أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سيلوس العراقي - من انتاج المُنكر والنبيذ الى انتاج المعرفة














المزيد.....

من انتاج المُنكر والنبيذ الى انتاج المعرفة


سيلوس العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 5088 - 2016 / 2 / 28 - 16:49
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الحاقًا بمقالنا "ريادة اليهود في عالم المطابع والطباعة" الذي يدور حول ريادة اليهود في الطباعة إن كان في بلدان أوربا أم كروّاد في انشاء أولى المطابع في الدولة العثمانية التي حرّمَت الطباعة في العالم الاسلامي، باعتبارها من أعمال التخريب الشيطانية استنادًا الى التفسير الاسلامي في وقتها، والمنشور في موقع الحوار المتمدن على الرابط التالي:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=471029

سنتطرق في هذا المقال الى العبارة العبرية "ط ب ع" و "ط ب ع ت" كأصلٍ لغوي محتملٍ لعبارة أو مصطلح الطباعة.

أن "تطبعَ" اليوم بوسة أو قبلة على خدّ طفلك أو حبيبتك أو تطبع قبلة على علم بلادك، فهي من العبارات الشائعة في العربية للتعبير عن الحبّ والودّ. أو تستخدم الفعل "طبع" كذلك حين "تطبع" كتابًا في مطبعة، أو حين يقوم الله "بطباعة" شيءٍ ما على القلب أو يختم شيئًا على قلوب المؤمنين به أو غير المؤمنين به مثلما يرد في بعض أحاديث محمد، فبكلّ تأكيدٍ لا يمكنننا القول بأن الله أو محمد قد اخترعوا الطباعة والمطابع، ومن ثم ّ نعتبرها واحدة من إعجازات الاسلام أو القرآن او النبي، لأننا سندخلُ في ساحة المزاح والهزل، وهذا ليس مجالنا، وعلينا احترام الذوات أعلاه.
إن الفعل "طبع" العربي في معاجم العربية وكتب الأدب التراث العربي القديم، كان يشير غالبًا الى "الطبع والطبائع والطباع" البشرية التي انطبع عليها الانسان. لكن لم يكن له علاقة البتة بفعل "ط ب ع" الشائع اليوم وبصنعة الطباعة والمطابع المعروفة اليوم.
لكن الفعل "ط ب ع" في العبرية يبدو أنه أكثر شمولية وتعبيرًا وقِدمًا، خاصة في كون اللغة العبرية كلغةٍ مكتوبة ومن دون أي نقاش فقد سبقت العربية ـ كتابةً ـ بأزمنة طويلة جدًا. وليس في الأمر تقليلاً من شأن العربية التي نمت فيما بعد في النصف الثاني من الالفية الميلادية تدريجيًا واستفادت من استعاراتها لمفردات من لغات شرقية، كالآرامية والحبشية والعبرية، التي يعتبرها البعض أمًا للغة العربية، والبعض الآخر يحلو له أن يسميها بلغات شقيقة لها.
ما يهمنا أن الفعل "ط ب ع" في العبرية القديمة منذ أزمنتها الكتابية قد اشتقت منه المفردة التي تشير الى الطباعة، وهي "ط ب ع ت" وجمعها "ط ب ع و ت" والتي استخدمت أيضًا كاسمٍ بمعنى "خاتم" الذي يوضع في اصبع العروسين، وكان الـ "ط ب ع ت" خاتمًا للزواج أو خاتمًا للختم على رسالة أو شيء آخر (يمكن أن نتذكّر هنا سكان بلاد بين النهرين من سومر الى بابل والخاتم الطيني الاسطواني الذي اخترعوه). ويمكن العودة الى بعض الاستشهادات الكتابية من أسفار التنخ في هذا الخصوص ومنها: مزمور 9: 16، 3 : 15، ارميا 38 : 6، مراثي 2: 9، 1صموئيل 17: 49 ، خروج 15: 4، ارميا 38: 22، ايوب 38: 6، امثال 8: 25 ، تكوين 41: 42، استير 3: 10 و 8: 2، خروج 35: 22، اشعيا 3: 21.
ففي الوقت الذي نعثر على التجانس الأصلي في العبرية في استنادها الى الثلاثي "ط ب ع" كفعلٍ وكأسمٍ وكعملية، لا نجد ذات التجانس في العربية القديمة التي اقتصرت على استخدامه وارد الذكر ليعني الطبائع والأطباع غالبًا.
ومن ثمّ وبتأثير من العبرية، إذًا من اليهودية واليهود، وبالخصوص بعد بدء عمليات الطباعة (منتصف القرن الخامس عشر الميلادي) باختراع الطباعة الميكانيكية والحجرية وماكناتها الخاصة، التي كان اليهود روادها في العالم (اوربا) ومن ثم نقلوها الى الدولة العثمانية (راجع مقالنا في الرابط اعلاه)، تمّ نقل المفردة العبرية لتدخل الى اللغة العربية بمعناها الصناعي والمهني، ولتدخل في المعاجم العربية كفعل "ط ب ع" وتمّ تصريفه واشتقاق العملية والصنعة والصناع المشتغلين فيها وهكذا ولدت مفردات الطباعة والمطبعة والمطابع والمطبعي وهلمّ جرًا.
ومن المثير ملاحظة (النسابة) بين مقطع "ط ب" من الثلاثي العبري "ط ب ع" ـ الذي تشير اليه بعض المعاجم اللغوية العبرية ـ وبين المفردات الغربية : Dip, Deep (Eng), Tief (Ger.) ، التي لها ذات معنى الثلاثي العبري "ط ب ع" الذي هو: يغوص، ينغمر، ينضغط (على الطين أو اللّبن أو الورق أو أيّ شيء أو سطحٍ آخر..)، انها مسألة جديرة بالاهتمام لمن له الفضول للقيام ببحثٍ عنها ودراسة طريقة تأثيرها فانتقالها الى اللغات الأجنبية، وهو موضوع بحث آخر بالتأكيد.
أما الاسم الذي أعطيَ للطباعة أولاً فلم يكن له علاقة بالطباعة، بل تمت استعارته من الآلة التي استخدمها يوهانز غوتنبرغ في منتصف القرن الخامس عشر، وهي معصرة العنب التي كانت تستخدم في سحق وعصر العنب لانتاج النبيذ في المانيا (واوربا)، وكانت تدعى بالمعصرة press لذلك تم استخدام هذه العبارة pressen على المطبعة وانتشرت كعبارة -print-ing press ثم انتقلت هذه العبارة الى عالم "الصحافة" لتحمل التسمية بهذه العبارة.
علمًا بأن عبارة press هي من اللاتينية pressare ، وكانت تستخدم كآلة (كابسة) لضغط القطن والأقمشة والثياب، كما استخدمت في عملية عصر العنب والزيتون لاستخراج زيت الزيتون، ثم انتقلت الى عالم الطباعة فالصحافة.
فتذكّر حين تطبع قبلة على خدّ الحبيبة أن تكون رقيقًا في طبعك لها، ولا تكبس أو تعصر لها خدودها الجميلة أثناء طبعك للقبلة!! من دون أن تنسى حين تقبّل حبيبتك، أنّ الطباعة هي البنت الحلوة التي ولدت من مكائن عصر العنب الخاصة بانتاج النبيذ المُنكر والعياذ بالله، فلاتترك على خدّيها آثارًا تبقى على خديها.
أما أنتِ ايتها المرأة الجميلة بأحمرِ الشفاه، فبامكانك أن تطبعي قبلة على خدّ الحبيب وترك آثار طباعتك لشفتيك الحمراوين الملوّنتين بأحمر الشفاه، فأنتِ وحدكِ سيدة وفنانة الطباعة، لأن الطباعة في العربية وفي العبرية هي مؤنثة.



