمة إيسلي الشهيرة 1844 وهي هزيمة نكراء شكلت صدمة للمغاربة تشبه الصدمة التي
شكلتها هزيمة 1967 للعرب أمام الكيان الصهيوني ،هزيمة إيسلي هذه التي انهزم فيها الجيش المغربي
وهو جيش مْحْلات وحْرْكات أمام جيش عسكري عصري جعل النخبة تطرح سؤالا ما العيب في
تبني نموذج عسكري لفرنسا وصدرت فتاوي مؤيدة لهذا الانفتاح وحصل الوعي بالحاجة الماسة إلى بعث
نخب مغربية للغرب ولهذا قررالسلطان محمد بن عبد الرحمان تحديث القطاع العسكري فواجه معارضة
شرسة من الفقهاء لهذا التحديث حين قام ببعث 200 متدرب للتكوين في جبل طارق .
وواجهت الحسن الأول نفس المعارضة الشرسة حين بعث 423 طالب للدول الأوربية للاستفادة من
علم وخبرة وتقنية الدول الأوربية ،وقد شن الفقهاء حملة خطيرة على هذه النخبة التي عيّروها بكونها
تتشبه بزي النصارى وشربهم للدخان ،وأدان الفقهاء صراحة السلطان عبد العزيز لعمله بنظام ضريبي
عصري بل وتكفيره بدعوى تخليه عن نظام الزكاة ،ومن أطرف هذه الحملات التكفيرية للفقهاء التي
طالت النخب والسلاطين رد أحدهم متهكما إن رزة الرأس والقهوة والشاي والسكة لحرث الأرض
وصفيحة البهائم وسيفه ومكحلته كل ذلك من عند النصارى*.

4)هذا الاستطراد في المقال لنؤكد على الثقل الفقهي والموروث الديني التي تتذرع بها نخبة من الفقهاء
معارضة ومكفرة ومُدينة ومحرضة على كل من يشتبك بقيم الحداثة والمعطيات الحضارية التي ساهمت
فيها البشرية جمعاء،هذا الموروث لازال يؤطر ويتفاعل داخل قطاعات واسعة والتي يمكن اعتبار خطابها
هو خطاب داعشي بالقوة ،خطاب لايتساءل مثلا لماذا بعد 60 سنة من الاستقلال ولازلنا نغرق في الجهل
والأمية والتخلف ترعانا أنظمة استبدادية ؟ ألا يتسائل هذا الخطاب لماذا بعد 60 سنة لازلنا نراوح نفس
المكانة العالمية ونلوك نفس الأسئلة حول العدالة والحكامة والديمقراطية ؟ ألم تستقل الصين والهند
والبرازيل في نفس المرحلة تقريبا وها هي تتحول إلى قوى عالمية؟ .

* الصراع بين الفقهاء المحافظين من جهة والنخبة والسلاطين من جهة أخرى حول عملية تحديث الجيش المغربي إثر هزيمة إيسلي
استقيتها بتصرف من مقال للطيب بياض "التكفير والتحريم في مغرب القرن 19 " المنشورفي مجلة زمان عدد 27 يناير 2016.



#الهيموت_عبدالسلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التصفيق بين الطقس الاحتفالي والممارسة القهرية
- حول قاموس الأحزاب السياسية بالمغرب
- ما يجب أن نعرفه عن تقاعد الأجراء وعن تقاعد ومعاشات الوزراء و ...
- هل أتاكم خبر مشاركة المرأة السعودية في الانتخابات؟
- الإبداع بين المسلمين والإسلاميين
- على شفا الانفجار الثوري !!! كما تراءى ذات يوم لجون واتربوري
- هجمات 13 نوفمبر على باريس : السياق والتداعيات
- أمانديس : تدبير مفوض أم سرقة موصوفة للشعوب
- -محمد العريفي- يخدم الدين الإسلامي أم يستخدمه؟
- حتى لا نشيع جنازة العقل
- أثرياؤنا وأثرياؤهم والعمل الخيري
- حكاية صور مغربية...والوهابية
- داعش : عودة إلى التوحش
- تونس الثورة التي تولد كل يوم
- تقرير تركيبي لمجريات ندوة حول التقاعد
- أضواء على الوهابية
- علي أنوزلا الصحافة الإرهاب
- فصل المقال فيما بين العمل السياسي والثقافي والحمار من اتصال
- حين ينتصر منطق حرب الكل ضد الكل
- الصحافة مهنة من لا مهنة له


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - الهيموت عبدالسلام - داعش التي في فكرنا