#سيلوس_العراقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السنة الختانيّة: من يمكنه فصل المسيحية عن اليهودية ؟
- أيام زمان: زواج الأرملة من شقيق زوجها
- صور من أشكال إهانة العالم الاسلامي للمسيحيين
- الحبّ في كتب التنخ العبرية وفي القرآن
- الزبون والمزبّن وأصل كلمة -الزّبانية-
- بين الطوبْ والطوبة وطبّك مرض
- العلاقة بين القمر والتاريخ والشهر وسهر الليل
- البوسة الآرامية في الشرق : هل هي الأقدم لغويًا ؟
- البوسة الفارسية تتغلب على القبلة العربية
- من الرّجم الى الترجوم والترجمة
- كيف أصبح طبق الرزّ الأحمر اليهودي اسبانيًا
- صدّقيني إنه ضعف النظر
- بين كأسي وكسي وكيسي
- البرد ونهر البردى السوري بين العبرية والفارسية
- الجيش الأحمر السوفيتي يحبط أمال النازيين هتلر والحسيني والكي ...
- الجهاد الاسلامي : أسلمة العالم وتدمير البشرية
- كعك العدس الكتابي الحلو: مثير للشهوة الجنسية
- استاذ جمشيد ابراهيم : بلا زحمة عليك
- المفكر الاشتراكي الرابي موسى هيس : روما تسلّم الصولجان الى ا ...
- اورشليم وجبل الهيكل


المزيد.....




- علماء يستخدمون الذكاء الاصطناعي لحل مشكلة اختفاء -غابات بحري ...
- خبيرة توضح لـCNN إن كانت إسرائيل قادرة على دخول حرب واسعة ال ...
- فيضانات دبي الجمعة.. كيف يبدو الأمر بعد 3 أيام على الأمطار ا ...
- السعودية ومصر والأردن تعلق على فشل مجلس الأمن و-الفيتو- الأم ...
- قبل بدء موسم الحج.. تحذير للمصريين المتجهين إلى السعودية
- قائد الجيش الإيراني: الكيان الصهيوني اختبر سابقا ردة فعلنا ع ...
- الولايات المتحدة لا تزال غير مقتنعة بالخطط الإسرائيلية بشأن ...
- مسؤول أوروبي: الاتحاد الأوروبي يحضر الحزمة الرابعة عشرة من ا ...
- إصابة 3 أشخاص في هجوم انتحاري استهدف حافلة تقل عمالًا ياباني ...
- إعلام ونشطاء: هجوم صاروخي إسرائيلي جنوبي سوريا


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سيلوس العراقي - من انتاج المُنكر والنبيذ الى انتاج المعرفة